19 مليون عاطل التحدي الأكبر أمام الحكومات العربية
زينب مكي
لا ريب أن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل ولجوء بعضهم للتظاهر وحرق أنفسهم أمام المنشأت العامة كان الشرارة الأولى لما يشهده العالم العربي الآن من اضطرابات سياسية، ما يجعل مواجهة البطالة التحدي الأكبر أمام كافة الحكومات العربية ويؤكد أن قدرة العالم العربي على تسجيل معدلات نمو تساوي مستوياتها ما قبل الأزمات السياسية الأخيرة، ستعتمد على قدرته على تحقيق استقرار سياسي واجتماعي، والذي يرجع بالضرورة إلى نجاح أو قدرة الحكومات المعنية على تبني السياسات الإصلاحية اللازمة للتعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها وتنفيذها.
وخلال فعاليات منتدى "إصلاحات الحوكمة عبر مبادرات الإبداع الحكومية: السبيل إلى النمو المستدام"، عرض الخبراء دراسات قدرت عدد العاطلين من العمل في المنطقة العربية بأكثر من 11 مليوناً، فيما توقع المعهد العربي للتخطيط، أن يرتفع الرقم إلى 19 مليوناً بحلول عام 2020.
وشد الخبراء خلال فعاليات المنتدى الذي استضافته أمس كلية دبي للإدارة الحكومية، على أن تحسين ممارسات الإدارة والخدمات العامة، وفتح الباب أمام التطور الذي يقوده القطاع الخاص، وتوفير مزيد من فرص العمل، فضلاً عن إتاحة مجال أوسع لمشاركة المجتمع المدني في الشؤون العامة كل هذه الخطوات تشكل ركائز أساسية لا بد من تحقيقها للحفاظ على المصلحة العامة لشعوب المنطقة.
كما شهد المنتدى، الذي أوردت صحيفة "الحياة" اللندنية مقتطفات من فعالياته، إعلان سلسلة دراسات مشتركة بين الكلية والبنك الدولي حول "الإدارة العامة والإصلاح الإداري في الشرق الأوسط" وتخلل كذلك الحدث عروض توضيحية حول دراستين ناجحتين، الأولى بعنوان "تعزيز الاستثمارات عبر منفذ متكامل لتيسير المعاملات في القاهرة وإدارتها"، والثانية «"تعزيز الكفاءة وممارسات إدارة الموارد البشرية في لبنان".
ووفقا للصحيفة تدل هاتان الدراستان، اللتان اعتمدتا على خبرات 12 دولة عربية في المنطقة، على أن الإصلاحات "ليست أمراً مستحيلاً إذا عُزّزت الإرادة السياسية والخبرة الفنية اللازمة في سبيل إحداث التغيير المطلوب".
وسلط المنتدى الضوء على ما تواجهه نظم الحوكمة والإدارة في العالم العربي من تحديات في تحقيق إصلاحات متكاملة ومستدامة، وأسلوب التعامل مع مجموعة من القضايا، بدءاً من تلك المتعلقة بهيكل الحكومة المركزية ونظمها إلى الإصلاحات الفردية في الأقسام والإدارات.
وتعليقا على الوضع الجاري أكد الأستاذ المساعد مدير برنامج بحوث الإدارة العامة والحوكمة في كلية دبي للإدارة الحكومية خالد اليحيى، إن "المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الأخيرة أثارت اهتماماً إقليمياً واسعاً بإصلاح مؤسسات وممارسات الحوكمة، لا سيما في ظل تنامي مطالب أبناء دول المنطقة والتغيير الطارئ على متطلبات تحقيق التكامل والنجاح في البيئة المؤسسية الجديدة، وأضحت الحكومات تواجه ضغوطاً متزايدة لإعادة النظر في سياساتها، وتحسين قدراتها، وتبسيط عملياتها وتنسيقها".
ورأى اليحيى أن "ليس ممكناً بعد اليوم تجاهل الحاجة إلى الإصلاح على كل المستويات، إذ أصبح لزاماً على الحكومات لعب دور جديد، وهي بدأت فعلاً به، وهو يقوم على توفير الخدمات لمواطنيها بأسلوب عصري ومسؤول، وبمستويات أعلى من العدل والإنصاف والكفاءة والفاعلية".معتبرا أنه من شأن ذلك أيضاً "أن يساعد على خلق بنية تحتية متينة تدعم النشاطات الاستثمارية والاقتصادية، ويضمن تأمين فرص العمل وتوزيع الموارد بإنصاف، إضافة إلى فرض سيادة القانون".