[center] [b]
مسرحيات تونسية تثير جدلاً بسبب الجنس والسياسة والملابس الداخلية
الطيب بشير
-
تحت شعار التّحديث وحريّة التّعبير والفصل بين الفنّ والأخلاق، ظهرت في تونس مسرحيّات عديدة بذيئة في حوارها وتتضمّن إيحاءات جنسيّات وقد تجاوز بعض المسرحيين الخطوط الحمراء ووصلوا إلى حدّ الجرأة المبتذلة، وعلى سبيل المثال فإن مسرحيات: “غلطة مطبعيّة”، و”حب ستوري”، و”مايد إن تونيزيا”، أثارت جدلا بسبب ما حوته من إيحاءات جنسية وما أثارته من مواضيع تعتبر “تابو” ومسكوت عنها، وأصبح الممثل لطفي العبدلّي “ظاهرة” لما اتّسمت به مسرحيّته “مايد إن تونيزيا” من جرأة تجاوزت الخطوط الحمراء؛ لكثرة الإيحاءات الجنسيّة فيها، فهذا الممثّل بدأ مسيرته الفنية راقصا ثمّ ممثّلا سينمائيّا في فيلم للمخرج النّوري بوزيد، كما برز في أحد مسلسلات رمضان بأدائه دور “المتخنّث”، ثمّ فجأة عنّ له أن يقتحم المسرح، فكتب ومثّل بمفرده مسرحية “مايد ان تونيزيا”، وهي من نوع “وان مان شو” أي المسرحية ذات الممثل الواحد، والحقيقة أنّ الإقبال كان كبيرا لمشاهدته، وهو ما غذّى فيه الغرور الفنّي ونفخ في نرجسيّته.
ومسرحيّة “مايد إن تونيزيا” للطفي العبدلّي شغلت النّاس لما فيها من سخريّة لاذعة لتصرّفات المواطن التّونسي وطباعه ومواقفه، ولقد أطنب المؤلّف والممثّل في نقد الفتيات وصورهنّ صورا سلبيّة من خلال التّهكّم على تصرّفاتهنّ ولباسهنّ وحديثهنّ، وعندما كثرت المقالات الناقدة والمنتقدة له في الجرائد أو في “الفايس بوك” أجاب مرددا شعار: “أنا مع قول ما لا يقال”، مضيفا: “تحدّثت على الملابس الدّاخليّة ولم يضر ذلك باقتصاد البلاد أو سياحتها”، متّهما الشّباب التّونسي بأنّه “مزدوج الشّخصيّة وممزّق بين العادات والتّقاليد والحداثة”.
وقد نشبت معارك إعلاميّة عبر الصّحف والإذاعات بين العبدلّي وبعض زملائه، وصلت إلى حد التجريح وقلّة الذوق والشتيمة والتهكّم، وكلّ سعى إلى نشر الغسيل القذر على الملأ، وأشار نصرالدّين بن مختار ـ وهو ممثل اختص في تقديم مسرحيات هزلية نقدية ـ أنّ مسرحيّة لطفي العبدلّي من المفروض أن تكون ممنوعة على من تكون أعمارهم أقلّ من ثمانية عشر عاما. وهاجمه بالقول أنّه “دخيل” على المسرح وأنّ مهنته الأصليّة هي “الرّقص”، مؤكّدا بأنّ مسرحيّة “مايد إن تونيزيا” تصلح فقط لأن تعرض في الملاهي اللّيليّة. ونشبت بين الممثلين معركة كلامية حادة، ووصل الأمر بنصرالدين إلى حد اتهام لطفي العبدلّي “بأنّه جمع في مسرحيّته ما سمعه من كلام السكارى في الحانات وألف منها حوارا كله إسفاف وبذاءات”.
أما الممثل رياض النّهدي فقد علّق قائلا: “المسرح ليس قلّة حياء” تعبيرا عن رفضه إثارة مواضيع نعتها بـ”الهابطة” ذات إيحاءات جنسيّة مبتذلة منتقدا ـ على سبيل المثال ـ الإشارة في مسرحيّات لطفي إلى الملابس الدّاخليّة النّسائيّة.
وأمام سيل النّقد الّذي تعرّض له فإنّ لطفي العبدلي تمسّك بموقفه مردّدا أنّ المبدع يجب أن يتّسم بالشّجاعة لمواجهة كلّ الأطراف والمواقف والآراء، مضيفا أنّ ما جاء في مسرحيّته من إيحاءات جنسيّة هو “أمر واقعيّ نعيشه في حياتنا اليوميّة”.
ورغم الحملة الكبيرة الّتي شنّت ضدّه في “الفايس بوك”، فإنّ لطفي العبدلّي رأى أنّها “مؤامرة” من المنافسين له معلنا إن نجاحه أثار الحسد وغيرة الكثيرين مؤكّدا أنّه مبدع وأنّ دوره يتمثّل في “الإفصاح وكشف ما يدعو إلى النّقد في المجتمع” وهو يقول بأنّه فنّان وليس معلّما مضيفا أنّ الفن ومنذ وجد ليس له أخلاقيّات!
وفي نفس السياق فان مسرحيّة “حبّ ستوري” وهي من إخراج لطفي عاشور (المقيم بين تونس وفرنسا) وتمثيل شاكرة رمّاح ومعز التّومي وجوهر الباسطي وموضوع المسرحيّة الحب والجنس والخيانة وشاركت في كتابة النص والتمثيل أنيسة داود الّتي ترى “أنّ الجرأة هي المحرّك لعروض مسرحيّة معاصرة شكلا ومضمونا” مؤكّدة إنّ الجرأة هي ما تميّز المسرح التّونسي، وهي الّتي جعلته حسب تعبيرها في طليعة المسارح العربيّة مضيفة: “كما أنّنا نتمتّع بالحريّة والحقوق الّتي أعطيت للمرأة وهو ما يساعد على طرح المواضيع الّتي لا تزال محرّمة في الدّول العربيّة الأخرى”.
أما الممثل عاطف بن حسين فانه يرى في مسرحيّة “غلطة مطبعيّة”، إنّ الإيحاءات الجنسيّة هي “عنصر مرافق للعمل” في حين ان الممثل والمخرج زهير الرّايس يؤكد أنّ بعض المسرحيين يستجدون من خلال هذه الإيحاءات عطف الجمهور ووصف الأمر بأنّه “بدعة” و”موضة”
أمّا الممثلة منية الورتاني فرأت أنه بمثل تلك المسرحيات الجريئة في فحواها وحوارها: “نحارب الرّجعيّة”.[/b]
[/center]