حبّي له أعمى بصري وجعلني أرتكب أخطاءً بحجم الدنيا
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لم أشعر أبداً بالضياع، ولم أحسّ قط بفظاعة الضياع إلا بعد أن خضعت لهذه التجربة القاسية، التي أنهكتني وحطمتني وحولتني من شابة محترمة، لديها كل كماليات وضروريات الحياة إلى شابة متشردة، فقدت كل شيء في ومضة عين وأصبحت هي واللاشيء في مرتبة واحدة.
أنا شابة أبلغ من العمر 22 سنة، كنت أعيش مع والدتي التي انفصلت عن والدي منذ أن كنت طفلة في السادسة من عمري، كانت حياتي مليئة بالهدوء والإستقرار والسعادة، فأمّي كانت تُدللني بشكل منقطع النظير، كانت تسعى بكل ما لديها لتحقيق رغباتي وتجسيد أحلامي.
وأمام هذه الرعاية التي أولتها لي، كنت أنا بدوري أحبها فوق العادة، وكنت أجتهد دوماً كي أرضيها من خلال تفوقي في الدراسة، كل شيء في حياتي كان على أحسن ما يرام، حتى جاء ذلك اليوم الذي تعرفت فيه على شاب أحببته حد النخاع، وهذا الحب الذي أعمى بصري دفعني إلى ارتكاب حماقات لا تُغتفر، وكانت أول خطوة قمت بها في دنيا الحماقات، يوم أن قررت ترك دراستي، وصممت على الزواج من ذلك الشاب الذي كنت مولعة به، هذه الخطوة أضرمت فتيل النار بيني وبين والدتي، حيث أصبحت أتشاجر معها في اليوم الواحد عشرات المرات.
وقد وصلت بي درجة الإنحلال والدناءة، إلى حد أني كنت أحضره إلى البيت في غياب أمي، لأقترف معه الحرام، ولما علمت والدتي بالأمر، ثارت ثائرتها وقامت بضربي، وأنا في ذروة غضبي أمسكت فنجاناً وضربتها به، فتكسر في وجهها وسبّب لها خدوشاً بارزة، ولما رأيت الدم يسيل من وجهها هربت من البيت. ومنذ ذلك اليوم وأنا أعاني، فحبيبي الذي عصيت من أجله أحب إنسانة إلى قلبي وخسرت بسببه كل شيء، بمجرد أن علم أني تركت البيت تخلى عني، فبقيت أنا بعد هذه الخيبة والنكسة وحيدة شريدة، لا بيت لي ولا عنوان ولا مستقبل، أمضي اليوم بأكمله في الشوارع، وعندما يحل الليل ألجا لإحدى العمارات أنام هناك. لقد مرّ على هروبي من البيت مدة، رأيت فيها الويلات. وما يحرق دمي ويثير أعصابي ليس وضعيتي، فأنا أستحق ما أنا عليه، وإنما رغبتي بل لهفتي لمعرفة أخبار أمي.
أنا نادمة على كل ما فعلت، ولكن هل ينفع الندم الآن؟ أريد المساعدة للخروج من هذه الورطة.
فضيلة/ بسكرة
الرد:
حبيبتي؛ لقد أخطأت خطئا فادحا لما أقدمت على خسران والدتك التي ضحت بحياتها وسعادتها، من أجل أن تضمن لك معطيات العيش الرغد. ولم تكتفِ للأسف الشديد بخسرانها، ولكنك أقبلت على ضربها، وهربت من البيت. وكل هذه الأخطاء الفظيعة ارتكبتها، من أجل إنسان جبان لا يستحقك ولا يستأهل أن ينال شعرة منك، وهذه حقيقة أدركتها والدتك بحكم تجربتها في الحياة، فأرادت أن تبعدك عنه بأية وسيلة، ولكن أنت تعنّت، وكانت نتيجة تعنّتك أنك خسرت كل شيء.
عزيزتي فضيلة؛ أنا لا ألومك أو أقسو عليك، وإنما أرغب في أن أضعك وجهاً لوجه أمام أخطائك، حتى تتمكني من تجاوزها وتصليحها.
أنت مطالبة الآن وفورا؛ أن تعودي إلى البيت وتحمُل كل النتائج المترتبة على عودتك، فأسوأ ما سيحدث أحسن بكثير من بقائك في الشارع، ارجعي إلى البيت واطلبي السماح من والدتك، واسعي لإرضائها بأية طريقة. اقبلي منها كل شيء غضبها، نفورها، قسوتها، فهذه مرحلة مؤقتة ستنتهي حتما مع مرور الأيام، ومع استقامة أخلاقك وعودتك إلى رشدك.
عزيزتي؛ جدّدي علاقتك مع الله، ووثقي رابطتك به بكل الوسائل، منها الصلاة، قراءة القرآن وترديد الأذكار.
إن تعذر عليك العودة إلى البيت، خوفاً من رد فعل والدتك، اتصلي بي وامنحيني رقم هاتفها، وأنا سأحاول إفهامها كل شيء. لا تخافي، إن الله معك.