القذافي و"فخ" 20 مارس ضد الثوار وبن لادن

القذافي و"فخ" 20 مارس ضد الثوار وبن لادن





ما أن صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 الذي يسمح بالتدخل العسكري الخارجي لحماية الثوار الليبيين إلا وفاجأ القذافي الجميع بعدة مناورات خبيثة قد تقلب الطاولة لصالحه تماما في حال لم يلتزم الجميع الحذر .

ففي 20 مارس وبعد يوم من بدء القصف الجوي الغربي لقواته ، وجه القذافي كلمة إذاعية بدا خلالها مختلفا تماما عن تصريحاته السابقة حيث حرص على الظهور وكأنه ضحية يتعرض لعدوان صليبي ، متجاهلا تماما أنه هو من أعطى الفرصة للغرب على طبق من ذهب للتدخل في شئون ليبيا بسبب غطرسته ورفضه الإذعان لمطالب شعبه .

ولم يكتف بما سبق ، بل إنه تراجع أيضا عن مزاعمه السابقة حول مسئولية القاعدة عما أسماه التمرد ضد نظام حكمه وحاول مغازلة أسامة بن لادن على الملأ فيما اعتبر خدعة واضحة للفت الانتباه بعيدا عن حقيقة ما يحدث على أرض الواقع من ثورة شعبية ضد نظام حكمه .

بل وهناك من ذهب إلى القول إن القذافي يحاول استدراج القاعدة للفخ ودفعها لشن هجمات ضد أهداف غربية في المنطقة على أمل تخفيف الضغط الدولي عليه واستعادة زمام المبادرة من جديد.

ويبدو أن مؤامرة القذافي لن تقتصر على ما سبق ، حيث استخدم مدنيين كدروع بشرية وسرعان ما نشر تقارير حول أنهم قتلوا بنيران القصف الغربي .

تصريحات القرضاوي




ورغم أن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أعرب على الفور عن قلقه تجاه التقارير حول سقوط مدنيين إلا أن الشيخ يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين يبدو أنه أدرك مبكرا تفاصيل خدعة القذافي الجديدة ، حيث وصف العمليات التي تشنها قوات غربية ضد نظام الزعيم الليبي ليست حربا صليبية وقد طالب بها العرب والليبيون من الأمم المتحدة .

وردا على سؤال حول وصف القذافي العمليات ضده بأنها حرب صليبية ضد الإسلام ، قال القرضاوي في مقابلة مع قناة "الجزيرة" مساء الأحد الموافق 20 مارس :"هل هو حامي حمى الإسلام وأين الاسلام منه؟".

وتساءل في هذا الصدد "فهل الإسلام أن يقتل الناس الأبرياء المكلف برعايتهم، فهو يهددهم بأنه وراءهم في كل مكان ويتوعد شعبه بقتله، فهل هذا هو الإسلام وأين الإسلام منه، وهل هذه المسألة حرب صليبية؟".

وتابع القرضاوي " التدخل الدولي تقتضيه الضرورة ، نحن من استعان بهؤلاء والشعب الليبي هو من استعان بهم لأن القذافي لم يدعهم وحتى آخر ليلة عندما كان مجلس الأمن يبحث القرار قال لهم سآتيكم في هذه الليلة وأغزوكم وما حدث هو أمر تقتضيه الضرورة".

وأضاف "كنا نود أن تكون في الجامعة العربية آلية لمعالجة مثل هذا الأمر، ولكن للأسف ليس لدينا ونحن استعنا بهيئة دولية ولم نستعن بالعرب كما يقول البعض واستعنا بهيئة الأمم المتحدة وهي هيئة عالمية فماذا نفعل وكل يوم يقتل أناس بأسلحة ليس بإمكانهم مقاومتها وهذه ثورات شعبية سلمية".

ورغم ما سبق ، رفض القرضاوي بشدة أن يتم أي إنزال بري لقوات غربية في ليبيا ، قائلا :"الكل أجمع أنه لا يجوز أي إنزال بري في ليبيا لا شرقا ولا غربا ولا جنوبا".

واختتم قائلا :" كنا نود لو استجاب القائد .. ولو كان يعرف أن وراءه شعبا يحس به لما اضطرنا وما اضطر أمتنا إلى اللجوء إلى الأمم المتحدة".

ومع أن القرضاوي لم يتطرق للوضع في حال تأكد أن التدخل الغربي له أهداف مشبوهة ، إلا أن الحقيقة التي لاجدال فيها هي أن الشعب الليبي الذي انتفض ضد الاستبداد وقدم تضحيات لا حصر لها من أجل الكرامة والحرية لن يسمح بأي حال من الأحوال باستعمار جديد لبلاده .

وبصفة عامة ، فإن على الجميع الحذر في هذا التوقيت الحرج وعدم الوقوع في فخ القذافي حول الحرب الصليبية إلى أن يثبت العكس ، فهي حتى الآن "كلمة حق يراد بها باطل ".

خطاب القذافي




وكان القذافي توعد في كلمة إذاعية له في 20 مارس الدول التى تهاجم ليبيا بحرب طويلة تنتصر فيها بلاده فى النهاية ، قائلا :" إن ليبيا على حق والمعتدين عليها على الباطل فهم حزب الشيطان ونحن معنا الله وشعوب العالم حتى شعوب أمريكا وفرنسا وبريطانيا ".

ولم يكتف بما سبق ، بل إنه حاول لفت الانتباه بعيدا عن مجازره وحشد دعم الليبيين والشعوب العربية والإسلامية وراءه عبر التأكيد أن الغارات التي تشنها قوات غربية على أهداف عسكرية تابعة له هي حرب صليبية جديدة ، قائلا :" المسألة لم تعد داخلية لكنها أصبحت مواجهة بين الشعب الليبى ووراءه شعوب العالم وبين الهتلرية الجديدة ، الدول التى تشن هجمات على ليبيا لم تستفد من الدروس ، فقد هزمت في الصومال وفيتنام وفي العراق وكانت تطمح في الوصول إلى إيران ومنها إلى موسكو ".

وفي تناقض واضح مع تصريحاته السابقة حول مسئولية القاعدة عما أسماه التمرد ضد نظام حكمه ، خاطب القذافي الدول الغربية التي تشن غارات جوية منذ 19 مارس ضد قواته قائلا :" هزمكم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الرجل الضعيف .. فما بالكم بليبيا التى ستهزمكم فكل المعطيات في صالحنا لأننا فى أرضنا ندافع عن شرفنا وعن قوت عيالنا ، أعددت لحرب طويلة ومجيدة في أرض عميقة لا حدود لها".

وتابع موجها حديثه إلى زعماء الدول المهاجمة " نحن نرفع راية كل الشعوب حتى فى أوروبا وستسقطون من على كراسيكم .. الله معنا ومعكم الشيطان .. أنتم واهمون .. لن نمكنكم من بترولنا , نحن مظلومون والمظلوم سينتصر ، أنتم برابرة وإرهابيون ووحوش ، ما مبرر هذا العدوان, إنها حرب صليبية جديدة تريدون محو الإسلام , والإسلام سيزداد قوة بعد الآن".

ورغم أنه طالما وصف الثوار في بنغازي بـ "الجرذان" ، إلا أنه أعرب هذه المرة عن ثقته بأن " بنغازى ستنتفض عندما ترى أن المواجهة هى بين الشعب الليبى وحلف أمريكى فرنسى بريطانى صهيونى "، قائلا :" لن نسمح للخونة بالاعتداء على شرفنا فى بنغازى ولن نسمح لهم بالفسحة فيها , وحتى لو خاف الرجال ستنتفض النساء".