ناشطون عراقيون بدأوا اليوم تظاهرات غضب
المحتجون يتلقون دعم الصدر: رد فعل المظلوم ضد الظالم
أسامة مهدي من لندن
في وقت بدأ محتجون عراقيون ضد الفساد والبطالة ونقص الخدمات اليوم الاثنين تظاهرات واحتجاجات في أنحاء البلاد فقد تلقوا دعماً مؤثراً من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي اعتبر هذه الفعاليات بمثابة رد فعل المظلوم ضد الظالم، داعياً إلى تظاهرة مليونية ضد الفساد. بينما أكد رئيس الوزراء نوري المالكي أن جهده الشخصي وجهد حكومته ينصب حاليًا على توفير الكهرباء ومفردات البطاقة التموينية.
وجّه مواطنون من مدينة الصدر في ضواحي بغداد الشمالية سؤالاً إلى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر حول الاعتصامات والاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع يطلبون منه توجيهًا لأنشطة المظاهرات والاحتجاجات "خاصة وأنها بدون قيادة أو توجيه، معربين عن خشيتهم من أن تستغلها بعض الجهات المدعومة من خارج العراق، ويزداد الوضع العراقي تأزمًا".
ورد الصدر على ذلك قائلاً إن "مثل هذه التظاهرات لابد منها، لأنها رد فعل المظلوم ضد الظالم، إلا إنني أخشى عليكم من رد فعل الظالم ضدكم، ودماء العراقيين غالية علينا، وخصوصًا أن العراق في واقع مرير، وقد تستغل ضدكم. فأحرصوا أن تكونوا في كل أفعالكم ومطالبتكم بحقوقكم سلميين موحدين، تعكسون صورة ناصعة بيضاء لا يشوبها أذى أو سوء".
وأضاف الصدر في رسالته "تحتاج مثل هذه المظاهرات وحدة الصف العام، لا جهة معينة فتجير لمصلحتها، فاسعوا إلى كسب عدد كبير لتكون مظاهراتكم نافعة غير ضارة.. مع أنني أعلم أن الحكومة، وإن رضيت بمطالب الشعب، إلا أنها غير قادرة على تطبيقها، لأسباب منها وجود المحتل والفساد وضعفها.. وإنا لله وإنا اليه راجعون". وتابع "لا بأس من جعل موعد محدد لتلك التظاهرة التي يجب أن تكون مليونية، ولو لفترة معتد بها، حتى تكون حافزًا للحكومة على تقديم الخدمات.. طبعًا إذا اجمعتم على ذلك وشئتم التظاهر".
تأتي رسالة الصدر في وقت محرج للحكومة العراقية التي تتعرض لتظاهرات احتجاج غاضبة في العاصمة ومدن عراقية أخرى. وحيث يباشر متظاهرون اليوم الاثنين حملة احتجاج تستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر الحالي الذي أطلق عليه منظمو هذه الاحتجاجات "يوم الغضب العراقي"، الذي تستعد قطاعات شعبية لإطلاق تظاهرة مليونية واعتصامات تبدأ مرحلتها الأولي في ساحة الاحتفالات في وسط بغداد اليوم، وتستمر حتي الخامس والعشرين من الشهراحتجاجاً علي سوء الأوضاع والخدمات وانتشار الفساد.
ينظم معطم هذه الاحتجاجات ناشطون عراقيون في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" بتظاهرة وسط بغداد تدعو إلى الإصلاح ومكافحة الفساد في يوم الحب "فالنتاين".
وينتظر أن تشهد ساحة التحرير في وسط بغداد في الخامس والعشرين من الشهر تظاهرة احتجاجية كبرى للمطالبة بتحسين الخدمات، والحد من الفساد الذي استشرى بين السياسيين. وقد توفي أمس عراقي يبلغ من العمر 30 عامًا يعاني البطالة بعد إضرام النار في نفسه في مدينة الموصل الشمالية. والرجل، وهو أب لأربعة أولاد، قد أضرم النار في نفسه داخل منزله في حي التحرير في شمال المدينة. وتفيد أرقام الأمم المتحدة أن نسبة البطالة في هذه المحافظة العراقية تبلغ 17 %، بينما توقع القيادي في التحالف الكردستاني محمود عثمان استمرار الاحتجاجات علي سوء الخدمات.
شباب 14 شباط: الاستقالة من السكوت
سيصدر الناشطون العراقيون الذين يبدأون حملة احتجاجات اليوم حتى 25 من الشهر الحالي الذي سيكون شعاره "يوم الغضب العراقي" بيانًا يؤكدون فيه استقالتهم من السكوت على الأوضاع التي تشهدها البلاد.
ويقول الناشطون في البيان الذي حصلت "إيلاف" على نسخة منه "نحن شباب العراق نطالب حكومتنا أن تحذر مما يعانيه الشعب العراقي من فقر مدقع وعوز مادي لشرائح واسعة في المجتمع العراقي، في المقابل نشاهد عبر الوسائل الممكنة للعين المجردة أن هناك تفاوتًا كبيرًا صنعته الأحزاب الحاكمة حين فرقت بين المواطن والمسؤول في الجانب المعيشي والاعتباري والخدمي، لذلك نطمح لأن تكون الحكومة على دراية برفعنا شعار الإنذار الأول من قبل عراقيين تجمعوا من أجل حب الوطن لا أكثر".
وأضافوا "هنا نعلن مطالبنا عبر نافذة الدستور الذي يؤكد حرية التعبير بالصوت.. أن العراقيين قادرون على تغيير ملامح الحكومة العراقية بما يتناسب مع إمكانية الدولة العراقية مادياً وفكرياً وثقافياً وتاريخيا". وقالوا "اليوم وبلا دوافع سياسية تتخوفون منها وبلا عناصر مدسوسة وبلا أجندة خارجية نستخدم قلوبنا عنواناً لمحبة بلدنا وحبنا لوطننا بشعار نصوغه أمامكم... مطالبنا لن تكون مقتصرة على الشباب وإنما:
المطلب الأول والرئيس والفوري: إقالة أمين العاصمة بغداد صابر العيساوي، باعتباره قد تجاوز مدة أكثر من خمس سنيين، ولم يقدم لبغداد أي شي يذكر، بل زادت بغداد بالأوساخ وضعف الخدمات، في المقابل صرفت على العاصمة مليارات الدولارات، ولذلك نطالب الحكومة العراقية والبرلمان إقالة الأمين فورًا ومحاسبته بتهمة التقصير.. وحتى نمنح نحن أبناء الوطن فرصة أكثر للحكومة، باعتبارها حكومة جديدة مازالت في بداية عملها.. لذلك نطالبها بالعمل الجاد في قضايا كثيرة أهملت في السنين الثمانية الماضية وهي:
(الأرامل – الشيوخ – الحالمون – الخدمات – الحريات - غرق بالفساد - الفن العراقي من أجلكم - مناطق نائية وعشوائية - جياع يتابعون ارتال المسؤولين بأعينهم الصابرة - تخلف تجاوز النصف في المجتمع العراقي.. الخ). وقالوا في نهاية البيان "ختاماً نعلن استقالتنا من السكوت".
وقد نفى مكتب القائد العام للقوات المسلحة حدوث اشتباكات بين متظاهرين وقوات أمنية في بغداد. وقال بيان لمكتب القائد العام للقوات المسلحة إن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام بشأن حدوث اشتباكات بين المتظاهرين والأجهزة الامنية في منطقة الصالحية في وسط بغداد عار من الصحة ولا أساس له. وأكد أن حق التظاهر السلمي مكفول لجميع المواطنين، وأن دور القوات الأمنية هو تأمين الحماية للمتظاهرين وفق القانون.
المالكي: جهدي وحكومتي لتوفيرالكهرباء والبطاقة التموينية
من جهته أكد رئيس الوزراء نوري المالكي أن جهده الشخصي وجهد حكومته ينصب حاليًا على توفير الكهرباء ومفردات البطاقة التموينية. وقال المالكي خلال اجتماعه في بغداد الليلة الماضية مع أعضاء مجالس المحافظات في البلاد لبحث المشاكل التي يعانيها المواطنون "إن جهد الحكومة وجهدي شخصيًا يتركز حاليًا على شيئين رئيسيين هما الكهرباء والبطاقة التموينية".
وأضاف أن هناك عملاً يجري لحل المشكلتين، لكن نحن بحاجة إلى وقت لأن مشكلة الكهرباء سيتم حلها خلال عامين وبصورة جذرية، إذ إن هناك الكثير من المحطات جاري العمل فيها حاليًا، وأخرى قيد الإنشاء، وكل هذه المشاريع ستبلغ مرحلة الإنتاج الفعلي في أوقات مختلفة.
وأشار إلى وجود محاولات من بعض الجهات السياسية التي تحاول أن تستفيد من معاناة المواطنين الواقعية لأغراض سياسية. وأكد أن البطاقة التموينية سيجري تعزيز موادها تدريجيًا، وقد تعهدت بعض المحافظات بأن تأخذ أمر البطاقة على عهدتها استيرادًا وخزنًا وتوزيعًا، لأن ذلك سيسهم في حل بعض المشاكل التي تعانيها بعض المناطق والمحافظات حتى لو أدى الأمر إلى حل بعض المجالس المحلية والبلدية التي يعاني المواطنون أداءها.
وخلال الأيام العشرة الأخيرة وإزاء توسع هذه الاحتجاجات، فقد انشغلت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي بإصدار 5 قرارات متتابعة، هدفها التخفيف من أعباء الحياة على المواطنين أو الرد على الاحتجاجات بشأن امتيازات كبار المسؤولين.
جاءت هذه القرارات في محاولة لبعث رسالة تهدئة واضحة إلى المحتجين. فقد أعلن المالكي عن خفض راتبه إلى النصف، وتحدث عن مشروع قانون لخفض رواتب كا الرئاسات، كما شكلت لجنة لبحث زيادة رواتب الموظفين بنحو 20 %، إضافة إلى منح 15 الف دينار لكل فرد كبدل عن نقص مفردات البطاقة التموينية، ثم إعفاء نحو مليون عائلة من فاتورة الكهرباء وبأثر رجعي.
وكان آخر القرارات تجميد العمل بنظام التعرفة الجمركية، الذي كان سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع المستوردة، التي تمثل معظم المعروض في السوق العراقية بدءًا من منتصف الشهر الحالي.