ذوو أسرى غزة يترقبون احتضانهم خارج القضبان
غزة، القدس المحتلة، رام الله ـ محمد حبيب/ نظير طه
جابت مسيراتٌ جماهيرية حاشدة، مدن وشوارع قطاع غزة، مساء الثلاثاء وحتى فجر الأربعاء، احتفالاً بنبأ إتمام صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين، أو ما أطلق عليها "صفقة الوفاء للأحرار"، والتي ستتضمن إطلاق سراح 1000 أسيرة، إضافة إلى 27 أسيرة، مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة، جلعاد شاليط . وفيما أمرت حماس بتجهيز الترتيبات اللازمة للاحتفال بالمفرج عنهم، رحبت حركة فتح بالصفقة، التي تحمل رقم 38 في تاريخ تبادل الأسرى منذ العام 1948، محذرة في الوقت نفسه ألا يكون القياديان مروان البرغوثي وأحمد سعدات بين المفرج عنهم.
وتوجه بعض المواطنين إلى بيوت الأسرى الفلسطينيين لتهنئة أهاليهم, متمنيين لهم بأن يكون أبناؤهم من بين الأسماء المقرر الإفراج عنها. وبدت على وجوه المشاركين في المسيرات الفرحة الكبيرة لإتمام صفقة هي الأولى من نوعها، في تاريخ الشعب الفلسطيني، كونها تمكنت من الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني، مقابل أسير إسرائيلي احتفظ به داخل الأراضي الفلسطينية لنحو خمس سنوات. وردد المشاركون هتافات تأييد لكتائب القسام، والفصائل التي أسرت الجندي شاليط، وسط دعوات لأسر المزيد من الجنود، لضمان إطلاق كل الأسرى من السجون الإسرائيلية.
وأطلق سائقو السيارات أبواق سياراتهم ابتهاجًا بإنجاز الاتفاق، الذي يُتَوقع تنفيذه خلال الأيام المقبلة، فيما أطلقت ألعاب نارية، وأعيرة نارية في سماء القطاع، ابتهاجًا بالمناسبة التي انتظرها الآلاف من أهالي الأسرى الفلسطينيين، خاصة أهالي الأسرى ذوي الأحكام العالية، والنساء والأطفال. وانطلقت مسيرة في مدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة، صوب منزل الاستشهادي محمد فروانة، أحد منفذي عملية الوهم المتبدد، التي أسر بها شاليط، ثم توجهوا لمنزل القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، ثم منزل القائد الأسير يحيى السنوار. كما توجهت مسيرة أخرى في مدينة رفح لمنزل الاستشهادي حامد الرنتيسي، أحد منفذي عملية الوهم المتبدد.
أما المسيرة المركزية فقد تجمعت في ساحة المجلس التشريعي، وسط مدينة غزة، بحضور عددٍ كبيرٍ من القيادات السياسية، يتقدمهم رئيس الوزراء إسماعيل هنية، الذي شارك الجماهير الاحتفالات، ووضعت حركة حماس شاشات كبيرة في الأماكن العامة في مدن قطاع غزة للاستماع لخطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل.
وبدوره، خاطب عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خليل الحية، المحتشدين أمام مقر المجلس التشريعي وسط مدينة غزة، قائلاً: "إن صفقة الوفاء للأحرار إنجازٌ لكل الشعب الفلسطيني, وسنبقى كذلك حتى تحرير كافة الأسرى من سجون المحتل".
ولفت إلى أنه ليس من الصدفة أن تتم الصفقة في ذكرى انتصارات أكتوبر, شاكرًا مصرَ حكومةً وشعبًا، على ما قامت به لإتمام الصفقة، لخروج الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلي.
وأضاف الحية: "أن هذا اليوم هو يوم الوفاء للأحرار, تحتفل فيه كافةُ بيوتِنا, لأنه يوم الوحدة الفلسطينية الحقيقية, يوم فلسطين الكبير, وأن شعبنا في كل مكان يعيش هذه اللحظة العظيمة".
وفي شمال قطاع غزة، انطلقت مسيرات حاشدة، وتجمعت في ساحة الخلفاء، بمخيم جباليا، ووسط هتافات مدوية تحيي الأسرى، وتحيي من أسروا جلعاد شاليط, كما شارك في المسيرات العشرات من عناصر كتائب القسام يتقدمهم قائد الكتائب في لواء الشمال أبو أنس الغندور.
وقد جابت الجموع الغفيرة شوارع وأزقة مخيم جباليا، ومشروع بيت لاهيا، مردين شعارات تؤيد المقاومة، وابتهاجًا بإتمام الصفقة، كما شارك في المسيرة العديد من النساء الفلسطينيات، وأهالي الأسرى في شمال القطاع، رافعين صور أبنائهم الأسرى، كما قمن بتوزيع الحلوى على المشاركين في المسيرات.
ووصلت الحشود الكبيرة إلى منزل الأسير القسامي مجدي حماد، القابع في السجن منذ أكثر من 20 عامًا، وشقيق وزير الداخلية في حكومة غزة، فتحي حماد، الذي ألقى كلمة في نهاية المسيرات.
وتقدم حماد بالتهنئة بنجاح الصفقة المشرفة، متقدمًا بالشكر الجزيل إلى فصائل المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام، التي استطاعت طيلة السنوات الماضية الاحتفاظ بالجندي الأسير، وقادت عملية التفاوض بكل قوة وشجاعة ونفس طويل، وقال:" في هذا اليوم العظيم يبدأ زمن الانتصارات للشعب الفلسطيني، وللأمة العربية والإسلامية، حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني من دنس الصهاينة".
ووجه حماد رسالة إلى الأسرى الذين لم تشملهم صفقة التبادل، مفادها أن فصائل المقاومة لن تنساهم أبدًا، وستعمل بكل جهدها على خطف المزيد من الجنود الإسرائيليين، حتى تبيض كافة سجون الاحتلال من الأسرى الفلسطينيين.
ترتيبات استقبال الأسرى العائدين
من جانبه، أمر رئيس حكومة غزة إسماعيل هنية، بوضع الترتيبات اللازمة لاستقبال الأسرى العائدين إلى أرضهم وأهلهم، وترتيب الإجراءات التي تليق بهذه "اللحظة التاريخية". ودعا هنية في كلمةٍ له، أمام جمعٍ غفير من المحتفين، بقرب إتمام صفقة الأسرى، مساء الثلاثاء، إلى الحشد الجماهيري الذي سيكون في أرض الكتيبة الخضراء غرب غزة، استعدادًا لاستقبال الأسرى.
بدوره، قال وزير شؤون الأسرى والمحررين في غزة، عطا الله أبو السبح، إن صفقة تبادل الأسرى، "وفاء الأحرار"، والتي وقعت مع الاحتلال، "من أفضل صفقات التبادل مع الاحتلال حسب نوعيه الأسرى الذين سيطلق سراحهم".
وأضاف أبو السبح، في بيان صحافي تلقى "العرب اليوم" نسخة منه، مساء الثلاثاء "سيطلق بموجبها سراح 300 أسير من أصحاب المؤبدات، وستشمل كافة الأسيرات والأطفال، كما ستشمل قيادات من الشعب الفلسطيني"، معتبرًا أن إتمام الصفقة هو انتصار للمقاومة الفلسطينية في معركة الأسرى، مباركًا للشعب الفلسطيني هذا الإنجاز الذي انتظره لأكثر من 5 سنوات.
وتابع: "كنا نؤكد دائمًا بأن هذا الإنجاز قادم، وأن الاحتلال سيرضخ في النهاية لشروط المقاومة، مهما طال الوقت، لأنه ليس أمامه خيار بعد أن جرب كل الخيارات بما فيها الحرب على غزة، واختطاف النواب، وتشديد ظروف اعتقال الأسرى والتضييق عليهم، وها هو شعبنا يحتفل بإتمام تلك الصفقة المجيدة".
وثمن أبو السبح الجهود التي بذلتها الحكومة المصرية، والتي رعت تلك الصفقة، مقدمًا شكره لكتائب القسام "التي حافظت على مواقفها، وثباتها على شروطها، من أجل إتمام صفقة مشرفة، يخرج بموجبها الأسرى القدامى، وأصحاب الأحكام العالية".
ووجه أبو السبح رسالة إلى الأسرى في سجون الاحتلال، بارك لهم فيها هذا النصر الكبير، وأكد أن الصفقة ليست نهاية العمل من أجل الأسرى، "فهناك 5000 أسير فلسطيني ما زالوا في السجون بعد إتمام الصفقة، ولن يتوقف العمل من أجل الأسرى، حتى يتم تبيض السجون وإغلاقها بالكامل"، داعيًا الفصائل الفلسطينية إلى الاستمرار في خطف الجنود الإسرائيليين، لإطلاق سراح كافة الأسرى من سجون الاحتلال.
فتح ترحب وتحذر!
ومن جانبه، رحب عضو المجلس الثوري لحركة فتح، محمد النحال، بالإعلان عن إتمام صفقة التبادل، والتي من شانها تحرير أكثر من 1000 أسير فلسطيني، إضافة إلى سبعٍ وعشرين أسيرة، من سجون الاحتلال، التي يواجهوا فيها أقسى صور المعاناة.
وقال النحال، في بيان صحافي، تلقى "العرب اليوم" نسخة عنه، إن قضية الأسرى محل إجماع وطني، وهي توحد الجميع ولا تفرق، وخير شاهد على ذلك أن كافة الفعاليات التضامنية مع الأسرى تميزت بمشاركة جميع الفصائل والقوى الفلسطينية، والتي التفت حول هذه القضية الوطنية الكبرى.
وأشار النحال إلى أن الإفراج عن الأسرى والمعتقلين وتحريرهم يعتبر ركيزة أساسية ومفصلية في البرنامج السياسي للرئيس محمود عباس، وحركة فتح، لافتًا إلى أن الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس في الأمم المتحدة، تضمن ضرورة الإفراج الفوري والسريع عن جميع الأسرى الفلسطينيين، وإنهاء معاناتهم.
وثمن عضو المجلس الثوري الدور المصري والتركي والألماني في إتمام عملية التبادل وإنجاحها، مناشدًا كافة المؤسسات الدولية والأممية، وخاصة الحقوقية منها، والأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، التدخل لحماية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ووقف الانتهاكات المستمرة والمتواصلة يوميًا بحقهم، والتي أدت لإعلانهم مؤخرًا الإضراب عن الطعام، منذ أكثر من أسبوعين.
ودعا النحال إلى الالتفاف حول القيادة الفلسطينية وتحقيق المصالحة والوفاق الوطني، من أجل الاستعداد لكافة القضايا والاستحقاقات المقبلة، لنيل الحقوق الوطنية المشروعة، وخاصة استحقاق الاعتراف الدولي، والذي يحتاج إلى جهد الجميع، من أجل إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس.
ومن جهته، حذر القيادي في حركة فتح، زياد أبو عين، وكيل وزارة الأسرى في رام الله، من أن صفقة تبادل الأسرى ستكون فاجعة لكل الفلسطينيين، إذا لم تشمل مروان البرغوثي وأحمد سعدات، وغيرهما من قادة الفصائل الفلسطينية، رغم الفرحة بالإفراج عن أي معتقل من السجون الإسرائيلية.
وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عزت الرشق، أكد أن عددًا من أبرز قادة الحركة الأسرى ليسو مدرجين ضمن صفقة التبادل، التي وُقِعَت مع إسرائيل، الثلاثاء، ضمنهم عبد الله البرغوثي وعباس السيد، وإبراهيم حامد.
وقال الرشق في صفحته على (فيسبوك)، إن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي، والأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، لم يدرجا في الصفقة "رغم الجهود المضنية والكبيرة التي بذلناها لآخر لحظة.. وربنا كريم إن شاء الله في صفقة قادمة".
وأوضح أن العدد الكلي للصفقة 1027 أسيرًا وأسيرة، سيتم في المرحلة الأولى من الصفقة الإفراج عن ٤٥٠ أسيرًا و٢٧ أسيرة هن جميع الأسيرات، منهن 5 محكومات بالسجن المؤبد، فيما تشمل المرحلة الثانية ٥٥٠ أسيرًا، مشيرًا إلى أن ضمن الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى ٣١٥ من المحكومين بالسجن المؤبد، والباقي ١٣٥ أحكامهم عالية.
وذكر الرشق أنه ضمن الـ 450 أسيرًا الذين يخرجون في الدفعة الأولى، 268 من الضفة الغربية، و131 من قطاع غزة، و45 من القدس، و5 من أسرى 1948، وأسير واحد من الجولان.
وفي سياق الاحتفال بالصفقة، عم الإضراب التجاري الشامل لمدة ساعتين، الأربعاء، كافة محافظات الضفة الغربية، تضامنًا مع الحركة الأسيرة التي تخوض إضرابًا مفتوحًا عن الطعام لليوم السادس عشر على التوالي. وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد أعلنت عن هذا الإضراب، للتضامن مع الأسرى، كما دعت اللجان الشعبية لإطلاق سراح الأسرى، ونادي الأسير الفلسطيني، بالتعاون مع كافة الفعاليات والقوى والمؤسسات في المحافظات، إلى جعل اليوم يومًا وطنيًا للتضامن مع الأسرى.
وقد أغلقت المحال التجارية كافة أبوابها من الساعة الثامنة صباحًا حتى على الساعة العاشرة، بتوقيت القدس.
ومن جهة أخرى، رحبت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالإعلان عن إتمام صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، والتي سيتم بموجبها إطلاق سراح أكثر من ألف أسير فلسطيني، مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
وأعربت الجبهة، في بيان لمكتبها الإعلامي في رام الله، عن ثقتها في أن يسهم هذا الإنجاز في دعم نضال الأسرى الذين يخوضون إضرابًا بطوليًا عن الطعام، من أجل حريتهم الكاملة، التي هي جزء لا يتجزأ من حرية الشعب الفلسطيني، متمنية أن يساهم هذا الإنجاز المهم في تحسين الأجواء الداخلية الفلسطينية، والتعجيل في تطبيق اتفاق المصالحة الوطنية، وطي صفحة الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني إلى الأبد.
ولفتت الجبهة إلى أهمية كسر القيود العنصرية الإسرائيلية التي كانت تستثني أسرى القدس والداخل الفلسطيني المحتل في العام 1948، وذوي الأحكام العالية من أي بحث في التبادل أو في عمليات الإفراج الإسرائيلية المحدودة، التي كانت تتم تحت مسمى "خطوات بناء الثقة"، مطالبة كل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بمواصلة فعاليات التضامن مع الأسرى بما يعطي قضيتهم بعدًا عالميًا ودوليًا.
ودعت الجبهة القيادة الفلسطينية وكافة القوى والفصائل السياسية الفلسطينية إلى اغتنام هذه الفرصة لإعادة الاعتبار لقضية الأسرى باعتبارها قضية وطنية من الدرجة الأولى، وهو ما أكد عليه خطاب الرئيس أبو مازن في الأمم المتحدة، وليس مجرد قضية إنسانية واجتماعية يترك لإسرائيل تحديد معاييرها العنصرية من جانب واحد.
دحلان يشيد بدور مصر
إلى ذلك، أكد النائب الغزاوي في المجلس التشريعي محمد دحلان أن مصر رغم الظروف الصعبة التي تمر بها استطاعت أن تدخل البهجة إلى بيوت جميع الفلسطينيين مرتين في غضون ستة أشهر، الأولى بإنجازها إتفاق تبادل الأسرى الثلاثاء، والثانية بإنجازها إتفاق المصالحة في مايو/أيار الماضي .
وقال دحلان، في تصريح صحافي الأربعاء أن الفرحة الثالثة التي ينتظرها الشعب الفلسطيني من مصر وبخاصة من جهاز المخابرات المصرية برئاسة الوزير مراد موافي أن يتم تطبيق إتفاق المصالحة ـ الذي وقع فى القاهرة برعاية مصرية فى الرابع من مايو/أيار الماضى ـ على الأرض الواقع لأنه سيقصر طريق الخلاص من الاحتلال.
وأضاف أن موافي منذ أن تسلم مهام منصبه كرئيس لجهاز المخابرات المصرية استكمل مسيرة الحوار الوطني الفلسطيني ونجح فى إقناع الفصائل الفلسطينية في توقيع إتفاق المصالحة الفلسطينية في القاهرة في الرابع من مايو/أيار الماضي، والأربعاء ونجح في إنجاز صفقة التبادل.
وقال النائب دحلان إن "مصر تؤكد مرة أخرى إنها السند والدرع الواقي للشعب الفلسطيني فقد بذلت المخابرات المصرية جهودا مضنية لإنجاز إتفاق تبادل الأسرى وظلت أربع سنوات فى العمل رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد إلا إنها أحدثت اختراقا مهما فى ملف الأسرى وأدخلت البهجة إلى بيوت آلاف العائلات الفلسطينية سواء ذوي من شملهم الإفراج أو لم يشملهم الإفراج".
ورحب حلان بصفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين مع الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، واعتبرها انجازا وطنيا على صعيد ملف الأسرى والمعتقلين دفع الشعب الفلسطيني ثمنا كبيرا حتى وصل إليها.
وقال دحلان إن هذه الصفقة والصفقات السابقة التي قامت بها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية يجب تشكل مدخلا لإطلاق آلاف الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية وعملا قياديا فلسطينيا دؤوبا من اجل تأمين حرية بقية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب.
وأضاف دحلان بعد ايام ستنعم أكثر من ألف أسرة فلسطينية بفرحة لقاء أبنائها وبناتها من المناضلين والمناضلات اللذين امضوا أهم سنوات حياتهم دفاعا عن كرامة شعبهم وثمنا لحريتة واستقلاله، هذه الفرحة يجب ان ترتسم على وجوه جميع ابناء الشعب الفلسطيني عندما يحتفل بإطلاق سراح اخر اسير فلسطيني.
ودعا دحلان الى ايلاء ملف الاسرى والمعتقلين اهمية كبرى كأحد الملفات الوطنية التي تستوجب جهدا متصلا وجديا في الدفاع عنهم وتأمين حريتهم، موجها في الوقت ذاته التحية لكل ابناء الحركة الوطنية الاسيرة التي تخوض معركة الامعاء الخاوية في مشهد كفاحي وطني يجب ان يستنهض كل الطاقات الفلسطينية للتفاعل معه في مواجهة ظلم ووحشية السجان الاسرائيلي.
واكد دحلان على ان الشعب الفلسطيني الذي ابتهج فور سماعه لخبر صفقة الأسرى ستزداد فرحته عندما يتم تطبيق اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي دعا اليه الاسرى من خلال وثيقتهم المعروفة' بوثيقة الاسرى للوفاق الوطني' في العام 2006 ، معتبرا ان دورا بارزا ومهما يمكن ان يقوم به القادة المحررين الى جانب جهود كل الوطنيين المخلصين نحو تنفيذ اتفاق المصالحة وانهاء ملف الانقسام.
38 عملية منذ العام 1948
بالإعلان، مساء الثلاثاء، عن إتمام صفقة تبادل الأسرى، بين حركة حماس وإسرائيل، والتي إن نفذت على أرض الواقع في غضون الأيام أو الأسابيع المقبل كما هو مقرر لها، فإن مجمل صفقات التبادل، التي جرت بين حكومات الاحتلال الإسرائيلي، والحكومات العربية وفصائل المقاومة العربية والفلسطينية، منذ العام 1948، وحتى اليوم، سترتفع إلى 38 عملية تبادل، وفقاً لدراسة شاملة أعدها الباحث المختص في شؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، بعنوان "فلسطين خلف القضبان".
وكانت مصر قد بدأتها عربيًا، في شباط/ فبراير من العام 1949، وحزب الله أنجز آخرها عربياً في تموز/يوليو من العام 2008، والتي تحرر بموجبها عميد الأسرى العرب سمير القنطار.
ورأى الباحث المختص بشؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، أن من حق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن تفخر بأنها أول من بدأت صفقات تبادل الأسرى على الصعيد الفلسطيني، وذلك في تموز/ يوليو من العام 1968، حينما تمكنت إحدى مجموعاتها من اختطاف طائرة إسرائيلية، وإجبارها على الهبوط فوق أرض الجزائر، واحتجازها ومن فيها من ركاب كرهائن، أُفْرِجَ عنهم لاحقًا ضمن صفقة تبادل بإشراف الصليب الأحمر، ضمنت إطلاق سراح 37 أسيرًا، كانوا معتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
فيما تعتبر صفقة "شريط الفيديو"، التي جرت في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2009، والتي أطلق بموجبها سراح 20 أسيرة، مقابل حصول إسرائيل على شريط فيديو يتضمن معلومات عن حالة جنديها جلعاد شاليط، المأسور في غزة منذ 25 حزيران/يونيو من العام 2007، هي آخرها فلسطينيًا، فيما سيسجل التاريخ بأن حركة حماس أنجزت صفقة تبادل هي الأولى التي تتم داخل الأراضي الفلسطينية.
وأشار فروانة إلى أن حركة "فتح" من حقها هي الأخرى أن تفخر بسجلها الحافل بالعديد من عمليات التبادل، والتي بدأتها بتاريخ 28 كانون الثاني/ يناير من العام 1971، والتي أطلق بموجبها سراح الأسير الفلسطيني محمود بكر حجازي، وهو الأسير الأول في الثورة الفلسطينية المعاصرة، بعد انطلاقتها في الأول من كانون الثاني/ يناير من العام 1965.
فيما تعتبر عملية التبادل التي نفذتها في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1983، هي الأسطع في سجلها، والأضخم في تاريخ عمليات التبادل، حيث أطلق بموجبها سراح جميع معتقلي سجن أنصار، في الجنوب اللبناني، وعددهم 4700 معتقل فلسطيني ولبناني، إضافة إلى 65 أسيرًا من السجون الإسرائيلية، مقابل إطلاق سراح ستة جنود إسرائيليين، كانوا محتجزين لدى حركة "فتح".
واعتبر فروانة أن "عملية الجليل"، التي نفذتها الجبهة الشعبية– القيادة العامة في العشرين من أيار/ مايو من العام 1985، والتي أطلق بموجبها سراح 1155 أسير فلسطيني وعربي وأممي، وفقا للشروط الفلسطينية، هي الأكثر زخمًا. مؤكدًا في الوقت ذاته بأن ثقافة خطف وأسر الإسرائيليين بهدف تحرير الأسرى الفلسطينيين والعرب، هي ثقافة ليست بجديدة على فصائل المقاومة الفلسطينية، بل هي جزء أساسي من أدبياتها وفلسفتها، ومتجذرة ممارسةً لدى كافة الفصائل الفلسطينية منذ العام 1967، كجزء من الوفاء للأسرى ونضالاتهم وقضاياهم العادلة وتضحياتهم الجسيمة.
وقال إن تاريخ الفصائل الوطنية والإسلامية حافلٌ بالعديد من محاولات أسر وخطف الجنود الإسرائيليين، والتي بعضها كتبت لها النجاح، وتوجت بصفقات تبادل، وبعضها لم تكلل بالنجاح لأسباب موضوعية وذاتية عديدة، وفي مرات عديدة هاجمت قوات الاحتلال المكان المحتجز فيه مواطنيها وجنودها.
يذكر بأن ثلاثة فصائل فلسطينية هي حركة "حماس"، وجيش الإسلام، وألوية الناصر صلاح الدين، قد نجحت بتاريخ 25 حزيران/ يونيو من العام 2006 بأسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في عملية "الوهم المتبدد" في قطاع غزة، التي استشهد خلالها الشهيدان محمد عزمي فروانة، وحامد الرنتيسي، ولازالت تلك الفصائل تأسره بانتظار إتمام الصفقة الكبرى والحاسمة، والتي سيتم بموجبها إطلاق سراح 1027 أسيرًا وأسيرة، من الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس، وأراضي فلسطين المحتلة العام 1948، والجولان.