العارضة التي تتجرأ على الظهور بالملابس الداخلية يصل أجرها إلى 30 ألف درهم للعرض الواحد
أغلب العارضات يلجن المجال عن طريق الصدفة بسبب انعدام مؤسسات متخصصة في المغرب
سناء الزوين
أضواء الشهرة والنجومية التي يوفرها عمل عارضة الأزياء تسحر أي شابة مراهقة، فالعارضات جميلات أنيقات، لكن ليس كل ما يلمع ذهبا، وهو حال عالم عارضات الأزياء بالمغرب،
اللواتي يبقين أسيرات عالم غير مقنن ولا يضمن دخلا قارا لهؤلاء الحسناوات.
بخطى ثابتة وقفت على بوديوم برنامج «ميشن فاشن»، فاستطاعت العارضة المغربية أمينة العلام الفوز بلقب أجمل عارضة على القناة اللبنانية Lbc. خلال ثمانية أسابيع، يشاهدها فيها المشاهد على طول ساعات اليوم، استطاعت هذه العارضة فارعة الطول (1.83م) الفوز بحب الجمهور، الذي أهلها للفوز باللقب بعدما حصلت على 65 في المائة من تصويتهم. بابتسامتها الجميلة وقفطانها الأحمر ذي النجمة الخضراء عرفها الجمهور المغربي، الذي تداول صورتها ساعتها، لكن هذه الحسناء المغربية كانت تحاول بابتسامتها هذه في كل مرة إخفاء خجلها. خجل استطاعت هذه العارضة المغربية التغلب عليه بعد مشاركتها في برنامج تلفزيون الواقع. «لقد مكنتني مشاركتي في البرنامج من التغلب على خجلي وفتحت لي باب الاندماج في عالم عرض الأزياء ومعرفة بلد جميل كلبنان لم أكن أفكر يوما في زيارته» تقول أمينة العلام لـ«المساء».
عارضات بالصدفة
أمينة العلام، التي عرفها الجهور المغربي من خلال برنامج الواقع المختص في عالم الموضة والجمال، كانت لها تجربة في عالم عرض الأزياء سبقت مشاركتها في البرنامج بسنوات، حتى مع أشهر الماركات العالمية كديور ونينا ريتشتي، سواء في فرنسا أو الإمارات العربية المتحدة. «لقد دخلت عالم عرض الأزياء بتشجيع من والدتي وعمري آنذاك 15 سنة ونصف» تقول العلام. بداية أمينة العلام وغيرها من عارضات الأزياء في المغرب كانت في الغالب بالصدفة لغياب وكالات متخصصة في اكتشاف مواهب العارضات، تسهر على تنظيم مسابقات دورية لاكتشاف وجوه جديدة، بعدما رآها أحد المكلفين باكتشاف الوجوه الجديدة في الشارع: «أغلب العارضات ولجن الميدان بالصدفة لغياب وكالات» تقول العارضة السابقة سناء مبتسم، وتستدرك قائلة: «لكن الوضع بدأ يتغير بعد ظهور أول وكالة متخصصة بالعارضات في المغرب». فمنذ سنة 2009 بدأت الأوضاع تتغير شيئا فشيئا بعد تأسيس وكالة «إليت المغرب» التي تسهر على اكتشاف وجوه جديدة في عالم عارضات الأزياء من خلال تنظيم مسابقة «إليت موديل المغرب» سنويا، تتبنى بعدها الوكالة الوجه الجديد، الذي لا يجب أن يتجاوز عمرها 20 سنة. أمينة، سناء وأخريات وجدن أنفسهن عارضات بالصدفة. سلوى بوشعيب (25 سنة) غيرت مسارها المهني من العمل في المجال الإعلام السمعي البصري إلى العمل في مجال عارضات الأزياء. خريجة أحد معاهد الإعلام الخاصة قررت ترك الإعلام لتولي وجهها بالصدفة صوب العمل كعارضة أزياء للباس التقليدي. «بعدما بدأت تداريبي داخل إذاعات وقنوات تلفزية مغربية اصطدمت بواقع آخر لم يكن في الحسبان. اكتشفت عالما مليئا بالنفاق والحسد والتحرش الجنسي، وتعرضت لأزمة نفسية حادة قررت معها ترك التلفزيون» تقول سلوى التي بدأت البحث عن ذاتها في مجال آخر. «اتجهت إلى إحدى أهم شركات إنتاج الإعلانات التلفزية بالمغرب، كان كل همي أن أشتغل في السمعي البصري، مجال تخصصي. التقيت بالمنتج فاقترح علي أن أشتغل معهم عارضة» تضيف سلوى، التي ترددت في خوض تجربة جديدة، لكنها سرعان ما رحبت بالفكرة وقامت بتصوير إعلانات تلفزية تلقت عقبها عروضا أخرى في مجال عرض الأزياء .
قنينة شمبانيا
سلوى التي غيرت وجهتها من عالم الإعلام إلى عالم تسلط عليه الأضواء تنفي وجود أي نوع من التحرش في عالم الموضة. «منذ أن دخلت هذا المجال لم أتعرض للتحرش»، لكن سناء مبتسم، التي اشتغلت ممثلة أيضا، تقر بأن العارضة تتعرض للمعاكسة كأي شابة، «لكن ليس بالصورة التي يتخيلها المجتمع». مثل هذه المعاكسات التي قد تتعرض إليها العارضات لا تكون بالضرورة من أشخاص لهم سلطة على العارضات، فعمل العارضة في المخيل الثقافي المغربي يصنفهن ضمن الفئة الشابات المباح التحرش بهن. وداد تتذكر تصوير أحد الإعلانات الذي كان يتم تصويره بالمدينة الحمراء. بعد يوم متعب من التصوير دخلت وداد إلى غرفتها لأخذ قسط من الراحة، وبمجرد انتهائها من الاستحمام سمعت دقات على الباب وعندما فتحت وجدت صاحب الفندق قد أرسل لها قنينة خمر من نوع شمبانيا مع باقة ورد. وبعد مرور ساعة رن هاتف الغرفة «لقد أعجبت بسحرك الأخاذ» قال صاحب للفندق لوداد متحدثا معها في الهاتف قبل أن يردف «تهلاي في نتهلا فيك». أقفلت الشابة الهاتف بمجرد ما سمعت حديثه وتجاهلت الموضوع «الفتاة المغربية تتعرض للمعاكسة حيثما اشتغلت، ولكن واحدة طريقتها في فرض الاحترام الذي تستحقه».
ولع طفولي بعالم الجمال والعارضات
أضواء الشهرة والنجومية التي يوفرها عمل عارضة الأزياء تسحر أي شابة مراهقة وتستحوذ على تفكيرها، خاصة مع صور العارضات الجميلات التي تروجها المجلات والقنوات التلفزية، خاصة الأجنبية منها. «عمل عارضة الأزياء تحلم به شابة خاصة ما بين 19 و21سنة» تقول العارضة السابقة سناء مبتسم. سبب جذب وسحر هذا العالم للشابات، حسب مبتسم، هو أن «عارضات الأزياء يكن جميلات وأنيقات، مما يجعلهن قدوة لأغلب الفتيات في تلك السن». لكن الولع بعالم عارضات الأزياء قد يبدأ عند البعض منهن قبل سن الـ 19، فالعارضة سلوى بوشعيب، رغم أنها دخلت هذا العالم في سن متأخرة مقارنة مع أغلب العارضة، فقد كانت مولعة بهذا العالم منذ نعومة أظافرها. «عندما كنت صغيرة كنت مولعة بالأقمشة والألوان والماكياج والأضواء. كنت أقلد عارضات الأزياء في مشيتي عندما أكون في المنزل. كما أقوم بالعرض أمام المرآة». ولع هذه الصغيرة بعمل عرض الأزياء أعطاها لقب العارضة في محيطها «عائلتي كانت تلقبني بالعارضة» تضيف سلوى.
العمر الافتراضي للعارضة قصير
وداد، هذه الشابة الحاصلة على دبلوم في التسيير، رفضت الكشف عن اسمها كاملا، وهي تعمل عارضة أزياء بالموازاة مع عملها الرسمي في إحدى الشركات. «على العموم أجر هذه المهنة هزيل، لكن عندما تصبح العارضة مشهورة لا يمكنها أن تقبل بأي مبلغ كيفما كان» تقول وداد، التي تعمل في هذا المجال في عروض بسيطة في مجال عرض الأزياء. في ظل غياب شروط محفزة للعمل في مجال عروض الأزياء، فإن المدة الزمنية لاستمرار الفتاة في العمل عارضة للأزياء تبقى قصيرة «إذا لم تكن مفضلا عند المصممين أو دور الأزياء فقل وداعا لعملك»، تقول وداد. مسيرتها انطلقت قبل بضعة أشهر بـ60 كيلوغراما في الوزن و1.75 في الطول. تم قبول الشابة للعمل عارضة أزياء، خاصة أن لديها تقاسيم وجه غربية، لكن تقنية وتقديم العروض تبقى من النواقص في المغرب بسبب غياب مدارس لعارضات الأزياء، فاستعانت وداد بإحدى صديقاتها التي تدرس بـ«كوليج لاسال» لتعلمها طريقة المشي على البوديوم. أما سلوى بوشعيب، فقد اشتغلت، خلال بدايتها في بعض العروض «ديفيليهات» لتعلم أساسيات المهنة» فأشهر عارضات الأزياء العالميات لم يدرسن تقنيات عرض الأزياء في المدارس، بل تعلمنها من خلال الممارسة» تقول سلوى، قبل أن تضيف «عارضة الأزياء هي من تستطيع أن تقنع المتلقي بما ترتديه وبأنه لم يضع وقته ولا ماله في اختيار حضور عرض للأزياء أو اقتناء مجلة ما، فنظرة العارضة الموهوبة تختلف عن الباقيات أمام الكاميرات».
مجال غير مقنن
تحلم العديد من الفتيات بأن يصبحن عارضات أزياء عالميات أسوة بأسماء عارضات ذاع صيتهن مثل كلاوديا شيفر وناعومي كامبل وكيت موس، اللواتي تركن بصماتهن على عروض الأزياء العالمية وحققن بفضل عملهن شهرة واسعة ضمنت انتشار صورهن في الإعلانات وتحول البعض منهن من ميدان الموضة إلى التمثيل والغناء والإعلام. إذا كان «الحلم الأمريكي» سهل التحقيق في البلدان الغربية، فإن الوضع يختلف في المغرب حيث لا تحظى عارضة الأزياء بنفس الأهمية التي تحظى بها في الدول الغربية لأن الأمر مختلف في المغرب، «فمهنة العارضة في المغرب مهنة صعبة وغير معترف بها ولا تعتبر مهنة في رأي عدد من الناس، إذ يظن البعض أن مهنة العارضة تبقى سطحية، وتعتبر هواية أكثر منها وسيلة لتأمين العيش اليومي» تقول سناء مبتسم، التي اعتزلت عالم عروض الأزياء بعد 10 سنوات من العمل لتنشئ وكالة لتنظيم التظاهرات الفنية وفي نفس الوقت للعارضات. فتفرغ العارضة للعمل لا يمكن أن يعتبر وسلية لتأمين العيش، «الراتب يكون جيدا، لكن مناسبات العمل تكون قليلة، لذا تتخذه بعض العارضات كعمل مواز» تقول سناء مبتسم، التي دخلت هذا العالم بعد أن رآها أحد المكلفين باكتشاف العارضات بالمقهى وعمرها آنذاك 19 سنة.
30 ألف درهم لعرض الملابس الداخلية
يختلف الأجر الذي تتقاضاه العارضة حسب نوعية التظاهرة وحسب شهرتها، وحسب طريقتها في التفاوض على الأجر، فأجر جلسة تصوير لإحدى المجلات يبدأ من 1000 درهم وقد يصل إلى 3000 أو 4000 درهم حسب كل عارضة. في حين قد يصل أجر العارضة لقاء إشهار متلفز إلى 15 ألف درهم. لكن عرض الملابس الداخلية يظل الأعلى أجرا وقد يتجاوز 30 ألف درهم لجلسة التصوير. «سبق أن عرض علي عرض الملابس الداخلية بمبلغ 3000 أورو، لكني رفضت» تقول سلوى بوشعيب. لكن الأجرة تختلف حسب كل عارضة «لا أقبل بأي مبلغ كان، لأني حددت لنفسي سقفا لا أنزل عنه، فأنا عارضة تريد أن تحافظ على صورتها» تقول أمينة العلام، التي فازت بمبلغ 25 ألف دولار مع لقب «أجمل عارضة» في العالم العربي. ورغم أن عرض الملابس الداخلية وملابس السياحة يبقى الأعلى أجرا، فإن أغلب العارضات المغربيات يرفضن تقديمه بسبب النظرة الاختزالية للمجتمع المغربي، «لا أعرض المايوهات والملابس الداخلية مع أنها أكثر دخلا. تلقيت عروضا مغرية في عرض الملابس الداخلية وغيرها بمقابل مادي مغر، لكنني كعارضة أزياء مغربية صنعت لنفسي خطوطا حمراء لكي لا أتجاوزها. أردت الحفاظ على أصالتي وعلى حبي ووفائي للقفطان المغربي» تقول سلوى بوشعيب، التي تشغل بهذا المجال منذ سنة.