?{? أغلى عملية بوليسية في التاريخ 164 مليون دولار تحت تصرف منفذي العملية..!!
?{? 17 ألف جندي امريكي إقتحموا قناة بنما وعادوا بنورييغا حيا يرزق لمحاكمته في امريكا..!!
للكاتب سعيد الجزائري
في دنيا المخابرات هناك اشياء خطيرة ومثيرة وكذلك هناك مغامرات.. وقصص بوليسية .. الى جانب مواقف طريفة وفي هذه الحلقة نلم ببعض هذه القصص المثيرة والطريفة
ومنها قصة القبض على الجنرال نورييغا وهي من عمليات الاستخبارات الامريكية البوليسية التي جرت في بنما
معطف مستشار نيكسون يتكلم
في عام 69 كان الرئيس الامريكي في باريس في زيارة رسمية وكان كبير مستشاريه (هيلدمان) في طليعة الوفد المرافق وكانت المخابرات الفرنسية قد دست جهاز بث صغير في ثنايا معطفه الجلدي خلال لقاءاته البروتكولية الاولى مع الشخصيات الفرنسية. هليدمان لم يكتشف الجهاز المزروع في معطفه الا بعد ايام من العودة الى واشنطن ومعنى ذلك ان المخابرات الفرنسية اسمتعت جيدا بالتقاط الكثير من الاحاديث التي كانت تجري بين كبار الموظفين في البيت الابيض وقد كتب هليدمان في مذكراته لاحقا انه عندما اطلع المخابرات الامريكية على امر جهاز التنصت الذي زرعه الفرنسيون في معطفه لم يكترثوا كثيرا واجابوه: هذه من الاعمال الاستخباراتية العادية ولو كان رئيسهم عندنا لكنا فعلنا الشئ نفسه
ليلة القبض على الجنرال نورييغا
ربما تكون عملية القاء القبض على نوريغا ديكتاتور بنما السابق هي اغلى عملية بوليسية في التاريخ فعلى غرار افلام هوليوود باهظة التكلفة نفذت الولايات المتحدة الامريكية دراما سينمائية على ارض الواقع تستهدف الانتقام من تاجر المخدرات المتبجح الذي تجرأ على تسهيل صفقات كوكايين من بلاده بنما الى داخل الحدود الامريكية.
وبشكل مفرط في الاثارة وضعت الحكومة الامريكية 164 مليون دولار تحت تصرف منفذي العملية وانطلق 17 الف جندي امريكي من مختلف الفصائل فاقتحموا قناة بنما وعادوا بنورييغا حيا يرزق وسلموه للمحاكمة في ولاية ميامي الامريكية.
الا ان الدراما السينمائية لم تنته عند ذلك بل ان الجوالاكثر اثارة يبدا بعد تسليم نورييغا الى المحكمة فلكي تدين المحكمة نورييغا اضطر وكلاء النيابة العامة لعقد صفقات وابرام اتفاقيات مع اكثر من اثني عشر من كبار مروجي المخدرات وقدموا لهم تنازلات بلغت حد اسقاط التهم عنهم ومنحهم احكاما مخففة وحتى السماح لبعضهم بالاحتفاظ بثروتهم التي جمعوها من تجارة الكوكايين مقابل الادلاء باعترافهم ضد الدكتاتور نورييغا
نجحت الخطة واتت ثمارها بان حكمت الهيئة القضائية على نورييغا بالسجن لمدة 120 سنة بعد ادانته في ثماني تهم من بينها الابتزاز والتآمر على دول اجنبية وترويج المخدرات وغسيل اموال وبالتالي يصبح نورييغا هو اول رئيس غير امريكي يحاكم بتهمة خرق قوانين امريكية ويحاكم طبقا لقوانين غير قوانين بلاده ويسجن في سجون خارج بلاده ويختطف من منزله وتشن حرب على البلاد باكملها بسببه كل ذلك يحدث لاول مرة في التاريخ المعاصر
مخدرات... دولارات
على رأس قائمة الشهود كان كارلوس ليدر الذي كان قد حكم عليه بالسجن لمدة 134 سنة عن تهمتي ترويج المخدرات والابتزاز الا انه انتقل الان ضمن بقية الشهود الى برنامج حماية الشهود بعد ان اعترف بان نورييغا قبض ملايين الدولارات لقاء السماح للسفن التي تحمل شحنات المخدرات بالرسو على شواطئ بنما في طريقها للولايات المتحدة.
ومنذ تلك اللحظة التي سجل فيها ليدر هذا الاعتراف تم نقله الى سجن جديد بعد معاملة خاصة لحماية الشهود واحضرت السلطات الامريكية اسرة ليدر لكي تعيش في مكان امن وغير معروف تحت حماية الولايات المتحدة الامريكية في الوقت الذي يرى فيه رجال القانون والمنفذون لعملية اختطاف نورييغا ان العدو الاول في عملية ادخال المخدرات لامريكا هو ليدر نفسه وليس نورييغا!!
الوشاة.. والعقوبات
ويأتي لويس دلسيد مراس نورييغا ضمن قائمة الشهود الذي كان من المفترض ان يقضي حكما بالسجن لمدة 70 عاما عن تهمتي الاتجار بالمخدرات والابتزاز الا ان انضمامه الى الاعتراف ضد نورييغا جعل الحكم يخفف عنه الى عشر سنوات فقط دون ابعاده عن الولايات المتحدة الامريكية مع السماح له بحق الاحتفاظ بالفندق الذي اشتراه من اموال المخدرات وقيمته (100 الف دولار)
ثم المجرم السابق والشاهد فيما بعد (ماكس) الذي كان من المفترض ان يحكم 90 عاما ولكن طبقا لاتفاقه مع المخابرات ووكلاء النيابة فقد خفف الحكم عنه الى عامين فقط (سامحوه بـ 88 سنة سجن واكرموه ليوقع بالجنرال نورييغا وتم الافراج عن مبلغ 700 الف دولار من اموال المخدرات ايضا) وسيظل تحت حماية الولايات المتحدة الامريكية مع اسرته حيث يجري تبديل اسمه واسم عائلته ونقله للسكن في مسكن امن من مساكن المخابرات الامريكية.
والقبطان البحري فلويد كارلتون الذي قبض عليه وحوكم بتهمة تهريب (88 طن كوكايين) وحكم عليه بالسجن 9 سنوات ونتيجة (تحويله ايضا) كشاهد ضد الرئيس نورييغا تم اخلاء سبيله من السجن على ان يوضع تحت الاختبار لمدة ثلاث سنوات
قصة الطيار الامريكي الجاسوس
في قصة عملية القبض على نورييغا في بنما رأينا كيف ان شهود الاتهام في هذه القضية جلهم من تجار المخدرات وكيف استطاعت امريكا حمايتهم ليوقعوا بنورييغا رغم جرائمهم التي وصلت الى حد ان احد الشهود متهم بتهريب 88 طن كوكايين ورغم ذلك لم يحاكم بالسجن وفي قصة الطيار الامريكي باورز نرى كيف تنكرت امريكيا للجاسوس الامريكي في مواقف درامتيكية توضح غرابة هذا العالم .. عالم المخابرات.. تقول القصة:
جري باورز هذا عرف الاضواء عن طريق السجن عام 1960 ركب طائرة وتجول بالقرب من سماء الاتحاد السوفيتي فضربت طائرته وقبض عليه وسجن وكشفت قصته: فقد كان في مهمة تجسس خاصة لصالح امريكا وكانت الخطة ان ينفذ مهمته بالطيران بين تركيا وباكستان ثم فوق روسيا ومن هناك الى النرويج ولكي يقوم بتلك المهمة تدرب كثيرا في اليونان وايطاليا والمانيا الغربية وطار ساعات طويلة على الحدود السوفيتية يحاكم باورز ويخرج الاسرار من اعمق الاعماق وقف المتحدث الرسمي باسم البيت الابيض امام الصحفيين وقال: اننا لا نعرف شيئا عن جاري باورز هذا ولا طائرته الاستطلاعية المزودة برادارات تجسس
بيع بالجملة
هكذا اذن بيع الطيار بمنتهى البساطة كما باعت المخابرات السوفيتية سابقا جاسوسها الدكتور رتشارد سورج حيث تم اعدامه في طوكيو وبعد اكثر من عشرين عاما تذكرته المخابرات السوفيتية فاطلق اسمه على شارع كبير في مدينة باكو واطلق اسمه على باخرة نقل كبيرة حتى الان بل وصدرت الطوابع السوفيتية تحمل صورته بعد منحه وسام العلم الاحمر
اما بالنسبة للكابتن باورز فالطريف في قصة انكاره ان رئيس الوزراء الروسي خرج هو الاخر ليكمل الكذبة ليؤكد تصريحات امريكا وقال (ان الخطر الذي يهدد السلام لا يكمن فقط في المشاكل المتنازع عليها على مستوى رؤساء الدول ولكن ايضا في الاستقلال الذي يتمتع به العسكريون بالنسبة لسلطة بلادهم) وكان معنى الرسالة ان روسيا تنفي مسؤولية البيت الابيض عن العملية وتوحي بانها تمت بعيدا عن الرئيس ولكن بقرار من العسكريين
وصدر الحكم على جاري باورز بالسجن عشر سنوات بتهمة التجسس ثم تم تبادله مع الجاسوس العقيد ابيل المحكوم بتهمة التجسس ايضا في امريكا لمدة ثلاثين عاما