البعض يعتبر الحكم القضائي طعنة جديدة لحرية الرأي بعد الثورة
صحافيو مصر يبحثون عن مخرج قانوني لأزمة انتخابات النقابة
صبري حسنين
GMT 14:00:00 2011 الجمعة 14 أكتوبر
1
تعيش نقابة الصحافيين في مصر حالة من الغضب بعد تأجيل انتخاباتها إلى موعد غير مسمى. واعتبر البعض الحكم القضائي الصادر في هذا الشأن مؤامرة لفرض الحراسة القضائية على النقابة، وطعنة في قلب حرية الرأي والتعبير.
كان من المقرر إجراء إنتخابات نقابة الصحافيين المصرية اليوم الجمعة 14 تشرين الأول/ أكتوبر ، ولكن فجأة ومن دون سابق إنذار صدر حكم قضائي بتأجيل الإنتخابات إلى موعد غير مسمى، وأصيب الصحافيون بصدمة شديدة، لا سيما أن الحكم صدر عشية إجراء الإنتخابات ولم تكن هناك فسحة من الوقت لإيقاف تنفيذه، الأمر الذي اعتبره البعض منهم بمثابة مؤامرة على نقابتهم، لفرض الحراسة القضائية عليها، وطعنة في قلب حرية الرأي والتعبير، خاصة في ظل تأجيل إنتخابات نقابة المحامين الملاصقة لهم مكانياً، والتي تشكل مع "الصحافيين" درع حرية الرأي في مصر. وتعيش النقابة حالياً على صفيح ساخن، بينما تسيطر حالة من السخط والغضب على الصحافيين، ودعاة حرية الرأي والتعبير.
من دون إنذار
وكانت الإستعدادات تجري على قدم وساق بعد ظهر أمس الخميس من أجل إجراء الإنتخابات اليوم الجمعة، ولكن فجأة صدر الحكم القضائي، وتم إلغاء الإنتخابات، حيث أقام صحافي مرشح لعضوية مجلس إدارة النقابة دعوى قضائية، يطعن فيها على قيام نقيب الصحافيين بالإنابة صلاح عبد المقصود (قيادي في جماعة الإخوان) بالدعوة إلى إجراء الإنتخابات، وسرد في دعواه حزمة من المخالفات منها: أن النقيب هو صاحب الحق الأصيل في الدعوة لإجراء الإنتخابات، وليس النقيب بالإنابة.
وفجر مفاجأة بالقول إن مكرم محمد أحمد ما زال نقيب الصحافيين، ولم يقدم استقالته، بل قدم خطاباً بإجازة مفتوحة بعد منعه من دخول مقر النقابة. منوهاً بأن الإنتخابات الماضية أجريت في ظل القانون 100 الخاص بالنقابات المهنية، رغم صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته، مشيرا إلى أن ما بني على باطل فهو باطل وان قرار الدعوة لإجراء الإنتخابات مخالف للمادة 23 من قانون نقابة الصحافيين اذ يجب أن تتم الدعوة في شهر آذار/ مارس وليس في شهر تشرين الأول/ أكتوبر.
مؤامرة ضد الصحافيين
وفشلت نقابة الصحافيين في تقديم شكوى على الحكم لإيقاف تنفذه، وإجراء الإنتخابات في موعدها، حيث صدر الحكم قبل إنتهاء العمل في وزارة العدل بدقائق، ولم يتمكن المستشار القانوني للنقابة من الطعن عليه، ولم يكن هناك مفر من الإلتزام بإلغاء الإنتخابات أو بالأحرى تأجيلها إلي وقت غير معلوم.
ورغم واجهة وقانونية الدفوع التي قدمها صاحب الدعوى، إلا أن غالبية الصحافيين تبنوا نظرية المؤامرة، وقال عمرو غريب الصحافي في جريدة المال إن ما حدث مؤامرة ضد نقابة الصحافيين، حيث لم يتم إخطارها بأن هناك دعوى قضائية مقامة ضدها.
وأضاف لـ "إيلاف" أن تعطيل الإنتخابات رغم الإعلان عنها منذ نحو الشهر يؤكد أن هناك شيئاً غير طبيعي، مشيراً إلى أن الصحافيين ليس أمامهم سوى الإنتظار إلى شهر مارس المقبل، وهي مدة زمنية تفصلهم عن الإنتخابات، لا سيما أن النقابة بلا إدارة حقيقية منذ نجاح الثورة في الإطاحة بنظام حكم الرئيس مبارك.
وأوضح أن بعض الصحافيين الناصريين والإخوانيين منعوا النقيب مكرم محمد أحمد من دخول النقابة بحجة أنه كان من المدافعين عن النظام السابق، وإضطر إلى تقديم إجازة مفتوحة وتفويض صلاح عبد المقصود في منصب النقيب بالإنابة. وقدم ستة من أعضاء المجلس الأحد عشر إستقالاتهم، ومن ثمّ صارت النقابة بلا إدارة وبلا خدمات، واستمرارها على هذا الحال ينذر بحالة كارثية على الصحافيين.
هجمة على حرية الرأي
ويرى الصحافي علي سعيد أن هناك أزمة حقيقية تعانيها النقابة، وأضاف "نخشى من فرض الحراسة القضائية عليها وتجميد نشاطها". وقال لـ "إيلاف" "إن مبعث القلق ينبع من أن إنتخابات نقابة المحامين الملاصقة لنقابة الصحافيين والتي تشكل معها درع حرية الرأي والتعبير في مصر تعرضت أيضاً لتأجيل إنتخاباتها الأسبوع الماضي".
وأشار إلى أنه لا يمكن قراءة تلك القرارات والأحكام القضائية بمعزل عن الأجواء السائدة في مصر حالياً، حيث تتعرض حرية الرأي والتعبير لهجمة شرسة، موضحاً أنه "تم إغلاق مقر قناة الجزيرة مباشر وقطع إرسال قناة الحرة أثناء تغطية أحداث ماسبيرو يوم الأحد الماضي، وتمت مصادرة صحف مثل صوت الأمة". مؤكداً أن ما يحدث يعتبر ضربة جديدة لحرية الرأي والتعبير في مصر بعد الثورة، ودعا سعيد الصحافيين إلى التصدي بحزم لتلك الضربات، والحفاظ على مكتسبات الثورة وأهمها الحرية.
وتتفق الصحافية عبير بدوي رئيس تحرير مجلة جميلة مع الرأي القائل بأن إلغاء الإنتخابات يعتبر طعنة جديدة لحرية الرأي والتعبير في مصر بعد الثورة، مشيرةً إلى أنه لم يسبق أن واجهت النقابة تلك الأزمة من قبل.
وقالت لـ "إيلاف" إن بعض الصحافيين يعملون لغير صالح نقابتهم، منوهة بأن الإنتخابات كانت قانونية لأن النقيب مكرم محمد أحمد قدم اجازة مفتوحة، وفوض صلاح عبد المقصود لإدارة شؤون النقابة، وهو وضع قانوني، وبالتالي بدعوة النقيب بالإنابة للإنتخابات صحيحة، وهذا ما يجب الدفع به قانونياً عند الطعن على الحكم. وأشارت بدوي إلى أن الصحافيين لن يستسلموا لمحاولات تكميم الأفواه والعودة بحرية الرأي والتعبير إلى ما قبل 25 يناير.
أزمة من دون حل
ودعا الصحافيون إلى جمع تواقيع من أجل عقد جمعية عمومية طارئة لأعضاء النقابة يوم الجمعة المقبل، أو الجمعة التالية من الشهر الجاري، وذلك من أجل تحديد موعد لإجراء الإنتخابات، في حين يقترح البعض أن تختار الجمعية العمومية 100 صحافي من شيوخ المهنة لإدارة النقابة والدعوة لإجراء الإنتخابات. غير النقيب بالإنابة صلاح عبد المقصود، قال إن النقابة ملزمة بتنفيذ الحكم القضائي وعدم الدعوة لإجراء الإنتخابات إلا في شهر مارس المقبل، أو اللجوء إلى قسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لإيجاد مخرج قانوني للأزمة. ولم يستقر الصحافيون على خطة واضحة للخروج من الأزمة.