تستمر المخابرات المصرية بما عرف عنها من اليقظة والسهر على أمن الوطن والمواطن خاصة بعد عودتها بكامل قدرتها وكفاءتها إلى مكافحة التجسس وكشف العملاء مهما كانوا ، بالمشاركة مع بقية أجهزة الأمن المصرية الساهرة جميعها على أمن وسلامة التراب الوطني المصري ، حيث صدر عن المحامي العام الأول في مصر الأستاذ المستشار عبد المجيد محمود تقرير يفيد عن الجرائم التي ارتكبها الإسرائيليون على وضمن الأراضي خلال عام 1991 فقط وهي :
- 13 حالة تسلل إلى سيناء خلال عام 1991 ( 8 عبر منفذ رفح و 5 عبر منفذ طابا ، معظمها لمهاجرين يهود فشلوا في الحصول على عمل يحفظ لهم كرامتهم في الكيان الصهيوني ) .
- ضبط 16 إسرائيلياً خلال نفس العام وبحوزتهم أسلحة غير مرخصة بعضهم أخفوها تحت ملابسهم والبعض الأخر داخل سياراتهم .
- ضبط 5 حوادث تهريب مخدرات .
- ضبط 17 حالة توزيع دولارات مزيفة بحوزة السياح الإسرائيليين .
إضافة إلى ذلك ، شهد عام 1991 أيضاً عدة محاولات تسلل إلى الأراضي المصرية عبر منفذ رفح أو منفذ طابا في سيناء لمهاجرين يهود سبق أن غررت بهم الدعاية الإسرائيلية ، فجاءوا من موسكو وأوروبا الشرقية ولكنهم هربوا من جحيم ( الجنة الموعودة ) في إسرائيل بعد أن فشلوا في الحصول على عمل ملائم ومشرف .
انتحار يهودي روسي :
وفي شهر آب ( أغسطس ) لعام 1991 أيضاً تسلل اليهودي الروسي تشاهنسكي جينادي إلى مصر عبر منفذ طابا بعد أن فشل في الحصول على عمل في إسرائيل التي هاجر إليها ضمن قوافل الهجرة اليهودية في شهر آذار / مارس عام 1991 ، والقي القبض عليه في سيناء ورحل إلى القاهرة وأجريت تحقيقات معه للتأكد من عدم تورطه في أنشطة تجسسية وتخريبية ، وثبت من التحقيقات أن : " جينادي " كان يعمل باحثاً علمياً بوزارة البحث العلمي بالاتحاد السوفيتي سابقاً ، ولم يعثر معه على أي نقود وطلب عدم إعادته إلى إسرائيل بأي حال من الأحوال مفضلاً العودة إلى بلاده أو السفر لأي دولة أخرى تقبل بمنحه حق اللجوء السياسي ، وكان قلقاً ومتوتراً يعاني من حالة عصبية شديدة بسبب خوفه من إعادته قسراً إلى الجحيم في إسرائيل ، وفاجأ جينادي حراسه وألقى بنفسه من شباك الغرفة التي كان يقيم فيها ليسقط على رأسه ويلقى مصرعه على الفور منتحراً بعد أن تمكن اليأس والخوف منه . واتهم السفير الإسرائيلي مصر بمنعه من لقاء جينادي لحل مشاكله ووصف حادث انتحاره بأنه " غامض " .
تهديد بالانتحار أيضاً :
وفي 17 تشرين الثاني / نوفمبر 1991 ، تسلل إلى مصر مهاجران يهوديان آخران عبر منفذ رفح أحدهما من اصل مجري والأخر من الاتحاد السوفيتي السابق . ولكن هذه المرة قامت سلطات الأمن بمطار القاهرة بترحيلهما إلى بلديهما على الفور بعد أن القي القبض عليهما أثناء محاولتهما السفر إلى اليونان خوفاً من أن يدفعهما اليأس إلى الانتحار مثل جينادي خاصة وانهما أصرا على عدم العودة إلى إسرائيل بأي حال من الأحوال . وثبت من التحقيقات أن الإسرائيليين دخلا البلاد بطريقة شرعية حيث حصلا على تأشيرة دخول من القنصلية المصرية في تل أبيب ، الأول : اسمه فيدوروف وكان يعمل خبيراً هندسياً بهيئة المواصلات في روسيا وهاجر إلى إسرائيل في شهر كانون الأول / ديسمبر عام 1990 ولم يجد فرص عمل ملائمة ورفض الأعمال المهنية التي لا تتناسب مع خبراته حيث عمل لمدة أسبوعين فقط مشرفاً في أحد مستودعات القمامة ثم تركه ، حفاظاً على كرامته لان الدعاية الإسرائيلية منذ سنوات التي تبث في الاتحاد السوفيتي السابق صورت لهم إسرائيل بأنها جنة على الأرض وفيه المعامل والإنشاءات العمرانية والصناعات الإلكترونية ، فصدق ما شاهد وهو الخبير والمهندس في هيئة المواصلات السوفيتية وجاء إلى إسرائيل مصدقاً فإذا به بين ليلة وضحاها يجد نفسه خبيراً ، نعم خبيراً ، ولكن في أحد مستودعات القمامة مثل الكثيرين من اليهود الروس الذين غرر بهم وصدقوا الدعاية الإسرائيلية فوجدوا أنفسهم يوظفون في أعمال ومستودعات القمامة والنفايات والقاذورات التي يستكبر الإسرائيليون أنفسهم عن العمل بها ، فتكون هذه المصالح المتدنية من نصيب اليهود الجدد المهاجرين من الاتحاد السوفيتي السابق أو أثيوبيا ( الفلاشا ) أو من اليمن . والثاني اسمه جورجي نييرش ، مجري الأصل وكان يعمل مدرساً للتكنولوجيا الميدانية في بودابست وهاجر إلى إسرائيل في شهر أيلول / سبتمبر عام 1990 وعمل لاكثر من ثلاثة شهور في إحدى المدارس بالقدس ثم استقال منها لسوء المعاملة وعمل بعد ذلك ولمدة اسبوع واحد فقط بأحد المتاجر وظل بلا عمل لاكثر من تسعة شهور .
والطريف انهما تعرفا على بعضهما البعض واصبحا صديقين حميمين جمعتهما المعاناة الواحدة ومشاعر اليأس والإحباط ونجحا في الحصول على تأشيرة دخول إلى مصر ووصلا إليها عن طريق منفذ رفح وأصرا على عدم العودة إلى إسرائيل مرة أخرى . وهددا بالانتحار إذا تقرر إعادتهما إلى إسرائيل ولم يكن بحوزتهما أي نقود .
وخشية من ذلك قررت سلطات أمن المطار ترحيلهما إلى بلديهما فسافر فيودوروف إلى روسيا وجورجي إلى المجر .
وتمضي المخابرات وسلطات الأمن المصرية في المراقبة على مدار الساعة حفظاً لأمنها وسلامة مواطنيها .
القبض على شبكة جاسوسية جديدة في القاهرة :
بتاريخ 3/2/1992 ( يوم الاثنين ) أعلن في القاهرة عن قيام المخابرات وسلطات الأمن المصرية مشتركة بتوقيف يهودي ينتمي إلى الكيان الصهيوني وابنته وذلك بتهمة التجسس وجمع معلومات عن أهداف عسكرية واستراتيجية لمصلحة إسرائيل .
وطبقاً لمصادر الأمن المصري ، فان الصهيوني الذي يدعى فارس صبحي مصراتي ( من أصل عربي ) أثار شكوك أجهزة المخابرات المصرية ، بعد رصد دخوله البلاد مرات عديدة ، خلال فترة زمنية قصيرة ، وكانت كلها بحجة السياحة وبعد وضعه تحت المراقبة الدقيقة تأكدت الشكوك ، حيث تم رصد محاولاته لتوطيد علاقاته بعدد من المواطنين المصريين مستخدماً ابنته في ذلك . وفي هذا السياق ، فان المصادر نفسها تقول أن هذا الجاسوس نجح بهذه الوسيلة بتوطيد العلاقة مع شاب مصري يعمل باحثاً اجتماعياً يدعى على حسن عطية .
وحسبما أعلن في القاهرة ، فان الجاسوس الإسرائيلي كان استأجر شقة فاخرة في أحد أحياء العاصمة المصرية ، وحين قامت قوات الأمن بمداهمة الشقة للقبض على الصهيوني وابنته ، كان المواطن المصري المذكور معهما . وخلال عملية المداهمة حاول الجاسوس الإسرائيلي الهرب بالقفز من النافذة ، غير أن الشرطة تمكنت من الإمساك به بعد أن كسرت إحدى قدميه بعد إلقاء نفسه من الطابق الثاني .
هذه هي المرة الأولى منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979 التي تعلن فيها السلطات المصرية عن ضبط عصابة إسرائيلية للتجسس بكل معنى الكلمة أعضاؤها الإسرائيلي ( فارس مصراتي ) من مواليد 1951 ، وهو من يهود ليبيا ، وابنته ( فائقة مصراتي ) من مواليد 1974 . وقد اعترف الأب وابنته بعد مراحل التحقيق بتجسسهما لصالح المخابرات الإسرائيلية ( الموساد ) مع اثنين آخرين من الإسرائيليين. إلا إنها ليست المرة الأولى التي يندس فيها جواسيس إسرائيل لجمع معلومات عن القوات المسلحة المصرية ، وأماكن تمركز قوات الأمن ، وحجم النشاط الاقتصادي وآراء السياسيين وطلاب الجامعات ، ومعلومات شخصية ودقيقة عن الشخصيات العامة .. وكل شيء عن مصر .
الموساد تستخدم سلاحي الجنس والمخدرات :
فتحت أقوال فائقة مصراتي أمام سلطات التحقيق الملف الأسود للتجسس الإسرائيلي في مصر . فقد جاءت إلى البلاد عدة مرات بصحبة والدها تحت ستار السياحة واستخدمت جسدها لجمع المعلومات التي تريدها .. لم تكن المهمة صعبة . خصوصاً بعدما أقامت في حي مصر الجديدة ، وأقامت صداقات عديدة مع أبناء هذا الحي الراقي .
وجاءت أنباء السقوط مدوية في الأوساط المصرية . فقد بحت أصوات كثيرة في السنوات الأخيرة لكشف أبعاد المخطط الإسرائيلي لاختراق المجتمع المصري ، لان إسرائيل مازالت تعتبر مصر " العدو رقم واحد " حتى في ظل معاهدة السلام .. ولكن حاول البعض الادعاء بأن ما يتردد مبالغ فيه بشكل كبير .
ففي عام 1993 فقط زار مصر 130 ألف سائح إسرائيلي ، وفي الأعوام الخمسة الأخيرة زارها نصف سكان إسرائيل . ضبطت سلطات الأمن المصرية عشرات الإسرائيليين وبحوزتهم دولارات مزيفة أرادوا إغراق السوق المصرية بها .. وضبطت 16 حالة حاول فيها الإسرائيليون إخفاء أسلحة في ملابسهم وسياراتهم … علاوة على عشرات القضايا لإدخال المخدرات ، خصوصاً الهيروين إلى مصر .
لم يكن أمراً عفوياً أن تنتشر في مصر أنواع جديدة من المخدرات والسموم بعد معاهدة السلام مع إسرائيل وهي السموم البيضاء التي لم تعرفها مصر منذ أوائل القرن ، ولم ينتشر الهيروين بهذا الشكل إلا بعد الصلح مع إسرائيل ، وألقت أجهزة الأمن القبض على عصابات كثيرة من بينها الإسرائيلي يوسف طحان.
ومن واقع الدراسات الكثيرة التي نشرت مؤخراً ، لم تكن إسرائيل وراء ترويج المخدرات في مصر فقط وانما في العديد من البلدان العربية بغرض الإجهاز على شباب الوطن العربي الذي يمثل الخط الاستراتيجي الثابت ضد إسرائيل .
زعم البعض أن دور إسرائيل لم يثبت بشكل يقيني في تهريب المخدرات .. ولكن أثبتت قضايا التهريب التي تم ضبطها الدور الذي تلعبه الأيدلوجية الصهيونية لإغراق السوق المصرية بالمخدرات ، فمن مصلحة القوى المعادية وعلى رأسها إسرائيل تخدير الشعب المصري .
تحت حماية المظلة الدبلوماسية :
ولم تتوقف أعمال المخابرات الإسرائيلية ضد مصر بعد معاهدة السلام . بل وجدت في السلام فرصة فريدة للاختراق والحصول على كل المعلومات ، وإجراء مسح شامل للمجتمع المصري من جميع جوانبه .. ويشير بعض الكتاب المتخصصين في شئون المخابرات إلى أن سفارة إسرائيل في القاهرة تتجسس على كل حركة ، وكل كلمة .. يقول الكاتب المصري ماهر عبد الحميد :
" كان واضحاً أن الإسرائيليين قد أقاموا سفارتهم من طابقين حتى يتجنبوا أي محاولات للتنصت على ما يجري في الطابق الأعلى . وقد برزت على سطح السفارة فجأة غابة من الهوائيات أشياء أشبه بالثعابين والعقارب ، بعضها على شكل دوائر ، وبعضها على شكل أطباق ، وعشرات من العصي المعدنية المتعامدة والمتقاطعة أخذت تظهر واحدة بعد الأخرى …
وفي النهاية كان يمكن لأي مراقب من الناحية الأخرى للنهر من أن يحصي اثنين وعشرين هوائياً مثبتة كلها فوق سطح العمارة ، ومتجهة إلى السماء . "
وكان أحد الدبلوماسيين الإسرائيليين قد استأجر شقة في الطابق الحادي عشر من العمارة رقم ( 42 ) المطلة على كورنيش النيل في اتجاه المعادي . وكان هذا الإسرائيلي يستخدم سيارة بيجو بيضاء تحمل أرقاماً غير دبلوماسية وقد اتضح انه استأجر هذه السيارة ليستخدمها في تنقلاته تاركاً سيارته الدبلوماسية في مكان الانتظار المخصص لسكان هذه العمارة . وكان بمقدور أي عابر للكورنيش أن يستوثق من أن الإسرائيلي موجود في منزله طالما أن سيارته الدبلوماسية موجودة في موقف سيارات العمارة ، بينما هو يتجول بسيارته البيجو الخاصة المسجل عليها ( ملاكي القاهرة ) .
ولكن فيما يبدو أن المخابرات المصرية تحرص على عدم الإعلان عن قضايا التجسس التي تقوم بها المخابرات الإسرائيلية لأسباب عديدة ، فعندما حامت الشبهات حول عدد من موظفي السفارة الإسرائيلية بالقاهرة الذين يقومون بأنشطة تجسس ، استجابت إسرائيل لطلب مصر وسحبت في هدوء اثنين من الدبلوماسيين " لتجاوزهما حدود وظيفتهما الدبلوماسية إلى التورط في أنشطة غير مشروعة " . وكان أحد هؤلاء قد قام بزرع أجهزة تجسس وتنصت في كل العمارة الضخمة على النيل ، والتي تحتل السفارة الإسرائيلية الطبقات الثلاث الأخيرة منها .
ويسكن هذه العمارة وفي المنطقة المجاورة بعض الشخصيات التي رأت السفارة الإسرائيلية أن التجسس عليهم يفيد عمليات الموساد .. ومن قبل كان قد تم ضبط أجهزة للتنصت مزروعة في عدد من المنازل وأشجار الحدائق في منطقة المعادي التي يسكن فيها الإسرائيليون .
والتجسس تحت مظلة السياحة أيضاً :
في عصر " السلام " تختلف أساليب التجسس عن فترات الحروب . فالرسائل المفخخة والطرود الملغومة دخلت متحف التاريخ وأصبحت بالية ولا تتناسب مع طبيعة العلاقات الجديدة وحسن الجوار والحدود المفتوحة .
وعلى الرغم من ذلك فالعقيدة التجسسية راسخة ثابتة ولا تتغير . وضعت بمعرفة بن غوريون رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أنشأ الجهاز .. وعمد إلى توسيع صلاحيات فرع الموساد .. وجعل واجبه الأول هو جمع وتحليل المعلومات في الخارج ، في أي منطقة لها أهمية بالنسبة لإسرائيل .
ويقوم أسلوب الموساد في التجسس على عدة أسس :
العنف الشديد وسرعة التخلص من أعداء إسرائيل ، وإيهام الرأي العام بقوة المخابرات الإسرائيلية .
استخدام اليهود المنتشرين في سائر أنحاء العالم في أعمال التجسس .
ابتكار وسائل جديدة وفقاً لطبيعة العلاقات التي تربط إسرائيل بمختلف الدول .
وبالفعل ابتكرت إسرائيل وسائل جديدة تختلف عن التجسس التقليدي وبدأت في إرسال عشرات الفتيات الإسرائيليات " تحت شعار السياحة " لاستدراج بعض الشباب المصري ، لأعمال منافية للأدب في الشقق المفروشة والنوادي الليلية والفنادق الكبرى .. ونشرت صحف المعارضة في مصر أنباء عن استخدام إسرائيل لفتيات مصابات بالإيدز ، لمعاشرة السباب المصري ونشر هذا المرض اللعين .
تسربت أنباء عن إصابة الفتاة الإسرائيلية " فائقة " التي ضبطت في قضية تجسس لصالح الموساد الإسرائيلي بمرض الإيدز .
وأجرت السلطات المصرية تحريات واسعة حول الشباب الذي كانوا على علاقة بها ، حيث كانت تغادر مسكنها في الثامنة مساء ولا تعود إليه إلا في اليوم التالي .. وقال الشهود في منطقة سكنها انه لا يمكن حصر عدد الشباب الذين كانوا يترددون عليها .
وقد كشف الباحث المصري مدحت أبو بكر النقاب عن قيام الموساد بتجنيد بعض طلاب الجامعات عن طريق أقاربهم العاملين في السفارة الإسرائيلية ، وتشجيعهم للسفر إلى إسرائيل في رحلات حصل مقابلها أقاربهم على مكافآت مجزية نظير تجنيدهم .
وحاول الموساد اكثر من مرة إرسال سرب من الجميلات في مناسبات مختلفة ، اشتركت فيها إسرائيل ، التقين خلالها بشباب الجامعة من الأساتذة المساعدين والمدرسين والمعيدين والطلاب . وظن كل واحد منهم انه قام بمغامرة عابرة مع إحدى الفتيات وانتهى الأمر بعودتهن بعد تبادل المعلومات البسيطة الكافية للتعارف والعناوين .
وفوجئ هؤلاء الشباب برسائل من تل أبيب تحمل الأشواق واللوعة والهيام مع الرغبة في تجديد اللقاء في مصر و إسرائيل لقضاء أوقات ممتعة أخرى .. فبدأ يجهز كل منهم بحثاً صغيراً حول قضية مما يشغل الشباب أو يمس مشاكلهم السياسية والتعليمية وغيرها .. وتحدد كل فتاة موعداً للشاب تكون فيه بانتظاره في المطار .
اكتشفت الموساد أن أجهزة الأمن المصرية متيقظة وترصد الخطوات منذ اللقاء الأول ، واتخذت خطوات عاجلة لإنهاء العملية .
لم تكن " فائقة " الإسرائيلية التي باع أبوها جسدها للحصول على معلومات عن مصر هي الأولى ولن تكون الأخيرة .. فقد انتقلت إسرائيل من مرحلة المتفجرات والقنابل ، إلى الجنس والمخدرات والإيدز .. وما زال في جعبتها الكثير .
كثر الحديث والإعلان والتحقيقات الصحفية عن هذه الشبكة الخطيرة ولوضع حد لكل ذلك أعلن السيد اللواء محمد عبد الحليم موسى ( وزير الداخلية المصري في ذلك الوقت ) أن الجاسوس الإسرائيلي فارس مصراتي قد اعترف بأنه يعمل لحساب الموساد وينتمي إلى منظمة إسرائيلية متطرفة وانه كان يسعى لجمع معلومات عن أهداف حيوية وشخصيات عامة ودولية بالقاهرة . بدأت أجهزة الأمن المصرية في اتخاذ سلسلة جديدة من الإجراءات والتدابير الحازمة حيال دخول الإسرائيليين إلى مصر سواء بقصد السياحة أو أية مهام أخرى … وأصدرت وزارة الخارجية المصرية – بناء على طلب الأجهزة الأمنية – أوامر مشددة للسفارة المصرية في تل أبيب بالحد من منح تأشيرات دخول للإسرائيليين إلا في أضيق الحدود وبعد إجراء مزيد من التحريات وذلك لحين صدور أوامر وتعليمات جديدة إليها . وبحثت وزارة الداخلية المصرية مشروعاً استثنائياً يقضى بعدم عودة السائح الإسرائيلي إلى مصر مرة أخرى إلا بعد مضى مدة معينة على زيارته السابقة ومن المفترض أن تكون من ستة إلى ثمانية شهور ، حيث ثبت من التحقيقات مع زعيم الشبكة انه دخل مصر هو وابنته اكثر من مرة في الشهور القليلة الماضية تحت ستار السياحة .
وشملت التدابير أيضاً حصر الإسرائيليين الموجودين بالقاهرة وقت مراقبة وكشف الشبكة وتكثيف التحريات حولهم للبحث عن عناصر أخرى والتحقيق مع كل من كانت له صلة من قريب أو بعيد بالجاسوس الإسرائيلي وابنته وبقية عناصر الشبكة .
وتم تشديد الحراسة والرقابة الأمنية على منفذي طابا ورفح في سيناء اللذين شهدا حالات تسلل متعددة من قبل الإسرائيليين وان كان معظمها لمهاجرين يهود من موسكو واروبا الشرقية بعد فشلهم في الحصول على عمل في إسرائيل .
وفضلاً عن ذلك كله ، شددت الحراسة على المتهمين وأحيطت التحقيقات معهم بسرية تامة .
عين المخابرات وأجهزة الأمن المصرية الساهرة :
ابتداء من عمل المخبرين الضروري واسمهم في مصر ( المرشدين ) الذين يقدمون المعلومات الهامة عن مشاهداتهم وعلمهم بالأشياء التي تمس أمن الوطن أولاً بأول إلى المخابرات وأجهزة الأمن ، وانتهاء بالتعليمات الصادرة إلى رجال الأمن العام في مراكز الحدود المصرية براً ، وبحراً ، وجواً برصد حركة حضور الإسرائيليين إلى مصر وعددها وتواريخها . ( هذه العملية لم تعد الآن سراً لأن وزارة الداخلية المصرية نفسها أعلنت عنها ) . وقد تجمع لدى هذه السلطات معلومات هامة تفيد أن الإسرائيلي فارس صبحي مصراتي وابنته فائقة مصراتي قد دخلا إلى مصر عدة مرات متقاربة بقصد السياحة وكانا يترددان على الفنادق الكبرى بالقاهرة التي تحوي صالات ديسكو حيث أقاما شبكة كبيرة من العلاقات العامة مع بعض رجال الأعمال المصريين ورجال المجتمع . واستغلت فائقة جمالها في جذب الأنظار إليها وأقامت علاقات متعددة مع شباب مصريين لم تستمر علاقة الواحد منهم معها اكثر من يوميين كما أنها سعت إلى الزواج من أحدهم للحصول على الإقامة في مصر إلا أن الذي لفت أنظار أجهزة الأمن المصرية أن الإسرائيلي فارس وابنته أوهما المحيطين بهما من المعارف والأصدقاء انهما لبنانيين وإمعاناً في التخفي استخدما اللهجة الشامية في الكلام وأتقناها ببراعة وكانا يتحدثان عن ذكرياتهما في لبنان المنكوب وجراحهما الناجمة عن الحرب الأهلية التي أتت على الأخضر واليابس .
وكان ذلك هو الخيط الأول الذي دفع بأجهزة الأمن المصرية إلى وضع الإسرائيلي وابنته تحت المراقبة لمدة ثلاثة اشهر تكشفت خلالها خيوط فضيحة التجسس الإسرائيلية .
وبعد إخضاعهما للمراقبة الدقيقة واكتمال الأدلة الكافية لاثبات تورطهما في النشاط التجسسي لحساب الموساد الإسرائيلي من تسجيل أصوات وتصوير مستندات وأوراق هامة ورصد تحركات مريبة ومكشوفة أمرت نيابة أمن الدولة العليا المصرية بالقبض عليهما داخل الشقة المفروشة التي يقيمان بها وهي تقع بالقرب من مطار القاهرة الدولي ومعظم الثكنات العسكرية الهامة .. وداهمت قوات الشرطة الشقة الكائنة بحي النزهة بمصر الجديدة فقفز الجاسوس الإسرائيلي هو وصديق مصري له – كان برفقته لحظتها – خارج الشقة وترك ابنته فائقة التي قبض عليها بسهولة .. وبعد مطاردة مثيرة في شوارع مصر الجديدة ، أرقى الأحياء المصرية ، ألقت الشرطة القبض على الإسرائيلي فارس وصديقه المصري الذي افرج عنه بعد ذلك وبعد التأكد من عدم صلته بالنشاط التجسسي الإسرائيلي وانه تصادف فقط وجوده في الشقة . وعثر داخل الشقة المفروشة للجاسوس على أوراق ووثائق وصور هامة لمواقع استراتيجية وحيوية في مصر و ضبطت كميات كبيرة من الساعات القديمة ثبت انه كان يستخدمها في إرسال برقيات التجسس ، كذلك بعض الأجهزة اللاسلكية و آلات تصوير صغيرة الحجم ، بالإضافة إلى جهازي راديو و تليفزيون و كمية كبيرة من تذاكر الطيران التي تثبت دخوله ليبيا اكثر من مرة . و عثر كذلك على تصاريح عمل و جوازات سفر مزورة .
و في بداية التحقيقات التي أجراها المستشار " عبد المجيد محمود " المحامي العام الأول في مصر ، أنكر الإسرائيلي فارس كل التهم الموجهة إليه . و حلال ذلك حاول السفير الإسرائيلي بالقاهرة افراهام دوبيك الحصول على موافقة أجهزة التحقيقات ، إلا أن طلبه قوبل بالرفض و لم يسمح في البداية لأي من أعضاء السفارة بمجرد الالتقاء بالمتهمين أو حتى التحدث معهما لاعتبارين : الأول : أن السفارة نفسها قد تكون طرفاً في عملية التجسس ، و الثاني : لضمان عدم التأثير على أقوال واعترافات المتهمين .
وبمواجهة الجاسوس الأول بالأدلة ، انهار و اعترف بالتجسس و التخابر لحساب الموساد الإسرائيلي وكشف عن أن إسرائيل تجند عناصر الجماعات والمنظمات المتطرفة بها للقيام بأنشطة تجسسية ضد العرب مستغلة حماسهم المتطرف لدولة إسرائيل وكرههم الشديد للعرب .
وثبت من التحقيقات أن فارس مصراتي يهودي من اصل ليبي من " مصراته " ، تركت عائلته ليبيا في أعقاب حرب 1948 و بعد إنشاء الكيان الصهيوني و انه ينتمي لمنظمة إسرائيلية متطرفة .
الجاسوس تلميذ ( مائير كاهانا ) :
وقد علم أثناء التحقيق أن الجاسوس الإسرائيلي فارس مصراتي كان ينتمي إلى حركة كاخ العنصرية المتطرفة التي كان يتزعمها مائير كاهانا الذي اغتيل في الولايات المتحدة وأتهم الشاب المصري " سيد نصير" بقتله إلا انه تركها وانضم إلى حركة أخرى لا تقل تطرفاً .
وأشار إلى أن أجهزة الأمن بحثت عما إذا كان مصراتي ينوي تدبير شيء ما لأسرة سيد نصير المقيمة في مدينة بور سعيد انتقاماً لمقتل كاهانا ، حيث انتقلت زوجة نصير وأولاده من نيويورك إلى مصر لتعيش مع عائلة زوجها و تفرض الأجهزة الأمنية في مصر عليها حراسة مشددة .
وقال المصدر نفسه – هناك خيط أكثر غموضا تسعى أجهزة التحقيق للكشف عنه ويتعلق بما إذا كان من ضمن خطط الجاسوس الإسرائيلي التجسس على ليبيا أيضاً بالإضافة إلى مصر و جمع معلومات عن برنامجها النووي والكيماوي ومعلومات أخرى تتعلق بتواجد منظمات إرهابية في أراضيها بالإضافة إلى الحصول على معلومات خاصة بأماكن عسكرية وحيوية .
جاسوسان آخران في الفخ :
و بعد اسبوع كامل من التحقيقات مع الجاسوس فارس مصراتي ، ألقت المخابرات المصرية القبض على نجله ماجد مصراتي أثناء محاولته عبور الحدود المصرية الليبية قادماً من ليبيا وأعترف بأنه يعمل مع والده و شقيقته لحساب الموساد . و بعد يومين فقط اعتقلت سلطات الأمن المصرية جاسوسا إسرائيليا رابعا اسمه ديفيد اوفيتس وهو تاجر إسرائيلي كثير التردد على مصر ، ولوحظ أن علاقة قوية و غامضة كانت تربطه بالجاسوس مصراتي ووضع تحت المراقبة بعد القبض على أسرة مصراتي وضبطته الشرطة وهو يقوم بتحركات ومناورات مريبة لمعرفة مصير زعيم الشبكة . وألقت القبض أيضاً على ثلاثة مصريين تعاونوا مع عناصر الشبكة لتسهيل عمليات التزوير عليهم و استخدامهم كأدلة في تنقلاتهم ، و لم يضبط مع المتهمين أي سلاح . وكشفت التحقيقات عن أن المهمة الأساسية للجواسيس هي رصد كافة المعلومات السياسية و الاقتصادية والعسكرية والثقافية عن مصر و الحصول على معلومات دقيقة تتعلق بالأماكن الحيوية والعسكرية و تحديد الأماكن الاستراتيجية و المنشآت العسكرية بالغة الأهمية و الحصول على معلومات عن خطة التطوير العسكري و برامج التدريب المشتركة التي تجري مع دول أخرى و رصد أي تعاون عسكري بين مصر و سوريا بالذات و الحصول على معلومات متكاملة عن الأسلحة العسكرية التي تملكها مصر و رصد حجم و قوة التيار الديني في مصر و موقعه في الشارع المصري .
كذلك تضمنت خطط الجاسوس الإسرائيلي و ابنته الحصول على معلومات دقيقة خاصة ببعض الشخصيات القيادية و الهامة في الدولة و دراسة تحليلية متعمقة لهم و لدورهم السياسي في المستقبل .
التدخل الإسرائيلي المكشوف :
ووسط كل هذه الفضائح و الجرائم الصهيونية كان موقف الحكومة الإسرائيلية غريباً للغاية حيث طالبت مصر بالإفراج فوراً عن المسجونين الإسرائيليين لعدم صحة الاتهامات الموجهة إليهم . وأبدى السفير الإسرائيلي بالقاهرة تذمره من عدم السماح له بلقاء المتهمين ومتابعة التحقيقات والاطلاع على ملفات القضية ، واضطر إلى أن يطلب مقابلة وزير الداخلية المصري آنذاك اللواء عبد الحليم موسى ووعده الأخير بالسماح له بلقاء المتهمين ولكن بعد إنهاء التحقيقات معهم .
ونفى المسؤولون بـإسرائيل أية صلة للموساد بالمتهمين ، وأكد مصدر قضائي أن الأدلة قوية وواضحة وضوح الشمس وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك تورط إسرائيل ومخابراتها في التجسس ، وأهم هذه الأدلة : أدوات التجسس والتسجيلات الصوتية ودلائل التزوير والمعلومات الدقيقة التي تم رصدها وتصورها فضلا عن اعترافات المتهمين أنفسهم .
وتوقع المراقبون أن تؤدي فضيحة اكتشاف شبكة التجسس الإسرائيلية بالقاهرة إلى حدوث فجوة عميقة في العلاقات بين مصر و إسرائيل ، وأن تعيد القاهرة النظر في بعض الإجراءات التطبيقية المعمول بها في إطار اتفاقيات كامب ديفيد خاصة ما يتعلق بالسياحة و دخول الإسرائيليين إلى مصر دون ضوابط مشددة .
ويتوقع البعض أن تثير الفضيحة عاصفة سياسية في إسرائيل نفسها إذا ما تكتشف بقية خيوطها و قد تؤدي إلى الإحاطة بمسؤولين كبار هناك مثلها مثل فضيحة لافون الشهيرة في أوائل الخمسينات .
ولكن ظهر أن السلطات الإسرائيلية متماسكة في سبيل طمس فضيحة الموساد هذه وتقديم الاعتذار لمصر واعتراف القنصل الإسرائيلي بتجسس المصراتي وشبكته .
استمرار التحقيق وخلفية القضية :
كنتيجة طبيعية لتفتيش شقة الجاسوس فارس صبحي مصراتي بعد إلقاء القبض عليه وعلى ابنته وولده ماجد وصديق العائلة الجاسوس الإسرائيلي ديفيد اوفتيس الذي ادعى انه تاجر ، عثرت المخابرات المصرية على عدد من الوثائق المهمة ، و تقارير جاهزة من المعلومات الهامة عن أهداف عسكرية واستراتيجية ، ومعلومات عن عدد من الشخصيات المصرية .
والمعلومات التي نشرت عقب إذاعة البيان الصحفي من قبل السيد وزير الداخلية المصري عن القضية تفضي إلى اعتقاد السلطات الأمنية بخطورة هذه الشبكة ، حيث عثرت أجهزة الأمن خلال تفتيش شقتها على أدوات متقدمة لتزوير الوثائق و المستندات الرسمية . وكشفت المعلومات الرسمية ، في هذا السياق ، عن أن الجاسوس الصهيوني استطاع بالفعل أن يقوم بتزوير بطاقتي هوية مصريتين . أما المواطن المصري الذي اعتقلته أجهزة الأمن المصرية مع الجاسوس وابنته ، فقد أعلن أن التحقيقات معه أسفرت عن عدم تورطه في أي نشاط من أنشطة الجاسوسين الصهيونيين ، وعدم معرفته بهويتهما الأصلية وأفرج عنه .
وضمن ما أعلنه البيان الرسمي المذكور ، فان نيابة أمن الدولة العليا المصرية أصدرت قرارها بحبس الجاسوسين على ذمة التحقيق في القضية ، تمهيداً لمحاكمتهما بالتهم المذكورة ، وقد تصل عقوبتهما إلى الإعدام .
و بعيداً عن تفاصيل ووقائع قضية هذا الجاسوس الصهيوني و ابنته ، و في انتظار ما سيكتشف من أبعادها ، فان اكثر المراقبين في العاصمة المصرية يرون أن الإعلان عنها مفعم بالدلالات السياسية ، فعلى الرغم من أن هذه القضية لم تكن أول قضية تجسس لمصلحة العدو الصهيوني ، تكشف عنها السلطات المصرية منذ توقيع ما يسمى " معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية " ، حيث أعلن عن قضية مماثلة ( صيف العام 1989 ) ، وهي القضية التي أدين فيها شقيقان مصريان بتهمة التجسس لحساب إسرائيل ، وحكم عليهما بالسجن ، وشاركهما في ذلك أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية ( الموساد ) الذي أدانته المحكمة التي نظرت في القضية . على الرغم من ذلك ، فان ما تكشف من وقائع هذه القضية ، وتوقيت الإعلان عنها ، دفعا المراقبين إلى إبداء الاهتمام الشديد بها لعدد من الأسباب ، أولها إنها أول قضية تجسس يتم الإعلان عنها ، ويكون المتهمون المعتقلون فيها إسرائيليين ، ممن يستفيدون مما يسمى " تطبيع العلاقات مع إسرائيل " في الدخول بحرية إلى مصر ، هذا من جانب الوقائع . أما من جانب التوقيت وملابساته ، فان هؤلاء المراقبين يرون ضرورة الربط بين الإعلان عن القضية ، وما جاء فيه من أن الجاسوس الإسرائيلي وابنته نشطا في جمع المعلومات عن مؤسسات وأهداف عسكرية واستراتيجية مصرية ، وبين بدء ما يسمى المفاوضات المتعددة الأطراف ، التي من ضمن أهم بنودها – إن لم يكن البند الأهم – موضوع نزع السلاح في المنطقة ، وفق المفهوم الإسرائيلي والأمريكي ، أي تقليص القدرة العسكرية العربية ، وضمان تفوق استراتيجي ساحق لإسرائيل ، وفي مواجهة الأقطار العربية مجتمعة .
ولعل ما يعزز لدى المراقبين في القاهرة ، ليس فقط توافق الإعلان عن القضية مع تصاعد الجدل حول موضوع نزع السلاح العربي ، وما يثار خلال ذلك من حملات أمريكية وصهيونية عن القدرات التسليحية العربية ، ومحاولات التصنيع الحربي في بعض الأقطار العربية ومن بينها مصر ، ولا سيما في بعض الأنواع كالصواريخ وغيرها لا سيما وقد علمت المخابرات الإسرائيلية من عملائها ونتيجة متابعة الدكتور جيرالد بول ، مخترع المدفع العملاق عن زيارته للقاهرة سابقاً ( قبل تصفيته من قبلها ) . ويشير العديد من المراقبين إلى أن المقارنة بين المرحلة ، التي أعلن فيها عن قضية الجاسوسين الشقيقين في العام 1989 ، وبين مرحلة الإعلان عن الجواسيس الصهاينة ، ستكشف عن انه فيما تم الإعلان عن القضية الأولى ، وقتئذ ، بعد صدور الحكم النهائي في القضية وإدانة المتهمين بها أي بعد شهور طويلة استغرقها التحقيق والمحاكمة ، فإن القضية الأخرى تم الإعلان عنها مبكراً جداً ، بالنسبة إلى الأولى ( بل بالنسبة إلى ما اعتادت عليه السلطات المصرية في الإعلان عن هذا النوع من القضايا ) ، فلم تتجاوز المساحة الزمنية الفاصلة بين اعتقال الجاسوسين وبين الإعلان مدة اسبوع واحد الأمر الذي يدعو العديدين إلى الاعتقاد أن لدى القاهرة الرغبة في استثمار هذه القضية ، في ذلك الوقت بالذات . وضمن أهم أهدافها من ذلك تأكيد امتعاضها الشديد مما يثار ضمناً أو صراحة عن القدرات العسكرية المصرية ، ونشاط التصنيع الحربي في مصر ، هذا بالطبع فضلاً عن الإشارة إلى الدرجة التي بلغها ضيق السلطات المصرية بالأنشطة التخريبية التي يقوم بها الإسرائيليون الذين يدخلون مصر تحت ظلال التطبيع ، وهي الأنشطة التي تتنوع وتنتشر على مساحة كبيرة من الجرائم ابتداء من الغزو بالمخدرات ، ومروراً بمحاولات إغراق السوق المصرية بعملات النقد الأجنبية المزورة ، وتخريب الزراعة المصرية ، بل محاولة نشر مرض الإيدز بين الشباب المصري . كما أن هذه الجرائم لا تنتهي بالتجسس الفاضح على الأهداف والقدرات الحيوية المصرية .
التطورات الهامة في شبكة تجسس المصراتي :
كانت ابرز التطورات في قضية اعتقال المخابرات المصرية لشبكة تجسس عائلة المصراتي الإسرائيلية اتساع نطاق التحقيق والاتهام حتى بلغت حصيلة المقبوض عليهم في حينه ستة أشخاص هم :
فائق المصراتي وابنه ماجد وابنته فائقة وجاسوس إسرائيلي آخر يدعى انه رجل أعمال اسمه دافيد أو ديفيد اوفيتش ، بعد أن توصلت المخابرات المصرية إلى معلومات انه يشارك فارس مصراتي نشاطاته في شبكة التجسس ومواطنين مصريين . وقد أظهرت التحقيقات أن زيارات اوفيتش إلى مصر تعددت وتوافق أغلبها مع فترات وجود فارس في القاهرة ، حيث استطاعت أجهزة الأمن رصد عدد من اللقاءات بينهما ، والتي كان بعضها في الشقة ، التي استأجرها فارس وابنته ، وبعضها الأخر في أماكن أخرى .
وتقول مصادر أجهزة الأمن المصرية ، أن دافيد اوفيتس كان يدخل مصر تحت ستار انه رجل أعمال ، يسعى لعقد صفقات مع رجال أعمال مصريين . وتضيف هذه المصادر ، أن اوفيتس استطاع إقامة علاقات وصلات قوية مع عدد من رجال الأعمال المصريين وأسرهم ، وانه بذلك نجح في أن يصنع لنفسه دائرة حيوية لجمع المعلومات ، بعيداً عن مخاطر رصده إذا تحرك بمفرده .
أما بالنسبة إلى الاثنين المصريين الذين قبض عليهما على ذمة التحقيقات في القضية فلم تشأ السلطات المصرية الكشف عن هويتهما ، ولا عن مدى تورطهما في نشاط الجواسيس الإسرائيليين . غير أن مصادر في نيابة أمن الدولة العليا المصرية ، أبلغت الصحافة انه تم استجواب العديد من المواطنين الذين كانوا على صلة بفارس وابنته ، غير انه لم يتم القبض إلا على اثنين فقط لوجود دلائل جدية على احتمال معرفتهما ومشاركتهما في الأنشطة الإجرامية للشبكة .
نشر الإيدز ، من مهمات الشبكة :
ولعل أخطر ما تكشف من التحقيقات الجارية هو المساحة الواسعة لعلاقات أسرة الجاسوس فارس صبحي ، وبخاصة ابنته التي لعبت الدور الرئيسي في هذه العلاقات ، عن طريق إغرائها العديد من الشباب المصريين ، الذين كانت تتعرف إليهم وتدعوهم إلى سهرات ماجنة معها ، تتحدد نهايتها حسب تقديرها لأهمية كل منهم . وفي هذا السياق ، تقول مصادر الأمن المصري أن عميلة الموساد كانت تركز أساساً في علاقاتها على أبناء وأقرباء الشخصيات المصرية المهمة . وإنها كانت تصل في العلاقة معهم إلى حد الذهاب والمبيت معهم في مساكنهم أو السماح لهم بالمبيت معها في شقتها . وتضيف المصادر نفسها انه جاء في اعترافات الجاسوسة الإسرائيلية حول دورها في شبكة التجسس مع أبيها ، إنها تعرفت إلى المئات من الرجال والشباب المصريين ، وان أسلوبها في جمع المعلومات منهم هو استدراجهم في الحديث خلال اللقاءات الماجنة معهم . وإنها كانت تبدأ في معرفة اسم الشخص ، وما إذا كان له أو لوالده أو لاحد أقاربه مركز مهم ، وإذا توصلت إلى أن " الصيد " متوافر فيه ، كانت تفتح باب الإغراء على مصراعيه وتنتقل بشكل مدروس إلى استدراجه للبوح بالمعلومات التي يعرفها ، وهي مدربة بالاحتفاظ على هذه المعلومات حيث تذكرها في ما بعد لأبيها الذي يقوم بدوره بتصنيفها وترتيبها . وقد اعترف فارس – حسب المصادر نفسها – بأنه كلما تراكمت لديه حصيلة من المعلومات ، كان يسافر إلى إسرائيل لينقلها إلى جهاز الموساد ويعود ثانية ليستأنف نشاطه . وقد أشارت مصادر أجهزة الأمن المصرية إلى الصعوبات الكبيرة التي واجهتها في تعقب كل الذين كانت لهم صلات بالجاسوسة ، نظراً لضخامة عددهم ، فضلاً عن أن اعترافها لم يتضمن قوائم بالأسماء الكاملة لهؤلاء الأشخاص ، حيث ادعت إنها لا تتذكر اغلبهم لكثرتهم من جانب ، ومن جانب آخر لأنها لم تكن تهتم إلا بما تحصل عليه منهم من معلومات تنقلها إلى والدها .
على أن اعترافات أخرى للجاسوس الصهيوني وابنته أضافت بعداً جديداً وخطيراً إلى القضية تتمثل في ادعاء الجاسوس بأن ابنته مصابة بمرض فقدان المناعة المكتسبة ( الإيدز ) ، وقد ترتب على هذا الاعتراف أن أجهزة الأمن المصرية ضاعفت جهودها للتوصل إلى الأشخاص الذين اتصلوا بالجاسوسة لسماع أقوالهم في التحقيقات ، ولإخضاعهم لفحوص طبية لمعرفة ما إذا كانوا أصيبوا بعدوى الإيدز من عدمه .
وكانت السلطات المصرية سارعت ، فور اعتراف الجاسوسة بإصابتها بهذا المرض ، إلى عزلها في زنزانة خاصة ، في سجن طرة جنوب القاهرة ، المودعة فيه مع أبيها ، وباقي المتهمين في القضية . كما أخضعت لفحوص طبية للتأكد من حقيقة إصابتها بمرض الإيدز ، غير أن نتائج هذه الفحوص لم تعلن ، وقد كان ذلك سبباً لبعض التكهنات التي انتشرت في أوساط المراقبين في العاصمة المصرية بأنه ربما كان تسريب معلومة أن الجاسوسة الإسرائيلية اعترفت بإصابتها بهذا المرض الخطير جداً مقصوداً به تسهيل مهمة أجهزة الأمن المصرية في معرفة الأشخاص الذين تعاملوا مع الجاسوسة حيث سيصيبهم الذعر من احتمال انتقال العدوى إليهم .
وعلى كل حال ، فان العديدين لا يستبعدون احتمال أن تكون ابنة الجاسوس الإسرائيلي مصابة فعلاً بمرض الإيدز وان ذلك ربما كان من مؤهلات نشاطها التخريبي في مصر ، ضمن الشبكة التي زرعها جهاز المخابرات الإسرائيلي " الموساد " . وعلى صعيد آخر ، فان المعلومات التي تسربت حول التحقيقات في القضية ، أشارت إلى أن دور شبكة الجاسوسية الصهيونية كان يتجاوز مجرد جمع المعلومات عن الأهداف الحيوية المصرية ، إلى ممارسة أنشطة أخرى خطيرة ، حيث لفت العديد من المراقبين الانتباه إلى أن النشاط المتعلق بأدوات التزييف والتزوير ، ذات التقنية العالية ، التي ضبطتها أجهزة الأمن المصرية في حوزة فارس وابنته والتي استخدمها بالفعل في تزييف بطاقات هوية مصرية لهما ، للحصول على جوازات مصرية ، مما يشير إلى احتمال وجود مخطط لهذه الشبكة للتحرك انطلاقاً من مصر إلى أقطار عربية أخرى بخاصة تلك التي لا تشترط لدخول المواطنين المصريين إلى أراضيها الحصول على تأشيرات مسبقة ، أو تلك التي لا يحتاج المواطن المصري في انتقاله إليها إلى جواز سفر .
وفي هذا السياق ، أثار القبض على ابن الجاسوس فارس ، خلال وجوده في منطقة الحدود مع الجماهيرية ، تكهنات بأنه ربما كانت هناك محاولة من جانب هذه الشبكة لمد نشاطها التخريبي إلى ليبيا . وربما كان من أهدافها القيام بأعمال إجرامية تسيء إلى العلاقات الحميمة بين القطرين . وعلى الصعيد السياسي ، فإن القضية أفضت إلى تفاعلات عديدة ، أهمها ما أفصحت عنه ردود الفعل التي صدرت عن إسرائيل ، وتركزت في تعليقات وسائل الإعلام الإسرائيلية فقط في ظل صمت رسمي شبه كامل ، لم تقطعه سوى تصريحات مقتضبة ، أدلى بها سفير إسرائيل في القاهرة آنذاك " افرايم دوبك " . وقد أشارت ردود الفعل هذه إلى القلق الشديد الذي انتاب الأوساط الإسرائيلية من كشف شبكة جواسيس الموساد في مصر ، ومن تأثير هذه القضية على العلاقات مع مصر ، وزيادة حدة الغضب الشعبي على التطبيع مع إسرائيل ، وبالتالي زيادة عزلة الزائرين الإسرائيليين لمصر . غير أن أجهزة الإعلام الإسرائيلية بدت ، في بعض ردود الفعل التي أبدتها ، وهي تبذل محاولات مستميتة لتزييف وقائع القضية ، ابتداء من نشر وتسريب معلومات مغلوطة حول هوية المتهمين فيها ، وانتهاء باختلاق سياق مزيف لهذه الوقائع ، وصل حد الادعاء بأن شبكة التجسس المكتشفة ، كانت تعمل لحساب طرف عربي ، بعد أن تم خداع عناصرها الإسرائيليين بأن نشاطهم سيكون لحساب الموساد !! .
وبعيداً عن مزاعم الإعلام الإسرائيلي ، فإن قلق الأوساط الإسرائيلية من القضية ، ومن طريقة الإعلان الرسمي المصري الواسع عنها ، وعن بعض وقائعها ، بدت واضحة في التصرفات المحمومة ، التي قامت بها سفارة إسرائيل في القاهرة ، حيث حرص السفير الإسرائيلي افرايم دوبك على طلب اللقاء بوزير الداخلية المصري آنذاك اللواء محمد عبد الحليم موسى ، عقب تصريحات للأخير حول القضية ، أكد فيها أن المتهمين أدلوا باعترافات تفصيلية عن علاقتهم بجهاز المخابرات الإسرائيلي ، وعن النشاط المكلفين به في مصر ، كما أكد في هذه التصريحات أن فارس وابنته يعتنقان الديانة اليهودية ( عكس ما قالته الصحافة الإسرائيلية من انهما ينتميان إلى عائلة عربية مسلمة ) .
وقد تعمد دوبك ، عقب لقائه وزير الداخلية المصري ، أن يصرح لإذاعة الكيان الصهيوني بأن الوزير ابلغه بأنه لم يقل " أن المتهمين اعترفوا " وقد بدا واضحاً من ذلك أن المقصود هو توفير قدر من الدعم للروايات المغلوطة ، التي تنشرها وسائل الإعلام الإسرائيلية في هذا الصدد .
ويذكر في هذا السياق أن مندوبين عن السفارة الإسرائيلية في القاهرة حصلوا على تصريح من السلطات المصرية المختصة بزيارة الجواسيس المقبوض عليهم ، بعد أن تقدمت السفارة بطلبات رسمية ادعت فيها أن لديها معلومات تفيد بتعرض المتهمين لإكراه مادي ومعنوي للاعتراف بعملهم لحساب جهاز الموساد .
النيابة العامة تجدد السجن لأعضاء شبكة التجسس :
لكن مقابلة السفير أو القنصل الإسرائيلي للمتهمين شيء ، والتدخل في التحقيق شيء آخر ، حيث رفضت نيابة أمن الدولة العليا المصرية طلبات السفارة الإسرائيلية السماح لمندوبي السفارة بالاطلاع على الملفات الكاملة للتحقيقات التي جرت حتى تاريخه ، وذلك بعدما كشفت المخابرات وأجهزة الأمن المصرية نشاط الشبكة في جمع المعلومات الحساسة لمصلحة المخابرات الإسرائيلية . ومن جهة أخرى ، كانت نيابة أمن الدولة المصرية قد جددت مدة حبس ضابط الموساد دافيد اوفيتس على ذمة التحقيق في القضية ، على الرغم من الضغوط الشديدة التي مارستها الحكومة الإسرائيلية على الحكومة المصرية لاطلاق سراحه . غير أن النائب العام المصري سمح للقنصل الإسرائيلي في القاهرة بحضور جلسة تجديد حبس اوفيتس ، ومعه محامي السفارة فقط .
وكانت مصادر قضائية مصرية نفت نفياً قاطعاً نبأ أذاعته إذاعة إسرائيل وزعم فيه قيام سلطات التحقيق المصرية بالإفراج عن ضابط المخابرات الإسرائيلي . إضافة إلى ذلك ، فإن التحقيقات مع أفراد شبكة التجسس الإسرائيليين والمتهمين بالتعاون معهم من المصريين تواصلت بكثافة ، حيث استدعت نيابة أمن الدولة المصرية العديد من الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في التحقيقات باعتبارهم كانوا ضمن دائرة الصداقات والمعارف الواسعة التي نشط فيها آل مصراتي ، وخاصة الابنة فائقة . وفي هذا السياق ، انتشرت الشائعات والتكهنات وبدأت تتردد بقوة في القاهرة عن أسماء الفنانين والفنانات ، الذين تسربت إشاعات نسبت إلى مصادر التحقيق ، تفيد انهم كانوا على علاقة وطيدة مع مصراتي وابنته ، غير أن مصدراً قضائياً مصرياً نفى تورط أي فنان أو فنانة مصرية في نشاط الشبكة . وقال المصدر أن بعض الصور التي ضبطت في منزل مصراتي وكانت تجمع بين ابنته وبعض الفنانين ، كانت صوراً " مركبة " وغير حقيقية ، حيث كانت الجاسوسة تستخدم هذه الصور في الإيقاع بضحاياها واقناعهم بأنها على علاقة بمشاهير المجتمع .
وعلى صعيد آخر ، قامت أجهزة الأمن المصرية بتكثيف الحراسة الخفية على بعض الشخصيات التي اعترف أفراد الشبكة بأنهم كانوا يراقبون ويحاولون جمع معلومات عن تحركاتهم تمهيداً لوضع الخطط في الموساد لاغتيالهم والاعتداء عليهم ، ومن هذه الشخصيات الدكتور خالد جمال عبد الناصر ، وأسرة المواطن سيد نصر المتهم باغتيال الإرهابي الصهيوني مائير كاهانا .
وقد اتخذت سلطات الأمن المصرية احتياطات أمنية مشددة بموجبها الحراسة على منزل المهندس خالد ابن الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي برأته المحكمة بعد عودته طائعاً إلى وطنه مصر من يوغسلافيا ، من تهمة ( قيادة تنظيم ثورة مصر ) .
وكذلك شددت الحراسة على منزل أسرة سيد نصير ، الذي برأته محكمة أمريكية أيضاً من تهمة قتل الحاخام مائير كاهانا ، رئيس حركة كاخ الإسرائيلية المتطرفة .
وأكدت بعض المصادر في القاهرة أن اكثر من جهاز أمنى مصري اشترك في إعداد دراسة متكاملة عن النشاط الرسمي الإسرائيلي في القاهرة ومدى علاقته بالأنشطة التخريبية والتجسسية التي تقوم بها إسرائيل تحت ستار التطبيع في مصر . وتقول المصادر ، أن هذه الدراسة تستهدف فرض نطاق من السيطرة على هذه الأنشطة ، فضلاً عن جمع قائمة من الأدلة على تورط السفارة الإسرائيلية ، وباقي المؤسسات الرسمية الإسرائيلية العاملة في مصر في النشاطات المعادية ، لتمكين أصحاب القرار السياسي من اتخاذ الإجراءات والقرارات المناسبة وذلك في ضوء الأبعاد الخطيرة التي اكتشفتها قضية شبكة آل مصراتي وحجم استفادة المخابرات الإسرائيلية من الأوضاع القانونية للدبلوماسيين الإسرائيليين في مصر ، لممارسة أنشطة التجسس والتخريب ، وإدخال أدوات وأجهزة لا يمكن دخولها أو تهريبها إلى البلاد إلا عن طريق الحقائب الدبلوماسية للسفارة الإسرائيلية . وهذا ما يحصل فعلاً لأن الأجهزة ومستلزمات التجسس التي صودرت من شبكة مصراتي وغيرها من قبلها لا يمكن إدخالها عن طريق المعابر الحدودية أو الطائرات بسبب التفتيش الدقيق على جميع الإسرائيليين القادمين إلى مصر .
القنصل الإسرائيلي في القاهرة يعترف :
فاجأ القنصل الإسرائيلي في القاهرة آنذاك " روني بورات " الصحافيين بتصريحات ناقضت كل الادعاءات التي روجها الإعلام الإسرائيلي ، منذ الاعلان عن كشف شبكة آل مصراتي للتجسس ، التي دفع بها جهاز المخابرات الإسرائيلي " الموساد " إلى مصر ، تحت ستار التطبيع لجمع المعلومات الاستراتيجية والعسكرية عن مصر والجماهيرية العربية الليبية .
وفيما كانت ادعاءات الإعلام الإسرائيلي بشأن القضية تدور في نطاق إنكار أي علاقة للكيان الصهيوني واستخباراته بالشبكة والمتهمين بها ، سوى انهم إسرائيليون فقط ، فإن القنصل بورات اعترف ، في التصريحات التي أدلى بها عقب سماح السلطات المصرية له ولسكرتير عام السفارة