شخصيات عشائرية تنتقد ملكة الأردن في تقليد غير لائق
عاصفة في وجه الإعلام الأجنبي بعد نشر البيان الذي يحتوي على الانتقادات
عمّان ـ هنادي فؤاد
شنت نقابة الصحافيين الأردنيين، وصحف مقربة من الحكومة، هجومًا عنيفًا على وسائل الإعلام الأجنبية، لاسيما وكالة الصحافة الفرنسية، ووكالة أنباء رويترز، لنشرها بيانًا صدر الأحد الماضي، عن 36 شخصية عشائرية، يحمل انتقادات غير مسبوقة للملكة رانيا العبد الله، ويتهمها بالتدخل في الشؤون السياسية في البلاد وحماية الفساد . ومن المتعارف عليه في الأردن إنه يحظر نشر أيّة أخبار تخص العائلة المالكة، غير تلك التي تصدر عن الديوان الملكي، ويتعرض من يخرق ذلك للمساءلة القانونية تحت بند نقد الذات الملكية.
وتعرضت وسائل الإعلام الأجنبية لاتهامات عنيفة من قبل وسائل الإعلام المحسوبة على الحكومة، التي وصفت بعض التقارير الصادرة عن وكالات الأنباء الأجنبية، حول ما يجري في الأردن من تطورات، بأنها محاولات للتطاول على الثوابت الأردنية الراسخة، وتعرض لخطوط أردنية حمراء، كما وصف الإعلام الأردني التقارير الأجنبية بالـ"مهاترات" واتهم المراسلين الأجانب بالحقد على الأردن.
وفي بيان شديد اللهجة أصدرته نقابة الصحافيين اتهمت فيه مندوبي وكالات الأنباء الأجنبية، لاسيما وكالة الصحافة الفرنسية ورويترز، "بالتخلي عن المهنية عن طريق الانزلاق إلى التحريض، وتعريض النسيج المجتمعي الأردني إلى المخاطر، ناهيك عن تهديد الوحدة الوطنية". وقال البيان إن نقابة الصحافيين، وهي تؤكد استهجانها بل وفجعها بهذا التخلي المقصود عن المهنية لدى ممثلي وكالة الصحافة الفرنسية ووكالة أنباء رويترز وبعض وسائل الإعلام الخارجي، يهمها أن تعيد التذكير بإنها تقف بلا تردد مع حرية التعبير والرأي وحق وصول الصحافي إلى المعلومة وضمان حق المواطنين في الوصول إلى الحقيقة، طالما تم الالتزام بالمهنية والموضوعية والدقة وإيراد الحقائق كما هي ً عن الابتذال أو الزيادة أو الإخفاء أو التهويل أو التوظيف السياسي والشخصي.
وفيما لم يعلق كبير مراسلي رويترز في عمان سليمان الخالدي على اتهامات الإعلام الأردني، رفضت مديرة نادي المراسلين الأجانب في الأردن ومديرة مكتب وكالة الصحافة الفرنسية في عمان رندا حبيب اتهامات نقابة الصحافيين، وقالت إلى "العرب اليوم" لا يجوز للإعلام أن ينزلق في معارك إعلامية، وعلى الجميع أن يتكاتف، وأضافت "كنت أتوقع من نقابة الصحافيين أن تكون موضوعية وعادلة، فدورها حماية الصحافة والصحافيين وليس التهجم عليهم.
وتعتبر حبيب من أهم المراسلين الصحافيين الأجانب في الأردن، وكانت مقربة من العاهل الأردني الراحل الملك حسين، كما تتمتع حاليًا بصلات قوية مع القصر الملكي، وكثيرًا ما خصها الملك عبد الله الثاني بمقابلات صحافية.
وأوضحت حبيب "وصلنا البيان مثار الجدل الذي وقع عليه 36 شخصية فقمنا بالتعامل مع البيان بمهنية وحيادية، فنحن لم نكتف بنشر ما ورد في البيان، بل حرصنا على الحصول على آراء لمحللين حول ما جاء في البيان، وتابعت "نحن وكالة أنباء عالمية ولا يستطيع أيًّا كان أن يشكك بمهنيتنا وحياديتنا العالية، كما أننا لا نستطيع أن نغض النظر عن مثل هذا البيان.
ونفت حبيب تعرضها لأية مضايقات أمنية بعد نشر الوكالة للبيان، غير أنها قالت لا أظن أن نقابة الصحافيين تطوعت لإصدار مثل هذا البيان الذي يهاجم الإعلام الأجنبي ، وتابعت "إن الخطوط الحمراء التي يتعامل معها الإعلام المحلي في الأردن لا تنطبق على الإعلام الأجنبي" منتقدة خضوع نقابة الصحافيين للإملاءات الحكومية .
وانتقد عضو مجلس نقابة الصحافيين ماجد توبة ما أسماه مهنية وكالات الصحافة الأجنبية، لاسيما وكالة الصحافة الفرنسية، وقال "أية مهنية يتحدثون عنها عندما ينسبون تصريحات في قضية خطيرة وحساسة مثل هذه" لمحلل رفض ذكر اسمه " نفهم أن يطلب "مصدر " عدم ذكر اسمه ولكن محلل؟" وقال توبة "نحن نعتقد أن وسائل الإعلام الأجنبية لم تتعامل بمهنية مع ما يجري في الأردن، ولعبت في تغطياتها على جدل الهوية الوطنية، كما أن التغطيات الأجنبية لم تضع هذه القضايا في إطارها الصحيح.
وتابع توبة بالقول بأن بيان الـ 36 شخصية لا يمثل طيفًا واسعًا من الأردنيين، بل يمثل 36 شخص فقط، ونحن نعتقد أن الأحزاب والنقابات والهيئات هي التي تمثل الشريحة الأوسع من الأردنيين.
التقارير التي بثتها كل من وكالة الصحافة الفرنسية ووكالة أنباء رويترز حول البيان ركزت على هوية الشخصيات العشائرية التي وقعت على البيان، على الرغم من أنها شخصيات غير معروفة، وحاولت هذه التغطيات أن تظهر أن سبب النقد الموجه للملكة هو أصولها الفلسطينية.
وفي إطار موجة الهجوم على وسائل الإعلام الأجنبية نشرت صحيفة الدستور الأردنية مقالا رئيسيًّا على صفحتها الأولى بعنوان "الإعلام الأسود حين يستهدفنا" ، قالت فيه "هناك إفرازات سيئة، نفثها بعض مندوبي وكالات الأنباء العالمية عن الأردن خلال الأيام الماضية، ومحاولات تطاول بجهل على الثوابت الأردنية الراسخة، وتعرض لخطوط أردنية حمراء، بشكل ممهور بالإثارة والأطروحات المشبوهة، المتجردة من مقومات الحرية المسؤولة، وإلقاء مهاتراتهم في مسعى مريب، يهدف إلى الإساءة إلى سمعة الأردن، والتشكيك في استقراره السياسي وسلامته الاجتماعية"، واتهمت الصحيفة، التي تملك الحكومة جزءًا من أسهمها، المراسلون الأجانب بتملكهم "نزعة الحقد والأفكار المراهقة وتنازعتهم الأهواء والمصالح الضيقة، تجاه ما ينعم به الأردن من مكاسب ومنجزات بفضل القيادة الهاشمية الملهمة. خرجت تلك الأصوات النشاز دون إحساس منها، بأن منعة هذا الوطن وقوته واستقراره ونهضته وازدهاره، ليست مجالا للمساومة أو المتاجرة وأن قوته ومصدر استمراريته هي قيادته الهاشمية ووفاء شعبه والتفافه حول العرش الهاشمي ".
وفيما قامت كافة الصحف اليومية بنشر بيان نقابة الصحافيين على صدر صفحاتها الأولى، امتنعت صحيفة " العرب اليوم " اليومية المستقلة عن نشر البيان، يذكر أن وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال في الحكومة الجديدة طاهر العدوان كان رئيسًا لتحرير الصحيفة حتى تسلمه منصبه الوزاري الجديد في حكومة البخيت. ويعرف عن صحيفة "العرب اليوم" سقفها العالي في النقد للسياسات الحكومية ومناصرتها القوية لقضايا الحريات الإعلامية.
وكان موقع عمون الإلكتروني هو أول موقع أردني ينشر نص البيان، وبسبب ذلك تعرض الموقع للقرصنة، وإتهم القائمون على الموقع الأجهزة الأمنية بالمسؤولية عن قرصنة الموقع، مما دفع مصدر مسؤول أن ينفي وجود أي دور للأجهزة الأمنية في قرصنة الموقع.