مغاربة يعتصمون ويهددون بحرق أجسامهم بلاَهَايْ
محمد أمزيان*:
بدأ أعوان محليون مغاربة اعتصاما مفتوحا أمام السفارة المغربية في لاهاي، وهددوا بحرق أنفسهم إذا تمادت السفارة في تجاهل حقوقهم، وأكدوا لإذاعة هولندا العالمية أن مطلبهم الوحيد يتمثل في إيفاد لجنة ملكية مستقلة لتقصي الحقيقة بخصوص معاناتهم الإنسانية التي تستمر منذ أكثر من ست سنوات.. وقال أحد الأعوان إن اللجوء إلى الاعتصام المفتوح هو الوسيلة الأخيرة للفت النظر لمعاناتهم وأنهم لا يهدفون أبدا تشويه سمعة المغرب.
هم أربعة من الأعوان المحليين بعضهم استقدم من المغرب والبعض الآخر اختير من بين أفراد الجالية المغربية المقيمة في هولندا للقيام بأعمال إدارية سواء في السفارة أو في القنصليات. شرع هؤلاء منذ بداية الأسبوع الجاري في اعتصام مفتوح أمام السفارة المغربية بسبب "التعسف" الذي تمارسه وزارة الخارجية المغربية تجاه الأعوان المحليين. يقول رضاني محسن: "هذا الاعتصام جاء في أعقاب السياسة التي تنتهجها وزارة الخارجية المغربية تجاه مشكلة الأعوان المحليين، وتتمثل مشكلتنا في أن أحكاما قضائية أصدرتها المحاكم الهولندية لصالحنا ضد الدولة المغربية، لم يتم تنفيذها من طرف السفارة التي تحتمي بالحصانة الدبلوماسية".
ثلاثة من الأعوان كانوا يشتغلون في القنصليات باستثناء السيدة حورية عيساوي التي كانت تعمل في السفارة المغربية إلى غاية 2004 حينما تم طردها وهي في إجازة مرضية، وقالت: "طردوني من العمل أثناء إجرائي لعملية جراحية وجمدوا أجرتي، ولم أتوصل حتى الآن بأي حق من حقوقي، وتستخدم السفارة الحصانة الدبلوماسية للتنصل من تنفيذ أحكام القضاء الهولندي الذي حكم لصالحي".
يشدد رشيد فكار أن قرار الاعتصام أمام السفارة المغربية ليس الهدف منه تشويه سمعة الوطن، بل على العكس كان يأمل الدخول في حوار مع السفارة التي تتعمد تجاهل الأعوان المحليين ومشاكلهم، وزاد: ""حاشى لله أن نحاول المس بسمعة المغرب. كنا نتمنى أن يتفاوضوا معنا ونتفادى الظلم الذي وقعنا ضحيته. نحن كنا في إجازة مرضية وتعرضنا للطرد التعسفي عن طريق القناصلة والسفير السابق".
أنصفهم القضاء الهولندي سواء لدى المحكمة الابتدائية أو في الاستئناف. لكن سفارة بلدهم لا تلتفت لمطالبهم ولا للأحكام. حتى الوزارة الوصية؛ وزارة الخارجية المغربية "لا تدري" بوجود هذه المشاكل. "التجأت لوزارة الخارجية، يقول رشيد فكار، ولكنني لم أجد أثرا لملفنا ولا أحد يعلم بوجوده، لا الإدارة العامة تعلم شيئا ولا الكاتب العام ولا يسمح لأحد بالاطلاع على أي ملف"، ويزيد بأن هذا التعتيم والتستر غير المفهوم دفع المتضررين للاستنجاد بالملك، وأردف: "الحل الوحيد هو الاستنجاد بصاحب الجلالة كي يرسل لجنة تقصي الحقائق للنظر في الفساد الذي سببه السفير السابق ليس فقط في حقنا نحن الأربعة، بل في حق كثير من المواطنين الذين تضرروا من السيد السفير السابق الذي حاشى لله أن يكون ممثلا لصاحب الجلالة".
تعتبر السفارة المغربية أن الأعوان المحليين هم موظفون مغاربة ويعملون لدى إدارة مغربية وعلى هؤلاء، إن أحسوا بالظلم، أن يلتجئوا للقضاء المغربي. "نحن لسنا موظفين وليست لدينا أرقام تأجير ولا حقوق الموظف. نحن أعوان محليون ندفع الضرائب وأقساط التأمين الصحي وغيرها من الاقتطاعات هنا في هولندا، وبهذا الاعتبار نخضع للقانون الهولندي"، يؤكد رشيد فكار.
سنوات من الانتظار، سنوات من التجاهل، سنوات من الإحساس بالظلم والنسيان لم تثن حورية عيساوي ولا رشيد فكار ولا محسن رضاني أو محمد أملال من التشبث بحقوقهم. "نحن هنا معتصمون ولو تطلب الأمر شهورا. لم يعد لدينا ما نخسره"، يؤكد أحدهم. أما رشيد فكار فيذهب أبعد من مجرد الاعتصام. "سأحرق نفسي أمام السفارة وليكن ما يكون".
قبل قرار الاعتصام المفتوح راسل المتضررون جهات مختلفة في المغرب واتصلوا بشخصيات مقربة من الملك مثل المستشار الملكي أندري أزولاي الذي وعدهم خيرا، وقيل "راسلنا جمعية حقوقية قامت بدورها بمراسلة وزارة الخارجية دون أن تحصل منها على جواب، وسلمنا رسائل للسيد أندري أزولاي وسلمها لمؤسسة الحسن الثاني للجالية المغربية المقيمة بالخارج، وكاتبتنا هذه المؤسسة وأخبرتنا أنها توصلت برسائلنا عن طريق السيد أزولاي وأنها راسلت وزارة الخارجية ومدير الإدارة العامة الجيلالي هلال شخصيا دون جواب، كما اتصلوا بنا من المؤسسة هاتفيا وقالوا: ليست لدينا أية سلطة على وزارة الخارجية".
وفي انتظار أن ينصفهم بلدهم يعيش هؤلاء الأعوان على نفقة ذويهم لأن ما يحصلون عليه من مساعدات من الدولة الهولندية لا تكفي لحياة كريمة. . وقد اتصلت إذاعة هولندا العالمية بالسفارة طالبة التعليق على اعتصام الأعوان المحليين لكن دون جدوى، كما اتصلت بمحامي السفارة الذي أجاب عن طريق مكتبه أنه "ليس مؤهلا" للتعليق، كما أن أحد الأشخاص من السفارة أجاب حين سؤاله عن محامي السفارة قائلا: "السفارة ليس لديها محام".