على الجانب الآخر من التعامل السلبي للإعلام المصري
إعلاميون مصريون يتمسكون بمواقفهم الداعمة للثورة من خلال برامجهم
وائل غنيم يلقي كلمة في ميدان التحرير " نحن لن نتخلى عن مطالبنا وهي خروج النظام "
القاهرة ـ محمد الشناوي
أثار وائل غنيم مشاعر وعاطفة المصريين المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة بعد أن بكى بشدة على شاشة التلفزيون أثناء عرض صور شهداء المظاهرات التي بدأت منذ 25 كانون الثاني/يناير. وقالت مستضيفة البرنامج منى الشاذلي "لقد خرجوا فقط من أجل مصر، لقد قاموا بفعل ما لم تستطع أجيال سابقة فعله". وغنيم، هو مدير تسويق شركة غوغل الأميركية في الشرق الأوسط، قد أصبح الآن رمزًا للثورة المصرية، بعد أن تم اعتقاله 12 يومًا دون أن يعرف أحد من أقاربه، أو شركته، مكان احتجازه.
وترك غنيم البرنامج بعد عرض صور شهداء الثورة قبل أن تقوم مقدمة البرنامج بالخروج وراءه، في إحدى حلقات برنامج "العاشرة مساءً" الذي يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط المصرية بسبب حياديته واستقلاله الكبيرين، ليضع حدًا للتعتيم الإعلامي على أسبوعين من التظاهرات التي اجتاحت مصر. وارتفعت أعداد المتظاهرين في ميدان التحرير بشكل ملحوظ بعد هذه الحلقة، ولاسيما مع نزول غنيم للميدان، وتحوله إلى رمز للثورة المصرية.
وكانت وسائل الإعلام المصرية قد تعرضت لضغط كبير أثناء تغطيتها للثورة المصرية، مما اضطر الكثير من مقدمي البرامج للتخلي عن برامجهم، أو الحديث بسلبية كبيرة عن الثورة، إلا أن الشاذلي قدمت حلقة مثيرة للغاية باستضافتها لغنيم وعرض صور الشهداء، لتصبح هي الأخرى من رموز الثورة وتزداد شعبيتها بشكل كبير. وقال الدكتور إبراهيم البحراوي أحد أساتذة الجامعة إن هذه الحلقة أثرت فيه بشكل كبير للغاية، وأضاف "لقد تحركت مشاعري بشدة".
وقدم البحراوي استقالته من الحزب الوطني الحاكم في مصر بعد الحلقة وخرج للمرة الأولى إلى ميدان التحرير لينضم إلى جموع المتظاهرين هناك.
وشعر المتظاهرون بأزمة كبيرة بسبب التجاهل الإعلامي والتحدث بسلبية عنهم وعدم وجود ممثل أو رمز لثورتهم، إلا أن خروج غنيم أضاف لهم الكثير، مما ساهم في زيادة أعداد المتوافدين على ميدان التحرير، لتقل الحملة الإعلامية من وسائل الإعلام، المملوكة للدولة، التي كانت تساند الرئيس الحالي محمد حسني مبارك، والذي يطالب المتظاهرون بتنحيه عن السلطة بعد 30 عامًا من توليه إياها.
وبدا للمتظاهرين أهمية الحرب الإعلامية، لذلك، فهم يحاولون جذب بعض مقدمي البرامج لهم مثل الشاذلي، كما أنهم يعملون على تصوير الأحداث، من خلال أماكن سرية يحتموا فيها من بطش الأمن، ليبقوا متصلين بالعالم الخارجي.
ويضم المتظاهرون مجموعة كبيرة من أثرياء البلاد، حيث يجلسون على الأرصفة في ميدان التحرير حول أجهزتهم المحمولة ليتواصلوا مع العالم من خلال مواقع التعارف الاجتماعية مثل "فيس بوك" و"تويتر" المسؤولان الرئيسيّان عن حشد آلاف المتظاهرين في الأيام الأولى للثورة.
ويقول هؤلاء إن عملهم يساعد على محو الصورة السلبية التي رسخها التلفزيون المصري في عقول مشاهديه، ويقول طالب في كلية الإعلام حنا الرخاوي "التلفزيون المصري يعمل على غسل عقول المصريين وإرسال معلومات خاطئة عن ثورتنا".
ويوزع المتظاهرون المعلومات من خلال قنوات إعلامية صنعوها بأنفسهم في الميدان، مثل الجرائد أو الإذاعة التي تعمل من خلال الإنترنت، ويتم بثها في كل أنحاء ميدان التحرير البالغ مساحته أكثر من ثمانية كيلومترات.
وتقول الشاذلي إن الإعلام المصري يتعرض لضغوط كبيرة من الحكومة، وتضيف "لا يتصوروا أن هناك مقدم برامج يمكن أن يخرج عن كونه متحدثًا رسمي باسم الحكومة ومسؤوليها".
ويقول مقدم البرامج الشهير حافظ المرازي إن الكثير من المحطات التلفزيونية المستقلة لم تكن تعرف كيف تتفاعل مع أحداث الثورة، لاسيما في بدايتها، إلا أنها مع الوقت بدأت تأخذ إحدى مسارين، إما التحيز للحكومة أو الحديث بشجاعة عن الثورة التي بدأها الشباب في 25 كانون الأول/يناير الماضي.