شباب العراق أسقطوا ادعاءات حكومتهم بأنهم بعثيون ومخربون
بغداد - خلود العامري
لم تمنع إجراءات حظر التجول الشباب العراقيين من التوجه الى ساحة التحرير وسط بغداد في تظاهرة يوم الغضب العراقي الأسبوع الماضي. فالاتفاق المسبق بين الشباب داخل الجامعات ومراكز العمل والتواصل على موقع «فايسبوك» دفعهم الى تحدي الصعوبات والسير كيلومترات عدة باتجاه ساحة التحرير التي اكتظت بهم.
وعلى رغم اشتراك غالبية البغداديين بمختلف أطيافهم وأعمارهم في جمعة الغضب، لعب الشباب دوراً كبيراً في التحــــضير للتظاهرة وقيادتها ورفع الشعارات التي تطالب المسؤولين بتوفير الخدمات ومحاسبة العناصر الفاسدة في الحكومة وإجراء الإصلاحات السياسية.
وعكست الصورة التي ظهر بها شباب بغداد في جمعة الغضب التوجه الجديد في المجتمع العراقي ضد الطائفية والفئوية، فهتفوا ضد المحاصصة السياسية والدينية والمذهبية في المجال السياسي وطالبوا بمحاسبة الفاسدين في الحكومة بغض النظر عن انتمائهم الفئوي والحزبي.
وعندما هاجمت الأجهزة الأمنية المتظاهرين وألقت عليهم القنابل الصوتية ثم أطلقت عليهم الرصاص الحي لاحقاً، أظهر الشباب تكاتفاً كبيراً في ما بينهم لنقل زملائهم الجرحى والتضامن مع المعتصمين الذين رفضوا المغادرة على رغم كل ما حدث.
وركض المتظاهرون العزل في اتجاهات متعددة أثناء الهجوم، فيما بقي بعضهم ملتصقاً بالأرض متحدياً هراوات الأجهزة الأمنية التي لم تدخر جهداً في القسوة عليهم وضربهم مرات عدة لإجبارهم على ترك المكان. أما الصحافيون الشباب الذين شعروا أنهم معنيون مباشرة بما يجري في ساحة التحرير وكانوا أكثر حماسة في تغطية الأحداث من زملائهم الأكبر سناً الذين اعتقدوا انهم سيكونون في مأمن من هراوات المهاجمين فدفعوا أيضاً ثمن نقلهم لما جرى في ساحة التحرير واعتقلوا وعصبت أعينهم واستجوبوا بطريقة مهينة.
وأسقط الشباب المتظاهرون ادعاء الحكومة بوجود بعثيين بين صفوفهم، مثلما أسقطوا ادعاءها بأن المتظاهرين يخططون لعمليات سلب ونهب في بغداد أثناء التظاهر إذ تطوع عشرات الشباب لتفتيش المتظاهرين الآتين من مناطق بعيدة كما تطوعوا لتوزيع مياه الشرب عليهم. وتولى آخرون تنظيف الشوارع من الأوساخ الناتجة من تجمع الحشود فيها.
وعلى رغم النهاية المؤلمة للتظاهرة التي قادها طلاب جامعات وناشطون شباب وعاطلون وجياع وغاضبون من الفساد ونهب الثروات وشارك فيها النساء والرجال والأطفال على حد سواء، كسرت التظاهرة حاجز الرهبة لدى الشباب العراقيين ودفعتهم الى الإعداد الى تحركات لاحقة.
وكسر حاجز الخوف بدا واضحاً من خلال إصرار المتظاهرين على عبور جسر الجمهورية على رغم تعرضهم للضرب بالهراوات من قبل قوة مكافحة الشغب التي تمركزت على الجسر ساعات طويلة، ورفض المتظاهرين إنهاء التظاهرة وإصرارهم على المبيت وسط ساحة التحرير وهو أحد أهم الأسباب التي دفعت الحكومة الى استخدام القوة ضدهم.
ويرى يوسف برهان أحد الشباب المشاركين في تظاهرة «يوم الغضب العراقي»، أن «حاجز الخوف في نفوس الناس في شكل عام والشباب في شكل خاص انكسر بمرور الزمن، ولم تعد الحكومات هي التي تأمر والشعب يطيع كما كان في السابق».
ويؤكد أن» بقاء الحكومات بات رهناً بالشعوب وأن عليها أن تدرك أن الظلم والطغيان لن ينفعا بعد اليوم في إدارة الشعوب».
أما ادعاءات الحكومة التي تحدثت عن وجود مندسين يحاولون الترويج للنظام السابق واتهامها المتظاهرين بالبعثيين، ففضحته الشعارات التي رفعها المتظاهرون الذين جاؤوا من مناطق مختلفة قاطعين المسافات سيراً على الأقدام للوصول الى ساحة التحرير التي عدوها المكان المناسب لرفع شعاراتهم، وكان أكثرها يطالب بتوفير فرص العمل والخدمات الأساسية، وسبل العيش الكريم ومحاسبة المفسدين في الحكومة والتحقق من شهاداتهم.
شمال غضبان متظاهر أصيب في ساعده أثناء محاولته عبور جسر الجمهورية باتجاه المنطقة الخضراء جاء من مدينة الصدر شرق بغداد للمشاركة في التظاهرة والمطالبة بحقوقه في الخدمات. يقول إن الحكومة حاولت ثني الكثيرين عن المشاركة في المظاهرة بوصف المشاركين فيها بالبعثية، لكنها فشلت في ذلك. ويضيف: «إذا كان البعثيون يطالبون بالكهرباء والخدمات، ومحاسبة المفسدين، فأي عار يلحق بالسلطة حينما يطالبها من تعتبرهم ظالمين وفاسدين بحقوق المواطن».
وعلى رغم المشاهد المؤلمة التي تعرض لها الشباب أثناء اعتداء الأجهزة الأمنية عليهم والتي منعت غالبية وسائل الإعلام من تغطيتها بعد اعتقال مجموعة من الصحافيين والاعتداء على آخرين بالضرب، فإن الشباب العراقيين ما زالوا يدعون الى تحركات مطلبية لاحقة تنطلق كل يوم جمعة للمطالبة بحقهم في توفير الخدمات ومحاسبة الوزراء والمسؤولين الفاسدين وعدم التستر عليهم.