أمير الكويت يتوّج الجهود الخليجية في التهدئة بين عُمان والإمارات
"صباح" جديد يشرق في ليل أبوظبي ومسقط
يوسف الهزاع
رغم المشاكل العديدة التي تعترض طريق عُمان والإمارات، فإن المفاوضات التي قادها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بين قادة من الدولتين أدت إلى تخطي الازمة، حيث إن المصلحة العليا لأمن الخليج واستقراره، خصوصاً في الظروف الراهنة تغلبت على ما دونها من إشكالات.
علمت "إيلاف" من مصادر خليجية مطلعة أن سلسلة الاجتماعات التي قادها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بين مسؤولين كبار في دولة الإمارات وسلطنة عُمان آتت أكلها. وقالت المصادر نفسها إن اتفاقاً ضمنياً جرى بين البلدين على تجاوز المرحلة الماضية نحو مزيد من التهدئة.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ "إيلاف" الخميس فإن تنسيقاً خليجياً شاملاً بين الدول الأعضاء الست يقضي بتولّي الشيخ صباح المهمة باعتباره مقربًا بصفة خاصة من الطرفين.
رافق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت في رحلته إلى مسقط يوم الخميس وفد إماراتي رفيع بقيادة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.
ورغم عدد المشاكل التي تعترض طريق عُمان والإمارات، وخصوصاً ملفات الحدود المتداخلة بين البلدين، وآفاق العلاقات المتباينة مع إيران، حيث إن مسقط تحتفظ بعلاقات قوية ومميزة مع طهران، في وقت لاتزال أبوظبي تطالب بالتحكيم الدولي في جزرها الثلاث التي تحتلها إيران، إلا أن ما تسرب لـ "إيلاف" من معلومات رشحت عن المفاوضات بين الطرفين الخليجيين تؤكد أن المصلحة العليا لأمن الخليج واستقراره، وخصوصاً في الظروف الراهنة، تغلبت على ما دونها من إشكالات.
يأتي ذلك بعدما تبلورت لقاءات خليجية منفردة عدة لحلّ القضية، ومنها لقاء مسؤول الشؤون الخارجية العُماني يوسف بن علوي بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في السابع من شباط- فبراير الماضي، ومنها طار بن علوي إلى قطر التي كانت في تلك الأثناء تشهد تحركاً إماراتياً مماثلاً، حيث استقبل أمير قطر الشيخ منصور بن زايد وزير شؤون الرئاسة الإماراتي في حضور رجل قطر القوي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري.
وتعاني عُمان منذ أيام من إندلاع تظاهرات مناهضة للحكومة نتج منها قتيل واحد وعدد من الجرحى، وسط تسريبات عُمانية غير رسمية عن تحمّل جارتها الإمارات مسؤولية ما يحدث، امتداداً لاتهام سابق أطلقته عُمان رسميًا ضد جارتها الإمارات، كشفت فيه عن ضبط شبكة تجسس تابعة لجهاز أمن الدولة الإماراتي في نهاية كانون الثاني- يناير الماضي.
وقال بيان بثته وكالة الأنباء العُمانية الرسمية إن الأمن تمكن من تفكيك شبكة تجسس إماراتية تستهدف "نظام الحكم" و"آلية العمل الحكومي والعسكري" في السلطنة، ونقلت الوكالة عن مصدر أمني مسؤول قوله إن "الأجهزة الأمنية تمكنت من اكتشاف شبكة تجسس تابعة لجهاز أمن الدولة في دولة الإمارات العربية المتحدة مستهدفة نظام الحكم في عُمان وآلية العمل الحكومي والعسكري". وأكد المتحدث أنه "سوف يتم تقديم المتهمين إلى المحاكمة حسب الإجراءات المتبعة في هذا الشأن". وبحسب مصدر تحدث لوكالة الأنباء الفرنسية آنذاك فإن الخلية اهتمت بشكل خاص "بمسألة خلافة السلطان قابوس بغياب ولي للعهد" في السلطنة.
وتطرح مسألة الخلافة في السلطنة في ظل عدم وجود ولي عهد للسلطان البالغ من العمر 70 عامًا، والذي يحكم السلطنة منذ العام 1970. إلا أن الإمارات سارعت على الفور إلى نفي الأمر "جملة وتفصيلاً" وأكدت أنها تلقت الخبر "بصدمة ودهشة".
وأصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بياناً تنفي فيه هذه الأنباء. جاء في البيان "وإذ تنفي دولة الإمارات العربية المتحدة جملة وتفصيلاً أي علم أو صلة بمثل تلك الشبكة المزعومة، وتستغرب أن يزجّ باسمها في مثل هذه الأنباء التي تتنافى مع قيم وقواعد تعامل دولة الإمارات مع الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة سلطنة عُمان، التي تحرص دولة الإمارات على تعزيزها وتطويرها بما ينسجم مع علاقة الأخوة التاريخية بين البلدين والشعبين، فإنها تعلن عن استعدادها الكامل للتعاون مع سلطنة عُمان الشقيقة في أي تحقيقات تقوم بها بمنتهى الشفافية، كما تعلن عن استعدادها لوضع كل الإمكانات والمعلومات التي تساعد على خدمة تلك التحقيقات والوصول إلى كل الملابسات والأبعاد المتصلة بها، والكشف عن الجهات التي حاولت الإضرار بتلك العلاقات والإساءة إليها".
وإختتمت الخارجية الإماراتية بيانها قائلة "إن دولة الإمارات العربية المتحدة إذ تحرص كل الحرص على ما يجمع بينها وبين سلطنة عُمان من وشائج الأخوة وعلاقات التعاون تؤكد أن أمن واستقرار سلطنة عُمان هو من أمن واستقرار دولة الإمارات العربية المتحدة". ولم تشهد العلاقات بين سلطنة عُمان والإمارات أي خلافات علنية، ولا سيما أنهما من أعضاء مجلس التعاون الخليجي والحدود مفتوحة بينهما، حيث يتم يتنقل بين البلدين بالبطاقة الشخصية، وبين الدولتين زيارات رسمية متبادلة بشكل دائم، فضلاً عن تميز حركة التجارة بينهما.
وكان مصدر إماراتي مسؤول فضل عدم الكشف عن اسمه أكد في حديث سابق مع "إيلاف" أن اتصالات رسمية على مستوى رفيع جرت بين الطرفين الإماراتي والعُماني قبل الإعلان العُماني في أواخر كانون الثاني- يناير الماضي عن ضبط شبكة تجسسية تعمل لمصلحة جهاز أمن الدولة الإماراتي. وأكد المصدر "أن مباحثات جرت لتهدئة الأمور بين الجانبين، لكن العُمانيين أصرّوا على تسريب تلك المعلومات، وأثاروا الموقف من دون وجود أدلة ملموسة على تورط الإمارات".
وبحسب مراقبين، فإن العلاقات الإماراتية العُمانية تاريخيًا شابها بعض التوترات، وأهمها مشاكل الحدود والتهريب، علاوة على أن الإمارات قامت بإنهاء خدمات العُمانيين، الذين كانوا يعملون في الجيش والشرطة الإماراتية، تدريجيًّا بعدما انتفت الحاجة لوجود غير المواطنين داخل الجيش.
وفي قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، التي عقدت في أبوظبي أخيرًا، لم يحضر قابوس بن سعيد سلطان عُمان تلك القمة الخليجية، وهو ما عزاه البعض إلى توتر العلاقات الإماراتية العُمانية.