مقري للشروق:الذي سرب خبر استقالتي يريد إرباك حمس وتعطيل النقاش داخلها
حاورته: سميرة بلعمري
يثير حراك نائب حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري الكثير من الجدل والنقاش، بالنظر إلى الحيوية التي يضفيها بمواقفه الجريئة داخل وخارج الحركة، خاصة مع شعبية الرجل وطروحاته المخالفة أحيانا لطروحات قيادة حمس والمعارضة بشدة للبعض، ولإيضاح موقعه الحقيقي ومواقفه من الأحداث طرحنا عليه هذه الأسئلة.
- وصلنا خبر استقالتك البارحة وحاولنا الاتصال بك لنسألك عن الموضوع، فما صحة الخبر؟
دخلت البارحة ليلا لأرض الوطن وهذا الخبر غير صحيح، لا زلت نائب رئيس حركة مجتمع السلم ولو كان الخبر صحيحا لأعلنته بنفسي.
- ولكن الذي أخبرنا هو من داخل قيادة الحركة وأكد لنا أنك طلبت إعفاءك بسبب اختلاف بينك وبين المكتب حول الخيارات السياسية؟
لو كان الخبر صحيحا لنشرته بنفسي في ندوة صحفية أشرح فيها موقفي وأدافع عنه بكل وضوح، وإذا كان صحيحا أن أحدنا تحدث لكم بهذا الخبر فهذا أمر مستغرب وسنبحث فيه، بل أقول إن الذي سرب الخبر يريد إحداث إرباك داخلي للحركة ليلهينا عن المناقشة الهادئة والمسؤولة المتعلقة بالتحولات التاريخية التي تمر بها الأمة العربية وتداعياتها على الجزائر ودور الحركة إزاءها. أما عن الاختلافات في وجهات النظر فهي ليست بيني وبين المكتب الوطني، كما أخبركم متحدثكم، بل هو نقاش ينخرط فيه الجميع وما أنا إلا واحد من هؤلاء عندي وجهة نظر يراها كذلك غيري داخل المكتب الوطني وخارجه دون أي شخصية ولا مشاكل ولا استقطاب وهي اختلافات في وجهة النظر مشروعة لا تفسد للود قضية.
- ولكن الجميع يعلم بأن موقفك حيال علاقة الحركة بالنظام مخالف للموقف الرسمي لها وهو موقف معلن من قبلك، ألا ترى بأن الموقف السليم هو أن تستقيل؟
إذا كان الأمر هكذا، فعدد كبير من المناضلين سيستقيلون، وفي كل مرة يقع اختلاف في وجهات النظر، تستقيل المجموعة التي لا تتبنى مؤسسات الحركة رأيها وهذا أمر لا يستقيم، ثم أليس الأسلم إذا كان عندي رأي مخالف للموقف الرسمي أن أناضل داخل الحركة لأجعل هذه المؤسسات تتبنى رأيي. كثير من الناس كانوا يقولون بأن الغنوشي مخطئ في اتجاهه السياسي والآن الزمن أعطاه الحق وكل الناس يشيدون بصبره ويعتبرونه مرجعا سياسيا وفكريا.
- هناك من داخل الحركة من يقول بأن حرمانك من الوزارة ومن الترشح للانتخابات التشريعية السابقة هو الذي أملى عليك هذا الرأي وأنت الآن تستغل الأوضاع الجديدة لفرض رأيك؟
رغم أن هذا السؤال فيه إساءة كبيرة وأنا في غاية الأسف منه لأنه يريد أن يصورني انتهازيا في الوقت الذي أمضيت عمري كله في محاربة الانتهازية والانتهازيين، ولكن أشكرك عليه لأنه على الأقل أعطاني الفرصة لأفند هذا الادعاء. ليكن في علمك بأن موقفي هذا قديم جدا منذ الانتخابات الرئاسية سنة 1995، حيث كنت من القلائل الذين لم يصوتوا في مجلس الشورى الوطني آنذاك على الترشح للانتخابات الرئاسية، وقد اتضح للكثير في ما بعد بأننا لو بدأنا العمل السياسي بالانتخابات التشريعية لكان أسلم ولكنّا أحسن حال مما نحن عليه الآن، ورفضت التصويت على برنامج أحمد أويحيى في المجلس الشعبي الوطني لما رفض إدراج أي تعديل عليه رغم أنني كنت رئيسا للكتلة البرلمانية وفعلت ذلك أمام الكاميرات ورغم إرادة الحركة آنذاك، وصار موقفي واضحا من وجودنا في الجهاز التنفيذي للحكومة منذ تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي والتزوير الشامل الذي وقع لصالحه في الانتخابات المحلية حيث أدركت بأن ثمة مخطط لفرض طبقة سياسية جديدة على حسابنا وحساب المشروع الإسلامي، فكنت أرى توقيف مسار المشاركة في الحكومة منذ تلك المرحلة خصوصا وأننا حققنا إنجازات كبيرة لصالح الوطن، وكان الشيخ محفوظ نحناح متفهما لرأيي وإلا كيف يقترحني للمكتب الوطني مرة أخرى في المؤتمر الثاني سنة 1998 في الوقت الذي غير في كل الأعضاء الآخرين سوى أخ آخر أبقاه معي مع العناصر الجديدة، وفي رئاسيات 1999 كان موقفي واضحا للجميع من عملية الغدر التي وقعت للشيخ محفوظ، وفي سنة 2004 لم أصوت على بوتفليقة ولم أصوت على الدستور الذي عدّله وهذه مواقف كلها معلومة. أما بخصوص الوزارات فليكن في علمك أن الشيخ محفوظ نحناح عرض علي الوزارة مرتين وفي مرة من هاتين المرتين غضب علي غضبا شديدا بسبب رفضي، وعن البرلمان أخبرك بأنني أنا من جمعت المسؤولين في الحركة في ولاية المسيلة في وقت مبكر قبل الانتخابات التشريعية السابقة وأخبرتهم بأنني لن أترشح هذه المرة وما فعلت ذلك إلا لأترك المجال لغيري لعدة اعتبارات منها ترك الفرصة للشباب ولأضع نفسي في موقع مريح وأنا أكافح من أجل الإصلاح والحريات التي وحدها تستطيع تطوير الوطن.
- ولكن إلى متى وأنت في هذا الوضع المتناقض وماذا جنيتموه من هذا التحالف؟
أنا لا أعبد النتائج وحينما يراني إخواني غير مفيد أو أرى نفسي لا أستطيع المواصلة لسبب من الأسباب سأغادر موقعي ولي مجالات أخرى كثيرة غاية في الأهمية يمكن أن أتفرغ لها ولكن طموحي الآن هو مواصلة النضال لأساهم في تأهيل الحركة لتكون هي البديل في هذا الوطن، ورغم ما يعتقده الكثير لا تزال الحركة هي الأقدر على إصلاح الوطن ونحن الآن بصدد القيام بمراجعات ينخرط فيها عدد كبير من المناضلين ستفضي لتصورات تفصل فيها المؤسسات، وأما ما جنينا من التحالف فإن الوطن هو الذي جنى الكثير من التحالف. حينما قررنا انتهاج نهج المشاركة في الهيئات التنفيذية للدولة عبر الائتلاف ثم التحالف وقبلهما كانت الجزائر تشتعل وكانت مؤسسات الدولة في طريقها للانهيار وكان الإسلام يُعرض للتشويه وكانت الحركة الإسلامية يُتربص بها ويراد ضرب جميع فصائلها من قبل الاستئصاليين، وكان مقصدنا هو مواجهة هذه التحديات الكبرى وقد نجحنا في هذه المهمة نجاحا كبيرا وكان هذا النجاح للجزائر وللإسلام وللمشروع، أما نحن كحركة فقد خسرنا الكثير ولا يمكن أن نبقى نخسر والذين كانوا بعيدين أو غير موجودين يربحون، وأقصد هنا جبهة التحرير التي كانت في المعارضة والتجمع الوطني الديموقراطي الذي لم يكن موجودا تماما، فقد آن الأوان أن نقوم بمراجعات كبيرة كحركة لمواجهة التحديات الجديدة وإلا سننتهي ولن يعترف لنا أحد بما حققناه من إنجازات تاريخية في ما مضى. فإذا كان الإرهاب وعدم الاستقرار هما الخطر سابقا على الدولة وعلى البلاد فالآن الفساد واستغلال السلطة وعدم الرشد في التسيير هي الخطر.
- هل ستشارك في مسيرة السبت القادم؟
قبل الجواب على هذا السؤال أعود للمسيرة الماضية لأذكر بأن العنوان الذي تم اختياره للمقابلة التي أجرتها معي جريدة الشروق بخصوص مسيرة السبت الماضي لا يتناسب مع ما جرى بيننا في الحوار، حيث أنني كنت أخبرت جريدة الشروق بأن المسيرة لها توجهات علمانية لا يمكن أن أشارك فيها وحتى حينما أكد لي الصحفي بأنه لا توجد هذه التوجهات في المسيرة احتطت لنفسي وقلت بأنه إذا كانت المسيرة فعلا سلمية لها مطالب مشروعة متفق عليها وضمن هويتنا وانتمائنا لا أجد حرجا في المشاركة فيها، فهي مشاركة معلقة بشروط غير موجودة، وقد تأكد ذلك حيث سيطرة حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية على المشهد أنقص كثيرا من مصداقية المسيرة وهي أجواء مغايرة تماما لمسيرات تونس ومصر، وهذه هي مشكلة الجزائريين منذ زمان، الكل يحاول التفرد وفي الأخير الكل يشكو من الهيمنة وانحصار الحريات ولنفس السبب لا أشارك في المسيرة القادمة، وهذا لا يعني أنني أرفض العمل المشترك فقد سرنا في 1997 جنبا لجنب مع نواب الأرسيدي في شوارع العاصمة ضد التزوير وكسرت ذراعي في مسيرة أخرى مع حزب العمال حينما كان العمل مشتركا حقا وأهدافه واضحة وظروفه مناسبة.