الشملان ترفض تداول ما حدث إعلاميا و"المساعد" تعترض على التهميش
مثقفات سعوديات يعتبرن ما حدث في معرض الكتاب "ردة ثقافية"و يرفعن شعار : كفاكم وصاية !
ريم سليمان - دعاء بهاء الدين - سبق - جدة: عبر عدد من الكاتبات والمثقفات السعوديات عن استيائهن مما حدث في معرض الكتاب، واعتبرت الكاتبات أن المشكلة الرئيسة تكمن في وجود بعض من يعتبرون أنفسهم أوصياء على النساء، ومن ثم يصادرون حقوقهن.
وأكدن في تصاريح لـ"سبق" أن ما حدث من مظاهر سلبية طغى على المشهد الثقافي الذي كان يفترض أن يكون في بؤرة الاهتمام، مؤكدات أن هذه المعوقات الهامشية تعرقل المثقف السعودي عن تفعيل دوره. وذهبت بعض المثقفات إلى وصف ما حدث بأنه "ردة ثقافية" تستلزم بناء جسور الحوار داخل المجتمع.
تضخيم إعلامي
في البداية رأت الكاتبة شريفة الشملان أنه من الخطأ الكبير تناول ما حدث في معرض الكتاب بالرياض في الإعلام، مشيرة إلى أن هناك تضخيماً إعلامياً ليس له داعي وأن الأمن قد تعامل معه بالشكل اللائق، وبررت رفضها تدخل الإعلام بقولها "الإعلام نبه غير المتنبه لهذه الأمور".
وقالت إن ما يحدث في معرض الكتاب لا يختلف عما نراه كل عام، معتبرة أن المشكلة الرئيسة لما يحدث دوماً هو وجود بعض الفئات الذين يعتبرون أنفسهم أوصياء على النساء، وبناء عليه يتم مصادرة الحق في المعرفة طبقاً لهذه الوصاية الجبرية غير الشرعية.
وأنحت الشملان باللائمة على التربية داخل المجتمع، والتي تعتمد على رأي واحد وحق واحد يملكه الرجل ليس إلا، مؤكدة أن المشكلة تكمن في ضرورة خلق ثقافة جديدة تعتمد على احترام الرأي الآخر وإعطائه الفرصة.
مضايقات وسباب
وعبرت الكاتبة حليمة مظفر عن استيائها مما تعرضت له من مضايقات وسباب من قبل من يزعمون أنهم محتسبون، والذين لقبوها بـ"بالفاسقة"، مؤكدة على ثبات موقفها الشخصي في عدم تقبل النصائح من شباب مراهقين غير ناضجين فكرياً للتحاور مع أطياف الثقافة المختلفة، ورفضت فكرة الاحتساب في ظل الدور المؤثر لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع.
وقالت: يجب على من يرى نفسه أنه محتسب أن يدرك جيداً ما يمثله معرض الكتاب كملتقى حضاري يستوعب الثقافات المختلفة ويغربلها وفق ثقافته الإسلامية، مؤكدة أن ما حدث من مظاهر سلبية طغت على المشهد الثقافي الذي كان من المفترض أن يكون في بؤرة الاهتمام في الوقت الحالي، فضلاً عن أن هذه المعوقات الهامشية تعرقل المثقف السعودي عن تفعيل دوره داخل المجتمع.
وحول تجوّل المحتسبين في أروقة المعرض اعتبرت مظفر أنه يعد من العبث الثقافي والفكري، وألقت بالمسؤولية على عاتق الهيئة التي غضت الطرف عن تصرفات المحتسبين العبثية، التي لا تمثل روح الدين الإسلامي السمحاء، مشيرة إلى التناقض في موقف الهيئة إذا ما سمحت لغير الملتحين في إسداء النصيحة للنساء، بل ستعتبر ذلك نوعاً من الغزل.
وأشادت مظفر بالتحاور الراقي مع بعض الملتزمين الذين ناقشوها في مضامين مقالاتها، ضاربة المثل بأحد هؤلاء، فقد أبدى إعجابه بمقالاتها وناقشها بطريقة محترمة، في الوقت الذي كان سلوك الأغلبية يتسم بالهمجية، معتبرة ما حدث "ردة ثقافية" تستلزم بناء جسور الحوار داخل المجتمع.
تهميش المرأة
أما الكاتبة جهير المساعد فرفضت فكرة وجود أية محاولات لتهميش المرأة، مؤكدة أن هناك سياسة انتهجها المسؤولون عن معرض الكتاب، ويجب أن يحموا سياستهم ليس أكثر من ذلك.
واعترضت على ما يحدث كل عام داخل معرض الكتاب من تطوع من بعض المحتسبين في أعمال ليس لها أي أساس من الصحة، وتساءلت: لماذا يقدم القائمون عن المعرض كل هذه التنازلات؟ ولماذا يخضعون لتوجهات متطوعين؟!. مشيرة إلى أن هؤلاء المحتسبين وجدوا تشجيعاً وانكساراً من القائمين على معرض الكتاب.
ودعت إلى ضرورة الحفاظ على النظام المتبع داخل المعرض، والسعي إلى تحقيق الهدف المنشود في الحفاظ عليه، مؤكدة أن الاستقواء لا يعالج بالاستكانة، وأعربت عن أسفها مما فعله المسؤولون بعد أول يوم من المعرض، وتخصيص باب آخر لدخول النساء، بعدما كان اليوم الأول للرجال والنساء يدخلون من باب واحد.
وحملت المساعد وزارة الثقافة والإعلام جزءاً كبيراً من مسؤولية ما حدث، باعتبار أنها الجهة المسؤولة عن رعاية أنظمتها حتى ترتقي بمعرض الكتاب، مؤكدة على ضرورة السعي لحماية سمعة المعرض، وجذب أكبر قدر من الجمهور. وأنهت حديثها بالتأكيد على ضرورة تغيير النشاط الثقافي ومنهجه والتوسع في المكان المعروض فيه.
معرض "الاكتئاب"
فيما اعترضت الكاتبة سوزان المشهدي على ما ذكرته الشملان من رفضها تناول الإعلام لما حدث في معرض الكتاب، وطالبت بتناول ما يحدث بشكل واضح، وإلقاء الضوء على ما يجري داخل المجتمع، بيد أنها أكدت أن ما حدث من إقصاء وتهميش للمرأة كان في أول يومين من المعرض ليس إلا.
وأشارت إلى أن هناك عدداً من المثقفات بتن أكثر حرصاً على الذهاب إلى المعرض بعدما سمعن من أحداث، كما أن هناك العديد من المشتركات في المعرض لاقين تسهيلات كبيرة في عرض كتبهن، وهذا ينفي تماماً فكرة تهميش المرأة.
وأكدت المشهدي أن هناك تعدداً في الثقافات لا بد من احترامه، وهذه الفئة لا بد أن يوقع عليها عقوبات صارمة حتى لا تشوه صورتنا في الداخل والخارج، معربة عن أسفها مما يحدث في معرض الكتاب، ما أدى إلى تغيير اسمه إلى معرض "الاكتئاب".
وقالت: لابد من محاربة أي إرهاب فكري يقوم بتشويه أي محفل ثقافي تشارك فيه المرأة. وتساءلت: لماذا نسمع صوتهم فقط في أي حركة رائدة في الفكر فيها تدعيم لصوت المرأة؟.
انتكاسة حضارية
أما المذيعة فدوى الطيار فأشارت إلى أن معرض الكتاب يقع تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام، ويستمد شرعيته من الدولة التي وجّهت اهتمامها من أجل تنمية الثقافة السعودية، وبالتالي إفساح المجال الثقافي كي تحضر فيه المرأة في ظل توجيهات خادم الحرمين الشريفين بالاهتمام بالمرأة، وتوفير المناخ الخصب كي تبدع في إطار منظومة اجتماعية تضمن لها العمل وفق الشريعة والعادات والتقاليد، وأكدت أن وزارة الإعلام لم ولن تسعى لنشر ما يسيء للدين الإسلامي أو الثقافة السعودية.
وأوضحت الطيار أن الدولة هيأت المناخ الإعلامي للمذيعة السعودية لإثبات وجودها، وبث الثقة في دورها الثقافي النابع من ثقافة المجتمع، مشيدة بما تتمتع به المرأة في المملكة من دعم خادم الحرمين الشريفين، معتبرة أن هؤلاء المحتسبين لا يمثلون غير أنفسهم فقط، ولا يعبّرون عن رأى هيئة الأمر بالمعروف الموقرة.
وحول التداعيات السلبية لتدخّل المحتسبين في معرض الكتاب، أبدت الطيار مخاوفها من انعكاس هذه الأحداث على نظرة الوفود الأجنبية للثقافة السعودية، وما يمثله ذلك من انتكاسة حضارية في نظرة الغرب للدور الثقافي للمملكة في العصر الحالي، مطالبة المحتسبين بضرورة الاهتمام بالقضايا الاجتماعية المؤثرة، والبحث عن حلول فعّالة بدلاً من النظر إلى صغائر الأمور، وبخاصة في ظل ما يموج به المجتمع السعودي من قضايا فكرية تستلزم تضافر جهود المجتمع من أجل الاجتماع تحت مظلة واحدة.