جريدة المساء والحقيقة التافهة حول موقع هسبريس
نورالدين لشهب
طالعتنا جريدة المساء في عددها ليوم السبت الماضي بمقال مطول عبارة عما سماه صاحبه نعمان الهاشمي بتحقيق تحت عنوان "الحقيقة الكاملة حول موقع هسبريس .. كيف تم إنشاؤه لإضعاف الصحافة المستقلة في المغرب ــ الموقع تخصص في مهاجمة بعض الأسماء قبل أن يتحول إلى أداة بيد المخابرات لاقتناص المعارضين"، والمقال نفسه منشور في موقع جريدة المساء على صفحة الانترنيت في بارنر خاص على جانبه الأيسر السيد الحموشي مدير جهاز DST، والمقال من بدايته إلى نهايته لم يبين لنا بالواضح أين تكمن هذه العلاقة، مما يعني أن صاحب المقال يدلس على القارئ ويستغبيه. فمدير جريدة المساء السيد رشيد نيني ظل يردد كل مرة وحين أن هسبريس موقع مخابراتي، ولما حان الحين كي يبين للقارئ، وهو الصحفي الذي يعرف صغائر الأمور عن الصحفيين والمسؤولين بالمغرب وخارجه، لم يستطع أن يدلي ولو بدليل واحد للدفاع عن دعواه. فتوسل بأسلوب النباهة والاستحمار كما يتبدى من خلال هذا "التحقيق" الكاذب أخلاقيا، والمغالط عقليا، والتافه أدبيا.
قبل أن نسبر ونقسم، يحسن أن نبدأ بملاحظتين هامتين:
أولا: قبل سنتين تقريبا اتصلت بنا الصحفية سعاد رودي من اجل تحقيق حول هسبريس لجريدة المساء، وكلفني الزملاء في هسبريس بربط الاتصال بها، وأعطيناها ما كانت تطلبه ولم نبخل عليها بأية معلومة،وبقيت معها في الدار البيضاء يومين كاملين من أجل إعداد التحقيق، جريدة المساء لم تنشر التحقيق إلا بعد مرور شهر تقريبا، وكان ناقصا بالقياس مع حجم المعطيات والمعلومات النادرة التي أعطيناها للزميلة سعاد رودي، ولما سألتها عن مقص الرقيب، أجابت الأخت سعاد، وهي إنسانة طيبة ومجتهدة في عملها، بأنها ليست مسؤولة عن البتر، فهمت أن جريدة المساء أرادت أن تصور للقارئ بأن هسبريس لا تعدو كونها مدونة لمجموعة من الهواة في الكتابة الالكترونية.
ثانيا: التحقيق التافه كان عبارة عن رد فعل بافلوفي على مقال الزميل محمد بنعزيز، ولذلك جاء خاليا من مكونات التحقيق الصحفي كما هو متعارف عليها في عالم الصحافة، وربما أن صاحب التحقيق لم يجد متخصصا في الموضوع كي يدلي برأيه، أو ربما خشي أن يفند له بعض المعلومات والمعطيات التافهة التي زخر بها المقال من بدايته إلى نهايته، وتجدر الإشارة إلى أن التحقيق الذي وقعته سعاد رودي حاول أن يورط الخبير يحيى اليحياوي ويجعله في صف جريدة المساء ضد هسبريس، أو هكذا فهم بعض الزملاء، والدكتور اليحياوي كما أعرفه شخصيا يترفع عن مثل هذه التفاهات.
أما التحقيق الذي بين أيدينا، فكاتبه هو نعمان الهاشمي، وهو اسم مستعار كان يوقع به الصحفي محمد الأشهب بعض مقالاته، خصوصا في المقالات التي تناولت تاريخ المغرب المعاصر، وبعض الحوارات أشهرها الحوار مع العميل الجزائري كريم مولاي، ومن يتابع مقالات محمد الأشهب يلاحظ أنه يكتب بلغة عربية راقية، بينما هذا التحقيق مكتوب بلغة ركيكة جدا، وحسب بعض المصادر المقربة من الأستاذ محمد الأشهب، فإن رشيد نيني أقحم هذا الاسم المستعار عنوة كي يدلس على القارئ بان نعمان الهاشمي هو نفسه محمد الأشهب، علاوة على أن محمد الأشهب لا يعرف كيف يداعب الحاسوب ولا يستطيع أن يكتب ولا حرفا واحدا بالحاسوب بله أن يكتب عن موضوع يخص تقنيات الانترنيت وعن التجسس الالكتروني والايبي...الخ . فكل المقالات التي ينشرها في الجرائد الوطنية والدولية يرسلها عبر الفاكس. كتابة التحقيق باسم مستعار وفي جريدة المساء إنما يريد به صاحبه شيئا واحدا، وهو أن يقحم بعض الصحفيين في حربه على الصحافة الورقية والالكترونية بالمغرب. فأن تهاجم هسبريس لأنها تكتب بأسماء مستعارة يحسن بصاحب التحقيق أن يكتب اسمه الحقيقي حتى لا تختلط الأمور، أم إنه الخوف... من المخابرات؟ لو كان الخوف من المخابرات لما أقحم صورة السيد الحموشي في البارنر في موقع الجريدة على الانترنيت؟ ولما كتب عن وكيل الملك بالرباط مقالا يحتوي على 21 معلومة لا يستطيع صحفي مهني أن يحصل عليها ولو أجهد نفسه حولا كاملا.
أما بالنسبة لتهريب المال إلى كندا، فأعتقد بأن صاحب التحقيق التافه يستغبي عقول المغاربة، وهنا تكمن الشعبوية في أقبح تجلياتها، فأي مواطن مغربي يستطيع أن يحول مبالغ مالية عبر مكتب الصرف، فهل الصحافي المغربي الذي اشترى عمارة ومطعما في إسبانيا حولها أم هربها؟ وما هي الحجج التي اعتمدها صاحب التحقيق من اجل التدليل على أن صاحب هسبريس هرب الأموال من المغرب إلى كندا؟ أين هي هذه الوثائق؟ أين الحكم القضائي؟ إنه الاستهواء والمغالطات والكذب على القراء.
هل سأل كاتب التحقيق التافه الزميل حسن أبو عقيل عن علاقته بهسبريس؟ ولماذا قوله ما لم يقله؟ أين المهنية؟ والزميل حسن أبو عقيل كذب كاتب التحقيق كما يعلم القراء.
وهل سأل الصديق إدريس ولد القابلة؟ شخصيا كنت في زيارة لأكادير والتقيت ولد القابلة ودار بيننا نقاش وكان يتحدث عن الزملاء في هسبريس بكلام طيب جدا، وطلب مني أن أبلغهم سلامه، ولم يقل شيئا عن الموقع. لم يسأل لا حسن أبو عقيل ولا إدريس ولد القابلة، والسبب هو أن صاحب التحقيق التافه أخذ معلوماته من تعليقات بعض القراء من كوكل، وأي شخص ممكن له أن ينقر في كوكل على اسم طه الحمدوشي ويطالع نفس "المعلومات" التافهة التي اعتمدها صاحب التحقيق التافه.... إنه الاستغباء والاستحمار.
أما عن طه الحمدوشي، فأعتقد أن جريدة المساء عندها الخبر الصحيح حول هذه الشخصية كما كتبنا قبل عامين للزميلة سعاد رودي، هسبريس جريدة مغربية يشرف عليها مغاربة، يحبون وطنهم ولا يخشون من الاختلاف والمنافسة الشريفة.
على سبيل الختام:
هذا التحقيق التافه لم يستطع أن يبلغ قصده، لأنه قام بعملية إشهار للموقع من حيث أراد أن يقود عملية التشهير ضده، فالقارئ في الانترنيت أكثر وعيا مما يتصوره صاحب التحقيق التافه. كما أن استعداء القراء والسلطة على هسبريس لن تؤتي أكلها، لأننا نعيش في عصر جديد علينا أن نتكيف ونتفاعل معه، الخطأ ليس عيبا، وإنما المعيب هو الحقد والحسد والكراهية واغتيال الاختلاف.