مصادر من داخل مخيم الرمل في سوريا تؤكد:
وقوع عشرات القتلى وتهجير جماعي
أحمد أبو مطر
أكدت مصادر خاصة لـإيلاف أن عشرات القتلى والجرحى سقطوا خلال العملية العسكرية التي شنّها الجيش السوري في مخيم الرمل، ومن بين الضحايا بعض الأطفال الذين لم يتجاوز سنّهم العامين فقط.
عدد القتلى فاق الخمسين
أتمنى لو كنت أستطيع ذكر أسماء الفلسطينيين الذين هاتفوني من داخل مخيم الرمل في مدينة اللاذقية، حيث أكّدوا لي أن العمليات العسكرية التي قامت بها القوات الخاصة بالنظام السوري، وبأوامر شخصية من ماهر الأسد، ودامت فعلاً أكثر من أسبوع، بقصف برّي وبحري للمخيم.
وتؤكد هذه الاتصالات أنّ القتلى في مخيم الرمل من الفلسطينيين ومن السوريين في الأحياء المجاورة له، فاق عددهم الخمسين قتيلاً، بينما تمّ تهجير وهروب ما لا يقل عن خمسة ألاف لاجئ فلسطيني من مجموع سكان المخيم، الذين يقدّرون بحوالي عشرة آلاف لاجئ.
في اتصال هاتفي من صديق فلسطيني مقيم في كندا، أكّد لي أن من ضمن القتلى بنت أخته المقيمة مع عائلتها في المخيم، ومن القتلى أطفال لا تزيد أعمارهم عن عامين.
هذا وقد ربطت مصادر فلسطينية في مدينة رام الله، هذا القصف الإجرامي للمخيم بأول بيان صدر من إعلام نظام الأسد في مارس/آذار الماضي، عند اندلاع ثورة الشعب السوري، إذ قال (إنّ المتظاهرين والثائرين هم إرهابيون فلسطينيون متحالفون مع سلفيين إسلاميين)، وحاول الزجّ بالأردن على أنها مصدر تهريب السلاح لمدينة درعا.
فعمّت مدن الضفة الغربية، خاصة مدينة رام الله، موجة غضب عارمة من توحش نظام الأسد على المخيمات الفلسطينية، وهو العمل الإجرامي نفسه الذي شهده مخيم اليرموك الواقع على أطراف العاصمة دمشق في مايو/أيار الماضي.
بدوره أدّان ياسر عبد ربه أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والدكتور زكريا الأغا مسؤول ملف اللاجئين في المنظمة، هذه الأعمال الإجرامية التي أكّدتها وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على لسان الناطق الرسمي باسمها (كريس غونيس)، وطالب السلطات السورية بالسماح للوكالة بدخول المخيم لتقديم العون للأسر المنكوبة ومحاولة إيجاد حل للمهجرين من المخيم. وحتى كتابة هذا التقرير لم تسمح سلطات النظام السوري لوكالة غوث اللاجئين من دخول المخيم ومواصلة أعمالها الإنسانية.
مصادر المجلس الوطني الفلسطيني تؤكد القصف والجرائم
وقد أكّد لـ"إيلاف" عضو معروف في المجلس الوطني الفلسطيني من العاصمة الأردنية عمّان، فضّل عدم ذكر اسمه، بسبب تردده على دمشق لأمور خاصة باجتماعات واتصالات المجلس، أن عدد القتلى والمهجرين لا مبالغة فيه، من خلال ما ورد من معلومات مؤكدة من داخل المخيم ومدينة اللاذقية.
واستنكر هذا المسؤول تصريحات بعض الفلسطينيين المقيمين في دمشق، خاصة أحمد جبريل مسؤول الجبهة الشعبية، القيادة العامة، إذ يحاول هؤلاء الفلسطينيون المرتبطون بأجهزة النظام السوري نفي أي قصف أو قتل أو تهجير، وكأنهم أصدق من وكالة الأونروا، التي لا دخل لها بالأمور السياسية، بل ترصد وتعلن ما تشاهده ميدانيًا.
الفلسطينيون لم ينسوا بعد حصار الدبابات السورية لطرابلس في شمال لبنان عام 1983وذكّر هذا المسؤول في المجلس الوطني الفلسطيني، أنّ هذا الموقف ليس غريبًا على أحمد جبريل وحلفائه من الجماعات الفلسطينية المقيمة في دمشق، فهو الذي قاد وقام بحربَي المخيمات الفلسطينية في بيروت عامي 1986 – 1988 بحجة وجود أنصار حركة فتح وياسر عرفات فيها. هاتان الحربان أوقعتا ما لا يقل عن ألفي قتيل فلسطيني، وتهجير الآلاف منهم إلى مخيمات جنوب لبنان.
هذا ولا ينسى الفلسطينيون أيضًا حصار دبابات النظام السوري في نهاية عام 1983 مدينة طرابلس في شمال لبنان، بسبب وجود ياسر عرفات فيها، وقصفها بدعم المنشقين عن فتح (أبو موسى) وجماعة أحمد جبريل، إلى أن تحقق لهم ما يريدون، وهو طرد ياسرعرفات وقيادته من المدينة. أي إنّ قصف وقتل وتهجير سكان مخيم الرمل في مدينة اللاذقية ليس أول جرائم نظام الأسد ضد الفلسطينيين. السؤال الذي يطرحه الفلسطينيون هو: لماذا قصف مخيم الرمل الفلسطيني، رغم أنّ سكانه لم يشاركوا في أية أعمال أو مظاهرات ضد النظام، قام بها سكان مدينة اللاذقية السورية؟.
ويرى البعض أنها مهمة ذات هدفين: الأول قتل ووقف التظاهرات السورية العارمة في مدينة اللاذقية ضد النظام، وعلى هامش ذلك رسالة من النظام إلى دولة إسرائيل مفادها: ونحن أيضا نقتل الفلسطينيين، وهذا دعم لرسالة رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد الشهيرة لدولة إسرائيل في مقابلته مع نيويورك تايمز في مايو الماضي، حيث قال حرفيًا: "إذا لم يكن هناك استقرار هنا في سوريا فمن المستحيل أن يكون هناك استقرار في إسرائيل.