السارق الذي سرق ثور جاره
إعداد: الشاعر تيريز
ترجمة: دلاور زنكي
سُرق ثور أحد القرويين، فساء ظن صاحب الثور بجاره الذي كانت له سوابق في "حرفة" السرقة. وفي الصباح الباكر ذهب إلى بيت جاره ولما التقى به وجهاً لوجه صارحه بسوء ظنه واتهمه بسرقة الثور علانية إذ قال له:
-"أيها الجار الفاضل... معذرة... فإنني ارتاب في أمرك ولا أحسبك إلا سارق ثوري الليلة البارحة فاردده إليّ غفر الله لك، وسأكتم هذا السر ولن أخبر به أحداً.
فتظاهر الجار بالسخط ومحاولاً أن يدفع التهمة عن نفسه وقال:
-بأيّ حقٍ تتهمني .. وما دليلك؟ إن استطعت إثبات ذلك فافعل... وسوف اقسم لك أنني لم اسرق ثورك وما فكّرت في ذلك قط ومتى كان الجار يسرق مال جاره؟.
قال صاحب الثور:
-حسنٌ... إن كنت مصراً على إنكارك فهيّا بنا نذهب إلى ضريح "الشيخ جبر" وهنالك ستقسم لي أنك بريء من سرقة ثوري.
فقال الجار المتهم:
-" لا بأس... إنني طوع رغبتك، وسوف أمضي معك متى شئت.
وفي صبيحة اليوم التالي كانا متأهبين للخروج، فانطلقا سيراً على الأقدام ولما أرهقهما الجوع والسفر الطويل عرجا على قرية قريبة لينالا بعض الراحة وشيئاً من طعام.
كان الوقت بعد الظهيرة عندما دخلا داري قروي يُدعى سينو استقبلهما بكثير من الفتور والإهمال ولم يكد يلتفت إليهما، فجلسا متجاورين يرتاحان من وعثاء الطريق الطويل، ينتظران أن يأتيهما صاحب الدار بطعام يسد جوعهما ويقيم أوَدَهما. ثم ما لبث صاحب الدار أن جيء بصحفة من حساء العدس وضِعتْ بين يديه مشفوعة برغيفين من خبز التنور وإبريق ماء وبصل، فطفق يأكل طعامه منكباً عليه وقد جحظت عيناه واتسعت خياشيمه دون أن يرفع رأسه أو يلقي نظرة على ضيفيه حتى أتى على الحساء برمته وعبّ ماء الإبريق رفعت السفرة. فاضطجع ومدّ رجليه باتجاه الضيفين، مضيقاً عليهما المكان فنهضا يائسين بائسين وخرجا لاستئناف رحلتهما إلى قرية "تل شعير" حيث مرقد الشيخ جبر.
وبعد أن سارا هنيهة استوقف صاحب الثور جاره المتهم بسرقته وقال له:
-لا حاجة بنا إلى الرحيل إلى "الشيخ جبر".. دعنا نحسم الأمر ها هنا.
قال الجار:
-وكيف يكون الحسم؟.
قال صاحب الثور:
تقول: "لِأكُنْ لئيماً مثل سينو إن كنت سرقت الثور أو كنت اعرف عنه شيئاً".
فقال الجار:
-" هذا لا يكون أبداً وما دام القسم قد بلغ هذا المبلغ فإني أقر واعترف... إن ثورك في حوزتي بأمان وسأعيده إليك فلنعد إدراجنا... ولن أدعو على نفسي بهذا الدعاء".
فقال صاحب الثور:
-مادمت شهماً تأبى أن توسم باللؤم فإني أهبه لك ونفسي راضية.
ولما عادا إلى القرية أخذ الجار السارق برسن الثور وسار به إلى بيت صاحبه وسلمه إليه وأبى أن يأخذه واعتذر إليه وآلي على نفسه أن يكون رجلاً صالحاً ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
_______
1 - ضريح "الشيخ جبر" موجود في قرية تل شعير القريبة من مدينة القامشلي. المترجم
طرائف كردية (ج2): إعداد: الشاعر تيريز. ترجمة: دلاور زنكي.