بعد سقوط حليفين في تونس ومصر وتساؤلات بشأن لجم انتقاداته
اضطرابات البحرين لغز سياسي جديد أمام أوباما في الشرق الأوسط
العرب اليوم
الرئيس الأميركي باراك أوباما
واشنطن ـ رولا عيسى
اندلعت، للمرة الثانية في أسبوعين، أعمال العنف في بلد عربي حليف للولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي جعل إدارة الرئيس باراك أوباما تقع في حيرة من أمرها إزاء التعاطي مع أزمة زعيم حليف لها يحتج عليه جزء من شعبه، وهو ما يحصل حالياً في البحرين، الممكلة الصغيرة في الخليج العربي. لكن ما يجعل الوضع أكثر حساسية بالنسبة إلى واشنطن هذه المرة، هو في وجود البحرية الأميركية هناك، وقواعد الأسطول الخامس. وقد قتل خمسة أشخاص على الأقل في الاضطرابات التي اندلعت في وقت مبكر من الخميس، على يد قوة من ضباط شرطة مكافحة الشغب، المدججين بالسلاح، والتي أطلقت الرصاص والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرون في وسط المنامة.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن هيلاري كلينتون عبرت لنظيرها البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، يوم الخميس "عن قلقها العميق إزاء الأحداث الأخيرة"، وحثت كلينتون الشيخ خالد، وهو من العائلة المالكة التي تحكم البحرين، على "ضبط النفس والمضي قدمًا" لتسريع برنامج الإصلاحات السياسية والاقتصادية. ولكن الرئيس أوباما امتنع عن إصدار أي انتقادات للحكام البحرينيين، مثل التي وجهها للرئيس المصري المتنحي حسني مبارك، أو كالتي يستهدف بها دائمًا قادة إيران، حيث أن مثل هذا النقد الذي قد يوجّه للبحرين سوف يكون أكثر حدة للولايات المتحدة عما كان في حالة مصر, لأن واشنطن كانت تعتبر البحرين منذ شهرين فقط نموذجًا لللإصلاح في المنطقة.
وما فعلته الإدارة الأميركية مع البحرين قد يكون على الأرجح مؤشرًا حول كيفية التعامل مع الأمر بتوازن، بين حماية أهدافها الاستراتيجية وتعزيز الديمقراطية، الأمر الذي يراه بعض النقاد أنه لم يكن لائقًا وجيدًا في بعض الأحيان مع الاضطرابات المصرية، والذي سيجعل هذه المناورة الدبلوماسية أكثر تعقيدًا هو قرب البحرين من المملكة العربية السعودية، وهو نظام سني ملكي آخر له قيمة استراتيجية أكبر لدى الولايات المتحدة.
وعلى الرغم كونها أصغر كثيرًا عن مصر, إلا أن البحرين تعتبر ركيزة أخرى في الهيكل الأمني الأميركي في الشرق الأوسط. الملك حمد بن عيسى آل خليفة حليف قوي لواشنطن في مواجهة إيران. وفي برقية دبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس، حث الملك حمد مسؤولين في الإدارة الأميركية القيام بعمل عسكري لوضع حد وتعطيل البرنامج النووي الإيراني. ووضع البحرين أكثر تعقيدًا من الموقف في مصر، لأن الثورة في البحرين لم تكن مثل مصر, قائمة على إحباط الشباب من الحالة الاقتصادية والاجتماعية السيئة وتمردهم على النظام الجامد. أمّا الموقف في البحرين مختلف, حيث أن غالبية سكانها من الشيعة الذين طالما عبروا عن استيائهم ضد الأقلية السنية التي تحكم البلاد بقبضة من حديد.
وكثير من السكان الشيعة في البحرين يشككون في أن إيران ستسعى لاستغلال حالة عدم الاستقرار في البلاد لبسط نفوذها على الجانب الآخر من الخليج العربي، على الرغم من أن الأحزاب الشيعية في البحرين يصرون على أن هذا ليس نزاعًا دينيًّا.
وهناك تعقيد آخر وهو أن الملك حمد، الذي يعتمد على الدستور الملكي، سمح بالكاد بانتخابات محلية وتشريعية الخريف الماضي، والتي أثنت عليها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال زيارتها للبحرين في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وقالت هيلاري "حقيقة إن العديد من المواطنين أدلوا بأصواتهم, وكان ذلك برهانًا كبيرًا على عزمهم المشاركة في الحياة العامة الخاصة بهم"، وأضافت " إنني أتعجب من التزام الحكومة بالمسار الديمقراطي الذي يسير في البحرين". هذا التاريخ، وكذلك مقر الأسطول الخامس، قد يشرحون لماذا لم تسرع الإدارة الأميركية إلى إدانة الملك حمد.
والبحرين، على الرغم من موقعها الاستراتيجي, لكن قوتها العسكرية ضئيلة، وقد دخلت تحت مظلة الحماية العسكرية الأميركية لأكثر من نصف قرن. ومنذ حرب الخليج العربي في العام 1991، أصبحت العلاقات العسكرية أقوى، وفي حين أن الأسطول الخامس يعتبر الجزيرة قاعدته الرئيسية، فإن البحرين على الخصوص مناسبة وضرورية بالنسبة للبحرية الأميركية.