حق الضحك على الزعيم بات متاحاً
في طبرق أولى القرى المحررة.. الليبيون يدافعون عن ثورتهم جيداً
عبد الاله مجيد
في "ليبيا الحرة" كان المواطنون يضحكون أثناء إلقاء الزعيم الليبي خطابه وهو يرتدي لباسا ليبيا تقليديا يُسمى "الجرد". ففي مدينة طبرق التي تبعد نحو 160 كلم عن الحدود المصرية تجمع ليبيون في مقهى على قارعة الطريق لمتابعة المشهد في واحد من المباني القليلة التي كانت لم تزل مضيئة ليل الثلاثاء.
لعل بلدات هذه المنطقة من ليبيا فقيرة الحال بالمقارنة مع نظيراتها المصرية، لكن الأهالي يتمتعون الآن بترف الضحك على الزعيم الذي حتى وقت قريب كان يتحكم بمصائرهم. وقال أحد رواد المقهى ان في قميص القذافي ثقبا بينما هتف آخر انه رجل مسكين. وأخذ الجميع يضحكون.
يشعر أهالي هذه المنطقة التي وقعت بيد المنتفضين أن بإمكانهم الآن ان يسموا الكذب كذبا. ونقلت مجلة تايم عن الناشط فخري اللبيدي الذي يعمل مهندسا في شركة الهروج للعمليات النفطية "ان القذافي يصور الوضع هنا معكوسا. فهو ليس كما يقول بل يسوده الهدوء".
في هذه الرقعة النائية من ليبيا، شعر ناشطوها المحليون بآصرة قربى مع الثورات المتفجرة وراء الحدود، رغم ان الصحف الأجنبية لم تكن مجازة ذات يوم في ليبيا القذافي ومواقع الإنترنت كانت تُغلق في غالب الأحيان، بحسب البيولوجي البحري جمال شلوف الذي إنضم الى المعارضة الفتية. وإذا كان الإنترنت معطلاً في هذه المنطقة منذ قيام الثورة، فإن عجز النظام عن غلق ابتكارات الوسائط الجديدة بالكامل كان بالغ الأهمية في نشر الثورة.
ويوضح شلوف في حديث لمجلة تايم أن هذه الوسائط لم تكن موجودة في ليبيا عموما، وإذا قامت طبرق بثورة فإن السلطة "ستمضي ثلاثة الى خمسة ايام في قتلنا وسحق الثورة دون ان يسمع بها أحد في البيضاء أو درنة أو بنغازي". ويضيف انه بوجود الفضائيات وفايسبوك والإعلام فإن "ليبيا كلها تسمع بالثورة وتقف معها".
شلوف وغيره من الليبيين تابعوا إنتفاضتي تونس ومصر على الفضائيات العربية، وهو عمل ما بوسعه مع ناشطين آخرين لنشر لقطات الفيديو التي شاهدها، وتمكين الليبيين من إلقاء نظرة على ما يجري على جانبي بلدهما المغلق. وقال شلوف ان الناشطين بعدما حصلوا على لقطات الفيديو من الإنترنت كانوا يرسلونها من بلوتوث الى بلوتوث. وأضاف انه عندما شاهد هذه الأشرطة انتابه شعوران "شعرتُ بالحزن، ثم أردتُ أن أصنع ثورة".
وحين تعطلت شبكة الانترنت كان الليبيون يعبرون الحدود للإطلاع على الأحداث. وقال استاذ الهندسة الكيميائية في جامعة طبرق توفيق الشوهبي انه ارسل شقيقه وصديق شقيقه الى مرسى مطروح في مصر لاستخدام الإنترنت. وهو نفسه كان يذهب الى مصر كل يوم لإعطاء شقيقه قرص فلاش مليء بالمواد من طبرق والبيضاء وبنغازي. وكانت هذه المواد تسجيلات فيديو من الهاتف المحمول، يصنع الناشطون نسخا منها ويرسلونها الى الخارج عبر الحدود المصرية. واعتبر الشوهبي ان "هذا كان أول مركز إعلامي للثورة".
شلوف من جهته يتذكر كيف تحررت طبرق بعد ذلك من سيطرة النظام، فكانت أول مدينة تتحرر حتى قبل بنغازي التي استأثرت بالقسم الاعظم من الاهتمام. وقال شلوف إن زهاء 1900 شخص نزلوا الى الشارع في 17 شباط -فبراير وانقضت عليهم قوى الأمن بشراسة. وقتل شخص أو اثنان. وفي اليوم التالي "نزل الى الشوارع ليس مئات بل ألوف، وحين قُتل المزيد توافد مزيد من المواطنين. وأخيرا كان الجميع في الشوارع بمن فيهم النساء والأطفال".
اليوم اختفت قوى الأمن من طبرق وعلى امتداد مئات الكيلومترات شرقي ليبيا. هناك بعض الجنود الذين لا يزالون يرتدون ملابس عسكرية ولكن الناشط عماد الميجري يقول إنهم جنود هاربون من جيش النظام. ويؤكد الميجري ان شرق ليبيا بيد الشعب الآن. وان المواطنين مسلحون تسليحا جيدا للدفاع عن ثورتهم.