حوار مع ياسر حارب:
"التبادل الثقافي إكسير الحضارة الإنسانية"
يري ياسر حارب، نائب المدير التنفيذي لقطاع الثقافة في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، أن التواصل الثقافي يلعب دورا محوريا في التقريب بين الشعوب والثقافات بصورة عامة، وتوثيق العلاقات بين العالمين العربي والغربي بصورة خاصة. لؤي المدهون حاور ياسر حارب في فرانكفورت حول آفاق وأهداف مشاريع مؤسسة آل مكتوم الثقافية الطموحة.
"الثقافة لا تعد ترفاً، بل ضرورة حياتية ومعرفية"
لقد أطلقتم من بوابة فرانكفورت مشروعا لترجمة 50 كتابا من أبرز المؤلفات العربية إلى اللغة الألمانية. ما هي الآمال التي تعقدونها على هذه المبادرة الفريدة من نوعها؟
ياسر حارب: هذه المبادرة الجديدة جزء من سلسلة من مشاريع الترجمة، التي ترعاها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم والتي تهدف إلى تعريف العالم الغربي بالإنتاج الفكري العربي المتميز، خاصة المكتبة الألمانية، التي لم تشهد حتى الآن حضورا ملموسا لأمهات الكتب العربية المترجمة إلى الألمانية. نحن نود الوصول إلى القارئ الألماني والغربي من أجل تعريفه بغناء الأدب العربي وتنوعه.
ما مدى تجاوب الجانب الألماني مع أنشطتكم ومبادراتكم الهادفة إلى دعم التبادل الثقافي بين ألمانيا والعالم العربي؟
حارب: لقد بدأنا التعاون مع الجانب الألماني في الثالث عشر من شهر مارس / آذار في العام الماضي، وفي الواقع فاجأتنا حرفية الزملاء الألمان في التعامل مع المبادرات الثقافية. في البداية بدأنا بإنتاج عدد محدود من الكتب، ثم توسع التعاون ليشمل جوانب ومجالات أخرى مثل الموسيقى والمكتبات.
الترجمة جسر للتواصل بين الحضارات وحلقة للتبادل المعرفي
ثم أطلقنا مشروع ترجمة طموح بالتعاون مع دار نشر "شرق غرب"، التي ترعاها الشاعرة العراقية أمل الجبوري، يأخذ على عاتقه ترجمة خمسين كتابا من اللغة الألمانية إلى اللغة العربية في إطار مشروع ترجمة "ألف كتاب" من مختلف لغات العالم إلى لغة الضاد.
هل قمتم بعرض بعض الكتب المترجمة في معرض فرانكفورت لهذا العام؟
حارب: بالفعل تم في معرض فرانكفورت للكتاب في هذا العالم عرض أول الكتب المترجمة إلى اللغة العربية على غرار رواية مارتين فازر "رجل عاشق" و"انطولوجيا الإسكندرية سراب" للكاتب المعروف يواخيم سارتوريوس وكتاب "عفريت الأرقام" للكاتب هانز ماغنوس انسبنبرغر.
هل تصلح الثقافة ما تفسده السياسة، أو ما هو دور العمل الثقافي المشترك في سياق التواصل الحضاري؟
حارب: طبعا، أنا على قناعة تامة أن الأنشطة الثقافية المشتركة تساهم بشكل فعال في التعريف بالآخر وأسلوب حياته وقيمه والتالي تضع حجر الأساس لمحاربة الأحكام المطلقة والمسبقة والصور النمطية. الثقافة تعبر عن جماليات الحياة وتنوعها من دون التقليل من كينونة الآخر.
بمساعدة الثقافة نستطيع البحث عن مواطن الاختلاف والتنوع وليس عن جوانب الخلاف. لذلك نحن نأمل أن لا تكون مذكرة التفاهم مع ديوان الشرق ـ الغرب آخر اتفاقية تعاون، بل بداية موفقة لتعاون مثمر بين الجانبين العربي والألماني وحلقة من حلقات التواصل العربي الغربي عبر بوابة دبي.
يسعى "برنامج ترجمان" إلى الارتقاء بمستويات الترجمة في الوطن العربي عبر إعداد المترجمين وتدريبهم لتحسين أدائهم وإنتاجهم
تلعب الثقافة في ألمانيا دورا محوريا في إطار السياسة الخارجية الألمانية كونها تعد الركيزة الثالثة لها. هل ينبغي على العالم العربي الاحتذاء بهذا النموذج والارتقاء بدور العمل الثقافي؟
حارب: نعم، الثقافة لا تعد ترفاً، بل ضرورة حياتية ومعرفية، كما أنها متطلب أساسي للتعريف بالآخر. كما يجدر هنا ذكر تجارب معاهد غوته والمجلس الثقافي البريطاني في نشر الثقافة الغربية في شتى أنحاء المعمورة. لذلك نأمل في أن تواصل الدول الأوروبية في تكريس حضورها في العالم العربي. والطبع يجب على الدول العربية من جانبها دعم المؤسسات الثقافية وفتح أفرع للمؤسسات الثقافية العربية في الدول الأوروبية.
هل لكم أن توجزوا لنا رؤية مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم وماهية أهدافها المستقبلية؟
حارب: مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم تهدف بالدرجة الأولى إلى توثيق العلاقات بين الشعوب من خلال تبادل الثقافة والمعرفة بين العالم العربي ومختلف الثقافات. رؤية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تتلخص في تأكيدها على أنه يجب "إعادة الاعتبار للمبدعين والمفكرين العرب". سموه قال في هذه المناسبة: "سوف نعطي مساحة كبيرة للإبداع، لأنه أكبر داعم لإحداث نهضة معرفية شاملة في العالم العربي".
أجرى الحوار: لؤي المدهون
قنطرة 2008
مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم
انطلقت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بمبادرة شخصية من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي خصص للمبادرة وقفاً قدره 37 مليار درهم (10 مليارات دولار). وجاء الإعلان عن تأسيسها في كلمة له أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت - الأردن في أيار/مايو 2007. وتهدف المؤسسة إلى تمكين الأجيال الشابة في الوطن العربي، من امتلاك المعرفة وتوظيفها لمواجهة تحديات التنمية، وابتكار حلول مستدامة نابعة من الواقع المحلي، للتعامل مع المشكلات التي تواجه مجتمعاتهم. وفي 28 أكتوبر 2007 افتتح الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مؤتمر المعرفة الأول في دبي، معلنا في كلمته الافتتاحية انطلاق المؤسسة.