مرة أخرى وبمجرد اقتراب استحقاق انتخابي ما في المغرب نسمع من جديد أسطوانة ضرورة ربح رهان نسبة المشاركة الشعبية. مثل هذا الخطاب في واقع الأمر استخفاف بذكاء المغاربة، ذلك أن من يتحدث عن التعبئة لربح رهان المشاركة هو في الحقيقة يصور الشعب المغربي وكأنه قطيع بدون مبادئ يميل حيث تميل الكفة، فهل المشاركة في الانتخابات عملية بنائية تحتاج لدروس التقوية ؟ أم أن الأمر تحصيل حاصل لواقع تتوفر فيه الشروط الموضوعية للمشاركة في مثل هذه الاستحقاقات ؟
انطلاقاً من تحليل موضوعي ينضبط للمناخ السياسي المغربي نميل إلى القول بالرأي الثاني لاعتبارات كثيرة منها:
- لو كانت مشاركة الشعب المغربي في الانتخابات استجابة لنداء أحدهم، لما تخلفوا عن المشاركة في آخر استحقاق برلماني رغم النداء الذي وجهه الملك لهم فما بالك بزعيم حزب أو حركة.
- المواطن المغربي لا يرى أي فائدة في مشاركته في الانتخابات البرلمانية ما دامت السياسات العمومية توضع مخططاتها بشكل مسبق حتى على الانتخابات نفسها.
- تلعب الأحزاب السياسية دوراً مهماً في مقاطعة المغاربة للانتخابات، نظراً لضبابية التدبير الانتخابي (منح التزكية، الأعيان، استعمال المال…) وكذلك رضوخها لقوى لا علاقة لها بالانتخابات.
- تؤدي التحالفات الهجينة إلى إقبار تطلع المغاربة لوضوح سياسي داخل البلد، فلا يعقل أن نرى مثلا حزب اداري إلى جانب آخر يساري أو حزب أصولي يتحالف مع آخر تقدمي.
بالإضافة إلى مؤشرات أخرى كلها تؤدي إلى نفس الاستنتاج الذي يردده المغاربة وتأبى الدولة الإنصات له وهو أن مسألة المشاركة المكثفة في الانتخابات لا تحتاج إلى دروس، بل إلى إصلاح سياسي حقيقي يستشعره المغاربة انطلاقا من الممارسة.