بعد رحيل مبارك وبدء مرحلة جديدة في المشهد السياسي المصري
الإخوان المسلمون يواجهون آفاق الديمقراطية وسط خلافات داخلية
أشرف أبو جلالة
مع رحيل مبارك عن السلطة، بدأت جماعة الإخوان المسلمين تنظر إلى آفاق الديمقراطية على أنها نعمة ونقمة في الوقت عينه. كما تواجه الجماعة فتنة داخلية، حيث ترغب حفنة من أعضائها الشبان في الانفصال. ويقول بعضهم إنهم غير موافقين على بنية قيادتها الجامدة وكذلك سياساتها.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: مع رحيل الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة، بدأت جماعة الإخوان المسلمين تنظر إلى آفاق الديمقراطية على أنها نعمة ونقمة في الوقت عينه. فبعد عقود من النضال للحصول على حق المشاركة بشكل علني في المشهد السياسي، ستواجه عما قريب أكبر حركات المعارضة في مصر منافسة من الفصائل السياسية الناشئة التي يقودها الشباب المصريون البارعون في أمور التكنولوجيا، بينما تستعد البلاد لما يمكنها أن تكون انتخابات عادلة، على حسب ما ذكرت اليوم صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وتواجه الجماعة الإسلامية أيضاً فتنة داخلية، حيث ترغب حفنة من الأعضاء الشبان في الانفصال. ويقول البعض إنهم غير موافقين على بنية قيادة الجماعة الجامدة وكذلك سياساتها. كما تحظى الجماعة، التي توجد لها أجنحة اجتماعية وسياسية، بدعم ما يقرب من 20 % من الشعب المصري، الذي تعتنق غالبيته الديانة الإسلامية. وكانت تعتبر حتى وقت قريب الثقل الموازن الوحيد لحزب مبارك الحاكم.
ومضت الصحيفة تنقل في هذا السياق عن عبد المنعم محمود، وهو عضو سابق في الجماعة وصحافي مصري متخصص في الكتابة عن السياسة الإسلامية، قوله "في ضوء القمع الذي كان يُمَارَس في عهد مبارك، كانت الجماعة جسداً واحداً متماسكاً. والآن هناك حرية. وستظهر كثير من الأفكار على السطح وتُحطِّم جزءًا من هذا التماسك".
وينظر علمانيون مصريون وكثيرون في الغرب بحذر إلى جماعة الإخوان، لأنها تسعى إلى تعميق دور الإسلام في حياة الناس. في حين ينظر إليها المصريون شديدو التديّن على أنها "جماعة ليبرالية للغاية". ومن الأكيد أن غزو جماعة الإخوان والجماعات الإسلامية الأخرى للساحة السياسية، سوف يثير نقاشاً حول التقاطع بين الدين والحكم في بلد خضعت للحكم بطريقة علمانية على مدى عقود، على حد قول الصحيفة.
ومنذ تخلّي مبارك عن منصبه، والجماعة لم تعرض سوى علامات قليلة على أنها تطمح في تحويل مصر إلى دولة إسلامية قمعية. وتصف الجماعة نفسها بأنها حركة معتدلة تسعى إلى توسيع نداء الإسلام من الألف إلى الياء. كما سبق لها أن مارست ضغوطاً لتطبيق نظام ديمقراطي يضمن حرية التعبير وتحديد مدد زمنية لولايات الرئاسة.
قادة الجماعة أكدوا أخيرًا أنهم لن يخوضوا انتخابات الرئاسة المزمع عقدها في نهاية العام الجاري، وأنهم يعتزمون خوض غمار المنافسة على مقاعد برلمانية لا يزيد عددها عن ربع إجمالي المقاعد في انتخابات مجلس الشعب المقبلة. ونقلت الصحيفة الأميركية في هذا الشأن عن أعضاء في الجماعة ومحللين سياسيين قولهم إن الجماعة تتعمد الابتعاد عن الأنظار، لأن قادتها قلقون من أن عرضهم مزيداً من الطموح قد يأتي بنتائج عكسية، من خلال إثارة الخوف في الغرب وبين المصريين العلمانيين.
ومضت الصحيفة تشير إلى أن فتح السياسة المصرية جلب إلى الواجهة خلافات طال أمدها بين الفصائل المحافظة والتقدمية داخل جماعة الإخوان. حيث سبق للأعضاء الإناث والشبان أن ضغطوا على مدار سنوات من أجل الفوز بأدوار أكثر بروزاً داخل التنظيم.
من جهته، أوضح إيليا زروان، وهو محلل بارز لدى مجموعة الأزمات الدولية التي يوجد مقرها في القاهرة، أن جماعة الإخوان والحزب الوطني الديمقراطي كانا الفريقين الوحيدين القادرين في الماضي على اجتذاب الناخبين. وأضاف في هذا السياق "إن كانت هناك انتخابات حرة ونزيهة، فيمكننا توقع إقبال كبير من جانب الناخبين".
على عكس باقي الجماعات السياسية الإسلامية في المنطقة، مثل حركة الصدر في العراق وحزب الله في لبنان، رفضت جماعة الإخوان على مدار العقود الأخيرة حمل السلاح لتعزيز أهدافها. وأوردت الصحيفة في نهاية حديثها عن مهندس يدعى محمد هيكل، يبلغ من العمر 26 عاماً، وقد ترك الجماعة قبل فترة قصيرة من اندلاع الثورة الأخيرة لأنه كان يعتبرها متعصبة للغاية، قوله " سوف تحتاج مصر خلال الفترة المقبلة أحزابًا مختلفة مبنية على قواعد إسلامية تمتد من اليسار إلى اليمين".