المراكشيون يركبون أكثر من 250 ألف دراجة
السائقون والدراجون يتشاركون الطريق العام بشارع «جليز» في مراكش («الشرق الأوسط»)
مراكش: عبد الكبير الميناوي
أحد المراكشيين، المعروفين بروح النكتة والدعابة، قال إنه كان من الواجب أن يضاف إلى الكم الكبير من الألقاب التي تعرف بها مدينة مراكش، كبرى مدن الجنوب المغربي، مثل «مدينة النخيل» و«البهجة» و«المدينة الحمراء» و«مدينة السبعة رجال» و«عاصمة المرابطين».. وغيرها) لقب آخر هو «مدينة الدراجات»، خاصة، أنه لا يكاد يخلو بيت مراكشي من دراجة هوائية أو نارية.. أو من كلتيهما.
ولقد أظهرت إحصائيات، نشرت أخيرا، أنه يوجد في «المدينة الحمراء» ما يفوق الـ200 ألف دراجة نارية والـ50 ألف دراجة هوائية. ولذا يبدو طبيعيا أن ترتفع في جنبات الطريق العام علامات، نقرأ في إحداها «أصحاب الدراجات.. باحترامكم لقانون السير والتزامكم باليمين تساهمون في قلة الحوادث». غير أن هذه علامات لا ينتبه إليها الراجلون، ولا يحترم كلماتها الراكبون من أصحاب الدراجات النارية والهوائية، إلى درجة أن اقتنع الجميع تقريبا - بمن فيهم أفراد شرطة المرور - بأن إشارات المرور لا تعني أصحاب الدراجات، نارية كانت أم هوائية. وبالتالي، حين «يشتعل» الضوء الأحمر، ترى السيارات والحافلات والشاحنات تتوقف، بينما تتابع الدراجات النارية والهوائية سيرها، كما لو كانت غير معنية بالحدود الفاصلة بين الأحمر والأخضر، أو أن قانون السير وضع لكي يطبق على السيارات والشاحنات والحافلات لا غير.
ولكن مع النقاش والجدال الذي ترافق وانطلاق العمل بما يعرف في المغرب بـ«مدونة السير» (قانون مرور جديد)، ظهرت رغبة ملحة لدى المسؤولين في المدينة بالحد من تصرفات بعض أصحاب الدراجات بأمل التقليل من حوادث المرور. وهو ما قال به محمد مهيدية، والي (محافظ) جهة مراكش، الذي شدد، خلال لقاء خصص لمناقشة حصيلة حوادث المرور خلال العام الماضي ونتائج الدراسة التفصيلية للمناطق التي تكثر فيها الحوادث داخل المدينة، على ضرورة تطبيق مقتضيات قانون المرور الجديد واتخاذ إجراءات عملية للحد من الممارسات والسلوكيات اللا الحضارية التي يقوم بها بعض مستعملي الطريق، وخاصة، أصحاب الدراجات النارية والهوائية.
وإلى جانب الردع والصرامة في تطبيق مضامين القانون الجديد، جرت الدعوة إلى تعبئة كل المعنيين باستعمال الطريق وتنبيههم إلى خطورة حوادث المرور، من خلال تنظيم حملات إعلامية على مستوى المدينة.
والحقيقة أن حركة المرور في مراكش تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى مصدر قلق جدي للمسؤولين في المدينة وكذلك لسكانها وزوارها، ولا سيما، أن تنقل المركبات والعربات بين مختلف الأحياء يجري من دون احترام الضوابط التنظيمية، في أغلب الأحيان، مثل عدم تحديد أوقات لمرور شاحنات توزيع المواد الغذائية والسلع، أو استعمال العربات التي تجرها الدواب، أو التوقف العشوائي لسيارات نقل الأشخاص في الطريق العام، إلى غير ذلك من المظاهر التي تتسبب في عرقلة انسيابية حركة المرور وبوقوع الحوادث.
أحمد الشهبوني، رئيس «مركز التنمية لجهة تاتسيفت» (تاتسيفت تضم مراكش والصويرة وبلدات أخرى)، قال في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن «ارتفاع عدد سكان المدينة الحمراء وزائريها رافقه تزايد كبير في حركة المرور، التي تضاعفت حدتها بسبب ارتفاع عدد السيارات الخاصة»، مشيرا إلى أنه «توجد في مراكش حاليا أكثر من 120 ألف سيارة، يضاف إليها سنويا ستة آلاف سيارة جديدة، تقريبا، فضلا عن العدد الهائل من الدراجات النارية والهوائية التي يستعملها المراكشيون في تنقلاتهم».
وعن تحوّل مراكش إلى «مدينة للدراجات»، والمشكلات التي تترتب عن ذلك، على مستوى حركة المرور، انتقد الشهبوني انعدام الممرات الخاصة بالدراجات، وقال إن هذا الواقع «يدفع أصحاب الدراجات إلى استعمال مسار الطريق نفسه، إلى جانب أصحاب السيارات والشاحنات والحافلات والعربات المجرورة، مما يؤدي إلى الازدحام، وبالتالي، إلى تزايد خطر الاصطدامات والحوادث. وهذا الحالة الخطرة أصلا تتفاقم حين يدخل الراجلون على الخط فيتشاركون مع أصحاب المركبات والدراجات في استخدام مسار الطريق نفسه، وذلك بعدما احتل مالكو المقاهي والمطاعم معظم الأرصفة».
وعزا الشهبوني ارتفاع عدد حوادث المرور إلى «غياب الحس المدني وقلة احترام قوانين السير، من طرف الراكبين والراجلين، على حد سواء»، مشددا على أن «الحد من حوادث السير يرتبط بثلاثة إجراءات، أولها: فتح مسارات خاصة بأصحاب الدراجات، وثانيها، تحرير الأرصفة التي صارت تحتلها كراسي المقاهي.. الأمر الذي يجبر الراجلين على المشي في الطريق العام إلى جانب الراكبين من أصحاب الدراجات والمركبات، وثالثها، العمل على توفير وسائل نقل عمومي لائقة تغري أصحاب السيارات الخاصة بتركها في منازلهم أو إمامها، واستخدام وسائل النقل العمومي في تنقلاتهم بدلا منها، مما قد يقلل من الاختناق الذي تشهده اليوم شوارع المدينة وطرقاتها».
وردا على سؤال: «لماذا لا يحترم أصحاب الدراجات قانون المرور؟»، قال الشهبوني: «إن هذا مرتبط بإشكال ثقافي عام، يتلخص في غياب ثقافة احترام المجال المشترك، فضلا عن أن الإنسان ابن بيئته»، ولذلك يتساءل البعض منها - يضيف الشهبوني - لماذا حين يسافر مغربي إلى أوروبا نراه يحترم الإشارات المنظمة للمرور هناك، سواء كان راكبا أم راجلا، بينما يفعل العكس في المغرب