كيف يمكن لشابة بريطانية تعيش حياة مرفهة ولديها دخل جيد أن تفضل العيش مع الحيوانات؟
زيارة كاثرين سرعان ما تم تمديدها من شهر واحد لتصبح ستة أشهر لأنها عشقت فيلاً
ترجمة - كريم المالكي :
العيش مع الفيلة قصة فيها من الغرابة الكثير لأنها تتناول حياة فتاة بريطانية كانت تعيش في لندن حياة مرفهة وسعيدة ولديها وظيفة مرموقة وتمتلك منزلا غير انها تقرر ان تترك كل شيء خلفها لتعيش مع الحيوانات، وليس الحيوانات الاليفة وانما الفيلة !!
كانت كاثرين سعيدة في لندن، ولديها وظيفة رائعة وكل شيء في حياتها كان منظما ودقيقا. وحينما اختارت تلك الحياة القاسية من خلال العيش في محمية للفيلة كان عمرها 21 عاما فقط وتعيش حياة صاخبة كأي شابة محبة الحياة. لكنها على الجانب الاخر كان في أعماقها شيء تنوء به. لقد كانت تشعر دائما أنها ليس في المكان الذي يناسبها تماما وربما ارجعت ذلك للرغبة في تغيير طابع الحياة. لذا فأنها لم تستطع التوقف عن التساؤل عما إذا كان هناك شيء آخر يلوح في افقها. وفعلا حدث الشيء الذي قلب حياتها رأسا على عقب والذي جعلها حتى الان لا تصدق ان حب فيل صغيرسبب كاف لتغيير كل شيء في حياة الإنسان.
"دون ان ادري وجدت نفسي قد وقعت في حب فيل صغير ما جعلني احزم حقائبي لأعيش في الغابة "هكذا بدأت كاثرين كونور تروي قصة ادمانها على العيش مع الفيلة، حيث تقول: لم أتوقع ان رحلتي إلى تايلاند التي سحرني فيها فيل صغير ستكون سببا رئيسيا في ان تتحول حياتي نحو اتجاه جديد تماما. وفي الحقيقة ان القصة بدأت عندما كانت كاثرين كونور تتأمل قطيعا من الافيال خارج منزلها في عمق احدى الغابات في تايلاند حيث شعرت ان عليها ان تقوم بقرص نفسها لتتأكد من ان المشهد الذي أمامها هو حقيقي وليس خيالا او مجرد حلم.
وقبل ثماني سنوات كانت كاثرين، التي عمرها الآن 29 عاما، تستيقظ كل صباح على الأصوات الصاخبة لساعة الذروة في لندن. وبفضل المهنة التي تعمل بها في قطاع تجارة التجزئة كانت كاثرين تحصل على كل ما تفكر فيه و تريده. لقد كانت لديها وظيفة جيدة تدر عليها دخلا جيدا فضلا عن حياة اجتماعية صاخبة ولا تشعر بأي فراغ فيها وكانت قد اشترت للتو منزلها الأول. لكن كم كان صعبا عليها ان تحاول التخلص من ذلك الشعور الذي في داخلها ألا هو انها تريد ان تفعل ما هو أكثر من ذلك.
تقول كاثرين "أعتقد أنني كنت سعيدة في لندن، كانت عندي وظيفة رائعة وكل شيء آخر كان منظما ودقيقا. كان عمري 21 عاما كأي شابة محبة الحياة. لكن في أعماقي كنت أشعر دائما أنني لست في المكان الذي يناسبني تماما. لم أستطع التوقف عن التساؤل عما إذا كان هناك شيء آخر في الافق".
ورغم انخراط كاثرين في دوامة من العمل الشاق لكنها في نهاية المطاف قررت ان تقوم بشيء. من اجل ذلك الذي يدور في رأسها وبعد ان قامت ببيع منزلها للحصول على المال حجزت لها للقيام برحلة لمدة تسعة أشهر في جميع أنحاء سنغافورة، وهونغ كونغ وماليزيا وتايلاند واستراليا في عام 2002. خططت للاستمتاع بتجارب جديدة ومن ثم العودة متعطشة من جديد للحياة والعمل. لكن الحقيقة كانت مختلفة جدا. تقول كاثرين :"في اللحظة التي وصلت فيها تايلاند شعرت بأنها كما لو انها في منزلها. لقد تبدد ذلك الشعور بالانزعاج الذي كنت أعيشه في لندن. كانت تايلاند غريبة ومختلفة بعض الشيء لكنها جعلتني أشعر بأني ما أزال حية".
بدأت كاثرين العمل التطوعي في محمية للأفيال حيث التقت هناك بفيل رضيع اسمه "لوت بون". وتقول كنت أخطط فقط للبقاء في تايلاند لمدة شهر ولكن اللحظة التي وقعت فيها عيني على "لوت بون" عرفت أنني سوف لن أغادر، كانت الحالة أشبه بمن أصابته صاعقة من البرق. وتضيف : يبدو الحديث بهذه الطريقة عن مثل هذا الفيل بأنه سخافة ولكن ما حدث لحظتها هو ارتباط من نوع آخر. كنت هناك في هذا البلد الجميل، ذلك المكان الغريب أرعى فيلا رضيعا لكني شعرت بأني في وطني أكثر من أي وقت سابق".
زيارة كاثرين السياحية التي من المقرر ان تستمر شهرا واحدا سرعان ما تم تمديدها لتصبح ستة أشهر لأنها هامت عشقا بالصغير "لوت بون" ووطنها الذي اتخذته حديثا. كان الفيل الصغير قد ولد قبل ثلاثة أشهر من الموعد المحدد لإنجابه مما يتطلب رعاية مستمرة، وذلك دفع كاثرين أن تتطوع للقيام بهذه المهمة. وعلى مدى عامين أصبحت حياة كاثرين والفيل أكثر تداخلا وحميمية، وفي أواخر عام 2002 أصبحت كاثرين المالك الشرعي للفيل "بون" بعد ان دفعت 3500 جنيه إسترليني لتشتريه مع والدته، بدافع إنقاذهما من حياة العمل في مناطق الجذب السياحي.
ولمدة سنتين ظلت كاثرين ترعى بون حتى مرحلة البلوغ وذلك بمساعدة رجل تايلاندي يدعى "آنون" إلى ان توفي الفيل "بون" فجأة بعد أن تعرض إلى حادثة سقوط في المحمية التي ترعاه فيها في عام 2004. وعادت كاثرين "المفجوعة" إلى بريطانيا ولكن مرة أخرى أدركت وهي في محيطها المألوف أنها ترى ان تايلاند وطنها.
وقالت إن حنينها وعاطفتها نحو حياتها القديمة قد ذهبت على الرغم من عثورها على وظيفة كمدير أول في ماركس أند سبنسر. لكن الأكثر غرابة من ذلك كله، اتها كانت تفتقد ذلك الشاب التايلاندي "آنون" وتفكر فيه. وتقول "عندما دفنت "بون" قطعت وعدا علي ان ابني محمية تحمل اسمه حتى لا توجد أي معاناة للأفيال التايلاندية، وعلى الرغم من ذلك فأني عدت إلى الوطن وكان هدفي الوحيد هو ان ابيع كل ما أملك لجمع المال الكافي.
وتضيف : يعتقد معظم أصدقائي وعائلتي أنني فقدت عقلي عندما قلت لهم خططي التي انوي القيام بها. واعتقدوا انها كانت مرحلة، وكان علي الخروج منها، وأنني سأعود إلى طبيعتي الاعتيادية في وقت قريب جدا. "على اية حال كانت الحياة الحقيقية في تايلاند مع "آنون" على الرغم من ان الحياة في بريطانيا ليست عادية بالنسبة لي حيث هناك الكثير من الرجال الذين قد يتركون أثرهم فيّ لكن"آنون" لم يكن يشبه شيئا من الذي واجهته عند العودة إلى انكلترا. وبطريقة ما غريبة بعض الشيء كنت أدرك أنني أحبه في ذلك الوقت، غير اني احتفظت بمشاعري لنفسي. لم أكن أعرف ما أذا كان يشعر بنفس ما اشعر به، وكنت لا ارغب في أن أدمر تلك العلاقة الخاصة التي تكونت بيننا. لقد أمضينا الكثير من الوقت في رعاية الفيلة. وتحدثنا عن امتلاك منتجع لنديره سوية، وقد أدركت أنه كان حلمي، وهدف حياتي. وفي الوقت نفسه أدركت أنني أحبه. وحاولت ان أتدبر طريقة للتحدث معه عبر الهاتف حيث قلت له كم انا بائسة في انكلترا. وقال لي علي أن أعود. واخبرني اننا سنفتتح المحمية الخاصة بالفيلة التي تحدثنا دائما عنها".
وباشر الاثنان بتنفيذ خططهما في عام 2006 لكنهما لم يكشفا عن مشاعرهما لأي شخص آخر. ومن خلال وجود التمويل والأرض في المكان المناسب بدأ التطبيق الفعلي لمشروع المحمية التي أصبحت الآن محمية بون لوت للفيلة وهو الأمر الذي جعل كاثرين تعود. وتقول كاثرين :عندما وصلت في النهاية إلى تايلاند شعرت بأن حياتي لديها هدف مرة أخرى. شعرت أنه كان أمرا مدهشا أن أرى "آنون" مرة ثانية وشعرت بسعادة لا تصدق حينما كنت معه لكنني حافظت على توازني وبقينا أصدقاء فقط. وتضيف كاثرين: لا أعتقد أنه يشعر بنفس ما اشعر به نحوي. وكان موقفا لا يصدق عندما اعترفنا ذات ليلة لبعضنا البعض عن ذلك الشعور الذي يراود كل منا تجاه الاخر. وبعد عام من تلك الليلة التي تصارحا فيها عما يجول في داخلهما من حب ومشاعر وعواطف، اقيم لهم حفل زفاف على ظهر الفيلة ليصبح الاثنان زوجين يرنوان إلى حلمهما الاخر ممثلا بعيش حياة تكرس بأكملها للاهتمام بالفيلة.
وتقول كاثرين "كنت دائما أتخيل إجراء احتفال كبير و فخم ارتدي فيه ثوبا يثير فضول الجميع لكن بدلا من ذلك ارتديت ثوبا بسيطا ووضعت زهرة واحدة في شعري. وفي الحقيقة أدركت ما هو مهم في الحب والحياة عندما التقيت "بون" و"آنون" ادركت ان السعادة لا تكمن في الأشياء المادية بل ان تحيى سعيدا".
وقد توسعت المحمية الآن حيث أصبحت مكانا مترامي الأطراف يضج بالحياة لتلمس كاثرين بشكل واقعي ان حلمها قد اصبح الحقيقة. وبدلا من ان تمر السيارات بالقرب من نوافذ منزلها كما كان يحصل عندما كانت في لندن، أصبحت الآن الفيلة والأبقار والسلاحف والكلاب تتنزه امامها، كما ان جميع الحيوانات التي تحتاج إلى رعاية تستطيع ان تجد لها مأوى في محمية "لوت بون".
ومع توسع محميتهم فقد اصبحت المكان المفضل لعائلتي آنون و كاثرين وفي هذه الأثناء أنجبت كاثرين في عام 2007 ابنتهما التي أسمياها "هوب" ثم أنجبت في عام 2008 ولدا أسمياه "نوح". وتقول كاثرين: انه أمر لا يمكن أن يعقل عندما أتأمل كم تغيرت حياتي، فبلا شك ان الحياة صعبة هنا، لكن سيكون من الأسهل العمل في وظيفة في لندن، غير أني اشعر بالسعادة في الحياة هنا في نواح كثيرة. ففي كل يوم استيقظ، أشعر بأنني مثقلة بحب العائلتين، عائلتي من بني البشر وعائلتي من بني الحيوان. لقد اعتدت أن اقلق بشأن المال وعملي وأحلم بشراء أشياء باهظة الثمن لكن كل هذا أصبح يبدو بعيدا جدا فأنا لا يمكن أبدا ان اعود إلى المملكة المتحدة الآن، لان حياتي هنا. أنا أحب انكلترا وستكون دائما وطني. أنا شخصية مختلفة الآن. ولست نادمة على شيء، كل شيء يحدث لسبب ما وأشعر أني قد ولدت للقيام بذلك".
عن الديلي اكسبريس البريطانية