عبد الاله مجيد من لندن
معارضون سوريون يتعرّضون للتعذيب من قبل الجيش
يروي بعض العسكريين المنشقين عن الجيش السوري في مدينة حمص ما اختبروه من إجبارٍ على إطلاق النار، وما شاهدوه من قتل لمن يرفض الانصياع للأوامر، إضافةً إلى روايات عن تعذيب المعتقلين داخل السجون، واقتياد معارضين للإعدام وجرائم حرب أخرى ارتكبها النظام.
لندن: تبدو مدينة حمص السورية مدينة أشباح. حصنها القروسطي تحول إلى ثكنة عسكرية والمدينة زُنرت بحواجز التفتيش.
لكن مجموعة من السوريين المسلحين شكلوا في أزقتها المنزوية وحدات، مهمتها الدفاع عن السكان ضد حملات الجيش والأجهزة الأمنية. بعضهم ثوار من أهل المدينة انضموا إالى الاحتجاجات المستمرة منذ ستة أشهر ضد نظام الرئيس بشار الأسد، والبعض الآخر منشقون عن القوات الملسحة وجّهوا أسلحتهم الآن ضد الآلة العسكرية للنظام.
ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن أحد هؤلاء المنشقين، وهو مجند في التاسعة عشرة من العمر، كان حتى أيام قليلة مضت يطلق النار على المحتجين، "ان رجال الأمن كانوا يقفون وراءنا لإجبارنا على اطلاق النار".
واضاف المجند، الذي التقاه مراسل الصحيفة في بيت آمن، قاده اليه أدلاء يعملون في صفوف الانتفاضة "إن كل من يرفض، تُطلق عليه النار في مكانه، وان القناصة كانوا هناك لإطلاق النار علينا، فضلاً عن المحتجين".
منشق آخر كان في استخبارات القوة الجوية، ولكنه هرب في آب/أغسطس، وهو يقول إنه كان حارسًا في أحد سجون دمشق. ويروي هذا المنشق أنه شاهد رجالاً تُقطع أصابعهم بكلابات، وهراوات صاعقة يجري إدخالها في أجسامهم عن طريق الفم.
وأضاف "إن نساء تعرّضن إلى الاغتصاب والقتل أمامي. ورأيت شابًا في الثامنة عشرة فُتحت بطنه، ومُزقت أحشاؤه وهو حي".
ومن الحوادث الأخرى، التي كان هذا المنشق شاهدًا عليها، ما يمكن أن يُعد جريمة حرب ارتكبها النظام، إذ قال: "شاهدتُ 100 شخص يوضعون على متن حافلة انطلقت بهم بعيدًا. وكنا جميعًا نعرف ما سيحدث لهم. لم أرهم قط بعد ذلك. فهم قُتلوا، ودُفنوا في الروابي. بعد ذلك عرفتُ أن عليّ أن انضم إلى المعارضة. كان العديد منا، نحن الحراس، يعرفون الحقيقة، وأعتقد أن العديد مستعدون للخروج عن النظام. ولكن الأمر في غاية الصعوبة".
منشق آخر من الطائفة العلوية، التي ينتمي إاليها الرئيس الأسد والعديد من أركان نظامه، يقول "إن العديد منا لم يغادروا صفوف الجيش، ولكنهم سيفعلون. فمن الواضح تمامًا أنهم يكذبون علينا. يقدمون لنا امتيازات لا يتمتع بها الآخرون، مثل تنسيبنا الى ثكنات أفضل، وتزويدنا بمعدات أحسن. ولكن ذلك لا قيمة له".
ويقول مراسل الديلي تلغراف إنه طاف في أنحاء حمص، وشاهد آثار الرصاص والأنقاض، التي يتصاعد منها الدخان، والشعارات التي خطها النزاع على الجدران. ويقول أحد الشعارات "هذه هي سوريا الأسد". ويرد المواطنون بهتاف بسيط هو "الإسلام، سوريا، الحرية".
أبو علي متظاهر تطوع للقيام بدور الدليل حول المدينة، وهو يقول إن بعض المواطنين نزحوا أو يلازمون بيوتهم لا يغادرونها. "الناس يخافون أن يبارحوا منازلهم، وهم حتى هناك ليسوا في مأمن. فالجيش يدخل هذه الشوارع الضيقة ويطلق النار عشوائيًا. وقُتلت امرأة في السادسة والستين عندت أصابت قذيفة منزلها. وكانت تؤبّن زوجها الذي قُتل في الاسبوع السابق".
وتبين مشاهد من مستشفى الإحسان في حمص وحشية الحملة. فإن شابًا في السادسة والعشرين كان ممددًا على سريره في شبه غيبوبة، وبالكاد يتنفس. وأخرج والده صوره شعاعية تبين أن رصاصة ما زالت في صدر ابنه. وقال الأب "فقدتُ ولدي ابن الثانية عشرة قبل أسبوعين، والآن ابني الآخر قد يموت. لم يعد لديّ شيء".
رجل آخر في الثامنة والعشرين ممدد على السرير المجاور، حيث تبقيه على قيد الحياة شبكة من الأنابيب الموصولة بأجهزة. وقال أبو علي لمراسل الديلي تلغراف إن هؤلاء الأشخاص لا يستطيعون البقاء في المستشفى أكثر من يومين أو ثلاثة أيام. وتابع "إن علائلاتهم قلقلة من مجيء الأمن وأخذهم. فهم حين لا يعود وضعم خطرًا سيُنقلون إلى بيوتهم".