رئيس الحكومة اللبناني المكلف يستضيف قمة روحية إسلامية مسيحية في منزله الراعي: نطمئن الجميع إلى أن أحدًا لا يستطيع إلغاء الآخر أو الانتقاص من حضوره

رئيس الحكومة اللبناني المكلف يستضيف قمة روحية إسلامية مسيحية في منزله
الراعي: نطمئن الجميع إلى أن أحدًا لا يستطيع إلغاء الآخر أو الانتقاص من حضوره


رؤساء الطوائف اللبنانية مع دولة الرئيس نجيب ميقاتي الرابع من اليمين في صورة تذكارية
بيروت ـ جورج شاهين
بدأ البطريرك الماروني الجديد مار بشارة بطرس الراعي جولة يوم الاثنين يقابل فيها بعض كبار المسؤولين اللبنانيين والقيادات الروحية الإسلامية، وخصصها للتواصل معهم ولشكرهم على تهنئته بعد انتخابة بطريركًا والمشاركة في حفل توليته السدة البطريركية. وشملت الجولة كلاًّ من رئيس المجلس النواب نبيه بري يرافقه النائبان البطريركان العامان رولان أبو جودة وسمير مظلوم ورئيس أساقفة بيروت للطائفة المارونية المطران بولس مطر، قبل أن يزور البطريرك رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري في بيت الوسط ثم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي في مكتبه في فردان، ودعاه ميقاتي إلى وليمة كبيرة مع الوفد المرافق.
وبعد اللقاء مع بري أعرب البطريرك عن أمله في أن تتشكّل الحكومة في أسرع وقت ممكن، وقال إنها زيارة لبدء مسيرتنا مع دولة الرئيس للتعاون الكامل والاستشارات المستمرة لنتمكن، كل واحد منا حسب موقعه، من حل قضايانا"، وأضاف: "بين الكنيسة والدولة هناك تمييز كبير ولكن هناك لقاءً مستمرًّا لخدمة الإنسان اللبناني"، وأوضح أن "هذه الزيارة بداية لطريق طويل ونتمنى أن نعمل معًا فيها كي لا يتم في لبنان إلا ما هو خير لكل المواطنين.
أما برّي فقال "هذا شرف كبير أن أستقبل غبطة البطريرك الراعي لاسيما في شهر الصيام"، وأضاف أن الزيارة تأتي لبحث شؤون لبنان بدءًا من الحكومة واتنهاءً بالاغتراب وكان هناك توافق على استمرار التواصل في سبيل لبنان ومصلحة كل اللبنانيين فنحن أمام بطريرك لكل لبنان، وأهدى بري البطريرك الراعي كتابًا لمؤلّف إيطالي تحت عنوان "على خُطى السيد المسيح في جنوب لبنان".
وبعد لقائه الرئيس الحريري دعا الراعي إلى أن يعمل كل شخص لما فيه خير لبنان، مشيرًا إلى أنها ليست زيارة بروتوكولية فحسب بل الهدف منها أيضًا تأكيد التعاون المستمر، وأكد أنه على تواصل وتشاور مستمر مع الرئيس الحريري.
أما الحريري، فتمنى أن تنجلي الأيام الصعبة التي يعيشها لبنان بأيام أفضل لأنه يجب أن ننظر إلى مصلحة اللبنانيين، وقال: "سنكمل بالانفتاح والعيش المشترك ونأمل أن نبقى دائمًا على تواصل"، وشكر للبطريرك الراعي زيارته وقال: "هذا بيتكم وبيت كل اللبنانيين، والتشاور يجب أن يصب دائمًا في مصلحة لبنان".
وتحولت زيارة الراعي إلى ميقاتي في منزله إلى ما يشبه اللقاء الوطني الروحي الجامع، حيث شارك فيها كل من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، وراعي أبرشية بيروت للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، ومطران الأرمن الارثوذكس كيغام خاتشريان، والنائبان البطريركيان للموارنة رولان أبو جودة وسمير مظلوم، وراعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر، وغاب عن اللقاء بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام لداعي السفر.
وقال البطريرك الراعي بعد لقاء المفتي قباني: نحن في أمس الحاجة إلى أن نلتقي معًا، ولقاؤنا اليوم لنقول شكرًا على المبادرة الكريمة التي تكرَّم بها صاحب السماحة وأعلنت وهي عقد قمة روحية إسلامية - مسيحية في بكركي في مناسبة وجود بطريرك جديد تكون منطلقًا لحياتنا الوطنية كرؤساء مسؤولين نحمل المبادئ الوطنية والإنسانية والاجتماعية والثوابت الوطنية التي كلنا متفقون عليها ونعمل في سبيلها، وهي ستنوِّر الحقيقة في عمل السياسيين في لبنان.
وقال المفتي قباني: أنا وإخواني المفتون وقضاة الشرع والعلماء والسادة المسؤولين والشخصيات والأمانة العامة للقمة الروحية الإسلامية، سعداء لهذه الزيارة ونريد أن نفعِّل هذا العمل المشترك بين غبطة البطريرك بشارة الراعي، ونحن في دار الفتوى مع إخواننا جميعًا رؤساء الطوائف، لذلك كانت فكرة عقدة القمة الروحية الإسلامية - المسيحية من أجل إطلاق التعاون المشترك بين جميع الطوائف، ولننطلق في هذا التعاون المشترك ويكون لنا جميعًا دور روحي ووطني واسع وجامع.
وقد وصل الراعي إلى دار الرئيس ميقاتي في حدود الساعة الواحدة يرافقه المطارنة أبو جودة، مظلوم ومطر، وفي خلال اللقاء مع القادة الروحيين شدد الرئيس ميقاتي على دور المرجعيات الدينية اللبنانية في التقريب بين اللبنانيين وعلى التعاون في سبيل إنقاذ لبنان من الأزمات التي يتخبط فيها، وكذلك في صون الاستقرار الداخلي، وأكد للقادة الروحيين أنه مستمر في جهوده لتشكيل حكومة تتصدى للمشكلات الكبرى وتسعى إلى تبديد الهواجس الكثيرة التي تقلق اللبنانيين .
وأشار ميقاتي إلى "أن مفتاح الحلول للأزمات السياسية هو التمسك بتطبيق نصوص الدستور وروحيته التي تحفظ لكل الفئات اللبنانية موقعها ودورها الذي يتكامل مع مواقع الشركاء في الوطن وأدوارهم، بما يطمئن الجميع إلى أن أحدًا لا يستطيع إلغاء الآخر أو الانتقاص من حضوره الفاعل في الوطن ومؤسساته".
ونوه القادة الروحيون خلال اللقاء إلى توجهات الرئيس ميقاتي الوطنية مشيدين بالروح العالية التي يعمل بها لتشكيل الحكومة، ودعوا كل الأطراف السياسية إلى تسهيل مهمته وتخفيف شروطهم ومطالبهم من أجل تشكيل حكومة تعمل بالتوجهات الوطنية وتنكب على معالجة الملفات الكثيرة الشائكة.
وبعد اللقاء أدلى البطريرك الراعي بتصريح قال فيه: "إن الزيارة لدولة الرئيس ميقاتي أولاً لتقديم الشكر على مشاركته معنا في حفل التنصيب، ونؤكد له وقوفنا إلى جانبه، وفرحتنا كبيرة اليوم لوجود أصحاب السماحة والسيادة من كل الطوائف المسيحية من خلال العائلات الروحية".
وأضاف: "نحن نقدر الصعوبات والمشاكل، لكن نقدر فيك -أي الرئيس ميقاتي- أيضًا صبرك ومحبتك واهتمامك بأن تسلم الأمور في ضوء الدستور وفي روح الوفاق، لأننا في النهاية عائلة واحدة، ومن المؤكد أن شعبنا سيفرح عندما تكون عنده حكومة تتولى أموره وعندما يجد من يحمل معه عبء المشكلات الاقتصادية والمعيشية".
وختم بالقول: "نشكرك مجددًا على هذا اللقاء الذي هو مقدمة لما شاءه أصحاب السماحة من أن يتمكن رؤساء الطوائف من عقد مؤتمر إسلامي مسيحي أرادوه أن يكون في بكركي لمناسبة انتخاب بطريرك جديد على أن يصبح بعدها مداورة بشكل دائم كي نستطيع دعمكم أنتم من تتولون زمام الأمور في البلد".
وقال: "إننا في حياتنا الروحية والرعوية، مسلمين ومسحيين، نستطيع دعمكم في المبادىء والثوابت والقيم ولكي تتمكنوا من العيش مع جميع السياسيين في لبنان".
وبدوره قال الرئيس ميقاتي: "أعبر عن سروري الكبير بوجود صاحب الغبطة وأصحاب السماحة والسيادة جميعًا، وأنا مطمئن أكثر من أي وقت مضى لأن غبطته رفع شعار الشركة والمحبة، وأنا أضيف أنه لا شركة ولا محبة من دون ثقة وتفاهم، وأرى اليوم هذا التفاهم بين القادة الروحيين والثقة المتبادلة بينهم وهي تعطيني اطمئنانًا بأنه وبإذن الله ستكون هناك شركة ومحبة في موقعها وستكون هي المرحلة المقبلة لكي نعبر حقيقةً عن هذه الشركة المتينة بين جميع اللبنانيين من دون استثناء".