محاكمتها في نيويورك لا تقدم أجوبة عن اختفائها لمدة 5 سنوات حيث تُتَهَمْ الاستخبارات الباكستانية والأمريكية بخطفها
السؤال الأهم هو أين طفلاها المفقودان ولماذا اشترطوا على ابنها المطلق سراحه عدم التحدث لوسائل الأعلام
الدكتورة صديقي وعائلتها ومناصريها يقولون أنها بريئة من كل التهم الموجهة إليها فيما يحاول الأمريكان أدانتها اتهامها بالجنون
ترجمة -كريم المالكي -عن الغارديان:
الدكتورة عافية صديقي عالمة باكستانية في الأعصاب وأم لثلاثة أبناء ، تنتظر محاكمتها في نيويورك باتهامات عديدة من بينها محاولة قتل. لكن ما زالت هناك أسئلة غامضة كثيرة تتعلق بحياتها لاسيما ما يتعلق بصلاتها بتنظيم القاعدة والسنوات الخمس التي ظلت فيها مفقودة وكيف استطاعت تلك المرأة ان تطلق النار على ضابط امريكي؟
في صباح يوم صيفي حار ،قبل 18 شهرا دخل فريق يتكون من أربعة أمريكيين , اثنان من عملاء مكتب التحقيقات واثنان من ضباط الجيش الامريكي الى غزني وهي بلدة تبعد 50 ميلا جنوب كابول. ويبدو انهم جاءوا لمقابلة اثنين من السجناء غير العاديين: امرأة ترتدي البرقع وابنها البالغ من العمر 11 عاما، ألقي القبض عليهما قبل يوم. وكانت الشرطة الأفغانية قد اتهمتما بأنهما انتحاريان. لكن ما يهم الأمريكيين ، كان ما يحملاه من ملاحظات حول القيام ب"هجوم شامل" " في الولايات المتحدة وعلى أهداف من بينها تمثال الحرية لانه كانت بحوزتهما مجموعة من الجرار والزجاجات التي تحتوي على "مواد كيميائية ".
وفي مركز شرطة المدينة حينما دخل ضباط أمريكيون تابعون لوكالة الاستخبارات الأمريكية الى الغرفة التي كانت محتجزة فيها لم يجدوا صديقي فوضــع أحدهم سلاحه –الذي هو بندقية نوع ام-4- على الطاولة بعدها تناولته الدكتورة (عافية) التي كانت مختفية خلف الستار بجانب الباب؛ وأطلقت النار على الضباط وهي تردد "الله اكبر"،ولكنها أخطأتهم، ولم تصب أحداً منهم ، فقام أحدهم بإطلاق النار ،فأصابها بطلقة في صدرها حيث سقطت على الارض وهي تصرخ بانها تريد قتل الامريكيين.
وعما إذا كان هذا المشهد خيالا أم واقعا فإنه سيتقرر قريبا في قاعة محكمة مانهاتن.ان المرأة هي الدكتورة عافية صديقي وهي طبيبة اعصاب باكستانية وأم لثلاثة أطفال. لقد قُدمَ وصف اطلاق النار هذا في يوليو 2008 من قبل الادعاء العام. ومما لا شك فيه أن هناك حادثة وقعت وتعرضت المرأة لإطلاق النار ، وبعد ذلك اخذتها مروحية الى قاعدة باغرام الجوية حيث قام المسعفون بفتح بطنها للبحث عن الرصاصات.وأظهرت السجلات الطبية انها نجت من الموت بأعجوبة .وبعد سبعة عشر يوما نقلت جوا الى نيويورك حيث تواجه الآن سبع تهم بالاعتداء ومحاولة قتل.وإذا تمت إدانتها ، فإن العقوبة القصوى التي تنتظرها هي السجن مدى الحياة.
وفي وقت ما وضع الادعاء العام الدكتورة صديقي التي تلقت تعليمها في معهد ماساتشوستس ، المرأة المطلوبة الاولى في العالم . في عام 2003 اختفت صديقي في ظروف غامضة لمدة خمس سنوات ، وخلال هذه الفترة أطلق عليها اسم "ماتا هاري تنظيم القاعدة أو سيدة باغرام السجينة"او ضحية الوحشية الامريكية.
وفي ظل المعلومات القليلة المحيطة بظروف أسرها – فهل حقا فتحت النار على الضابط الامريكي؟ ان صديقي التي بدت واهنة اعلنت في البداية بانها غير مذنبة وأصرت على انها لم تلمس بندقية الجندي. ويقول محاموها ان النسخة الدراماتيكية للادعاء العام عن اطلاق النار غير صحيحة.الآن وبعد أشهر من الجلسات السابقة ،يبدو انها عازمة على إفساد العملية برمتها. وخلال جلسة عاصفة سابقة، قاطعت صديقي القاضي، ووبخت محاميها الخاص وأطلقت نداءات صاخبة في قاعة المحكمة ،حيث قالت "أنا اقاطع هذه المحاكمة وأنا بريئة من كل التهم الموجهة إلي واستطيع اثبات ذلك ، لكنني لن أفعل ذلك في هذه المحكمة، وطلبت التحدث مع الرئيس أوباما لغرض "صنع السلام" مع حركة طالبان. وعلى الرغم من انها طردت من قاعة المحكمة لكنها قالت وبتحد "خذوني فأنا لن أعود".
ان المحاكمة التي من المقرر أن تكون بدأت في ديسمبر الفائت ، ليست سوى جزءا واحدا من لغز أكبر. انها حكاية جواسيس ومتشددين ، واختفاء ، وخداع ، التي تُلعَبْ في باكستان وأفغانستان منذ عام 2001. وفي البحث عن إجابات كان لابد من المرور على باكستان،وتعقب أقارب صديقي ،وزراء متقاعدين ، أنواعا من الجواسيس الغامضين وناشرين . وكانت الحقيقة بعيدة المنال. لكن كل شيء بدأ في كراتشي حيث ولدت صديقي قبل 37 عاما.
كان والداها من الطبقة المتوسطة ومن معتنقي الإسلام، ويؤمنون بأهمية التعليم. والدها ، محمد ، طبيب ؛ ووالدتها ،عصمت ، أيدت الديكتاتور الجنرال ضياء الحق. وكانت عافية مراهقة ذكية ، وفي عام 1990 التحقت بشقيقها الاكبر في الولايات المتحدة حيث قبلت في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وفيما بعد في جامعة برانديز ،لتتخرج دكتورة في علم الأعصاب الإدراكي. تزوجت في عام 1995 من طبيب شاب من كراتشي يدعى أمجد خان.
وكانت صديقي ناشطة إسلامية متقدة حيث قادت في بوسطن حملة من أجل أفغانستان، والبوسنة والشيشان لكن الجمعيات الخيرية التي عملت معها كانت متشددة من بينها فرع نيروبي ، التي لها صلة بتفجيرات السفارة الامريكية في شرق افريقيا ، وثلاث جمعيات خيرية أخرى تم حظرها في وقت لاحق في الولايات المتحدة لعلاقتها بتنظيم القاعدة.
وبعد ثمانية اشهر من هجمات 11 سبتمبر 2001 حدثت نقطة التحول في حياة صديقي. ففي مايو 2002، استجوب مكتب التحقيقات الفدرالي زوجها عن عمليات شراء عبر الإنترنت غير عادية قاما بها بقيمة حوالي 10 آلاف دولار كانت نظارات للرؤية الليلية ودروعا واقية و45 كتابا عسكريا، وقال خان انه اشترى المعدات للصيد ورحلات التخييم. وبعد بضعة أشهر عاد الزوجان الى باكستان وتطلقا في اغسطس 2002، قبل اسبوعين من ولادة طفلهما الثالث ، سليمان.
وفي 25 ديسمبر تركت صديقي أطفالها الثلاثة مع والدتها في باكستان، وعادت إلى الولايات المتحدة بحجة التقديم للحصول على وظيفة أكاديمية. وخلال الرحلة التي استغرقت 10 أيام ، فتحت صديقي صندوق بريد باسم مجيد خان ،وهو ناشط مزعوم في تنظيم القاعدة متهم بالتخطيط لنسف محطات وقود في منطقة بالتيمور. وقال ممثلو الادعاء فيما بعد انها كانت تعمل لتسهيل دخوله الى امريكا.
بعد ستة اشهر من حصولها على الطلاق تزوجت عمار البلوشي ، وهو ابن شقيقة العقل المدبر لهجمات سبتمبر خالد شيخ محمد في كراتشي. ونفت أسرة صديقي إجراء مراسم الزواج ، ولكن أكدته المخابرات الباكستانية والأمريكية ، وأقارب البلوشي .
وفي مارس 2003 ، اصدر مكتب التحقيقات تحذيرا عالميا بشأن صديقي وزوجها السابق، وبعد بضعة أسابيع اختفت صديقي . ووفقا لرواية أسرتها صعدت في سيارة أجرة مع أطفالها الثلاثة –أحمد 6 سنوات ومريم 4 سنوات وسليمان 6أشهر وتوجهوا إلى مطار كراتشي لكنهم لم يصلوا قط.
وفي البداية كان من المفترض أن تكون صديقي قد التقطت في باكستان من قبل الاستخبارات الداخلية) بناء على طلب من وكالة المخابرات المركزية. وبدا أن هذه النظرية قد أكدتها تقارير وسائل الإعلام الأمريكية على أساس إن اسم صديقي قد أعطي عن طريق محمد، الشخص المحرض على هجمات 9 / 11 ، والذي اعتقل قبل ثلاثة أسابيع. لكن هناك العديد من الاحتمالات لما حدث بعد ذلك.،فوفقا للحكومة الأمريكية ، كانت صديقي تتآمر لصالح أسامة بن لادن. في مايو 2004 أدرجها وزير العدل الأمريكي جون اشكروفت ضمن أكثر سبعة من "المطلوبين" الفارين من تنظيم القاعدة.
لكن عائلة صديقي ومناصريها يدلون بقصة مختلفة مفادها أنها بدلا من التخطيط لهجمات ، أمضت صديقي السنوات الخمس التي فقدت فيها في مركز الاعتقال في باغرام ، شمال كابول ، حيث تعرضت لأهوال لا توصف. وتصر ايفون ريدلي ، الصحافية البريطانية التي اعتنقت الإسلام، على أنها هي " سيدة باغرام السجينة " – التي كانت تبقي السجناء مستيقظين بسبب تنهداتها المؤرقة وصرخاتها المؤثرة. وتقول ايفون ريدلي :في عام 2005 قام السجناء من الذكور الذين اثرت فيهم محنتها وصرخاتها بإضراب عن الطعام لمدة ستة أيام. وبالنسبة لدعاة مثل ريدلي، أصبحت صديقي رمزا للممارسات الأمريكية مثل الاختطاف والترحيل السري والتعذيب. وتضيف "ان صديقي رمز في العالم الإسلامي.وان الناس غاضبون من الإمبريالية والهيمنة الأمريكية ". ولكن كل من الجيش ومكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية – ينفون احتجازها. وفي العام الماضي اعلن سفير الولايات المتحدة في إسلام أباد ، آن باترسون بشكل قاطع أن صديقي لم تكن في عهدة الولايات المتحدة "في أي وقت" قبل يوليو 2008.
ولمعرفة حقيقة هذه الروايات ذهب( كاتب الموضوع) إلى كراتشي مسقط رأس صديقي.وهناك في منزل العائلة الفسيح فى منطقة جولشان اقبال تناول الافطار مع شقيقتها فوزية التي قدمت له صورا لامرأة شابة مبتسمة ووصفتها بأنها ضحية مؤامرة دولية. واتهمت الولايات المتحدة بإساءة معاملة شقيقتها في باغرام ثم قدموها للمحاكمه في اطار بشع عن العدالة. وقالت " انا قلقة من هذه المحاكمة [في نيويورك] لانها مجرد دراما كبيرة ، فقد كتبوا السيناريو الذي يريدونه.
وكانت فوزية ، وهي خريجة جامعة هارفارد في تخصص الأعصاب ، محبطة بسبب قلة المعلومات. وأجابت على أسئلة حول اختفاء اختها في مكان ما بين عامي 2003 و 2008 بشكل مقتضب. "والقت باللوم على تقارير الصحافة الأمريكية الحاقدة التي تحدثت عن صلاتها بتنظيم القاعدة حيث وصفتهم بأنهم عملاء وكالة الاستخبارات المركزية".
والشيء الغريب ، أن الشخص الذي كان يجب ان يفك اللغز بشكل كامل كان يعيش في نفس المنزل. فبعد اعتقاله مع والدته في غزنة في العام الماضي ، 11 عاما ، نقل أحمد صديقي جوا الى باكستان بناء على أوامر من الرئيس الافغاني حامد كرزاي . ومنذ ذلك الحين وهو يعيش مع عمته فوزية. إلا أنه ممنوع من التحدث الى الصحافة - حتى مع ايفون ريدلي - لأنهم قالوا لها بانه تحت تاثير الصدمة. ثم قالت فوزية وبلهجة صارمة: "احمد لم يسمح له بالتحدث إلى الصحافة، وذلك جزء من اتفاق إعادته لنا" . وحين سألتها "من هم؟". لوحت فوزية باصبعها في الهواء ،"الشبكة، الذين أتوا به الى هنا". وبعد لحظات اعتذرت فوزية معلنة انتهاء المقابلة.و بينما كانت تسير معي الى البوابة ، دهشت من إغفال امر آخر وهو ان فوزية لم تذكر سوى احمد (11 عاما) ،ولم تشر الى مريم أو سليمان ، اللذين ما زالا مفقودَين. ووسط هذه الضجة المثارة حول سجن الأم يبدو امر نسيان هؤلاء الاطفال امرا غريبا جدا.
وفي تلك الليلة ذهبت لأرى زوجها السابق أمجد خان. ورويت ما قالته فوزية. تنهد وهز رأسه وقال: "انها سحابة دخان" فهي محاولة منها لتحويل الانتباه". وقال في حقيقة الأمر أن صديقي لم ترسل الى قاعدة باغرام الجوية بل أمضت خمس سنوات مع أطفالها الثلاثة تحت مراقبة الاستخبارات الباكستانية. كانت تتنقل بين كويتا في مقاطعة بلوشستان وإيران ومنزل في كراتشي كنت زرته في وقت سابق. وعندما سألته عن الدليل بدأ بالحديث من البداية. لقد رتب آباؤنا الزواج، وبالرغم من وجود مشتركات كثيرة - التعليم والثروة والحب للإسلام المحافظ ، لكنا تزوجنا عبر الهاتف. وبعد فترة وجيزة انتقلنا الى أمريكا . وبعد ستة أشهر من الزواج ، طلبت صديقي الانتقال الى البوسنة. ورفض خان ذلك، وتنامى في داخله انزعاج من حبها الشديد للقضايا التي تنشط بها. وخلال مشادة غاضبة قذف زجاجة الحليب على زوجته فشق شفتها الى قسمين.
وبعد 11 / 9 أصرت صديقي على العودة إلى باكستان ،وكانت تقول لزوجها ان الحكومة الامريكية ترغم الأطفال المسلمين على التحول الى المسيحية. وفي وقت لاحق ضغطت عليه لكي يذهب الى "الجهاد" في أفغانستان من خلال العمل في مستشفى في ولاية زابول. ورفض خان عرضها، مما تسبب باندلاع خلاف شديد ،ويستذكر ما حدث: "دخلت بحالة هستيرية وضربتني على صدري ، ومن ثم طلبت الطلاق،".
بعدها في مارس 2003اختفت صديقي فيما بدأ خان يقلق على أطفاله فهو لم ير ابنه الأصغر ، سليمان. لكنه طُمئنَ بانهم ما زالوا في باكستان. واخبرت الاستخبارات الباكستانية عائلته بانهم يتابعون تحركاتها ، واللافت للنظر ان خان ادعى انه رأى زوجته السابقة بأم عينيه حيث قال انه في أبريل 2003 طلبت وكالة الاستخبارات الباكستانية منه التعرف على زوجته السابقة لأنها قادمة على طائرة من اسلام اباد برفقة ابنها. وبعد عامين قال انه رصدها مرة أخرى في ازدحام للمرور في كراتشي، لكنه لم يدل بهذه المعلومات ليحميها من أجل أطفاله.
ان رواية خان للأحداث أغضبت عائلة زوجته السابقة حيث اطلقت فوزية دعوى متهمة اياه بالتشهير وقد هاجمته في الصحافة ووصفته بالزوج الخائن الذي يسعى الى"تدمير" عائلته. "ووصفت زواج عافية منه بالخطأ الاكبر" ،فيما قال خان:انها وسيلة لإسكاته في وسائل الإعلام لانتزاع أطفاله. ان تفسير خان للاحداث دعمه شخص واحد ادعى أنه التقى صديقي في الفترة ما بين 2003 و 2008 إنه عمها ، شمس الحسن فاروقي حيث وصف انه عقد لقاء غريبا مع ابنة أخته في يناير 2008 أي قبل ستة أشهر من القبض عليها في أفغانستان. وقال خان: بدأت عندما توقفت سيارة بيضاء فيها امرأة تلبس البرقع امام بوابة بيته.وما ان اقتربت تعرف عليها من صوتها.ويستذكر ما قالته : "عمي ،أنا عافية". لكنها رفضت مغادرة السيارة وأصرت على التوجه إلى مطعم قريب للتحدث. أخبرته صديقي انها كانت في اسر باكستاني وأمريكي منذ عام 2003 ، ولكن التفاصيل غامضة. ثم قالت "كنت في زنزانة لكني لا أعرف في أي بلد أو أي مدينة. وقد استمروا في تحويلي من مكان لاخر. والآن حرة، لكن لا أزال تحت التجربة من قبل مسؤولي الاستخبارات في لاهور. وقد كلفوها بمهمة التسلل الى تنظيم القاعدة في باكستان. ولكن خلال اللقاء توسلت صديقي عمها ليهربها الى أفغانستان لتصبح في أيدي طالبان. ويقول: كان ذلك مطلبها الرئيسي حيث قالت:' سأكون آمنة مع طالبان". في تلك الليلة نامت صديقي في بيت الضيافة وبقيت مع عمها في اليوم التالي لكنها رفضت خلع النقاب. ويقول خان :لمحتها في مرة واحدة فقط حينما كانت تتناول الطعام ، واعتقدت ان أنفها قد تم تحويره.وحينما سألتها من أجرى لك جراحة تجميلية على وجهك؟ قالت : 'لا أحد".وفي اليوم الثالث اختفت صديقي مرة أخرى.
ووسط سيل من الادعاءات حول صديقي ،كان الصوت الأكثر حسما لم يسمع بعد ألا وهو صوتها لان المحاكمة التي من المقرر أن تبدأ في نيويورك عانت من التأخير. والأطول في هذا التأخير انفاق ستة أشهر على اختبارها النفسي الذي جاء بناء على طلب من ادعاءات الدفاع التي ذهبت الى القول ان صديقي أصيبت "بالجنون". اما القاضي ريتشارد بيرمان فقد قضى بأن صديقي "قد تكون لها بعض المشاكل المتعلقة بالصحة العقلية" لكنها لائقة لحضور المحاكمة.
ان القضية التي سيستمع اليها تركز على الجدل الدائر حول ما اذا قامت صديقي بإطلاق النار على جندي في مركز للشرطة الافغانية. وهكذا فإن الأسئلة الكبيرة لن يتم بحثها وهي عما إذا كانت وكالة الاستخبارات الباكستانية ، أو وكالة المخابرات المركزية قد خطفتا صديقي في عام 2003 ، وماذا فعلا بعد ذلك، واين طفلاها وهما الآن في عداد المفقودين. في واقع الأمر إن صياغة التهم تثير تساؤلا جديدا : إذا كانت صديقي تلك الإرهابية الخطيرة منذ خمس سنوات ،اذن لماذا لم يتم توجيه تهمة واحدة على الاقل؟
و قدم مسؤول باكستاني رفيع المستوى، اشترط الا يتم الكشف عن اسمه ، تفسيرا مشوقا. وقال: ان شخصا مثل صديقي لا يقدر بثمن. وهكذا فقد تكهن بانه في وقت ما خلال السنوات الخمس الماضية ، قد تكون الامور عُكسَتْ اي حولت الى الضد من قبل الاستخبارات الباكستانية أو الأمريكية. ثم يردف قائلا"إنه عالم غامض جدا". واضاف "ربما ان الامريكيين ليس لديهم تهم موجهة ضدها وربما لا يريدون الكشف عن مصادر معلوماتهم أو ربما لا يريدون ان يضعوا شخصا ما تحت دائرة الضوء امام العالم مرة أخرى. ان القضية تكمن في انك لن تعرف ابدا".