في اليوم العالمي للمرأة...المطلوب قوانين عادلة للحقوق المدنية
مطالبات بوقف التمييز وانتهاكات حقوق الانسان في الدول العربية
مروة كريدية من دبي
اليوم العالمي للمرأة مناسبة تستعرض فيه الشابات العربيات التحديات التي تواجههن ويطالبن بضمانات قانونية تكرس حقهن في المشاركة السياسية والاقتصادية، بينما تتكتم الحكومات العربية عن الإحصائيات الحقيقية لنسبة "العنف الممارس ضد المرأة" وتتغاضى عن الإلتزام بإتفاقية "سيداو" الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
دبي: في اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف اليوم في الثامن من آذار مارس يحتفل عالمياً بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للسيدات، وقد جاء هذا الإحتفال إثر إنعقاد أول مؤتمر للإتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945 عشية إنتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث عانت النساء في أوروبا من ويلات التدمير الطاحن والتهجير القصري والعنف والتشريد.
وقد سعت الدول الأوروبية عبر محاولات متعاقبة لإرساء الحقوق المتعلقة بالسيدات المرتبطة بتنامي مفهوم الحقوق الإنسانية مع ولادة الدولة المدنية الحديثة، وأرست أسساً راسخة تبلورت في قوانين جازمة تمنح المرأة حقوقها الشخصية والسياسية كافة وتجرم العنف وشتى أنواع التمييز ضدها. وجاء ركب الدول العربية متأخراً جداً حيث لا تزال السيدات في الأوساط العربية يعانين من عنف تكرسه القوانين في ظل غياب شبه تام للمفاهيم الإنسانية والمدنية وغياب الحق السياسي عن المواطن العربي فالأنظمة في الكثير من الدول إما ملكية مطلقة أو جمهوريات شكلية تورث أو عشائريات عائلية. بينما مفهوم الدولة المدنية القائم على المساواة التامة بين كل
أفراد الشعب نساء ورجالا وحق الجميع في الوصول الى أعلى سدة المسؤولية مفقود، ناهيك عن غياب الديمقراطيات وانتخابات المجالس.
وتسعى الدول العربية اليوم الى الإسراع في تحسين صورتها في ظل تململ شعبي عارم من الغبن اللاحق بشرائح المجتمع كافة وثورات تنادي بالحقوق المدنية وفصل السلطات وإفساح المجال للبشر بممارسة خياراتهم، نجد ان المرأة لا تزال تكافح لإنتزاع بعض المطالب الضئيلة التي لا تتجاوز الحق الإنساني.
والملاحظ ان الإحتفال بهذا اليوم في الدول العربية لا يتعدى كونه فلوكلوراً أُفرغ من محتواه ومضمونه الحقوقي والعملي حيث تعمد الجهات الرسمية إلى إضفاء الطابع الإحتفالي والتكريمي عليه بدلاً من العمل الحقيقي من أجل إرساء تشريعات فعلية تضمن للمرأة حقوقها الإنسانية والمدنية.
في محاولة لسبر الآراء حول هذا اليوم التقت "إيلاف" مجموعة من الشابات من جنسيات مختلفة، حيث تفاوتت التعليقات والردود لكنها أجمعت على ان الجور والتمييز لا يزال قائماً وأنه لا معنى لهذا اليوم دون إرساء القوانين العادلة.
ترى نورما الحسن (لبنانية تعمل في مجال التسويق) ترى ان المسألة برمتها إقتصادية بحتة وقالت: "لا أعرف عن أي يوم يتكلمون في دولنا العربية فهم لا يحتفلون به سوى من باب الترويج للبضائع، فهو مناسبة اقتصادية يستغلها التجار للبيع". وتعليقا على حقوق المرأة قالت: "لا تزال المرأة العربية أسيرة الرجل بكل المعايير وربما هي ترتاح لذلك لأن المرأة التي ترتضي ان ينفق عليها الرجل يجب عليها طاعته في أهوائه، والرجل الذي يرتضي ان تنفق المرأة عليه يتنازل عن ممارسة دور السيد"، وتؤكد أن تحرر المرأة يكمن في إعتمادها على نفسها بشكل تام لا سيما في الأمور المادية وأن الأمر يرتبط بوجود قوانين تحمي حقوق المرأة.
من جهتها أشارت مريم عبيد سعيد (طالبة اماراتية) إلى أنها لا تعرف الكثير عن هذا اليوم قائلة "انه عيد الام" مشيرة انها ستحتفل بوالدتها، وعندما علمت بمعنى هذا اليوم ومضمونه الحقوقي قالت: "لا أعرف الكثير عن الحقوق وإن كانت مهمة" مؤكدة ان "المجتمع يميز بين الأنثى والذكر فالأخ يحق له تأديب أخته بالضرب ان لم توافقه على آرائه ولا يوجد ما يردعه عن فعل ذلك". وأعلنت مريم عن رغبتها الصريحة بحرية تسمح لها بالإنعتاق من قوانين الأسرة القبلية الصارمة التي تفرض على الفتاة قيودا كثيرة لا سيما فيما يتعلق بالزواج "القانون يسمح للمواطن الذكر بالزواج من اي جنسية يريد كما يمنح زوجته جنسيته ويمنع علينا نحن المواطنات ان نمنح أزواجنا وأبناءنا جنسيتنا إذا تزوجنا بغير إماراتي".
أما رولا عبد الباري (موظفة فلسطينية) فتسخر من القوانين التي "لا تزال جائرة ودون الطموح وكثيرة هي الأمور التي تميز بين المرأة والرجل" مشيرة الى ان الوظائف لا تمنح المرأة أبسط حقوقها في الرعاية والأمومة. وعن الحقوق السياسية قالت: "الحق السياسي للمواطن العربي يكاد يكون معدوماً فكيف بالحق السياسي للمرأة؟"، مشيرة الى معاناة المرأة الفلسطينية المضاعفة فعلاوة عن معاناتها جراء الاحتلال فهي تعاني من التمييز والعنف داخل بيتها بحجة انها امرأة".
وبدت مليكة بن عزوز (حقوقية تونسية) على علم بحقوقها المدنية تامة مشيرة الى ان تونس من أوائل الدول العربية التي اتبعت نظاماً علمانياً وحقوقياً على غرار الدول الأوروبية وقالت: "أعرف حقوقي المدنية كاملة والفضل يعود لأني عشت في فرنسا وتعلمت كيفية ممارسة حقي دون وجل"، مشيرة الى ان هذا الأمر غائب في الدول العربية وان قوانين الأحوال الشخصية في الأنظمة العربية لا تزال تسمح للرجل بتعدد الزوجات وبتأديب زوجته بالضرب" واصفة إياها "بأنظمة القرون الوسطى".
وتعجبت مليكة من حال الدول التي تدعي مساندة المرأة بينما لم توقع الى الآن على وثيقة الأمم المتحدة لحقوق الانسان مستشهدة بالتقارير الصادرة عن منظمة هيومن رايتس ووتش قائلة: "كثيراً ما دعت جمعيات حقوق الإنسان الدولية الحكومات العربية إلى تعديل جميع الأحكام القانونية التمييزية ضد المرأة على وجه السرعة، ومنها تلك التي تسمح بأي من أشكال العنف الأسري. ولا تزال القوانين على حالها قائلة: "إحدى المحاكم تحكم بحق تأديب الزوج زوجته وأطفاله باللجوء إلى الإساءات البدنية وهو ما يخرق حق المرأة والطفل في الحرية والأمان والمساواة داخل الأسرة، وربما الحق في الحياة. والحُكم، يسمح بالضرب وغيره من أشكال العقاب أو الإكراه شريطة ألا يُخلّف العنف آثاراً ظاهرة على الجسد".
من جهتها استنكرت نوف عبد الله (سعودية مقيمة في الامارات) وضع المرأة في الخليج واصفة الأمر بـالكارثي مشيرة الى "ان القانون السعودي يحرمنا حتى من حقنا في ارتداء ما نريد ويلزمنا بالعباءة، والمحاكم يسيطر عليها جال الدين الذين يحرّمون كل شيء" وقالت "القوانين المطبقة غير عادلة ولا يمكننا الاعتراض، لذلك نسافر الى بريطانيا كي نمارس حريتنا ونعيش انسانيتنا" مؤكدة ان "الدول الخليجية لا تزال بعيدة بسنوات ضوئية عن المرأة وحقوقها".
وحول ما نشاهده من تكريم "للمرأة الخليجية" في اليوم العالمي للمرأة قالت: "انها إحتفالات شكلية غير فاعلة ولا لزوم لها" واصفة عمل الجمعيات النسائية في الخليج بمنتديات "للتباري باللباس والمجوهرات، تعقد فيها الحفلات الباهظة التكاليف ولا تقدم للمرأة شيئاً سوى الدروع المذهبة!".
واتهمت نوف القانون بأنه يتعامل مع السيدات بأنهن "قاصرات" مدى الحياة وان نظام الولاية والفصل بين الجنسين في المملكة يكرس السياسات التمييزية وانتهاك حقوق الانسان.