تساؤلات تونسية حول تغطية الجزيرة للاحتجاجات الأخيرة

عدد المساهمات : 1959 تاريخ التسجيل : 19/12/2010

اعتماد قناة الجزيرة في تغطيتها للتظاهرات في تونس على المواقع الاجتماعية يثير تساؤلات حول الاحترافية الإعلامية.
انتقادات من الأوساط السياسية التونسية لتغطية الجزيرة لاحتجاجات سيدي بوزيد.
أثارت تغطية قناة الجزيرة لأحداث الاحتجاجات التي عرفتها محافظة سيدي بوزيد جدلًا واسعًا في تونس، وفي الوقت الذي يشيد فيه بعض المواطنين بالشبكة القطرية لملئها فراغًا، يتهم آخرون التقارير الإخبارية بالتحيز وانعدام الاحترافية.

وقامت قناة الجزيرة بمتابعة الاحتجاجات التي عرفتها مدينة سيدي بوزيد منذ اندلاعها في 18 ديسمبر لمّا دخلت الشرطة التونسية في مواجهات مع شباب سيدي بوزيد. وانطلقت الشرارة الأولى للاحتجاجات ضد البطالة عندما أضرم تاجر شاب النار في نفسه بعد أن صادرت السلطات سلعه. وانتشرت الاحتجاجات بعد ذلك إلى عدة مدن أخرى.

واعتبر عبد الله القلال رئيس مجلس المستشارين وعضو الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي لدى إشرافه على اجتماع عام يوم السبت غرة يناير قناة الجزيرة من الفضائيات "المعادية" لتونس وأكد أن هذه القناة استغلت حادثة الاحتجاجات لتضرب عرض الحائط بأخلاقيات المهنة الإعلامية وتعتمد على أسلوب التركيب والمغالطة لبث الأكاذيب والأراجيف والإفتراء على تونس ومكاسبها.

كما عبرت أحزاب المعارضة التونسية عن رفضها تقارير قناة الجزيرة، واعتبرت هذه التغطية الإعلامية غير موضوعية بل تعمدت تضخيم الأحداث.

حيث استنكر حزب الخضر للتقدم في بيانه الذي أصدره الاثنين 24 ديسمبر "أسلوب التحامل والتجني الذي توخته قناة الجزيرة في تغطيتها للأحداث الأخيرة في تونس بأن تعمدت تضخيم الأحداث والتركيز على البث المتكرر طيلة أيام عديدة لصور غير موثوقة المصدر ومعتمدة التركيب الموجه لهذه الصورة لأجل وضع الأحداث خارج إطارها ولإيهام الناس بوقائع ترتكز على الإثارة".

وهو ما ذهبت إليه الصحفية بجريدة الخبير الاقتصادية ناجية الغنيمي التي اعتبرت أن تغطية قناة الجزيرة فيها الكثير من المبالغة والمغالطة نظرا لقلة مصادرها حيث غاب عنها شعارها الذي وضعته منذ التأسيس "الرأي والرأي الآخر"، خاصة عند تعاطيها مع ما يحدث في تونس.

ورأت كذلك أن قناة الجزيرة استغلت التعتيم الإعلامي التونسي وغياب تغطية معمقة وشاملة من وسائل الإعلام التونسية لهذه الأحداث لتلفت نظر المشاهد التونسي والعربي في محاولة منها لتمرير رسائلها الإعلامية.

وختمت الغنيمي بالقول "هذا حسب رأيي جاء كرد فعل من قناة الجزيرة على عدم منحها مكتبًا خاصًا بتونس وعلى حجب موقعها الالكتروني".

واعتمدت قناة الجزيرة بتغطيتها للاحتجاجات في نشراتها الإخبارية وبرامجها الحوارية على تسجيلات فيديو منقولة من هواتف نقالة تبث على مختلف مواقع الإنترنت الاجتماعية. وندد البعض بهذه الأساليب وأرجعها إلى غياب عنصر الحرفية والمصداقية في التعامل مع الأحداث.

حزب الاتحاد الدّيمقراطي الوحدوي انتقد "اعتماد قناة الجزيرة في تغطيتها للأحداث على ما ينشر في الشبكة الاجتماعية "فيسبوك" من أشرطة وصور دون التمحيص والتحرّي والتثبت من مصداقيه ما ينشر"، معتبرًا أنها "وقعت بذلك في عدة تجاوزات مهنية وخاصة بحجم المسيرات التضامنية التي تنظم وخلفيتها الصحيحة وأعطتها حجمًا أكبر مما هي عليه ميدانيًا".

في حين أشاد بعض الصحفيين بأسلوب الجزيرة في التغطية واعتبرته رائدًا.

حيث يرى الصحفي بجريدة العرب عبد اللطيف جاب الله أن الجزيرة ابتكرت أسلوبًا جديدًا في تغطيتها للأحداث وهو الاعتماد على ما ينشر ويبث في الشبكات الاجتماعية من صور وأشرطة فيديو التي هي في النهاية حسب رأيه نقل لمستجدات وأحداث واقعية قام بتصويرها شهود عيان.

وقال جاب الله "لا يمكننا اليوم إنكار أن الشبكات الاجتماعية أصبحت مصدر الأخبار الأساسي للصحفيين ولوسائل الإعلام باعتبارها تنشر الأخبار بالصورة والصوت دون تحريف للوقائع والأحداث".

لكن زميلته بالجريدة منال العابدي ترى أن قناة الجزيرة تخطت الحدود وتجاوزت مضمون رسالتها الإعلامية وأصبحت تفسر الأحداث "كما يحلو لها" من خلال ممارستها التهويل في تغطيتها للأحداث في تونس. .

واعتبر بعض التونسيين الذين تحدثت إليهم مغاربية أن قناة الجزيرة تمثل بالنسبة لهم العين التي يشاهدون بها الأحداث التي تجري ببلدهم في ظل تخلي وسائل الإعلام التونسية عن تغطية هذه الأحداث.

حسونة البدري قال لمغاربية "إن قناة الجزيرة غطت الأحداث مثلما هي، مدعمة بالصور والصوت ونقلت روبورتاجاتها أغلب الاحتجاجات والمظاهرات التي نظمت في سيدي بوزيد وبعض المدن التونسية الأخرى"، وقد وفقت حسب رأيه "في إيصال أخبارها للمشاهدين".

وأضاف البدري أن الاتهامات التي طالت قناة الجزيرة تأتي في إطار مساع لتورية الحقائق، قائلًا إن الجزيرة نجحت في منع رقابة السلطات. وقال إن بعض الأطراف تريد أن تكرس خطاب "كل شيء جيد وإننا في تقدم".

وعلق البدري في هذا الإطار قائلًا "لا يجب أن نخجل من المشاكل الاجتماعية التي نعاني منها، بل يجب أن نسعى لتجاوزها وإصلاحها وأن نكون في حجم المسؤولية ولا نحمّلها لغيرنا".
في حين وصف البعض الآخر تغطية قناة الجزيرة لأحداث تونس بالقاسية واعتبروا أن تعاطي هذه القناة مع الشأن التونسي يفتقر إلى الموضوعية والنزاهة والمهنية.

فضيلة المسدي قالت "من غير المعقول أن تنقل قناة عربية عرفت أكبر نسب مشاهدة في الوطن العربي أحداثًا بهذه الصورة الفظيعة وأن تجعل من تونس ودول المغرب العربي، وكلها تمتلك تجارب تنموية باهرة، الشغل الشاغل لها وتتغافل في المقابل عن تغطية ما يحدث بالبلدان الخليجية".

كما أدان المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين في البيان الذي نشره الثلاثاء 28 ديسمبر تعمّد قناة الجزيرة ممارسة التهويل والفبركة والتحريف.

لكنه أكد في المقابل إن التعتيم في وسائل الإعلام التونسية هو الذي فسح المجال للتأويل والإشاعة في ظل غياب معلومات دقيقة ونقل موضوعي لما يجري.

» خبايا عدم تغطية الجزيرة لمسيرة 20 فبراير
» ثورة قادمة في الاعلام المصري.. ونجوم الجزيرة السابقون يستعدون لقيادة التغيير فضائية مصرية جديدة تقارع 'الجزيرة' و'العربية'.. واعادة هيكلة للتلفزيون المصري
» لعاهل المغربي... الشرعية أسهمت في الحضور الضعيف للاحتجاجات ملك المغرب لا يمكنه تجاهل الضغوط من أجل الإصلاح
» مبارِزة تونسية ترفض مواجهة لاعِبة إسرائيلية
» مسرحيات تونسية تثير جدلاً بسبب الجنس والسياسة والملابس الداخلية