هل يمكنك العيش مع شريك اعتاد الكذب؟
طلبت منك زوجتك أن تحضر الملابس من المصبغة، إلا أنك تأخرت في العمل. وإذا قصدت المصبغة، فلن تتمكن من ممارسة تمارينك الرياضية. لذلك تتوجه مباشرة إلى النادي الرياضي، ثم تعود إلى المنزل وتتحجج بأنك نسيت أمر الثياب.
يخبر الزوجان أحدهما الآخر كذبات بيضاء كهذه من حين إلى آخر . والأزواج يلجأون إليها لأنهم يدركون أن قول الحقيقة قد يؤدي أحياناً إلى الشجار.
يوضح الدكتور بيتر بيرسون، أحد مؤلفي كتاب Tell Me No Lies (لا تخبرني الأكاذيب): «لا يكون سبب الشجار عدم إحضار الملابس من المصبغة، بل كل المرات التي بدّى فيها الشريك مصالح الآخرين على مصلحته».
صحيح أن هذا النوع من الكذب غير مؤذٍ نسبياً، إلا أنه يزعزع الثقة، الغراء الذي يبقي العلاقة متماسكة. تشير كلية راج سوين للأعمال في جامعة رايت الحكومية في دايتون بأوهايو إلى أن ثقتك تقوم على توقّعك أن الشخص الآخر لن يسيء إليك حين تكون ضعيفاً. ويوضح جيرالد م. زارنيكي، رئيس منظمة Junior Achievement ومديرها التنفيذي: «تشكّل النزاهة والثقة أساس كل العلاقات الإنسانية».
بات الأشخاص الذين يُعتبرون أهلاً للثقة مهدّدين بالانقراض من المجتمع. فقد تحوّل الكذب إلى وسيلة لترويج المصالح الشخصية. أظهر استطلاع للرأي أجرته Junior Achievement في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2007 وشمل مجموعة كبيرة من المراهقين أن 71% منهم مستعدون لاتخاذ قرارات تستند إلى الأخلاق والمبادئ، في حين يعتقد 38% منهم أن «من الضروري أحياناً الغش والتزوير والكذب أو حتى التصرف بعنف بغية تحقيق النجاح».
يعلِّم معظم أديان العالم أن الخداع حرام. لكن الناس يتجاهلون هذه التعاليم. والسبب؟ يجيب ستان والترز، مؤلف كتاب The Truth About Lying: How To Spot A Lie and Protect Yourself From Deception (الحقيقة عن الكذب: كيف تفضح الكذاب وتحمي نفسك من الخداع): «يكذب الناس لثلاثة أسباب: ليخفوا أمراً أو يؤذوا الغير بطريقة ما أو يروّجوا لأنفسهم».
في الحياة الزوجيّة
إذا كانت الكذبة بشأن خيانة زوجية، فتصديقها يعرّض الشريك لأمراض منتقلة جنسياً. أما إذا كانت بشأن خيار مالي سيئ، فتصديقها يعرّضه لمشاكل مالية. ومهما كان سبب الكذب، يعاني الشريك المخدوع دوماً العواقب لأن الزوجين هما «جسد واحد».
عندما يُفتضح الأمر، يشعر الشريك المخدوع كما لو أن سيارة مسرعة صدمته. يذكر الدكتور بيرسون: «تثق بقدرتك على الحكم على طباع الآخرين. ولكن حين تكتشف أن شخصاً ما كذب عليك، تشعر أنك أكبر مغفّل في العالم. ويزيد هذا الشعور المشكلة تعقيداً، لأنك، فضلاً عن كل العواقب الوخيمة التي تعانيها، تبدأ بلوم نفسك وتقريعها».
ولا شك في أن الإحساس بأنك تعرضت للأذى من شخص تثق به ثقة عمياء، يحطّمك ويزعزع على الأمد الطويل القدرة على الوثوق بالآخرين وبنفسك.
يوضح والترز: «نميل بطبيعتنا إلى الوثوق بالآخرين. ولكن إذا ظننتُ ألا أحد سيكذب علي، أعرّض نفسي لخطر ألا أكتشف الكذب حين أصادفه. في المقابل، إذا فكرت في أن الجميع يكذبون علي، اعتبرت كل ما يُقال لي كذباً حتى لو كان الحقيقة. وفي كلتا الحالتين، ينتهي بنا المطاف إلى طرح أسئلة تترافق عادة مع المفاهيم التي نكوّنها مسبقاً والتي تمنعنا من تقييم الوضع بدقة».
هل يكذب عليك شخص ما؟ من الضروري أن تدرك أولاً أن ما من سبيل للتأكد من الجواب. حتى الخبراء يعجزون أحياناً عن فضح الكذب. يخبر الدكتور بيرسون: «استقبلت في مكتبي أزواجاً أدركت أن أحدهما يكذب على شريكه. وبذلت قصارى جهدي لأتحقق من الإشارات وأحدد أيهما الكاذب. غير أنني أخفقت».
واللافت أن التصرفات التي نربطها عادة بالكذب (مثل التكتّف والتعرّق وتعرّق الكفّين وتسارع نبض القلب وارتفاع ضغط الدم والتبرم ووضع رِجل فوق أخرى والضحك بطريقة غير لائقة) تترافق عادة مع الشعور بالخوف أكثر منه مع قول الحقيقة. فضلاً عن ذلك، ما قول البعض إن بإمكانك التأكد مما إذا كان الشخص يكذب بمراقبة عينيه إلا خرافة لا أساس لها من الصحة. يفيد والترز: «يُعتبر النظر إلى الأسفل أو الإشاحة بالنظر أحد المؤشرات الضعيفة إلى الكذب».
4 دلالات
ثمة علامات تفضح الكاذب، منها:
1 - يكون صاحب الأنف المتضخّم الكاذب.
اكتشف الدكتور آلن هيرش من مؤسسات أبحاث وعلاجات الشم والتذوق في شيكاغو أن بعض أنسجة الأنف يتضخّم حين نكذب. ويحفّز هذا التضخم الأنفي، الذي يدعوه الدكتور هيرش «علامة بينوكيو»، الخلايا على إطلاق الهيستامين الذي يتسبب بدوره بحكة في الأنف. وعندما ترى أحداً يفرك أنفه، فهذه بالتأكيد إشارة واضحة إلى أنه يكذب عليك.
2 - تغطية أو فرك العينين والأنف والأذنين أو كمّ الفم.
يقول والترز إن القدرة على تحديد هذه العلامات تساعدكم على فضح الكذب بسهولة. تشمل هذه العلامات تغطية الفم أو كمه أو تغطية العينين أو فركهما أو فرك الأنف والأذنين. ومن الإشارات الأخرى التي تنبئك بضرورة توخّي الحذر، الإشاحة بالوجه أو الاستدارة كاملاً عند الإدلاء بتصريح مهم.
3 - استخدام عبارات دينية أو النظر في الاتجاه المعاكس.
تشمل العلامات الواضحة استخدام عبارات دينية، مثل «أقسم على قبر أمي» أو «أقسم بالله العلي العظيم» أو «والله». على سبيل المثال، يشير والترز إلى إجابة سكوت بيترسون عندما سألته ديان سوير إن كان قد ضرب أو أذى يوماً زوجته الحامل لاسي التي وُجدت لاحقاً ميتة. فقد أشاح بيترسون بنظره قليلاً عن سوير وقال: «لا، لا، والله لا». وهكذا ظهرت عليه علامتان أو ثلاث من العلامات الواردة على لائحة دلالات الكذب.
4 - تكرار عبارات الإنكار.
عبارات الإنكار (مثل «ثق بي» و{بصراحة» و{دعني أكون صريحاً معك») خادعة. فهي محاولة لتبديل نظرتك إلى تصرّف ما. على سبيل المثال، أنا لم أسرق، بل استعرت. لم أكذب، بل ذكرت نصف الحقيقة. لم أكن مسرعاً، بل حاولت مجاراة السير. عندما تحدث الرئيس بيل كلينتون عن موظفة البيت الأبيض مونيكا لوينسكي، قال: «أريدكم أن تصغوا إلي. لم أقم علاقة جنسية مع تلك المرأة، الآنسة لوينسكي. لم أطلب من أحد أن يكذب مطلقاً. هذه ادعاءات كاذبة». كرّر عبارات الإنكار مراراً، وهذا دليل واضح على أنه كان يكذب.
صحيح أن علامة واحدة لا تؤكد أن الشخص يكذب. ولكن يوضح والترز أنك إن رأيت مجموعة من هذه الدلالات، تستطيع الجزم بأن مَن يتحدث إليك كاذب.
تفادَ الخداع
إن كنت تعيش مع كذّاب، «فعليك أن تدرك أن للكذب صيغة ما» حسبما يؤكد والترز، الذي يتابع موضحاً: «تقوم هذه الصيغة على الرغبة والفرصة والقدرة. صحيح أن الشريك لا يستطيع إلغاء رغبة زوجه أو قدرته على الكذب. ولكن بإمكانه أن يتحكم في الفرص التي تتيح لهذا الكذب النجاح».
عندما ترفض تصديق كذبة، يُشطب اسمك من لائحة المستهدفين، لأن الناس يواصلون عادة الكذب حين يعلمون أن بإمكانهم النجاة بفعلتهم. لذلك، لا تتغاضَ عن مسألة ترتاب بها. في المقابل، إن لم ترد تدمير العلاقة، لا تصح قائلاً: «أنت كذّاب مخادع».
بدلاً من ذلك، اتبع مقاربة تتيح للشخص الآخر إخبارك الحقيقة. على سبيل المثال، قل: «أعتقد أن ثمة أمراً مريباً يقلقك وتخشى رد فعلي تجاهه، وأعتقد أن علينا مناقشته بصراحة كي نتخطاه وننسى أمره».
يذكر والترز: «إذا قلت لشريكك: «أريد أفضل علاقة. لذلك، سأكون صادقاً معك دوماً. فهل يمكنك أن تعدني بالتعامل معي بصراحة وصدق، مهما بدا لك ذلك صعباً؟»، فستكتشف كم يبذل الناس من جهد للوفاء بهذا الوعد}.
في المقابل، إذا تبين لك أن زوجك يسيء إليك دوماً بكذبه، فهذا يعني أنه يهتم بنفسه أكثر مما يأبه لك. نتيجة لذلك، قد يكون من الضروري إعادة النظر في علاقتكما. يوضح والترز: «لست مضطراً الى العيش ضحية الخداع. أنت تستحق الأفضل. إحمِ نفسك من شخص يحاول استغلالك ويسيء إليك».