لأنّني عشت معنفة ومغتصبة بات لزاما علي البحث عن بر الآمان
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:
عندما أقفلت في وجهي كل أبواب الحياة، وكنت أتمنى الموت في كل لحظة وثانية تمر في حياتي، وجدت نفسي أبحث عن أي شخص للتّحدث معه، أو حتّى يهتم لسماع مشكلتي، لذلك لجأت إليك أمي نورلأنّني فعلا يائسة محطّمة، لا يوجد سبب لحياتي، حيث تعبت من الصمت ودفن أحزاني ومشاكلي وهمومي داخلي، قلبي نزف حتى الموت، الآلام مزقتني، قد تكون مشكلتي بسيطة في نظرك ولكنها كبيرة بالنسبة لي.
سأسرد لك بقدر ما أستطيع من تفاصيل، وأرجوك أخبريني من أنا ؟ هل أنا فتاة طبيعية، هل أنا خيرة أم شريرة؟ أخبريني فقط، منذ بدأت أعي وأفهم ما يجري حولي، لم أجد نفسي إلا طفلة وحيدة، رغم وجود أمي وأبي.
أعلم سوف تتساءلين أين غاب والدي، لقد كان في عالم غير عالمنا، يخرج من سجن لدخول سجن آخر، وأمي كانت تحت سيطرة عمتي تعاملني معاملة سيئة، لم تحسسني بالحنان أبدا، تحاول إيذائي بأي طريقة كانت، تتعمد بـأن تجعل الجميع يسيء معاملتي، مع أنني لم أخطئ، كنت أرى الجميع يكرهني ولا أحد يحبني، حتى وجود أخي الكبير فقد أولوه اهتماما، متناسين كوني ابنتهم وأحتاج لهم.
كثيرا ما أكون بمفردي، وكنت دائما أدعو ربي بأن يحبني الجميع، ومع مرور الأيام بدأ أخي الكبير يهتم بي فكنت سعيدة، فقد وجدت أخيرا شخصا يهتم بي، لكن للأسف كان اهتمامه بشيء آخر!
لقد استغلني وتحرش بي، لم أكن أعلم أن هذا شيء خطأ، كنت صغيرة أبلغ من العمر عشر سنوات، لم أكن أقصد ذلك، واستمر معي حتى أتممت الخامسة عشر، وأصبحت مدمنة لهذا الشيء فتركني وذهب، وعندما فارقني بدأت أمارس العادة السرية، كنت أشعر بأن هذا شيء غير طبيعي، لكن كيف أبتعد عنه لم يرشدني أحد؟
أتعلمين أمي نور، منذ صغري وأنا أكره والدتي ولا أحبها أبدا، لا أحمل لها أي مشاعر، ولا أذكر لها موقفا حنونا تجاهي، كنت متأكدة بأنّها لا تحبني، خصوصا أنّها كانت تضربني وتوبخني بدون أسباب أو لأسباب بدون أدلة، لكونها تحت سيطرة عمتي.
وهكذا بدأت أنجذب لرؤية مشاهد لا أخلاقية، فكان أخي يعطيني إياها حتى أشاهدها، كان أخي يأتي بين فترة وفترة ليراني من أجل الحرام فقط.
فرأتنا والدتي فماذا تتوقعين فعلت؟ لم تفعل شيء
لأخي، مع العلم بأنّه أخي من والدتي فقط، ولم تقل له شيء بل أخبرت والدي، وضرباني وطلبا منّي ألا أخبر أحدا بما حدث، وإن تكلمت سيعاقباني، وبعدها بدأ عمي بالتحرش بي، ولكن لم أسمح له أن يفعل ذلك، وأيضا علمت والدتي، وفعلت معي مثل ما فعلت بالضبط عندما رأتني مع أخي، وقالت لي بأني أنا من أتحرش بهم، أمي نور لقد كنت ضعيفة جدا في المدرسة وكنت أرى الناس، يعيشون حياة طبيعية لا يعانون المشاكل ولا يمارسون أمورا غريبة مثلي، أهاليهم يفتخرون بهم ويحبونهم ويشجعونهم، أما أنا فوالدتي كانت عندما ترى شهادتي لا تهتم، أما والدي فليس له دور في حياتي على الإطلاق، ولا يسأل عني أبدا ولا يكلمني، فقط مجرد سلام وهذا لا يحدث أبدا إلا في الأعياد فقط.
هنا بدأت أبحث عمن يهتم بي، وبدأت أتحدث مع الشباب عبر الهاتف، وبقيت على هذا الطريق، حتى تقدم لي شاب لخطبتي ورضيت بسرعة، كنت أريد التخلص من المنزل، من ضغط أمي علي وكثرة سخريتها منّي كوني أجلب لها العار، وفعلا تم عقد القران وتقرر موعد الزواج بعد أشهر، بنيت آملا أن يخرجني هذا الزوج من بحر الأحزان، لكن كيف والزوج الذي تزوجته يسيء معاملتي ويحاول معاشرتي بطريقة غير شرعية، ولهذا السبب طلبت الطلاق منه، وعندما أخبرت أهلي بأنني لا أستطيع العيش معه، قرروا بأني لو تركت زوجي سيتم حبسي في الغرفة، ولن يكلمني أحد، رغم ذلك فلم أستطيع أن أخبرهم بما يحدث.
عمري الآن 22 سنة، ولكنني أشعر بأنني أبلغ السبعين، وأنا لم أستطع الدفاع عن نفسي فماذا أفعل؟
أعلم بأنني أذنبت واقترفت الكثير من الأخطاء، أعلم أنني لا أستحق الحياة، أعلم أن آخرتي النار، فهل أنتحر؟ عشت طول حياتي إنسانة غير طبيعية، الكل يعاملني هكذا، من أنا ؟ وماذا أكون ؟ أعلم في داخلي أنّني فتاة فاشلة في كل شيء ولا أستحق الحياة.
اعذريني يا أمي نور، لقد أطلت عليك كثيرا، لكن حاولت أن أوجز كلماتي قدر المستطاع، وأتمنى أن تساعديني فعلا، هل يعقل أن أعرف معنى السعادة؟
الحائـــــــــــــــرة
الرد:
عزيزتي من المؤسف جدا أن تتعرضي لما تعرضت له منذ بداية حياتك، فقد كنت ضحية لعدد من الظروف الإجتماعية غير الطّبيعية التي أدت في النهاية إلى أن تسير حياتك بهذا الشكل، ومعالجة هذه المشكلة مسألة ليست مستحيلة، إلا أنّها ترتبط بمجموعة من الإجراءات الإجتماعية والقانونية والنفسية.
فمن الناحية الإجتماعية والقانونية أنت فتاة تعرضت للإغتصاب والإنتهاك والأذى من الأقارب ثم من الزوج المنحرف، ومن ثم فأنت بحاجة للحماية والإبتعاد عن الظروف المحيطة بك، وهذه أول خطوة لا بد من القيام بها لإبعاد الأذى عنك، وتحقيق نوع من الآمان، فأنت امرأة معنفة ومغتصبة وتحتاجين للحماية من زوجك وأذاه وأهلك وأذاهم الجسدي والنفسي والمعنوي، وتحتاجين في هذا للجرأة والشجاعة، ومع تقديري للوضع الذي أنت فيه وتفهمي لدرجة خوفك وقلقك من افتضاح أمرك، وما قد ينجم عن ذلك من أمور، إلا أنّك لابد أن تدركي أنّك لست أنت الجاني بل أنت ضحية، مهما كان أو قيل، وإن ما حدث معك ويحدث هو اعتداء على إنسان بطريقة بشعة لا يقرها دين ولا شرع، والسكوت عن هذا الأمر لا يقرّه دين ولا شرع، والسّاكت عن الحق شيطان أخرس، وسكوتك لن يوقف الأذى عنك، واعلمي أنّك باللجوء لهذه النقطة، تسهمين أكثر فأكثر في منع حصول هذا الأمر مع فتيات أخريات في مجتمعنا، عليك بالعمل لاكتساب الرّزق منه، لتكوني قادرة على إدارة حياتك لوحدك وإبعاد الأشخاص المؤذين عنك وحمايتك منهم.
عزيزتي، لا تيأسي من رحمة الله والله سبحانه وتعالى سميع مجيب، أرجو منك أن تظلي على اتصال بي، لتخبرني عن أوضاعك، ولا تترددي أبدا في طلب المشورة، إلا أنّه عليك أن تدركي أن نصيحتي هنا تظل قاصرة، إذا لم تتوفر لك إجراءات الحماية بإبعاد الأذى عنك.