الخطوة لاقت قبولاً من الوزراء العرب باستثناء سوريا والجزائر
الجامعة العربية تدعو إلى حظر جوي ليبي وتقرر الاتصال بالمعارضة
أ. ف. ب.
اتفق وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية في القاهرة السبت على دعوة مجلس الأمن الدولي إلى فرض حظر جوي على ليبيا، وعلى فتح قنوات اتصال مع المجلس الوطني الانتقالي المعارض، ومقرّه بنغازي. ولاقى قرار الحظر قبولاً عربيًا باستثناء سوريا والجزائر.
بنغازي: أفاد دبلوماسيون مشاركون في الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية في القاهرة السبت ان وزراء الخارجية العرب اتفقوا على دعوة مجلس الامن الدولي إلى فرض حظر جوي على ليبيا، وعلى فتح قنوات اتصال مع المجلس الوطني الانتقالي المعارض ومقره بنغازي.
وقال الدبلوماسيون إن الوزراء قرروا "دعوة مجلس الامن إلى تحمل مسؤولياته بفرض حظر جوي على الأجواء الليبية لحماية الشعب الليبي". واضافوا ان مجلس وزراء الجامعة العربية قرر "فتح قنوات اتصال مع المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا لمساعدة الشعب الليبي". واوضح الدبلوماسيون ان القرار لاقى قبولاً من الوزراء العرب، باستثناء سوريا والجزائر.
هذا وتواصل القوات الموالية للزعيم الليبي معمّر القذافي السبت ضغطها على المتمردين الذين يطالبون جامعة الدول العربية باتخاذ قرار يؤيد فرض حظر جوي على ليبيا خلال اجتماعها السبت في القاهرة.
وقال سيف الإسلام القذافي نجل العقيد معمر القذافي إنه واثق من انتصار القوات الموالية للنظام، والتي اكد في مقابلات مع صحف ايطالية أنها باتت تسيطر على "90% من البلاد". وتوعد سيف الاسلام بخوض "الحرب حتى النهاية"، مضيفا "كل شيء سينتهي قريبا".
وقال سيف الاسلام "هؤلاء الارهابيون لا يتحدثون عن الديمقراطية او الانتخابات او القيم، انهم بكل بساطة إرهابيون"، مستبعدا أي اتفاق مع الثوار.
من الجهة المقابلة، طلب المجلس الوطني الانتقالي السبت من الجامعة العربية الاعتراف به ممثلاً للشعب الليبي واتخاذ قرار باقامة منطقة حظر جوي في ليبيا، بحسب ما اعلنت ممثلة للمعارضة الليبية بعدما سلمت رسالة من المجلس للامين العام للجامعة العربية عمرو موسى.
وكان الاتحاد الاوروبي وافق الجمعة على اعتبار المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي "محاورًا شرعيًا"، لكن من دون الاعتراف به رسميًا كما فعلت فرنسا. وقد بدأ الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية في القاهرة عند الساعة 14:00 بالتوقيت المحلي (12:00 ت.غ.)، ولم يسمح لأعضاء البعثة الليبية بحضور الاجتماع.
ودعا عمرو موسى في مقابلة مع مجلة دير شبيغل الالمانية تنشرها الاثنين الى فرض منطقة للحظر الجوي في ليبيا، واعرب عن امله في ان يكون للجامعة العربية "دور" في اقامتها. وقال عمرو موسى "اتحدث عن تحرك انساني. تتعلق مسألة منطقة الحظر الجوي بمساندة الشعب الليبي في نضاله من اجل الحرية وضد نظام تزداد غطرسته". وكانت الجامعة العربية اعلنت انها قد تدعم اقامة مثل هذه المنطقة، لكنها اكدت معارضتها اي تدخل عسكري في ليبيا.
واعلن الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية الجمعة عن امكانية اللجوء الى "الخيارات كافة" ضد نظام معمّر القذافي. غير ان الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الاوروبي اكدت ان التدخل في ليبيا متوقف على الحاجة الضرورية لذلك وعلى اسس قانونية واضحة وعلى دعم دول المنطقة.
ولم يستبعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي تحركًا من دون تفويض من الامم المتحدة. غير انه ربط مثل هذا التدخل بحدوث "اعتداءات واسعة بوسائل عسكرية على مدنيين عزل ولا يمارسون العنف". وكلف الاتحاد الافريقي رؤساء موريتانيا والكونغو وماليا وجنوب افريقيا واوغندا بقيادة لجنة رفيعة المستوى للمساهمة في التوصل الى حل للازمة الليبية.
من جهة أخرى، اعلن وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس السبت انه ليس اكيدا بان فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا قرار "حكيم" حتى وان تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من القيام بذلك.
وصرح غيتس للصحافيين على متن طائرته العسكرية بعد زيارة للبحرين "المسألة ليست معرفة ما اذا في امكاننا مع حلفائنا القيام بذلك. اننا نستطيع، لكن السؤال هو هل انه قرار حكيم. المحادثات جارية على المستوى السياسي".
والاسبوع الماضي ادلى غيتس بتصريحات حذرة بشأن امكانية القيام بعمل عسكري ضد ليبيا مؤكدا انها لا تعكس اختلافا بينه وبين الادارة الاميركية. واضاف ان فرض منطقة حظر جوي تستلزم عملية واسعة وقد تؤدي الى زيادة النقمة على الغرب في المنطقة.
والسبت شدد على ان للجيش الاميركي وحلفاءه القدرات التقنية لوقف طلعات سلاح الجو الليبي في حال تلقي اوامر للقيام بذلك.
وتابع "في حال طلب منا فرض منطقة حظر جوي لدينا الوسائل للقيام بذلك. اريد ان اوضح بانه لدينا القدرة على القيام بذلك".
وبعد 26 يوما من التمرد على نظام معمّر القذافي، الذي يحكم بلاده منذ اكثر من 41 عاماً، ينتظر ان تصل مهمة انسانية تابعة للامم المتحدة الى ليبيا السبت بهدف "تقويم الحاجات الانسانية". وقال خالد الكعيم وكيل وزارة الخارجية الليبية ان "هذه المهمة ستزور المستشفيات وتطلع على مخزوناتنا من المواد الغذائية والطبية". واوضح "ان مخزونات الغذاء والادوية كافية لستة اشهر".
وتتفاوض المنظمة الدولية للهجرة مع السلطات الليبية بشأن ارسال مهمة انسانية الى ليبيا، حيث ينتظر آلاف المهاجرين ترحيلهم.
ومنذ منتصف شباط/فبراير غادر اكثر من 250 الف شخص ليبيا باتجاه الدول المجاورة، بحسب الامم المتحدة في حين خلف القمع الدامي للتمرد مئات القتلى. وفي راس لانوف طلب اطباء مساعدة الصليب الاحمر الدولي.
وشنّت القوات الموالية للقذافي الجمعة غارتين على الاقل في شرق هذه المدينة النفطية الاستراتيجية، واصابت موقع مراقبة للمتمردين ومصفاة نفط، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس. وكانت راس لانوف شكلت لاسبوع قاعدة متقدمة للمتمردين في شرق ليبيا قبل ان يخلوها بعد عمليات قصف مكثفة الخميس. وكانت المعلومات عن الوضع في المدينة شحيحة صباح السبت خصوصا بسبب اضطراب الاتصالات الهاتفية.
في الاثناء احتفلت القوات النظامية الجمعة بانتصارها على المتمردين واستعادة مدينة الزاوية (40 كلم عن غرب العاصمة طرابلس) بعد اسبوعين من القتال الضاري، على ما افاد مراسل وكالة فرانس برس.وقال الكعيم ان "حصيلة اولية تشير الى سقوط 14 قتيلا من الجانبين" في الايام الاخيرة. وقال شهود لوكالة فرانس برس ان معارك عنيفة جدا وقعت في المدينة، واشار بعضهم الى "مجزرة". واشار آخرون الى حملة اعتقالات منذ هزيمة المتمردين في الزاوية.
وفي باقي انحاء البلاد، لا يزال المتمردون يسيطرون على مصراتة (150 كلم عن شرق طرابلس) والعديد من مدن الشمال الغربي، خصوصًا في الجبل الغربي، بحسب شهادات.
وفي بنغازي، يقول المتمردون انهم مصممون على القتال. وقال خالد الذي قتل احد اقاربه الخميس في راس لانوف "لسنا خائفين من هذا الجيش المكون بنسبة 90 % من المرتزقة، وبإمكاننا هزمه".
وتجمع اكثر من عشرة آلاف شخص في بنغازي الجمعة للمطالبة برحيل القذافي. واعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما عن "قلقه" لاحتمال انتصار قوات القذافي ميدانيا، واعلن عن تعيين ممثل له لدى التمرد الليبي.
سوريا تخشى أن يمهد فرض حظر جوي على ليبيا لتدخل خارجي
من جهتها أعربت سوريا السبت عن خشيتها من ان يكون "اي قرار عربي بفرض حظر جوي على ليبيا مجرد تمهيد للتدخل العسكري الخارجي فيها"، بحسب ما جاء في كلمة ألقاها السفير السوري لدى الجامعة العربية يوسف احمد خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب.
وقال السفير السوري في كلمته التي وزع نصها على الصحافيين، "في ظل ما يتواتر من تصريحات ومواقف من معظم الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الامن الدولي، والتي تدور جميعها حول حتمية تأمين شرعية دولية لأي تدخل عسكري في ليبيا وضرورة التمهيد لأي تدخل عسكري من خلال فرض حظر جوي على ليبيا، فإن السؤال المحوري ما هي الضمانات التي يمكن ان نركن اليها - هذا اذا كانت هناك في المطلق اية ضمانات - التي تكفل ألا يصبح اي قرار عربي بفرض الحظر الجوي على ليبيا مجرد تمهيد للتدخل العسكري فيها مقدمة لتقسيم هذا البلد العربي الشقيق تحت ذريعة وشعار مقتضيات الامر الواقع".
واكد يوسف احمد في ختام كلمته ان "اي قرار عربي نأخذه اليوم لابد ان يأخذ في الاعتبار ثوابت وضمانات واضحة لا لبس فيها تتعلق بالرفض القاطع لكل أشكال التدخل الأجنبي في ليبيا والالتزام بالوحدة الوطنية والجغرافية لأرض ليبيا وشعبها بالتلازم مع غاية حماية المواطنين الليبيين من عمليات القصف الجوي التي يتعرضون لها".