قراءة في عبارة "الفلسفة"
ما الفلسفة أبجديا؟
الفلسفة في نظري ما هي إلا خمس ومضات أو خطوات حثيثة، فمسيرتها:
تبدأ بالفاء، جاعلة الفن مركزها بكل تجلياته، فما إنزال الفلسفة من السماء إلى الأرض إلا تعبيرا عن رغبة فَنْأنَة الإنسان ليتم بذلك أنسنة الفن، وبهذا المعنى لابد لكل مشروع من أساس شامخ يرتكز عليه.
لذا تتجلى اللام في استقامة معلنة أن الليونة في التعامل مع المعطيات والأحداث ملاذ من أراد الخروج من خشونة البداوة إلى رقة الحضارة كما يقول ابن خلدون، فليست الفلسفة عبارة عن تعقيدات ترنو إلى ترميز الحياة، بل أداة لتفكيك شفراتها وحل ألغازها في تعامل سلس، ونظرة إنسانية للوجود والموجود معا، ولابد لهذه الليونة
أن تصطدم بذبذبات الواقع ودينامية الحياة.
لهذا تؤكد السين أن الحياة ليست ثابتة على حال، وما يحكم الكل هو السيرورة المتجددة والتغير الدائم، فلا يمكن أن تسبح في النهر مرتين كما يقول هيرقليدس.
ومن خلال هذه السيرورة تأبى الفاء إلا أن تعود من جديد في زي تنكري يتمثل في الفعل، فبعدما كانت الفاء فنا، وتم لها عبور مرحلتي اللام والسين، صارت تلح على ضرورة الفعل، وحتمية الواقعية بأصلها اللغوي، أي أن يعيش الإنسان واقعه، وأن لا يفكر بعيون سابقيه، بل أن يعيش الآن المُمَوْضَع، بنظرة الأمس المُعقلن، لبناء الغد المُؤْمَل.
والنتيجة من وراء هذه الدينامية الفلسفية، أن يتجلى الصبح الوضاء، حيث تستقيم التاء في آخر المطاف بتحية رسمية تبشر فيها بالقول: هنيئا فقد حققتم التقدم والتميز.
فالفلسفة إذن: فن سائر عبر سيرورة بواسطة فعل نحو تقدم وتميز.
محمد أوالطاهر
2010\04\23