إصابة أكثر من 50 من المعتصمين في إب إثر هجوم لأنصار الرئيس اليمني
صالح يتراجع عن موافقته على مبادرة "المشترك" للحوار لحل الأزمة السياسية
صنعاء ـ خالد الهروجي
تراجع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح عن موافقة كان أعلن عنها الخميس على مبادرة "اللقاء المشترك" التي حملتها لجنة العلماء المكلفة من قبله بالتحاور مع أحزاب المعارضة، في وقت سقط فيه عشرات الجرحى، إصابات بعضهم خطرة نتيجة هجوم شنه المئات من أنصار الحزب الحاكم في محافظة إب الأحد على معتصمين يطالبون برحيل الرئيس صالح يخيمون في منطقة خليج سرت وسط المدينة منذ أيام عدة.
تراجع صالح عن قبوله المبادرة أكدته مصادر عديدة، أولها ما نشر على الموقع الإخباري التابع لوزارة الدفاع في الساعة الثانية عشرة من مساء يوم الخميس تحت عنوان "أجواء تفاؤل بانفراج وانتهاء الأزمة السياسية"، وقال الموقع، "في بوادر انفراج في الساحة السياسية اليمنية، علمت "26 سبتمبر" من مصادر مطلعة أن "فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية أبدى تجاوبًا إيجابيًا مع مبادرة من أحزاب اللقاء المشترك لتحقيق التوافق السياسي نقلها لفخامته عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ والشخصيات الاجتماعية، وأبدى فخامة الرئيس تجاوبًا إيجابيًا مع ما جاء في تلك المبادرة من نقاط".
وتنص المبادرة المكونة من خمس نقاط، على استمرار التظاهرات والاعتصامات وحق الشعب في التعبير عن رأيه بكل الطرق والوسائل السلمية، وأن يتم التحقيق في جرائم القتل التي ارتكبت في مختلف محافظات اليمن خلال الفترة الماضية تحقيقًا شفافًا نزيهًا وعادلاً وتقديم القتلة ومن يقفون وراءهم إلى محاكمات مستعجلة وإنزال القصاص العادل بهم وتعويض أسر القتلى ومعالجة الجرحى، في حين تضمن البند الثالث الانتقال السلس للسلطة استنادًا إلى التزامات الرئيس المعلنة بعدم التوريث والتمديد وعدم الترشح في انتخابات 2013م، وألزمت النقطة الرابعة الرئيس بتحديد مجموعة الخطوات التي سيجري عبرها نقل السلطة وعدم توريثها خلال فترة زمنية لا تتعدى نهاية هذا العام، كما ألزمت النقطة الخامسة والأخيرة الرئيس أيضًا، بأن يعلن هذه الخطوات للشعب وجميع القوى السياسية لتحديد موقف منها بالقبول أو الرفض.
وأعلن مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية, السبت رفض المبادرة "المقدمة من أحزاب اللقاء المشترك عبر عدد من الوسطاء من أعضاء التجمع اليمني للإصلاح وآخرين"، من دون ذكر للعلماء والمشايخ والشخصيات الاجتماعية وفق ما تضمنه خبر الموافقة، في محاولة للتقليل من شأن المبادرة بوصفها مقدمة من المعارضة ووسطاء يتبعونها، لا من لجنة من العلماء مكلفة من الرئيس شخصيًا، ولكي يتم حصر دور العلماء في الموافقة على مبادرة الرئيس ذات الثماني نقاط.
وبرر المصدر الرئاسي رفض مبادرة المشترك بسبب الغموض والالتباس الذي اكتنف بعض نقاطها، وأعلن "رفضه للتفسيرات المقدمة للنقطة الرابعة من قبل قيادات أحزاب اللقاء المشترك فيما أصدروه من تصريحات متناقضة ومخالفة للدستور ولإرادة الشعب المعبر عنها في صناديق الاقتراع"، وقال إن تلك النقطة تنص على: "وضع برنامج زمني لتنفيذ الخطوات الضرورية في إطار فترة انتقالية لتنفيذ ذلك بحيث لا يتعدى هذا نهاية العام بناءً على مبادرة يقدمها الرئيس بذلك", وأن هذه النقطة تتناقض تمامًا مع ما ورد قبلها في النقطة الثالثة التي تنص على "انتقال سلمي وسلس للسلطة استنادًا على ما التزم به الرئيس بخصوص عدم التمديد وعدم التوريث وعدم ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة".
وقال المصدر: "إن تلك التفسيرات المتعسفة تمثل عملية انقلابية مكشوفة على الديمقراطية والشرعية الدستورية، وأوضح "أن الانتقال السلمي والسلس للسلطة لا يتم عبر الفوضى وإنما عبر الاحتكام لإرادة الشعب المعبر عنها من خلال الانتخابات ليختار من يريد حاكمًا له بعيدًا عن أية أعمال عنف أو شغب أو تدمير للمكتسبات الوطنية التي حققها شعبنا في ظل راية الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية".
وجاء الرفض الرئاسي للمبادرة، معززًا بتجاهل كامل للجنة العلماء والمشايخ التي كلفها الرئيس بالتحاور مع أحزاب المعارضة، وبعد أن تمكن الرئيس من تقسيم علماء اليمن إلى فريقين، مع وضد، وتحت مسميات "هيئة علماء اليمن" تحت رئاسة الشيخ عبد المجيد الزنداني، و"جمعية علماء اليمن" التي يرأسها القاضي محمد إسماعيل الحجي، وتتخذ موقفًا مؤيدًا للرئيس والسلطة، وهو ما أكده موقف أعضاء الجمعية من الأحداث الجارية، حيث أعلنوا باسم علماء اليمن موافقتهم على النقاط الثماني التي وردت في مبادرة كان علماء من الهيئة والجمعية طرحوها على الرئيس الاثنين الماضي.
وفي الوقت الذي حرص فيه منتسبو جمعية علماء اليمن الذين يتبعون السلطة حسب تعبير أحدهم، في بيانهم المعلن في كل وسائل الإعلام الرسمية على التأكيد أن النقاط الثماني "تقدم بها صاحب الفضيلة الشيخ عبدالمجيد عزيز الزنداني إلى العلماء"، حرصوا أكثر على التأكيد أنهم "اعتبروا في ختام اجتماعهم في جامع الصالح أن من خرج عنها فقد دعا إلى فتنة"، وفي بيانهم الذي تجاهل ذكر اللجنة المكلفة بالتحاور مع المشترك، وما خرجت به الثلاثاء من نتائج تمثلت في النقاط الخمس التي عرضت على الرئيس وأبدى موافقته عليها، أكدوا أنه، "مر اليومان نهارهما وليلهما ولم يعد الرد" من الشيخ الزنداني والمشترك، وقالوا: "ثم انتظر العلماء جميعهم، وفي يوم الأربعاء اتفق العلماء على أنهم موافقون على النقاط الثمان".
وقد نفى الشيخ عبدالمجيد عزيز الزنداني رئيس هيئة علماء اليمن ورئيس جامعة الإيمان أن تكون مبادرة النقاط الثماني مقدمة من قبله، واستنكر في بيان صحفي قيام الحزب الحاكم "وبعض وسائل الإعلام الرسمية بالتلبيس على الرأي العام والزعم بأنه قد تقدم بمبادرة مكونة من ثماني نقاط لحل الأزمة السياسية في البلاد", وأكد أنه والعلماء اتفقوا مع الرئيس صالح على سبع نقاط تقدم للمعارضة كتصور لحل الأزمة الراهنة، وأن الرئيس أضاف للنقاط السبع نقطة ثامنة تقضي بإيقاف التظاهرات والاعتصامات وأصر عليها على الرغم من أن العلماء أوضحوا حينها للرئيس أن التظاهرات والاعتصامات حق دستوري للمواطنين وأنه لا يمكن الموافقة على منع ذلك الحق.
وفي غضون ذلك هاجم المئات من أنصار الحزب الحاكم في محافظة إب الأحد معتصمين يطالبون برحيل الرئيس صالح يخيمون في منطقة خليج سرت وسط المدينة منذ أيام عدة، مما أدى إلى إصابة العشرات، بعضهم إصابته خطيرة، وقالت مصادر محلية إلى "العرب اليوم" إن ما لا يقل عن 50 شخصًا من المعتصمين أصيبوا بجروح، في اعتداء شنه مؤيدون للرئيس صالح بالحجارة والهراوات والرصاص الحي عقب انتهاء مهرجان كبير نظمه حزب المؤتمر الحاكم وقيادة السلطة المحلية في الاستاد الرياضي في محافظة إب.
وأكدت المصادر أن اثنين من المعتصمين في حال خطرة، جراء إصابتهم بطلقات نارية، أحدهم كانت إصابته في الرأس، وأوضحت المصادر أن الشرطة العسكرية فكت الاشتباكات بين الطرفين بعد أن كانت قد اندلعت قبيل صلاة الظهر حينما جاء بلطجية يتبعون الحزب الحاكم إلى ساحة المعتصمين وقاموا برشقهم بالحجارة والهراوات.
وأشارت المصادر إلى أن عددًا من الإعلاميين والصحفيين تعرضوا أيضًا للاعتداءات من قبل أنصار الحزب الحاكم ومؤيدي الرئيس صالح، كما قاموا بمصادرة الكاميرات الخاصة باثنين من الصحفيين.
وأفاد شهود عيان بأن قوات الأمن وقفت على الحياد بعد أن عجزت عن تفريق المهاجمين الذين كانوا بأعداد غفيرة وكانوا يحاولون السيطرة على ساحة الاعتصام، وقال الشهود إن أعدادًا كبيرة من الأطباء والمهندسين والقيادات الشبابية هرعت إلى ساحة الاعتصام في خليج سرت للتضامن مع المعتصمين، وسط غياب كامل لأية إسعافات حكومية لإنقاذ الجرحى.