لعاهل المغربي... الشرعية أسهمت في الحضور الضعيف للاحتجاجات
ملك المغرب لا يمكنه تجاهل الضغوط من أجل الإصلاح
الرباط - من سهيل كرم "العرب اونلاين" - لا يتعرض عاهل المغرب لخطر مباشر من محتجين يسعون إلى إصلاحات دستورية لكن الفشل في معالجة بواعث القلق السياسي أو المشاكل الاجتماعية والاقتصادية قد يسبب مشكلات للملك البالغ من العمر 47 عاما.
والملك محمد السادس هو ملك دستوري اسما لكنه يتمتع بنطاق واسع من الامتيازات الملكية مثل حق اختيار رئيس الوزراء والتمتع بنفوذ على القضاء.
وخرج بعض المغاربة إلى الشوارع -متشجعين باحتجاجات ضخمة في أماكن أخرى من العالم العربي أطاحت بالرئيسين التونسي والمصري- مطالبين بالتغيير ويريد كثيرون اتخاذ اجراء قبل الانتخابات البرلمانية المقررة عام 2012 .
وتقول ليز ستورم المحاضرة بشعبة سياسات الشرق الأوسط في جامعة اكستير "الملك أمامه عدة خيارات مثل إقالة الحكومة وهو ما سيحسن صورته ويزيد شعبيته ويظهر للأحزاب السياسية من الذي يتحكم في دفة الأمور."
وقالت إن أغلب أفراد الشعب في المغرب ومنهم المعارضون "لا يتصورون المغرب بدون ملك.. يرونها "الملكية" بمثابة شبكة أمان."
وعرض الإصلاح التدريجي أسلوب تتبعه الجزائر المجاورة بنجاح حتى الآن. وتقديم تنازلات مثل رفع حالة الطواريء وانفتاح وسائل الإعلام الحكومية هدأت من احتجاجات المعارضين.
وقد يكون المغرب أكثر ميلا إلى تقديم تنازلات من جيرانه العرب لأنه على عكس كثيرين منهم لا يتمتع بثورة نفطية يمكنه أن يهديء بها المظالم كما ان تاريخه مليء بالإضرابات والاضطرابات المتفرقة في مناطق نائية.
ويوم 20 فبراير شباط الماضي خرج بضعة الوف من المحتجين إلى شوارع العاصمة ونظمت احتشادات أخرى متزامنة في 52 مدينة وبلدة مغربية.
وتصدرت الإصلاحات الدستورية مطالب المنظمين وأغلبهم من النشطاء الشبان الذين نظموا انفسهم عن طريق موقع الفيسبوك. لكن مازال عليهم أن يظهروا ان مطالبهم تلقى صدى لدى غالبية افراد الشعب.
وقال محمد ضريف المحاضر في العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء ان وقت الملكية البرلمانية لم يحن بعد لأن مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية ليست قوية بما يكفي.
وقال عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الحزب المعارض الرئيسي في المغرب عندما سئل عن عدم إرسال حزبه التماسا للقصر للمطالبة بإصلاح دستوري ان الحزب لا يريد لي ذراع الملك.
وجاءت الدعوة للاحتجاج في أعقاب انتفاضتين شعبيتين في تونس ومصر وكلاهما في مرتبة أعلى من المغرب على مؤشر التنمية البشرية الذي تعده الأمم المتحدة. وتأتي فقط موريتانيا واليمن الاقل سكانا في مرتبة أدنى من المغرب.
وقالت مؤسسة أوكسفورد انالتيكا في مذكرة بحثية إن الاحتجاجات "لم تستهدف الملك الذي يصور نفسه باعتباره فوق السياسة." وأضافت "مصداقية هذه الصورة ستعتمد الآن .. على عمل ملموس لمعالجة مشكلات المغاربة."
فلم تتغير أوضاع الفقر وعدم المساواة والفروق الاجتماعية والبطالة بين خريجي الجامعة والأمية بدرجة تذكر منذ توليه العرش عام 1999 . بينما يقول مسؤولون إن المغرب خفض الفقر وحسن مستويات المعيشة ووفر فرص العمل.
وإلى جانب المطالب بتغيير الدستور انتقد المحتجون يوم 20 فبراير كذلك مجموعة الشركات التي تملكها أسرة الملك وانتقدوا شخصيات مقربة منه بسبب مزاعم عن استغلال النفوذ وطالبوا بإقالة الحكومة.
واستهدفوا محمد منير المجيدي مدير الكتابة الخاصة للملك والمشرف على إدارة الثروة الملكية الذي كون ثروة ضخمة من احتكار إعلانات الطرق. كما استهدفوا فؤاد علي الهمة زميل الدراسة للملك والنائب السابق لوزير الداخلية.
واتهم العديد من الأحزاب الهمة -الذي أسس حزبا سياسيا قبل عامين أصبح هو الأكبر في البلاد الآن- باستغلال علاقته المقربة بالملك على حساب ممثليهم المنتخبين.
ويشعر العديد من المغاربة بعدم ارتياح كذلك لتولي أقارب رئيس الوزراء عباس الفاسي لمناصب عليا في الدولة. فثلاثة من أقاربه يتولون وزارات ويتولى آخرون مناصب كبيرة في شركات تابعة للقطاع العام.
وقال توفيق بو عشرين رئيس تحرير صحيفة الخبر اليوم المغربية المستقلة إن الفساد كان حاسما في تفجير الثورتين في تونس ومصر وهو مستشر كذلك في المغرب.
وشكا المحتجون كذلك من سوء خدمة الرعاية الصحية وضعف التعليم وانتشار الفساد والافتقار للمحاسبة والانحياز الواضح في تنفيذ العدالة وارتفاع الأسعار والتغطية الاخبارية للتلفزيون الحكومي.
ويرى كثيرون داخل المؤسسة الحاكمة في المغرب أن عدم نزول آلاف المتظاهرين الى الشوارع للمطالبة بإصلاح دستوري يجب الا يكون مدعاة للارتياح والرضا عن النفس.
وقال مصطفى الخلفي رئيس تحرير صحيفة التجديد إن الشرعية التي يتمع بها الملك أسهمت في الحضور الضعيف في الاحتجاجات. وأضاف إن ذلك لا يعني أنه يتعين الانتظار حتى تزيد أعداد المحتجين للبدء في الإصلاح.
وتابع ان المغاربة يتابعون التطورات في ليبيا ومصر وتونس على قنوات فضائية كل يوم ووصف ما يشاهدونه بأنه بالنسبة للكثيرين تجارب يمكن التعلم منها."رويترز"