مقاول وزوجته ببرشيد يواجهان الإفلاس
عندما قرر يوسف، خريج إحدى المدارس الفندقية، وزوجته الهرب من ضجيج البيضاء للاستقرار في برشيد، فإنهما لم يفعلا ذلك من أجل تنفس هواء نقي وحسب، بل فكرا في تحسين مدخولهما الشهري وتسلق سلالم الطبقة المتوسطة، لذلك فكر
الزوجان الشابان في إنشاء مقاولة صغيرة ووجدا في مبادرات بعض البنوك تشجيع مثل هذه المشاريع ملاذهما، «لذلك أعددنا مشروعا على الورق يهم خلق مخبزة عصرية في أحد أحياء برشيد التي ينقصها مثل هذه المشاريع، وكانت الدراسة مقنعة بالنسبة إلى البنك ليوافق على منحنا قرضا، بعد أن بحثنا عن محل». تحكي الزوجة، ومشاعر المفاخرة بمبادرتها وزوجها في البحث عن فرصة لتحسين مستواهما الاقتصادي والاجتماعي دون تحميل هذه المسؤولية إلى الدولة كما يفعل غيرهما من الشباب، تختلط بمشاعر الخيبة، «وجدنا مكانا مناسبا في حي ياسمينة ببرشيد المدينة التي اعتقد الزوجان أنها ستكون مهد أحلامهما، «اقتنينا المحل الذي تصل مساحته إلى 84 متر مربع بالطابق الأرضي لعمارة يملكها أحد المهاجرين المقيمين بالخارج، وسلكنا كل الإجراءات القانونية لتوثيق البيع، وبعد أقل من أسبوع من إتمام العملية قصدنا المحل مرة أخرى لمعاينته مع بعض أفراد عائلة زوجي، إلا أننا وجدنا فيه بعض الأثاث، فاستفسرنا المالك، ليؤكد أنه في ظرف أسبوع سيكون فارغا، وأن صهره وضع بعض حاجياته مؤقتا وأنه سيفرغه بمجرد إنهائنا الإجراءات القانونية للبيع». بحسن نية صدق الزوجان ما أكده المهاجر الذي باعهما المحل فارغا، إلا أنهما أخطآ التقدير، «بعد إنهاء عملية البيع وكل الإجراءات طلبنا من صهر صاحب المحل الأصلي إفراغه لأننا مقبلان على مشروع ولا وقت لدينا للانتظار، خاصة أن البنك بدأ يقتطع من أجرة زوجي حوالي النصف، لكنه واجهنا بأنه مكتر، يؤدي أقساطا شهرية تصل إلى 500 درهم شهريا إلى صهره».
أصيب الزوجان بخيبة أمل وبصدمة شديدة، لم تمهلهما الوقت لاستيعاب ما يجري، ودار بذهنيهما ما يمكن أن يواجهاه إذا ما نقلا القضية إلى المحاكم، «كل المغاربة يتخوفون من اللجوء إلى المحكمة، وما تعرفه من بطء ومشاكل و»سير وآجي» وليس فينا جهد لكل هذه المتاعب فما بحثنا عنه هو فقط مشروع يحسن مدخولنا بعد أن عجز زوجي عن ضمان عمل بأجر جيد، وما يتقاضاه لا يتجاوز 3000 درهم بكل التعويضات، وهو غير كاف لضمان حياة كريمة لكلينا، كما أننا توقعنا أن نواجه بعض الصعوبات في بداية المشروع من قبيل فرض وجودنا في السوق وغيرها، وليس احتلال المحل من طرف الغير».
كما توقع الزوجان، كان تخوفهما من اللجوء إلى المحكمة في محله، «استجمعنا كل قوانا، وتقبلنا الأمر الواقع، وأملنا أن تنصفنا المحكمة خاصة بعد أن حصلنا على شهادة المالك الأصلي لتأكيد أنه باعنا المحل فارغا، وإلا فما حاجتنا نحن المقاولين الشابين إلى محل مكترى لا يدر إلا 500 درهم شهريا، وهي ليست حتى نصف المبلغ المالي الذي نؤديه شهريا للبنك». من جهته لجأ الصهر إلى طريقة أخرى لإثبات اكترائه المحل واستغلاله في بيع أثاث مستورد من الخارج، إذ أعد لائحة شهود أكدوا أنه يكتري المحل من زوج ابنته المقيم في الخارج بقيمة 500 درهم شهريا، وأنه إذا ما كان البائع قد أكد للزوجين أن المحل فارغ، فإنه بكل تأكيد نصب عليهما، وهو ما حذا بالمقاولين الشابين إلى التقدم بشكاية أخرى ضد البائع، إلا أن وجوده في الخارج وعدم دخوله إلى المغرب يعرقل إنصاف الشابين اللذين عوض أن تتحسن حياتهما ومستواهما المعيشي أصبحا يعيشان وضعية مزرية، خاصة بعد أن حكمت المحكمة الابتدائية ببرشيد لصالح الصهر (حكم رقم 1232 بتاريخ 29 شتنبر 2009 الملف رقم 4802/08/26).
ض.ز