على عتبة العنوسة
هل أتزوج السّمين القصير أم أنتظر إلى أن يأتي الوسيم؟
تحية طيبة وبعد:
سيدتي مشكلتي تكمن في أنني تجاوزت الثلاثين، وأخاف كثيرا العنوسة، وحاليا تقدم لي شاب عمره 38 عاما وحالته المادية والإجتماعية ممتازة، ولكن يعيبه شيء واحد أراه فيه الآن، وهو أنه قصير القامة وسمين فأنا أطول منه وأرفع، أي الشكل العام بيننا غير متناسق، فأنا لا أعرفه جيدا، ولكن من مقابلة واحدة بيننا عرفت أنه يتحمل المسؤولية وطموح وطيب القلب، ولكنني غير متقبلة لقصر قامته، أخبريني بالله عليك ، ماذا أفعل؟ الضغوط علي كثيرة للموافقة، ولكنّني لا أتحمل الشّكل العام بيني وبينه، ساعديني أرجوك؟
فوزية / بجاية
الرد:
إنك مقتنعة به وبظروفه لكنك غير مقتنعة بشكله، والحقيقة أن الكمال لله وحده، فأنت من الممكن أن تنالي الوسيم جميل الطلعة والمحيا، لكنه قد يكون بلا مال ولا عمل ولا حتى شهادة، فأنت حين تختارين زوجا تفكرين فيما أنت في حاجة إليه، هل تبحثين عن الجوهر أم المظهر؟ هل تبحثين عن الخلق أم المال ؟ والحقيقة أنك لن تنالي كل الصفات المثالية في شخص واحد، فلا يوجد على الأرض ملائكة يمشون إنّما أنت تختارين ما يناسب ميولك واحتياجاتك وأمنياتك فيمن تتمنينه زوجا، مع مراعاة ألا تكون العيوب جسيمة أو لا تطاق، كالعيوب التي تتعلق بالأخلاق والقيم.
أما العيوب المتعلقة بالطول والقصر، فهي ليست عيوب، لأنها صنعة الصانع الذي خلقنا فأحسن صورنا، حتى لو لم تروق للبعض، ولأن قصر القامة أو زيادة الوزن كلها عيوب لا تعيب الرجل فهو ليس قبيح الشكل، لكنه فقط غير مناسب لك من وجهة نظرك، رغم كل المزايا التي تحدثت عنه إلا أنّك لم تستطيعي إغفال هذه العيوب، ولم تجعلك مزاياه تغضين الطرف عن عيوبه، بل من الواضح أن هذه العيوب من وجهة نظرك أكبر بكثير من مميزاته، الأمر الذي جعلك غير مقتنعة وغير مؤهلة للإرتباط به، لكنك فقط تخافين العنوسة، وتودين اللحاق بفرصة ربما لن تعرض عليك فيما بعد، فأنت إن تزوجت به، فلن يكون عن قناعة بقدر ما هي من وجهة نظرك فرصة.
أن تلقي بنفسك في زيجة لا تدركين معالمها ولم تتضح لك بعد حتى خطوطها العريضة، فأنت بذلك تظلمين نفسك، بل وتظلمين الطرف الآخر معك فهو لا ذنب له إلا أنّه اختارك من بين أخريات كثيرات، ولا يجب أن تحاسبيه على أن الله خلقه على هذه الصورة، ومع ذلك فليس من حقك الإجبار أو الإضطرار للموافقة على الزواج لمجرد الهرب من العنوسة والزواج أولا وأخيراً مسألة قبول وتوافق؛ وهما حالتان يبدو أنه لا وجود لهما لديك، وأن تتراجعي عن قرارك الآن أفضل كثيرا من أن تندمين عليه فيما بعد، لأنه قرار زواج وليس مجرد وجبة ستتناولينها مرة، ويتم هضمها وينتهي الأمر، لكنه زواج وقرار عمر وحياة كاملة تتطلب منك التفكير الطويل والجدي للوصول إلى القرار الصائب.