قصص : عبد الحي و الأستاذ
عبد الحي و الأستاذ كما رواها لنا عبد الحي في قديم الزمان .. (مع بعض المبالغة) كان عبد الحي تلميذا لطيفا يحب كرة القدم، الأفلام و تبادل أطراف الحديث مع شباب الحي، كان يدرس كباقي أطفال حارته في ثانوية على بعد دقائق من المنزل، متمرس في التاريخ و الجغرافيا بصفته تلميذا من الشعبة الأدبية، كان عبد الحي يعتز بنفسه و يُعتبر من الطلاب المجدين مما جعله يكتسب ثقة في النفس و عزة و كرامة قل نظيرها. و في يوم من الأيام، و بينما كان عبد الحي يتصرف بشغب في القسم كسائر الأيام، ثار غضب الأستاذ و تعالتْ الأصوات و تبادل السب و الشتم مما أدى بالمدرس لمنع عبد الحي من الدخول للقسم إلى أن يحظر ولي أمره، قد يبدو الأمر عاديا لكن ما يجب أن يعلمه الجميع هو أن ولي أمر عبد الحي ملتزم جدا و لا مجال للمزاح معه، الشيء الذي جعل عبد الحي يفكر في حل بديل لأن إخبار والده بما حدث يُعدُّ انتحارا .. اجتمع صديقنا بشبان الحي الذين لم يُخفوا سخريتهم و ضحكم لما قَصَّ عليهم عبد الحي مأزقه، لكنهم ما فَتِؤوا يُنِيرُونه بأفكارهم الجهنمية !! بعد التفكير العميق قرر عبد الحي الالتجاء إلى الحل الأخير "إحظار بديل من الشارع". قُبَيْل الساعة الواحدة و النصف زوالا، خرج بطلنا باحثا عن ممثل يحل محل أبيه و ينقده من مصيبة نزلتْ عليه كعاصفة صيفية في سيريلنكا الغربية، بدأ يطلب عون المارة واحدا تلو و الآخر إلى أن وجد "ولد الناس" الذي وافق على مساعدته مجانا، شرح عبد الحي موقفه للرجل الشهم و اتجهوا نحو المدرس، دخل التلاميذ و ظل الإبن و أبوه المزيف ينتظران أمام الباب، لما حظر الأستاذ بدأ الحوار بين الرجلين بصفتهما "أعقل من الشباب الملوث العقل و الذي يملؤ الثانويات"، شرح الأستاذ الموقف للرجل و تمادى في حبك القصص و الخزعبلات، و كان الرجل على عكس ما توقعه عبد الحي ماهرا في التمثيل، ينظر لابنه المزعوم و يوبخه بشدة أمام التلاميذ الذي يتمرغون أرضا من شدة الضحك، و لكن قبل نهاية الحوار حدث ما لم يكن بالحسبان .. انسجم الرجل مع الدور إلى أبعد الحدود و "صرفق" عبد الحي حتى تناثرتْ دماؤه على الأرض، لم يتمالك عبد الحي نفسه أمام الملئ فصرخ ساخطا : " ماشي بَّا ما تقيصنيش" و قفز مهديا الرجل لكمة في الوجه مباشرة أطاحه على إثرها أرضا، و هوى عليه باللكمات لكن الرجل لم يسكت و لقن عبد الحي درسا لن ينساه. فطرد عبد الحي و ضحك التلاميذ و عاش الجميع في سعادة.