هل تثق كمواطن عربي بجهاز المخابرات؟
جهاد علاونه
كم مواطن عربي يثق بجهاز المخابرات في بلده مقارنة مع عدد الأوروبيين الذين يثقون بأجهزة مخابراتهم وأمنهم بكافة تفصيلاتهم وشُعبهم المتفرعة عنهم وأقسامهم ؟
لو شاهدني أيُ أُردنيٍ وأنا خارج من جهاز المخابرات الأردني أو وأنا داخل إليه ماذا سيقول عني ؟.
طبعاً قبل أن يقول أي كلمة راح أنا أعتذر بأسلوبي وراح أحاول خلق الأعذار وطبعاً راح أخجل من نفسي جدا جدا جدا وكأني داخل سفارة دولة أجنبية للتجسس أو وكأن الذي رآني قد التقط لي مشهدا مخزياً .
وأكيد راح أتمنى لو الأرض انشقت وبلعتني, وإذا بلغ هذا الخبر أمي فأكيد أمي رايحه كمان تحاول خلق الأعذار , ودعوني أعود للشخص الافتراضي الذي افترضت جدلاً أنه رآني وأنا داخل أو خارج من جهاز مخابرات ,أول شيئ من المتوقع أن يقوله بحقي أنني جاسوس , أو عميل أو مؤلف أو كذاب , وأنا شخصياً لو شاهدتُ رجلا أو صديقاً يدخل إلى جهاز المخابرات لابتعدتُ عنه شيئاً فشيئاً , أو حتى كان هو الذي بادرني بالابتعاد عني لأنه سيأخذ درساً عني كوني أتعاطا بالثقافة من أنني خائن وعميل لأجهزة ديمقراطية غربية هدفها الأول والأخير هز وزعزعة أمن واستقرار هذا البلد المسالم والنيل من وحدته الوطنية وسلامة أراضيه , ومن الممكن لشخص آخر إذا رآني أدخل المخابرات أن يصيبه القلق على مصيري والحزن الشديد أو لأصبح مني خائفاً مرتجفاً يترقبُ في المدينة كما أصبح موسى في المدينة خائفاً يترقبُ , ولست أدري لماذا نحن الوحيدون في العالم الذين نخاف من الدخول أو من التعامل مع الأجهزة الأمنية !!!, ربما لأن المواطن يعرفُ بأن هذه الأجهزة تعمل ضد مصلحة المواطن والوطن , فلا أحد يدخل هذا الجهاز للإصلاح بقدر ما يدخله للتخريب على المثقفين وعلى الأحزاب وعلى التيارات الثقافية والوطنية , لذلك من الممكن أن نصف ألأجهزة الأمنية بأنها أجهزة تخريب أو دوائر وشُعب وأقسام تخريبية , ولستُ أدري هل مثلاً المواطن الدينماركي يصبح مشبوهاً إذا دخل مبنى المخابرات في الدينمارك؟؟.
وهل مثلاً المثقف السويدي إذا دخل مبنى دائرة المخابرات يخرج منها خائناً أو لصاً أو عميلاً ؟.
وهل مثلاً دخول المثقف الأمريكي إلى مبنى المخابرات يعتبر تخريباً على المثقف والوطن والمواطن؟.
أعتقد أن المواطن في الدول الأوروبية إذا دخل مبنى المخابرات يصبح أكثر وطنية وأكثر حماساً لبناء وطنه وزيادة حجم التنمية لأن الحكومات هنالك تعملُ ليلاً ونهارا على راحة الوطن والمواطن ولا تقوم بالتخريب على التيارات السياسية والفكرية والاقتصادية , ولا يُعتبر كما عندنا , فانتقاد الفساد في عموم أرجاء الوطن العربي يعتبر هجوماً على الرموز الوطنية , أنا أذكرُ شخصياً قبل عدة أشهر بأن نشر لي موقع أردني إلكتروني قصيدة (يا عمي يا طاغية-يو تيوب- ) وبعد يوم واحد حذفها أحد المشرفين معتبراً القصيدة هجوماً على رجالات الأردن , فقلت له : هذا معناه شيء واحد وهو أنك تتهم رجالات الوطن بالفساد وبالطغيان , يعني زي ما حكا الرئيس المصري حسني مبارك(اللي على راسه بطحه بتحسسها) للذين اعترضوا على مسرحية الزعيم لعادل إمام.
جميع الناس تثق بأجهزتها الأمنية فلا أعتقد أن التعامل مع الأجهزة الأمنية في الدول المتقدمة من الممكن لنا أن نعتبره خيانة أو قسوة على المواطن , ما عدى الدول العربية بحيث يصبح دخول الأجهزة الأمنية وفتح قنوات عليها خيانة عظمى بحق شرفاء الأمة أو بحق المناضلين وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه الأجهزة مشبوهة سياسياً ولا تعمل إلا ضد مصلحة التيارات الثقافية والنهضوية .
لا تستغرب مما أقوله إذا كنت تعيش في دولة عربية أو شبه عربية , ففي الدول العربية لا توجد ثقةٌ بين الشعوب وبين الحكومات , وفي الدول العربية لا توجد صلة بين الشعوب وبين مجالس النواب أو الشورى أو الديكتاتوريات , وجميع أنظمة الحكم في العالم كله هنالك صلة قربى ودم بينها وبين الشعوب التي تحكمها إلا الدول العربية فهذه القرابة معدومة , فأبناء الملاجئ أو أبناء الحرام واللقطاء يتحكمون أو يمسكون بزمام الأمور , ودائماً هنالك صورة نمطية لرجل المخابرات العربي وهي صورة معتمة وقاتمة لم تعمل أجهزة الإعلام العربي على تبييضها أو تحسين صورتها , حتى النكتة والطُرفة في الشارع العربي إذا كانت على رجال الأمن وبالذات إذا كانت على رجال المخابرات فإنها تظهر بمظاهر غير لائقة بحق الإنسان الذي يحترم الرأي والرأي الآخر , وجميع النوادر عنهم أغلبها من نوع مميز وهو عدم التمييز بين المجرم الحقيقي والمجرم المزيف أي أنهم يأخذون الناس بالشُبهة وبالظنة أي أنهم يظنون بالعداوة على الأصدقاء , وعلى فكرة أي إنسان شكاك ويأخذ الناس بالشبهة وبالظنة يكون مزاجه مُعكّرْ وغير صافي ذهنياً بسبب ضغوطات العمل أو بسبب كثرة الممارسات الجنسية وتناول المنشطات الجنسية , فهذه الأمور تقلب كمياء المخ والدماغ ويصبح الشخص غير سوي في تفكيره ومزاجه معكراً بسبب اختلافات ضغط الدم وضغط السائل المنوي على الدماغ .
وغالبية الضباط الكبار في أجهزة المخابرات وليس جميعهم لديهم نشاطات جنسية واسعة لذلك أدمغتهم غير معتدلة كيميائيا وقدرتهم على التركيز ضعيفة ليس نسبياً وإنما بشكل واضح , وهذا يفسر لنا سبب عدم النهضة في البلدان العربية إذا لم يكن الفساد الحقيقي والمفتعل هو السبب الرئيسي , فإن لم يكن سقوطنا مفتعلاً فهو عفوي بسبب اختلال أدمغة كبار الضباط كيميائياً وهذا يعود لكثرة الممارسات الجنسية وتعاطي المنشطات.
أنا أتمنى إذا رآني شخص داخل أو خارج من جهاز المخابرات أن يحترمني .