المغرب وحملات التبشير المتسارعة
تسارعت وتيرة النشاط المسيحي في المجتمع المغربي خاصة بعد وفاة ملك المغرب الحسن الثاني وتولى إبنه محمد السادس العرش حيث تراخت قبضة الدولة على المؤسسات وزاد حجم الفساد والتفسخ الإجتماعي ، ومعدلات الأمية الكارثية التي وصلت الخمسين بالمئة ، بالإضافة لزيادة حدة البطالة والإنهيار الإقتصادي في ظل السياسة التي إتبعها الملك الجديد ببيع معظم القطاع العام حتى وصل الأمر إلى أن شبكات المياة والتي يفترض انها في أي بلد من أسس أمنها القومي ، أصبحت شركات فرنسية تتحكم بها وبتوزيع الماء على المواطنين.
وأدت عمليات السرقة المنظمة التي يقوم بها المخزن لثروات المغرب وإيداعها في بنوك الغرب إلى أفراغ المغرب من أي إمكانية إقتصادية للإستثمار الذاتي وبناء مجتمع مستقل معتمداً على موارده الذاتية ومتحرراً من التبعية والسطوة الأجنبية ، ولا يفوتنا أن نذكر بأن حرامي المغرب تم تصنيفه حسب مجلة فوربز الأمريكية على أنه أغنى سابع ملوك العالم لعام2009 .
وهذا بدوره خلق الفرصة المنتظرة للشركات الأجنبية كي تتسلل للإقتصاد المغربي بأموال أجنبية بحجة تمويل وإقامة مشروعات إقتصادية وبالتالي إحكام السيطرة شبه التامة على المفاصل السيادية والثانوية في الإقتصاد المغربي من قطاع المواصلات حيث أن قائد الطائرة في الخطوط المغربية يجب أن يكون أجنبي ومساعدة مغربي إلى المصانع والشركات ، إلى القطاع الزراعي ، وإلى حتى الماء الذي يشربه المواطنين والذي تتحكم الشركات الأجنبية بتوزيعه وترسل لهم فواتير الماء المغربي بلغة فرنسية ، إلى الخدمات الإجتماعية حيث تختبئ البعثات التبشيرية تحت أسماء المنظمات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني المنتشرة كالوباء في كل ربوع المغرب ، وتحتك بشكل مباشر بالمواطنين وتشرف على إدارة وتسيير المراكز الإجتماعية وبيوت الأيتام ومراكز الإعانة للفقراء وأطفال الشوارع .
كل هذا أدى لحالة فقر مدقع أصاب معظم شرائح المجتمع حيث يقدر من هم تحت خط الفقر بأكثر من 60% من السكان ، ويعتبر الفقر الباب الرئيسي الذي تدخل من خلاله المنظمات التبشيرية الغربية مستغلة الحاجة المادية الملحة للأفراد وكذلك الإغراءات بتسهيل الحصول على تأشيرات سفر لبلاد الغرب.
وكذلك القوانين الجديدة سواء الإجتماعية ومدونة الأسرة مثال على ذلك ، حيث أدى فرض هكذا مدونة في القانون المغربي بضغط أجنبي إلى تفسخ واضح في الأسرة المغربية وإزدياد معدلات الطلاق فاق 80% عما كان عليه قبل إصدار هكذا مدونة ، وأيضا القوانين الدينية التي تستهدف الإسلام وتحد من نشاط الوعاظ ورجال الدين المسلمين ، وهذا بدوره أدى لشعور المواطن بالفراغ الروحي والغربة عن الدين والعزوف عن المساجد التي هي بدورها مستهدفة من أجهزة النظام التي تراقب كل داخل وخارج منها ، مع سعي الدولة في نفس الوقت لنشر نسخة مشوهة للإسلام كنشر الشعوذة والصوفية وتقديس المقابر والأضرحة ، والعمل بشكل جبار على إعتناق الثقافة الغربية التي تفرض بقوة على المجتمع كالمهرجانات الثقافية والموسيقية الأجنبية التي ترعاها الدولة بشكل دائم على التراب المغربي ، مع منع الهوية الإسلامية من الظهور والنمو في بلد يفترض أنه مسلم ويحكمه شخص يسمي نفسه "أمير المؤمنين".
صورة لأطفال المغرب مع غربيات يعملن في التبشير تحت غطاء مؤسسات إنسانية لدعم الفقراء
والحجاب دليل بسيط على ذلك حيث أنه في الوقت الذي عملت الحركات الإسلامية على تخصيص شواطئ خاصة للنساء المغربيات المحجبات ، قامت الدولة بين أعوام 2000 -2002 بما سمي بحرب الشواطئ فمنعت النساء المسلمات في بلد مسلم من أن يكون لهن أماكن خاصة على الشواطئ ، في الوقت تقوم المسابح العامة بفرض نزع الحجاب على المسلمات كي يسمح لهن بالدخول .. وقيام إدارة مصلحة السجون التابعة لوزارة الداخلية بمنع عمل النساء المحجبات وغيرها الكثير من الإجراءات التي يقوم بها النظام لمحاربة الهوية الإسلامية في الوقت الذي يعمم وينشر الثقافة الأجنبية ونمط الحياة الأجنبي.
وتسببت هذه السياسة في إنكشاف المجتمع وفقدانه للحماية والمس الخطير بقيمه... مما سهل عملية الإختراق وفتح الأبواب بشكل واسع أمام ما يسمى بجمعيات المجتمع المدني ، والتي تكون في العادة عبارة عن مؤسسات أجنبية بحتة أو مؤسسات مغربية مرتبطة وممولة من مؤسسات أجنبية تعمل على إستغلال إنفلات الأوضاع وغياب الدولة التي تهتم بمواطنيها وتحمي حدودها وحاجات الفقراء والعمل على تغيير قيم المجتمع المغربي تدريجيا لكي تصبح بعدها عملية التنصير مجرد تحصيل حاصل .
والجذير بالذكر أن سكان المغرب بمجملهم كانوا من المسلمين ولم يكن هناك بالمطلق أي وجود مسيحي قبل تغلغل التنصير ، وكان هناك فقط وجود لفئة قليلة من اليهود ذوي الأصول الأوروبية والذين هربوا إلى المغرب بعد إنهيار الدولة الإسلامية في الأندلس خوفاً من بطش الكنائس المسيحية بهم في أوروبا .
تقرير الخارجية الأمريكية عن أعداد المتحولين للمسيحية في المغرب
وكان تقرير رسمي أعدته وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية صدر في بداية عام 2009 قد أشار إلى ان نسبة المغاربة الذين تحولوا للمسيحية حوالي 1.1 بالمئة من مجمل عدد السكان.
ورسمت الخارجية الأمريكية خارطة تواجد المسيحيين المغاربة ووزعتهم بين مدينتي الدار البيضاء والرباط.
وذكر التقرير أن 80 في المئة من المتحولين للمسيحية في المغرب يتشكلون من الأمازيغ ، ويترددون بصفة منتظمة على الكنائس جنوب المغرب.
كتدرائية الدار البيضاء
هذا وقد قامت السلطات المغربية الجمعة 5-2-2010 بإيقاف مبشرا مسيحيا أجنبيا في دائرة أمزيز بإقليم الحوز بالقرب من مراكش متلبسا بنشر الديانة المسيحية.
ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء عن مصادر رسمية قولها "المبشر كان يستهدف مجموعة من 14 مغربيا تتكون أساسا من أطفال ونساء بهدف نشر تعاليم المسيحية بالمملكة واستقطاب معتنقين جدد من المغاربة".
وأضافت نفس المصادر أن تدخل السلطات جاء بعد التوصل إلى معلومات تفيد بانتظام اجتماع سري لتلقين تعاليم المسيحية من شأنه زعزعة عقيدة المسلمين والمس بالقيم الدينية للمملكة.
ويعاقب القانون الجنائي المغربي بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاثة أعوام لكل من استعمل وسائل إغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة.
ومن جهتها نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر أمنية قولها إنه تم ترحيل هذا المنصر، الذي أشارت إلى أنه يحمل الجنسية الأميركية، خارج البلاد عبر مطار مراكش.
وكانت السلطات المغربية طردت في ديسمبر/كانون الأول الماضي خمسة منصرين أجانب، اثنين من جنوب أفريقيا، واثنين من سويسرا، وآخر من غواتيمالا، لنفس الأسباب.
مدارس سرية وآخرى علنية للتعليم بالدارجة المغربية وتكوين المنصرين
وقد ذكرت التقارير أخيرا أن هناك مؤشرات تدل على أن مدرسة خاصة للغات بفاس تسمى ''دمج'' يشتبه في دعمها للتنصير وتكوين منصرين، وبالرغم من أن المدرسة تقول بحسب موظفين مغاربة فيها، إنها تعلم الطلبة الأجانب الذين ينحدر أغلبهم من الولايات المتحدة الأمريكية الدارجة والعربية الفصحى والأمازيغية، حتى يتمكنوا من التواصل مع المجتمع، إلا أنها بحسب كتاب تعليمي للمؤسسة حصلت ''التجديد'' على نسخة منه، تعمل على تلقين الصلوات المسيحية لهؤلاء الطلبة بالدارجة المغربية، مما يطرح تساؤلات حول الأهداف الكامنة وراء إصدار هذا المطبوع ومدى إسهامه في تكوين منصرين يعملون على استقطاب مغاربة بلغتهم الدارجة، خاصة وأن المؤسسة تبرر إقدامها على تلقين مادة دينية مسيحية للطلبة على كون ذاك جاء بناء على طلب من أحد الطلاب الذي يريد أن يمارس صلاته المسيحية بالدراجة، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن سعي بعض شبكات المنصرين إلى استغلال هذه المدرسة القريبة من العمق الجبلي للمغرب من أجل تكوين المنصرين، ومدى خضوع هذه البرامج لمراقبة وزارة التربية الوطنية.
مدرسة دمج في مدينة فاس
مدير المدرسة وهو ألماني الجنسية، اعترف في لقاء مع ''التجديد'' باعتماد مؤسسته على هذا الكتاب ضمن برنامجها التعليمي، معتبرا أن من حق جميع الطلاب الاستفادة من هذه المادة الثانوية وغير المدرجة بالبرنامج الأساسي للمؤسسة، بمن فيهم الطلبة المسلمون، وقال المسؤول الإداري للمؤسسة ''لا مانع لدينا، نحن مؤسسة علمانية، كل من أراد أن يتعلم شيئا عن الدين المسيحي مرحبا به''، وتابع قائلا: ''لدينا أيضا مواد دراسية تتحدث عن رمضان وعيد الفطر وغيرها...''.
الكتاب يتوزع على 17 درسا، يندرج في كل منها جزء من الصلوات المسيحية باللهجة الدارجة، وترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، ثم ترجمة بعض المفردات بنفس المنهجية، إضافة إلى تمارين في نهاية كل درس وبعض المقتطفات من الأناجيل، ويعلل كاتب المطبوع إقدامه على هذه الخطوة في مقدمة الكتاب التي جاء فيها: ''واحد النهار جي لي واحد الطالب أجنبي وكال لي: في السوق كاينين بزاف ديال الكتوب على الصلاة، ولكن كلهم كيهضرو غير على الصلاة والدعوات ديال المسلمين، ولكن أنا مسيحي''، ''كال لي: ولكن أنا دابا عندي لغة جديدة، هدي دارجة وكنبغيها بزاف، كنهضر بيها مع صحابي وكلشي، غير الرب ما نعرفش كيفاش نتكلم معاه بالدارجة''، ويعلن الكاتب في نفس الصفحة عن هاتف المدرسة والفاكس والعنوان والبريد الإلكتروني للراغبين في الحصول على هذا الكتاب. وبدا الارتباك واضحا على مدير مؤسسة ''دمج'' الألماني عند سؤاله حول الغاية من تدريس الصلوات المسيحية باللغة الدارجة، بشكل يؤشر إلى وجود نية للتنصير والدعوة للديانة المسيحية، حيث نفى الأمر مشيرا، بلهجة دارجة ركيكة، إلى أن الهدف من استعمال الدارجة هو تسهيل التواصل، باعتبارها اللهجة الرسمية للمغاربة.
من جهته نفى ''بودويك'' المكلف بالبرامج التعليمية للقطاع الخاص بأكاديمية وزارة التربية الوطنية بفاس، وجود ملف للمؤسسة المذكورة لدى الأكاديمية، ورجح ''بودويك'' أن تكون المؤسسة غير قانونية أصلا، ولا تخضع لمراقبة وزارة التربية الوطنية، وتعهد المسؤول التربوي باتخاذ الإجراءات الضرورية لإغلاق المؤسسة إن ثبت عدم قانونيتها، أو اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل المراقبة الصارمة للبرامج التي تدرس بالمؤسسة، على اعتبار، يضيف بودويك، ''أن مؤسسات تعليم اللغات يخضع هو الآخر لمراقبة وإشراف وزارة التربية الوطنية''.
هذا وكان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق قد قلل أول أمس الأربعاء في البرلمان من مخاطر التنصير، وقال الوزير جوابا على سؤال لفريق الوحدة والتعادلية في مجلس النواب حول موضوع ''ظاهرة التنصير والتبشير بالمغرب''، إنه ''لا يخشى على الفقراء أن يكونوا ضحية للإغراء التبشيري، لأن أنفة هؤلاء لا تباع ولا تشترى، ولكن إذا علمنا ما يجري في بعض البلدان الأخرى؛ فإن حفنة من ذوي الطموحات من غير الفقراء في بعض البلدان الأخرى هم الذين ينجرون إلى هذا المجال، ''مشددا على أن مغاربة اليوم ''لا نتصورهم، ولو قلة قليلة، يبدلون دينهم بدين غيره''.
هذا واستعرض برلماني استقلالي أمام أنظار النواب لعبة تباع للأطفال في الأسواق بدرهم واحد وعليها علامة الصليب، واصفا إياها بكونها نوعا من ''الإشهار المسيحي''، مطالبا بتنزيل التصورات والإجراءات الوقائية على أرض الواقع، ''التوفيق'' علق على مثل هذه الألعاب بالقول: ''ما يوجد في السوق وما يتلقى داخل المنزل بالوسائل المختلفة وما يقرأ في الكتب، لم يعد ممكنا وضع سور حوله منذ 40 سنة''، لذلك ينبغي تقوية المناعة.
كنيسة في مدينة أصيلة المغربية
وكان التوفيق قد استهل جوابه بالتعبير عن رغبته في عدم طرح سؤال حول التنصير في البرلمان وأمام الملأ، مفسرا ذلك بأن '' ما يقال في الموضوع يدور في الكرة الأرضية ويؤول تأويلا لا علاقة له بالواقع''.
الطريق إلى الابدية كتاب مسيحي يوزع ببوادي الريف يستهدف الاطفال
هذا وقد أكدت إحدى المعلمات المشتغلات بالفرعيات أنها حصلت على كتابين من تلميذين لها وهما شقيقين يدرسان في المستوى الخامس تحت عنوان :" الطريق إلى الابدية" وتحكي المعلمة حول الطريقة التي حصلت بها على الكتابين :" كنت أشرح الدرس لتلاميذ المستوى الخامس في قسم يحوي جميع المستويات ولاحظت أن أحد الشقيقين يقص ورقة من كتابه وغير منتبه للدرس نهرته هو وشقيقه الذي وجدته يقوم بنفس الفعل حيث كانوا يقصون رسم قرد من الكتاب" وتضيف الاستاذة:" أخذت الكتابين ووضعتهما على مكتبي وأكملت الدرس بعد ذلك أردت معرفة ما يوجد بالكتاب وصدمت حين رأيت أن الكتاب هو من أجل التبشير للمسيحية"
. وحول محتويات الكتاب قالت "ا.ع" أن به دروس أولية تبين كيفية الدخول في المسيحية كما تبين أن المسيحية دين منقذ للبشرية حيث ذكرت أن به قصة تقول " هل مثل إنسان بنى منزلا على الرمال مثل إنسان بنى منزلا على الحجارة فالباني على الرمال سيسقط منزله بعد أول عاصفة والباني على الحجارة يبقى منزله صامدا" وهو تعبير مجازي عن كون المسيحية مبنية على أسس سليمة وهي الاشياء التي تناقض الدين الاسلامي الذي يؤكد أن المسيحية محرفة وأن الانجيل تم تحريفه على حسب أهواء رهبانها.
وتشير المُدرسة أنها سألت الطفلين حول المصدر الذي حصلا منه على الكتاب فأجاباها أن أحد أفراد عائلتهما القاطن بطنجة أهداه لهما بينما تشدد على أن الطفلان لم يفهما بتاتا محتويات الكتاب.
هذا وقد أشارت الاستاذة "أ.ع" أنها خائفة من ذكر إسمها أو فضح الامر في الدوار الذي تشتغل به في إحدى مناطق بن طيب حيث تخاف أن يكون حصول الابنين على الكتاب برضى والديهم ومباركته في حين تطالب المسؤولين بالاسراع ومحاربة ظاهرة التبشير التي بدأت تغزوا الريف.
التنصير في المغرب.. الحدود والأبعاد
يواجه المغرب نشاطاً محموماً من المنصرين الذين يجوبون مناطق القبائل بغرض تشكيك البسطاء في الدين الإسلامي، وتسحب خلفها جملة من الأهداف "الاستعمارية" في الهيمنة على الشعوب العربية المسلمة واستلابها حقوقها وثرواتها.
وللتنصير عموماً أهداف غير دينية يسوقها الدكتور محمد عمارة في كتابه (استراتيجية التنصير في العالم الإسلامي)، جاء فيه: "التنصير جاء في ركاب الغزاة وليس تعبيرا عن صحوة إيمانية نصرانية في المجتمعات الغربية.... بل قد كان الأمر على العكس من ذلك تماما... تصعد نشاطها لتنصير المسلمين الذين يشهدون يقظة إسلامية تزيد من التزامهم بحدود الدين وأخلاقيات الإيمان... إن الكنيسة الغربية تصعد من نشاط التنصير بين المسلمين لا خدمة للدين ـ مطلق الدين ـ ... والتدين ـ مطلق التدين ... وإنما خدمة لهيمنة الحضارة الغربية العلمانية"، تقول أشغال الندوة العالمية للشباب الإسلامي: " التنصير حركة دينية سياسية استعمارية بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية " في القضاء على الإسلام بالمواجهة العسكرية.أما في المغرب تحديداً؛ فللتاريخ حكايته عن ذلك، إذ تتحدث وثيقة استنجادية موثقة لعلماء المسلمين تحذر من تنصير البربر هناك، وعن ذاك التلازم بين الجهد التنصيري و"الاستعمار"، تقول هذه الوثيقة التي يعود عمرها إلى أكثر من سبعين عاماً، و التي نشرتها الشهاب الجزائرية: "هذه الأمة التي تبلغ في المغرب الأقصى وحده أكثر من سبعة ملايين نسمة (أي أمة المغرب) تريد دولة فرنسا الى إخراجها برمتها من حظيرة الإسلام بنظام غريب تقوم به سلطة عسكرية قاهرة ممتهنة به حرية الوجدان ومعتدية على قدسية الإيمان بما لم يعهد له نظير في التاريخ.
لقد وردت على مصر كتب من الثقات في المغرب الاقصى تذكر أن فرنسا قد استصدرت ظهيرا سلطانيا تاريخه 17 ذي الحجة سنة 1348(16 مايو سنة 1930) ونشرته الجريدة الرسمية في المغرب بعددها رقم 919 تنازل فيه سلطان المغرب لها على الإشراف على الامور الدينية لامة البربر وأن فرنسا قد بدات بالفعل في تنفيذ ذلك الظهير فقامت السلطة العسكرية في المغرب الاقصى تحول بين ثلاثة أرباع السكان وبين القرآن الذي كانت به حياتهم مدة ثلاثة عشر قرنا فأبطلوا المدارس القرآنية ووضعوا قلوب أطفال هذه الملايين وعقولهم في أيدي أكثر من ألف مبشر كاثوليكي بين رهبان وراهبات يديرون مدارس تبشيرية للبنين والبنات وأقفلوا جميع المحاكم الشرعية التي كانت في تلك الديار، وأجبروا هذه الملايين من المسلمين على أن يتحاكموا في أنكحتهم ومواريثهم وسائر أحوالهم الشخصية إلى قانون جديد سنوه لهم أخذوه من عادات البربر التي كانت لهم في جاهليتهم وهي عادات لا تتفق مع الحضارة ولا تلائم مستوى الإنسانية، وحسبنا مثالا على انحطاطها وقبحها أنها تعد الزوجة متاعا يعار ويباع وتورث ولا ترث وأنها تجيز للرجل أن يتزوج ما شاء كيف شاء ولو أخته فمن عداها في عقد واحد وأن قانونا كهذا القانون يسن للمسلمين مخالفا للإسلام يعد من رضي به مرتدا عن الإسلام بإجماع علماء المسلمين".
أما الحاضر فيشهد نشاطاً تنصيراً كبيراً رصدته عدة تقارير صدرت داخل المغرب وخارجها؛ ففي الخارج ذكرت الوكالة الفرنسية أن "عدد المغاربة الذين تنصروا بلغ نحو ألف، 60% منهم تحولوا إلى النصرانية نتيجة اتصالات شخصية 30% من خلال التليفزيون والانترنت و10% عن طريق المنصرين، وتقول لوموند الفرنسية : "إن هناك اليوم في المغرب نحو 800 مبشرا من جل البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية ينشطون في مختلف مناطق المغرب، وتضيف بأن التوقيت اليوم أصبح مناسبا للتبشير بالنصرانية بسبب تورط العديد من المنظمات الإسلامية في القيام بعمليات إرهابية ووصم الإسلام بتهمة الإرهاب والعنف".
وتحاول وسائل الإعلام الفرنسية تحديداً النفخ في هذه الظاهرة لغرض البناء عليها في فرض هيمنة أعلى، المنظمات الحقوقية الدولية باتت تتحدث في تقاريرها الأخيرة عن وجود "أقليات مسيحية مغربية، تعاني من الاضطهاد الديني، ولا يسمح لها بممارسة حقها في حرية التدين والاعتقاد بشكل علني"، ومن الجائز البناء على ذلك في التسويق يوماً لضرورة تفتيت بعض مناطق المغرب تبعاً لوجود "تنوع" ديني واضطهاد يمنع تمتع تلك "الأقليات" بحقوقها الديني، واستخدام تقارير مثل هذه لأسباب سياسية.
وقد "سبق للفريق الاستقلالي في مجلس النواب أن طرح موضوع التنصير تحت قبة البرلمان، ومما ذكره في سؤاله الموجه إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الولاية السابقة أن هدف المنصرين هو أن يدخلوا 10 % من المغاربة بحلول سنة ,2020 غير أن الوزير أحمد التوفيق قلل من الأخطار التي يشكلها التنصير على المغرب، واكتفى بالقول "إن المغرب بلد تلاقي الأديان والثقافات والتسامح الديني"" [صحيفة التجديد المغربية 7 / 11 / 2007 ].
الكنيسة الأنجليكانية في المغرب
ولكن هذه التقارير أيضاً ربما تريد أن ترفع سقف التخويف من الظاهرة حين تذكر تلك الحقائق والخطط التنصيرية، ومع ذلك فالظاهرة في الحقيقة خطيرة جداً، ويكفي أن بعض سكان مدينة ورزازات الجنوبية قد ذكروا لمراسلة "قدس برس"، أنه وبسبب احتكاك الأهالي، الذين يعانون من الجهل والفقر، طيلة سنين بالأجانب، نظرا لوجود استوديوهات سينمائية ضخمة في المنطقة، صور فيها عدد من الأفلام، خصوصا الأفلام الدينية المسيحية، التي تحكي قصص الأنبياء، والتي يؤدي فيها عادة الأهالي أدوار كومبارسات، نشطت حركة تنصيرية قوية، نتج عنها اعتناق عدد كبير من سكان هذه المنطقة للمسيحية، وهم يتلقون إعانات ومساعدات مادية وطبية وغيرها، خصوصا أن ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية صعبة للغاية.
وتقوم عدة جمعيات ومنظمات أوروبية غير حكومية بممارسة أدوار تنصيرية سراً في كبريات المدن المغربية مثل الرباط وسلا وفاس ومكناس والدار البيضاء وطنجة وأكادير، عبر توزيع الآلاف من نسخ الإنجيل بالفرنسية واللغات المحلية الأمازيغية، حيث تلك الإثنية هي المستهدف الأول في المغرب والجزائر مصداقاً لوثيقة العلماء التي حذرت من ذلك منذ سبعين عاماً، وتوزع الإرساليات التنصيرية الجديدة عددا كبيرا من المجلات التعريفية بمحطة فضائية خاصة بمسيحيي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى محطات إذاعية (إذاعة حول العالم من موناكو) أو فضائية (قناة الرجاء) أو مكتوبة (نسخ الإنجيل ومجلات التنصير والأشرطة).
وفي أوائل نوفمبر 2007 "شهدت مدينة أصيلة تنظيم يومين "ثقافيين" بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، لأول مرة، أشرفت عليهما راهبات الكنيسة الوحيدة بالمدينة، والتي خصصت اليوم الأول للحديث عن " مريم العذراء في الإنجيل " من خلال محاضرة ألقاها القس خراردو سانشس ميلكو، الذي حوّل المحاضرة من عرض علمي إلى نشاط تنصيري، استاء منه الحضور من أبناء المدينة، الذي عبروا عن امتعاضهم أكثر خلال المحاضرة الثانية التي تمت برمجتها في وقت صلاة الجمعة، والتي كانت بعنوان " مريم في القرآن الكريم " من إلقاء جارة الله منظريول التي قدمت من إسبانيا، وادّعت أنها مسلمة، حيث سجّل الحضور الأخطاء المتكرّرة في عرض الآيات القرآنية وتأويلها بطريقة تخدم أهدافها، وقد تسببت برمجة المحاضرة الثانية في وقت صلاة الجمعة في إحراج شديد للسلطات المحلية، التي حضرت النشاط الثقافي الكنسي، اضطر معها قائد المقاطعة إلى الانصراف للصلاة، ولحق به معظم الحضور من أبناء المدينة المسلمين، في حين تشبث منظمي النشاط من النصارى باستكمال اللقاء، الذي اختتم بمائدة مستديرة خصصت للتعريف بأعمال الكنسية في مدينة أصيلة وأنشطتها.
وبشكل فاجأ الحاضرين، تضمن برنامج النشاط في يومه الثاني، حصة لتعليم الرقص الشرقي والإسباني، قدمتها شابة مسلمة من بنات المدينة، التي قدمت، بلباس فاضح، رقصات مثيرة للغرائز على إيقاع الموسيقى الشرقية، حظيت بتصفيقات وتشجيع من الراهبات الحاضرات، حيث تحول النشاط من التبشير بالنصرانية إلى إثارة الغرائز ونشر الميوعة وإفساد الأخلاق، ولم تكتف الكنسية بالرقص فقط، بل قامت الراهبات بجولة ميدانية برفقة آخرين جاؤوا من إسبانيا، شملت أحياء فقيرة، للإطلاع على الأعمال الاجتماعية التي تقدمها الكنيسة لقاطني الأحياء الفقيرة، وتسود شكوك لدى المواطنين في أصيلة حول الشباب المسلم الذي يرتاد الكنيسة، مفادها أنه ممن تم تنصيرهم . وخلف النشاط ذاته استنكارا واسعا لدى جمعيات المجتمع المدني، الذين شككوا في الأهداف الخفية وراء الأعمال التي تقوم بها الكنيسة في مدينة أصيلة، ومدى وجود مراقبة للسلطات الأمنية وتتبعها لتلك الأنشطة، للحيلولة دون تحولها إلى أعمال تنصيرية تتخفى وراء العمل الثقافي والاجتماعي. [صحيفة التجديد المغربية 7 / 11 / 2007].
على أن هذه الظاهرة التنصيرية برغم أنها لم تنجح في التنصير الكامل إلا أن مساعيها ليست بالضرورة فاشلة، ومن المهم ألا نغفل أن هذا الجهد لا يريد تنصير كل المسلمين ولا نسبة عالية منهم وإنما تشكيك المسلمين في دينهم، ومع ثقتنا بإيمان المسلمين في المغرب؛ فإننا لا يمكننا رصد الأثر التشكيكي لهذه الجهود، وعساها تكون جهد هباء.. لكن هل من الكياسة أن نرتكن فقط إلى ثقتنا بإيمان العوام!!
أسرة تعتزم مقاضاة مؤسسة تعليمية أمريكية ''نصرت'' طفلها بالبيضاء
الدار البيضاء/ تقرير بلال التليدي:علمت مصادر صحفية مطلعة أن والد طفل تعرض للتنصير من قبل مؤسسة تعليمية أمريكية بالدار البيضاء يعتزم تقديم شكاية إلى النيابة العامة في الموضوع، ومن المرتقب أن يقدم الأستاذ مصطفى الرميد الذي ينوب عن الوالد الشكاية إلى الوكيل العام للملك حال توصله بشهادة طبية من الطبيب المختص الذي يعالج الطفل ليستوفي المستندات اللازمة.
ويقول والد الطفل إن ابنه الذي يبلغ من العمر 12 سنة، يعاني من أزمة نفسية بسبب ما تعرض له، واضطر إلى معالجته لدى طبيب مختص. ويعاني الطفل من حالة تناقض شديدة بين شخصيته التي خضعت للتنصير وواقع والديه المسلمين، مضيفا أن المؤسسة المذكورة استغلت التعليم لإخضاع ابنه إلى عملية ممنهجة دامت منذ التحاقه بها في سنه السادسة إلى أن تنصر بشكل كامل في سن 12
ودعا الرميد إلى فتح بحث موضوعي في هذه الحالة لافتا إلى امكانية تعرض أطفال آخرين للعملية نفسها، مطالبا الجهات المختصة إلى تحمل مسؤولياتها.
وفي تصريح لـ'' جريدة التجديد المغربية'' عبر الأستاذ مصطفى الرميد عن استنكاره الشديد لمحاولات التذرع بحرية المعتقد وحرية الرأي لممارسة التنصير على أطفال قاصرين، وقال: ''لو كان الأمر يتعلق براشدين لأمكن قبول ذلك نظريا من زاوية منظومة حقوق الإنسان، لكن أن يتم استغلال فقر الناس وجوعهم وصغر بعضهم أو استغلال مؤسسات تعليمية لممارسة التنصير فالقانون الجنائي''، يضيف الأستاذ الرميد، ''صريح في معاقبة مرتكبي هذه الجريمة''، في إشارة منه إلى الفصل 220 من مجموعة القانون الجنائي الذي يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم من استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو دور الأيتام، كما يجيز في حالة الحكم بالمؤاخذة أن يحكم بإغلاق المؤسسة التي استغلت لهذا الغرض، وذلك إما بصفة نهائية أو لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات.
ومن جهته، انتقد سعد الدين العثماني ، بشدة تصريحات السفير الأمريكي حول ترحيل 27 أجنبيا من جنسيات مختلفة، متهمين بالتبشير ضد مواطنين المغاربة المسلمين، وقال رئيس المجلس الوطني للعدالة والتنمية، في تصريحات أدلى بها لقناة الجزيرة: ''إن السفير الأمريكي صامويل كابلان تجاوز حدود عمله الدبلوماسي، وعليه أن يتعلم الوقوف عندها''. وأضاف العثماني أن القانون المغربي يجب أن يطبق في مثل هذه الحالات.
وأشار سعد الدين العثماني إلى أن القانون ينص على معاقبة من ثبت تورطه في استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم بالحبس ما بين ستة أشهر وثلاث سنوات، إضافة إلى غرامة مالية، ثم الترحيل بعد ذلك.
وكان السفير الأمريكي ''كابلان'' قد علق على هامش تقديم تقرير الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان بالرباط، على قرار الحكومة المغربية بطرد العديد من المسيحيين من البلاد، بكونه أصيب بالإحباط والبؤس، متوقعا من جميع المواطنين الأمريكيين في المغرب احترام القانون المغربي، معبرا عن أمله في أن يرى ما أسماه ''تحسينات هادفة في تطبيق الإجراءات القانونية الواجبة في مثل هذه الحالات''. يذكر أن تقارير الحرية الدينية التي تصدرها الخارجية الأمريكية تحرص كل سنة على تغطية أشكال تعامل الحكومة المغربية مع المبشرين، مدرجة القرارات السيادية التي يتخذها المغرب لتحصين أمنه الروحي وحماية القاصرين من خطر التنصير ضمن خانة القيود المفروضة على الحرية الدينية أو ضمن خانة الانتهاكات للحرية الدينية.