رغم أنّي لم أهجر الدّيار أشعر بالغربة لأنّ زوجتي تصدني
سيدي الفاضل لا أملك إلاّ أن أتعاطف معك في كل ما تعانيه، وأدعو لك بصلاح الأحوال، وأن يبعد الله عنك كل هذا الشقاء النفسي، الذي تعانيه لأن غربة النفس حقا أقسى أنواع الغربة وأشدها مرارة، لكن سيدي الفاضل أدعوك بالمقابل لتأمل حياتك بنظرة أكثر تفاؤلية، بمعنى أن تنظر إلى واقعك لترى الخير في حياتك، مثلما ترى البلاء والغربة، فلديك ولدين وعمل محترم وموفور الصحة، وهي نعم كفيلة بأن تجعلك تحسن الظن بالله سبحانه وتعالي، وتعلم أن عطاياه لك بلا حدود، حتى وإن لم تجد الراحة في بيتك.
لن أقول لك إنّك أخطأت بصبرك عليها كل هذا العمر، رغم علمك بعيوبها، لكن الوقت لم يفت بعد لإصلاح الأخطاء وإعادة الأمور إلى نصابها، قد تقول إنّك حاولت أن تصلحها، وأنّك أعطيت ما استبقيت شيئا، وكافحت وتستحق الآن الحياة العادلة المريحة، بعد ما كافحت وعانيت.
فالواجب يقتضي أن تكون زوجتك هي أقرب النّاس إليك في هذه السّن الحرجة وأكثر الناس بك رحمة ورأفة، لكنّني أقول لك افعل ما بوسعك
يا سيدي الفاضل، وحاول معها مرة أخرى ولا تيأس من إصلاح شأنها، فامنح ولا تندم على العطاء وقومها بالحسنى واللين والكلمة الطيبة، فلن تزرع الخير في أرض بور، بل ستزرعه في أرض صالحة إن شاء الله، وتوقع أن تجني حصاد ما زرعته خيرا وودا ومحبة وحنانا.
سيدي الفاضل، تجاوز عن أخطاء زوجتك واغفر لها تجاوزاتها، وثق أنّك إن كرهت منها صفة ذميمة، فستجد خصالا كثيرة كريمة، تمسك بهذه الخصال وعززها في زوجتك، وادعمها وناضل من أجل الحفاظ عليها، وستجد أن الأحوال تبدلت نحو الأحسن إن شاء الله، فتعزى عن وحدتك وإحساسك بالتّعاسة، بولديك وعملك وصحتك وكل ما حولك من مزايا حقيقية، وحاول ألا تطيل أوقات الفراغ على نفسك واشغل نفسك بأي شيء ولا تفكر إلا في الأمور الإيجابية وابعد السلبيات عن ذهنك وتفاءل بالخير تجده إن شاء الله.
ردت نور