هذه أسباب استقالتي من الحكومة وهذا ما قلته لبوتفليقة
بلقاسم. ع
كشف رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، عن الأسباب الحقيقية التي دفعته للاستقالة من الحكومة، والتي لخصها في "خلافات في الرؤى مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، بخصوص لجوء هذا الأخير إلى التشريع بأوامر، رغم وجود مؤسسات تشريعية".
كشف رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، عن الأسباب الحقيقية التي دفعته للاستقالة من الحكومة، والتي لخصها في "خلافات في الرؤى مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، بخصوص لجوء هذا الأخير إلى التشريع بأوامر، رغم وجود مؤسسات تشريعية".
وقال بن بيتور، الذي نزل ضيفا على منتدى "الشروق"، أنه وقف ضد هذه الرغبة عند أول محاولة من الرئيس، بقوله "أنا لا أوافق على التشريع بأوامر رئاسية في ظل وجود مؤسسات تشريعية قائمة ومنها البرلمان"، معتبرا "أن التشريع بأوامر استثناء وليس قاعدة، وأشار أن دخول البرلمان في عطلة لا يعني غيابه، وبالتالي لا يحق للرئيس استغلال فترة العطلة لإصدار أمرياته''، مشيرا إلى أن الجزائر خرجت من مرحلة حساسة جدا، تتطلب إعادة الطمأنينة إلى قلوب الجزائريين حسبه، قائلا لبوتفليقة: "علينا بناء مؤسسات قوية قادرة على تجسيد البرامج لا تكسيرها".
وأوضح بن بيتور، أن واقع الحال بعد وصول بوتفليقة إلى سدة الحكم عام 1999، "ميزته الخطابات الشعبوية غير المطمئنة"، وطغت عليه "فكرة تكسير مؤسسات الدولة عوض بنائها وتعزيزها بآليات تنفيذ البرامج"، وهو ما دفع به إلى رفض أول محاولة للرئيس وتقديم استقالته، مؤكدا للرئيس: "هذا الطريق غير سليم وستندم عليه".
وأكد بن بيتور، الذي لم يمكث في قصر الدكتور سعدان سوى 9 أشهر: "اضطررت للقيام بهذه الخطوة بعد أن تيقنت من استحالة تغيير الأوضاع من داخل النظام"، وأضاف أن الخطوة جاءت بعد أن دق ناقوس الخطر بشأن الأوضاع التي تعيشها البلاد، مشددا على أن طريقة الحكم المتبعة من طرف الرئيس بوتفليقة ستؤدي إلى الإسراع في الإفلاس.
وأشار بن بيتور إلى انه وجد نفسه "مجردا من الصلاحيات التي يخوله إياها الدستور"، الأمر الذي منعه من تأدية مهامه بالحزم والوضوح اللازمين، وأكد انه عجز عن تجسيد تصوراته، واقتراحاته للخروج من الأزمة ولكن: "للأسف لم تمش، وكل محاولاتي باءت بالفشل"، وأعرب عن أسفه من عدم وجود آذان صاغية.
وشدّد بن بيتور، على أنه مستعد للنقاش حول جميع المبادرات التي تخدم الخروج من الوضعية الراهنة، شريطة مسارعة النظام إلى فتح أبواب الحوار، منتقدا في الوقت ذاته، "الرشوة والفساد اللذان تغلغلا في كل أجهزة الدولة"، مبيّنا أن الرشوة والفساد إلى جانب الفقر وغياب الأخلاق الجماعية، "هي بذور فناء الأنظمة التسلطية"، معتبرا أن الدولة انتقلت من مرحلة الفشل في التسيير إلى مرحلة المنع ورفض الرأي الآخر، وأكد أن الحراك الاجتماعي الذي تشهده الجزائر في الآونة الأخيرة نتيجة الانسداد الذي فرضته الدولة بنفسها، وقال "إذا لم نغير نظام الحكم قبل 2012 سيفوتنا القطار وإلى الأبد".
لخضر رزاوي
بورتريه
التكنوقراطي الذي " خالف " سياسة " السيستام "
لم يكن يتطلع ابن مدينة متليلي القادم من عمق الجنوب الجزائري، أنه سيكون يوما ما رئيسا للحكومة الجزائرية، حيث درس الرياضيات وحاز على الليسانس ثم دبلوم الدراسات المعمقة في الرياضيات من جامعة الجزائر، وتدرج ليحصل على ماستير إدارة أعمال من جامعة مونتريال بكندا ثم دكتوراه في الاقتصاد من نفس الجامعة.
أحمد بن بيتور من مواليد 1946 متزوج وأب لأربعة أبناء، تقلد المسؤوليات في الجهاز التنفيذي بالتوازي مع التدريس بالجامعة، بعدما كان مديرا عاما لمؤسسة منتجة، ثم مديرا مركزيا بوزارة الصناعة في عهد خلاف عبد العزيز، ثم مديرا مركزيا بوزارة المالية في عهد بلعيد عبد السلام، اشتغل بمكتب الرئيس الشاذلي بن جديد، دخل الحكومة عند قدوم الرئيس الراحل محمد بوضياف، بقي في تشكيلة خمس حكومات متتالية، ثم عاد للعمل بالاستشارة مع بنك النقد الدولي، ثم رئيسا للجنة الاقتصاد والمالية بمجلس الأمة فرئيسا للحكومة، وهو حاليا متقاعد وناشط سياسي ومن طالبي التغيير.
قال أن تاريخ توحّد قوى التغيير يعيد نفسه
بن بيتور: لا يجب على السلطة تجاهل ثورتي تونس ومصر
بلقاسم عجاج
أفاد رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، أن الثورتين الشعبيتين التونسية والمصرية من أجل التغيير يستخلص منهما درسين اثنين، الأول من ناحية المجتمع والثاني من ناحية السلطة، هذه الأخيرة، قال بشأنها أنه لم يبق لديها حلم الجنة بالخارج لما تصبح الأمور صعبة في البلاد، من خلال الخروج واستغلال الأموال المتواجدة بالخارج، مضيفا بأن الإشكال لم يعد محصورا على مستوى الرئيس فقط، وإنما التجربة بينت أن الوزير الأول ونائبه لم يسمح لهما بالخروج، عقب الثورة التونسية.
ومن ناحية المواطنين، أفاد بن بيتور أن القوى المتجمعة من دون زعامة قادرة على التغيير، مضيفا بأن "ضرورة توحد القوى لهدف معين" تتطلب تفادي التعصب للإيديولوجيات، مستدلا ببيان فرحات عباس ///"جمعية أصحاب البيان"///، مارس 1944، الذي انضم إليه حزب الشعب القوي في المجتمع وتوجهه الثوري، وكذا جمعية العلماء المسلمين ذات التوجه الإصلاحي، الأخلاقي والاجتماعي.
وعرّج المتحدث على بيان أول نوفمبر الذي يفيد أن "أحداث المغرب وتونس لهما دلالتهما.. تمثلان عمق مراحل الكفاح التحرري في شمال إفريقيا.. أما نحن فبقينا قي مؤخرة الركب، فإننا نتعرض إلى مصير من تجاوزته الأحداث"، موضحا "كلنا في مصير واحد، والتاريخ يعيد نفسه لنعود لسنة 1943، حيث كان البلد في مأزق كبير من الفقر وغيرها من الأمراض المتفشية".
وعليه، قال بن بيتور "على الحكام استباق الأحداث ويجب الأخذ بتجربة جيرانهم قبل التجريب على أنفسهم"، مضيفا "كثير من الناس يقولون ما وقع في مصر وتونس لا يأتينا اليوم"، في إشارة منه لتصريحات وزير الخارجية، مؤكدا أنه لا يجب تجاهل العمل الالكتروني والتخاطب مع الناس عن طريق الشبكة العنكبوتية في الجزائر، لأن ما وقع في تونس من صنع جيل الانترنت.
وعرّج رئيس الحكومة الأسبق على مبادرته التي شرع فيها، في نوفمبر 2009، وقيمها في نوفمبر 2010، خلصت إلى قضية التحالف الاستراتيجي وقوى التغيير، وعدم استعمال الدين في السياسة، ونهج التوجه الديمقراطي مع توسيع الحريات التي تنتج الابتكار.
اقترح تشكيل حكومة انتقالية
بن بيتور: التغيير غير ممكن من داخل النظام أو بواسطة الأحزاب والإنتخابات
بلقاسم عجاج
أكد رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، أن التغيير لا يمكن أن يأتي من داخل النظام، في الظروف الراهنة، إلا بالتعاون مع قوى التغيير في الجزائر للخروج من الأزمة، وتأسف المتحدث لوجود "محاور غير ملائم لا من ناحية السلطة أو المجتمع للخروج من المشكلة العويصة للبلاد"، مضيفا "السلطة غير موحدة وهي ذات عدة توجهات، وقوى التغيير هي الأخرى غير موحدة"، وأوضح أن التغيير من الداخل (النظام)، أو من الآليات العاملة تحت سيطرة النظام كالأحزاب أو الانتخابات يبقى غير ممكن، حاليا.
وأفاد، أحمد بن بيتور، رئيس الحكومة الأسبق، ضيف "منتدى الشروق"، أن التقسيم الحالي للمجتمعات لا يوجد فيه قبول للنقاش، وأن معالجة المشاكل تتم عن طريق القوة على المستوى العالمي، تحت شعار "إما أن تكون معي أو ضدي"، موضحا أن الجزائر تأثرت بالعدوى من ذات التوجه الجديد، يضاف إليها المشاكل الداخلية التي تنذر، حسبه، بالانفجار بتوفر ثلاثة عوامل.
وعدّد المتحدث في طليعة أسباب الانفجار الاجتماعي، الفقر المرفوق بالحڤرة وعدم القدرة على التعبير على ما يحس به الأفراد وانعدام الرؤية المستقبلية، وثانيها غياب الأخلاق الجماعية: "حيث لا يحل الخلاف بين الناس إلا بالعنف"، وثالثها الرشوة والفساد المتفشي في ثلاثة مستويات "أوله على مستوى الموظفين البسطاء في الإدارة، ويليه الفساد الكبير المتمثل في برامج الاستيراد ونظام القروض المصرفي، وبناء هياكل قاعدية للدولة، بالإضافة إلى فساد الاستحواذ على السلطة بتقلد أصحاب المال مناصب مسؤولية مقربة من سلطة القرار".
وحصر بن بيتور شرطين أساسيين لحصول التغيير في الأوضاع، إما سياسيا بالضغط المستمر من المجتمع والمتواصل والمتزايد من أجل التغيير، أو لم شمل القوى المطالبة بالتغيير، أي بتوحد جميع القوى، وفي رده عن سؤال "الشروق" إن كان الوضع السياسي الراهن للبلاد وما برز من مطلب التغيير الذي تقوده تنسيقية قوى التغيير من أجل الديمقراطية مؤشرا نحو التغيير، قال أن مسيرة 12 فيفري الماضي ـ والتي كان من المشاركين فيها ـ تعتبر انطلاقة وبداية لضغط المجتمع وأن نتائجها مرضية مقارنة بما واجهته السلطة واستمرار المسيرة لتكون كل يوم سبت، موضحا أن ذلك "يجب أن يكون قويا ومستمرا مع لّم شمل قوى التغيير"، مضيفا "ولا توجد حركية سياسية بإمكانها أن تأتي بتغيير إذا لم يوجد هذا الجهد للشعور المستقبلي مع خطاب سياسي مجّند، يبرز حالة البلاد وما يجب فعله وأن التغيير لن يكون بالفوضى".
واعتبر رئيس الحكومة الأسبق أن "القوى السياسية المتواجدة في المعارضة غير فعالة ونفس الشيء بالنسبة للتحالف الرئاسي"، مؤكدا أن الخيار الحالي للتغيير يتطلب 5 إلى 6 شخصيات لا بأس بها من الكفاءة العلمية والتواجد السياسي المقبول لدى الناس، وأن يتم العمل في مدة 3 أشهر وبثلاث مهام، إعلاميا بتأكيد مطلب التغيير بفتح المجال الإعلامي ورفع كل الحواجز بما فيها رفع حالة الطوارئ، وثانيا بكتابة خريطة الطريق للفترة الانتقالية، وثالثا باختيار حكومة انتقالية، تحضر لمدة 12 شهرا، انتخابات رئاسية واستفتاء الدستور.
ولخص بن بيتور قوى التغيير بالرهان على الكفاءات الوطنية والشباب في 5 عوامل وهي آليات التغيير، النظرة لحالة البلاد، القيادة بمجموعة عمل وليس بالزعامة، شخصيات الدعم المتواجدة على المستوى المحلي ولديهم مصداقية مقبولة، المجندين للعمل حزبيا كالمناضلين.
إنتاج النفط سيبدأ في التراجع سنة 2018
تمويل برامج الإنعاش دمر 50 بالمائة من احتياطات الجزائر من المحروقات
عبد الوهاب بوكروح
وصف رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، الوضعية الاقتصادية الراهنة للبلاد، بأنها تتسم باستهلاك مفرط لموارد غير متجددة يفترض استعمالها لتحضير مرحلة ما بعد نضوب ثروة البترول، مضيفا أن توجيه ثروة غير متجددة لتمويل مشاريع البنية التحية يعتبر بمثابة الخطأ الاستراتيجي، لأن الدولة لم توجه جزءا من هذه الثروة إلى تمويل
مشاريع في القطاعات الاقتصادية المنتجة التي تضمن ديمومة مشاريع البنية التحية التي أنجزت بأموال النفط.
وقال بن بيتور، إن أولويات ضمان الخروج من الوضعية الحالية، تتطلب الشروع الآني في تأهيل الاقتصاد والدولة والمدرسة، مضيفا أن توجيه أموال النفط إلى بناء هياكل قاعدية هو بمثابة إرغام الأجيال القادمة على تحمل ديون كبيرة جدا، هم غير مسؤولين عنها.
وشدّد بن بيتور، أن الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه البلاد خلال العشرية الفارطة، يتمثل في اللجوء المفرط إلى الإدخار وتمويل الاستثمار من خلال موارد غير قابلة للتجدد، وهو ما يعتبر بمثابة دين على الأجيال القادمة.
وأوضح المتحدث، أن تخصيص 286 مليار دولار لتمويل برامج إنفاق عمومي تمتد إلى غاية 2014، يعني استهلاك 50 بالمائة من الاحتياطات الجزائرية المؤكدة من المحروقات، أي أن رئيس الجمهورية وضع مخططات إنعاش كلفت المجموعة الوطنية 4 ملايير برميل من المحروقات في ظرف قياسي جدا، مشيرا إلى أن متوسط إعداد موازنات المخططات المذكورة تقدر بحوالي 70 دولارا
لبرميل النفط، وكل هذا في ظل غياب مؤسسات رقابية قوية ومنها البرلمان ومجلس المحاسبة، وغيره.
وانتقد بن بيتور، التركيز المفرط على معدلات النمو التي تحققت خلال السنوات الماضية، ورفض الحديث عن التوزيع العادل للثروة الذي تعكسه مستويات التنمية الحقيقية في الميدان، مشيرا إلى أن الجميع يرفض الحديث عن المستوى الثالث للتنمية الذي يعني التنمية المستدامة، والمستوى الرابع من التنمية الذي يعني وجود حرية الأفراد، والمستوى الخامس الذي يجعل من التنمية
رديفا لفكرة الإنصاف، مضيفا أن التنمية الحقيقية تعني عدم ترك أي شريحة من المجتمع على الرصيف.
وتابع بن بيتور، أن الجزائر تعاني من تبعية مفرطة للمحروقات، كون 77 بالمائة من الموازنة تأتي من المحروقات، مضيفا أن الإشكالية لا تتعلق في مرحلة ما بعد البترول، وإنما بوصول الجزائر إلى ذروة الإنتاج التي يتوقع أن تكون بعد 8 سنوات من الآن، أي في حدود 2018 ـ 2020. ويومها ستدخل الجزائر مرحلة تراجع إنتاجها من النفط والغاز، وعليه، أكد بن بيتور، أنه إذا لم يحدث التغيير سنة 2012، فإن الجزائر سيفوتها القطار نهائيا، لأن إعادة هيكلة الاقتصاد والدولة والمدرسة، تتطلب 5 سنوات، وهي العملية التي تتطلب استثمارات، تتوفر الجزائر اليوم على إمكانات مادية لتمويلها.
وشدد بن بيتور، على ضرورة تحويل الريع من النهب إلى الاستثمار في المستقبل، مؤكدا على ضرورة تجميد الأجور إلى غاية نهاية مرحلة الإصلاحات سنة 2017، أي إلى غاية الشروع في قطف ثمار الإصلاح، مع ضرورة خروج الدولة من الاستثمار في القطاع الإنتاجي وتترك ذلك للقطاع الخاص مع ضرورة مرافقته بالطريقة التي تمت في كوريا الجنوبية التي عرفت تجربة دولية رائدة