ويكيليكس: الأردن يقاتل بأفغانستان
محمد النجار-عمان
كشف موقع ويكيليكس عن برقيات صادرة عن السفارة الأميركية في عمان تشير إلى أن الأردن نشر قوات عسكرية مقاتلة بأفغانستان، وأنه عرض إرسال طيارين للمشاركة في مهمات قتالية هناك.
وجاء في برقية حررها السفير الأميركي في عمان روبرت بيكروفت يوم 7 يناير/كانون الثاني 2010 أن الأردن أرسل قوات أرضية وعمليات خاصة لأفغانستان، وأنه استجاب "بشكل استثنائي لطلب الحكومة الأميركية مساهمات عسكرية دعما للأولويات الأمنية الإقليمية والدولية".
وقالت الوثيقة -التي اطلعت الجزيرة نت على نصها الأصلي ونشر موقعا البوصلة وعمان نت الأردنيان ترجمة لها- إن هذه القوات "تشارك الآن في عمليات قتال وعمليات أمنية إلى جانب وحدات عملية الحرية المستمرة"، وإن "نشر قوات بهذا الحجم سابقة بالنسبة للأردن".
وأضافت أن الأردن نشر يوم 3 يوليو/تموز ٢٠٠٩ كتيبة مشاة من ٧٢٠ شخصا في ولاية لوغر بأفغانستان -مع توقع بقائها ستة أشهر- "قامت بعمليات أمنية مع فرقة سبارتاك الأميركية، ونشرت بهدف دعم الانتخابات في المقاطعة، وتقوم بعمليات أمنية روتينية".
وتحدثت البرقية عن نشر دفعتين من قوات العمليات الخاصة الأردنية في مايو/أيار ٢٠٠٩ "للقيام بعمليات قتالية مع مجموعة القوات الخاصة الخامسة الأميركية قرب قلات (عاصمة ولاية زابل) بأفغانستان", وفي فاتح أكتوبر/تشرين الأول 2009 لفترة متوقع أن تبلغ ستة أشهر "مما يؤسس وجودا متواصلا للقوات الخاصة الأردنية في أفغانستان".
كما أشارت الوثيقة إلى الإسهامات الأردنية في أفغانستان، ومنها المستشفى العسكري الميداني في قلات والذي قالت إنه عالج منذ العام ٢٠٠٣ أكثر من ٧٥٠ ألف مريض، وأن الأردن كان من أوائل الدول التي أرسلت فرق إزالة الألغام إلى أفغانستان. كما درب الخبراء الأردنيون كادرا من ٥٠ شخصا من قوة مكافحة الإرهاب في الجيش الأفغاني.
وقال السفير بيكروفت إن الأردن "رغم كونه شريكا متحمسا في أفغانستان فإن محدودية الموارد تشكل عقبة مهمة"، وإن الدعم الأميركي في مجالات التدريب والنقل الجوي والمعدات والوحدات السكنية هو الذي جعل نشر الفرقتين ممكنا.
"
الوثيقة أكدت أن الأردن يتحمل رواتب جنوده المنتشرين بأفغانستان، حيث إن القانون الأردني يحتم دفع مبلغ 1600 دولار شهريا كمستحقات للقوات المنتشرة في الخارج
"
رواتب
واللافت في الوثيقة هو تأكيدها أن الأردن يتحمل رواتب جنوده المنتشرين في أفغانستان، حيث تقول إن القانون الأردني يحتم دفع مبلغ 1600 دولار شهريا كمستحقات للقوات المنتشرة في الخارج.
وكتب السفير بيكروفت في الوثيقة "(ملاحظة): ما يسمى مستحقات الرواتب يتم دفعها باستمرار على مدى تاريخ عمليات حفظ السلام مع الأمم المتحدة منذ ١٩ عاما، وكانت ممولة من خلال نظام الأمم المتحدة، ولكن لا توجد آلية مشابهة عندما يقوم الأردن بإرسال قوات بشكل مستقل أو من خلال شركاء تحالف، مما يرغم الأردن على تحمل هذه الدفعات لقواته في أفغانستان (نهاية الملاحظة)".
وتابع السفير "إن مستحقات الرواتب تشكل عنصرا أساسيا في عجز موازنة القوات المسلحة الأردنية والمقدر الآن بـ ١٥٠ مليون دولار".
وتشير الوثيقة إلى أن الأردن "طلب مرارا مساعدة من الولايات المتحدة لتمويل الرواتب، وهو طلب لا تستطيع الحكومة الأميركية تلبيته، كما طلب المساعدة من الإمارات العربية ولكن لم يأت التمويل حتى الآن".
وينقل بيكروفت عن قائد الجيش الأردني أن الأردن مستعد للمساهمة بالمزيد من القوات "إذا تم حل قضية مستحقات الرواتب"، وعرضه المساهمة بمروحيتي بلاك هوك للعمليات الخاصة، و"هو عرض تتم مراجعته حاليا من القيادة المركزية الوسطى".
برقية ثانية
وتشير برقية ثانية صادرة عن السفير بيكروفت يوم 22 يناير/كانون الثاني 2010 إلى لقاء جمع الأمير فيصل بن الحسين ووزير التخطيط جعفر حسان بمسؤولين أميركيين، وبحث عرضا أردنيا لزيادة المساهمة في أفغانستان "مقابل الحصول على المزيد من المساعدات الاقتصادية الأميركية للأردن".
وقالت الوثيقة إن عدد القوات الأردنية بأفغانستان يبلغ 850 جنديا، وأن العرض الأردني تضمن تدريب علماء دين أفغان لمواجهة "الأيدولوجيات المتطرفة" في جامعة آل البيت الأردنية.
كما تضمن العرض الأردني تدريب قوات خاصة أفغانية لمكافحة الإرهاب، وإرسال طائرات أردنية وطيارين "للمشاركة بمهمات قتالية"، لكن المسؤولين الأميركيين اعتذروا عن قبول عرض الطيارين.
وبحسب الوثيقة فإن الأردن عرض تدريب قوات الشرطة الأفغانية إما في المركز الدولي لتدريب الشرطة أو من خلال إرسال مدربين أردنيين إلى أفغانستان.
"
الحكومة الأردنية ظلت حتى وقت قريب تنفي أي دور قتالي لقواتها بأفغانستان، وتؤكد أن دورها هناك إنساني ويندرج في إطار دعم الاستقرار في هذا البلد المسلم
"
وفي هذا الصدد يشير السفير بيكروفت إلى أن الأردن نجح في تدريب 53 ألف شرطي عراقي، إضافة إلى تدريب 3500 من الشرطة والحرس الرئاسي الفلسطيني أدى نشرها إلى انسحاب جزئي لإسرائيل من الضفة الغربية، حسب البرقية.
وتحدث السفير الأميركي في الوثيقة عن أن هذا العرض الأردني جاء رغم التفجير "الانتحاري" في خوست الذي كشف الدور الأردني بأفغانستان، حيث واجهت الحكومة ضغوطا من الإعلام لإنهاء وجودها هناك.
وكان الطبيب الأردني همام البلوي قد فجر يوم 30 ديسمبر/كانون الأول 2009 حزاما ناسفا كان يحمله في قاعدة أميركية بخوست الأفغانية، مما أودى بحياة الضابط الأردني الشريف علي بن زيد و7 من عملاء المخابرات المركزية الأميركية هناك.
وواجهت الحكومة بعد هذا الحادث مطالبات بكشف حقيقة دورها في أفغانستان، كان أبرزها توقيع شخصيات وطنية بيانا ضد أي وجود أردني هناك حمل عنوان "أفغانستان ليست حربنا". وأدت تداعيات هذا البيان إلى سجن المعارض الأردني سفيان التل والكاتب الصحفي موفق محادين قبل الإفراج عنهما إثر ضغوط شعبية.
ولم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي أردني على هذه البرقيات، لكن الحكومة الأردنية ظلت حتى وقت قريب تنفي أي دور قتالي لقواتها بأفغانستان، وتؤكد أن دورها هناك إنساني ويندرج في إطار دعم الاستقرار في هذا البلد المسلم.