برافو نادية ياسين!
ذ إسماعيل العلوي
لأنها "بنت أبيها" ولأنها بنت كاتب رسالة "الإسلام أو الطوفان" التي كتبت بالدم عندما كان الحسن الثاني "يفرم" المعارضين بالدبابات، ولأنها صادقة إلى حد لا يصدق، فهي لا تجيد فذلكات السياسوين ولا حذلقة الدبلوماسيين، واضحة كالشمس حاسمة كحد السيف، لا تعرف المناورة ولا المداورة ثائرة إلى النخاع جريئة حد الاندفاع .فليس مستغربا أن تكون أول من يطلق رصاصة الرحمة على النظام المغربي بشكل صريح، وأن يكون تصريحها أول تصريح في المغرب يجيء حيا ساخنا بعيدا عن لغة الخشب الباردة كإطارات النوافذ على رأي غابرييل غارسيا ماركيز التي مللنا من سماعها من أفواه السياسين والمثقفين المتملقين الحائمين كالذباب على موائد الحكام.
ففي حوار مع جريدة 'الباييس' الاسبانية قالت أن'الديمقراطية آتية في المغرب، أحبّ من أحب، وكره من كره'. واستطردت 'وأقول بالتحديد، أنه بالنسبة للنظام المغربي، لقد حان الوقت لكي يرمي في المزبلة الدستور الحالي والقيام بعملية تصفية حقيقية لإخطبوط الفساد لكي يعيد للشعب المغربي الممتلكات التي تمت سرقتها، فالمخزن المغربي لا يجب أن يستمر في التفكير في أنه فوق التاريخ'.
وحتى لا يسرع بعض المتحاملين أو البسطاء للقول أنها تركب الموجة، أو تستغل الأحداث وتستقوي بالأمريكان، أذكر بأن الأستاذة نادية مازالت تحاكم بتهمة "إهانة المقدسات والإخلال بالنظام العام"منذ 2005 على تصريحها بأن الملكية ليست قدر المغرب، وأن النظام الجمهوري هو أقرب الأنظمة للشريعة الإسلامية.حين صرحت لصحيفة الأسبوعية الجديدة: «إن النظام القائم شتيمة وظُـلم سياسي يقع على المغاربة، ولم يعد صالحا للمغرب، وأن المغاربة ليسوا مُـلزمين بقبول هذا النظام إلى يوم القيامة، و بأن المغاربة بدون ملك لن يموتوا».
موقف بمثل هذه الشجاعة والجرأة هو الكفيل بإنقاذ المغرب من انفجار يتشكل في الصدور وليست شعارات المنافقين والمرتزقة والمنتفعين من الملكية ومحيطها في المغرب، كأن المغرب في منأى عن الأحداث، أو أن وتيرة الاحتجاجات حاليا مستقرة.....إلخ
فعلى كل الغيورين والوطنيين الذين يحبون المغرب حقا من علماء وسياسين ومثقفين ينبغي أن يقدموا نصيحة صريحة للنظام المغربي بأن يتدارك الموقف بإصلاحات حقيقية وأن لا يلتفت إلى جوقة "الكارين حنكهم" الذين ينصبونه وثنا يسجدون له من دون الله.وللأسف الشديد حتى من بين الإسلاميين من أمثال الأستاذ محمد يتيم عضو المكتب التنفيذي لحركة الإصلاح والتوحيد حين يقول:"نحن بوضوح نؤكد على ضرورة توقير الملك وإخراجه من دائرة النقد السياسي، والتوجه بالنقد لسياسات النظام وليس لنقد النظام ورمزه لوضعيته الخاصة في النظام السياسي التي تفترض أن يكون على مسافة واحدة من جميع الأحزاب والاتجاهات السياسية، وضامنا لوحدة المغرب وساهرا أمينا على الحقوق و ضامنا للحريات"
إن تصريحات الأستاذة وإن كانت قوية وصادمة في أوساط من ألفوا الخنوع والانبطاح وتعودوا أن يكونوا خرافا تساق إلى المسالخ دون حتى أن تثغوا هي التي تصنع المستقبل وترسم الغد، فالمغرب لن يشكل الاستثناء فكما تقول نادية ياسين: "محاولات البعض إضفاء طابع التميز على المغرب بكونه يقوم على مؤسسة ملكية ذات شرعية دينية وملك شاب يلقب 'بملك الفقراء' والرهان على جهازي الشرطة والجيش"
فالمغرب بدون شك له قواسم مشتركة مع سائر بلدان العالم العربي كالبطالة الفساد الاستبداد الزبونية المحسوبية الرشوة الديكتاتورية التفقير، ولن تجدي الطابوهات التي تتفنن دعاية المخزن في الدعاية لها من وقف رياح التغيير.
لهذا على العقلاء في هذا البلد الكريم أن يعوا الرسالة ويستبقوا الأحداث فما تقوله الأستاذة ياسين ليس ترفا فكريا ولا طلب نجومية ولا عبارات جوفاء كالتي يطلقها المثقفون من بروجهم العاجية، فالسيدة تعبر عن نبض قطاع عريض من الشعب المغربي تمثله جماعة العدل والإحسان التي أغلب أعضائها من الشباب
فجماعتها تتبث أنها الأقرب إلى نبض الشارع، وأنها متجذرة في صفوف الشعب بإعلانها المشاركة في التظاهرات التي دعت إليها حركة 20 فبراير وتأكيدها دعم 'كل تظاهرة سلمية وحضارية ويضمن عدم تحولها لعصيان عنيف يمكن أن تعتمد على دعمنا". وتتبث أنها الهيئة الأكثر حيوية في المغرب فهي لم تتوقف منذ نجاح انتفاضة تونس من طرح اقتراحات ومبادرات بناءة لإنقاذ الوضع.
برافو نادية ياسين لكن يبدو أنه لا حياة لمن تنادي.