النجيفي يطلب إخضاع الحكومة العراقيّة لضوابط تعالج الأزمة
منظمو الاحتجاجات يدعون الأمم المتحدة لتدخل يحميهم من الأمن
أسامة مهدي من لندن
حذر رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي خلال اجتماع مع ممثلين عن المتظاهرين المحتجين من أن أي انفصام بين الشعب والطبقة السياسية سيسقط شرعية هذه الطبقة ودعا إلى إخضاع الحكومة إلى ضوابط تكون قادرة معها على حل أزمة المشاكل التي تعانيها البلاد حالياً... فيما دعا ناشطون سينظمون الجمعة المقبل احتجاجات جديدة ممثل الأمم المتحدة في العراق الى التدخل لحمايتهم وتسجيل حالات الخرق الدستوري التي تمارسها الحكومة في الاعتقال ومهاجمة المتظاهرين والحد من حرية التظاهر المكفولة دستوريا.
شدد رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي على ان الشعب هو الاساس والجذور الحقيقية وان البرلمان والحكومة امتداد له محذرا من ان أي انفصام بين الشعب والطبقة السياسية ستفقدها الشرعية وتصبح عائمة في الهواء وتسقط بهبة ريح. وأشار خلال اجتماعه اليوم مع عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني والمتظاهرين إلى أن حرية الانسان أغلى شيء واذا حجرت او غابت او انتهكت بأية طريقة فإن ذلك مقتل للديمقراطية.. وقال إن البلد يمرّ بأزمة ولابدّ من معالجتها بجدية بين الشعب والبرلمان وإخضاع الحكومة الى ضوابط تكون قادرة على معالجة المشاكل.
وقد عرض ممثلو المتظاهرين ومنظمات المجتمع المدني مطاليبهم من السلطتين التنفيذية والتشريعية والتي تركزت على ضمان احترام الحريات وتشريع قانون يكفل حرية الصحافة والمعلومات وإحالة منتهكي حقوق الانسان ومقترفي الجرائم الى العدالة واستكمال التشريعات التي تحقق العدالة وتشكيل المفوضية العليا لحقوق الانسان والشروع بتنفيذ قانون مجلس الخدمة الاتحادي وضمان حيادية مؤسسات الدولة وتمثيلها لكل المواطنين دون تمييز وتطهير الدولة من الفساد والمفسدين وتأمين الاستقرار والأمن والسكن والغذاء والرعاية الاجتماعية ووضع برنامج حكومي معلن وقابل للتنفيذ بسقوف زمنية محددة.
وقد أكد النجيفي تبنّيه لهذه المطالب المشروعة مبيّنا ان مجلس النواب ماض بتشكيل مجلس الخدمة الاتحادي ومفوضية حقوق الانسان معلنا أن جلسة المجلس بعد غد الخميس ستشهد الاستماع الى تصوّرات رئيس الوزراء نوري المالكي حول الاوضاع على الساحة السياسية العراقية. وقال إنها "ستكون جلسة مصارحة حول مسار الحكومة وقراراتها وتوجهات برامجها مشددا على ضرورة العمل على استعادة ثقة الشعب".
وأضاف أن مؤتمر مجالس المحافظات الذي سيعقده مجلس النواب مع مجالس المحافظات قريبا ستكون له انعكاسات ايجابية للخروج بتوصيات ملزمة للعمل بها جميعا لإصلاح أوضاع المحافظات. وأشار الى وجود تقاطعات في الصلاحيات بين المحافظات والمركز وتنازع فيها، انعكس سلبا على الاداء في تقديم الخدمات للمواطنين وتفعيل الاستثمار لافتا الى وجود فشل إداري في بعض المحافظات.
واوضح أن الدعوة الى إجراء انتخابات مبكرة لمجالس المحافظات التي جاءت عقب التظاهرات الشعبية في المحافظات هي بمثابة جرس إنذار للجميع وعامل تنبيه حتى للحكومة المركزية في تحسين الأداء وتقديم الخدمات مشددا على ضرورة تعديل قانون مجالس المحافظات بالصورة التي تحقق النجاح.
وأشار إلى أن مجلس النواب تلقى مطالب المتظاهرين في كل المحافظات من خلال تقارير النواب مؤكدا ان جلسة الخميس المقبل سوف تقدم طلبات واضحة الى الحكومة ضمن سقوف زمنية محددة لتنفيذ الإصلاحات وعرض البرنامج الحكومي الى مجلس النواب في أقرب وقت للإطلاع عليه.
ومن المنتظر ان يقدم المالكي الى البرلمان الخميس عشرة مرشحين لشغل الوزارات الأمنية الثلاث : الدفاع والداخلية والأمن الوطني والاستخبارات في وقت يتوقع أن يشهد التصويت عليهم تباينات بين الكتل السياسية بسبب غياب التوافق السياسي حولهم. ومن بين المرشحين لوزارة الداخلية قائد عمليات بغداد السابق الفريق عبود قنبر والمفتش العام لوزارة الداخلية عقيل الطريحي ورئيس المؤتمر الوطني أحمد الجلبي ووكيل وزارة الداخلية عدنان الاسدي.
ومن جهتها اعلنت القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي ان قيادتها ستعقد إجتماعا قبيل جلسة الخميس المقبل للخروج برؤية موحدة بشأن مرشحي الحقائب الأمنية. وينتظر ان يعلن قرار القائمة بشأن المرشحين في مجلس النواب عند التصويت على المرشحين في وقت لم تتسلم فيه بعد القائمة رداً من المالكي على مرشحيها الخمسة لحقيبة الدفاع.
وكانت الكتل السياسية قد اتفقت وفق مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أواخر العام الماضي على أن يتسنم مرشح من قبل التحالف الوطني وزارة الداخلية مقابل تقديم العراقية شخصية لشغل حقيبة الدفاع. يذكر ان المالكي يشغل حاليا الوزارات الأمنية الثلاث الدفاع والداخلية والأمن الوطني وكالة منذ ان منحه مجلس النواب الثقة بذلك في 21 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
ناشطو الاحتجاجات يطالبون الأمم المتحدة بحماية تظاهراتهم
دعا ناشطون عراقيون ينظمون تظاهرات احتجاج في أنحاء البلاد منذ أسابيع ويطلقون على أنفسهم " تجمع شباب نصب الحرية" الى تظاهرات جديدة الجمعة المقبل تحت شعار "جمعة الحق " مطالبين بإطلاق سراح ثلاثة من زملائهم اعتقلوا امس خلال تظاهرات يوم الندم داعين ممثل الأمم المتحدة اد ميلكرت بالتدخل لحماية المتظاهرين وفق لائحة حقوق الإنسان العالمية وتسجيل حالات الخرق الدستوري التي تمارسها الحكومة بالحد من الحريات العامة بما في ذلك حرية التظاهر المكفولة دستوريا.
وخاطب التجمع في بيان وصلت "ايلاف" نسخة منه اليوم النواب والسياسيين قائلين "كفاكم ازدواجية بين اللعب على مشاعر الشعب المحروم وركوب الموجة من خلال تصريحات الوقوف مع الشعب حتى إذا أراد تغيير العملية السياسية في الوقت الذي انتخبكم العراقيون لكي تقوموا بدور التغيير هذا لكنكم انشغلتم بتقسيم العراق". وأشار قائلا "لقد ذهبنا إلى الانتخابات على أمل التغيير وقد اجتمعت شعاراتكم كلها على التغيير ونبذ المحاصصة وإذا بكم تعيدون التقنيات نفسها ولكن تحت مسمى آخر وهو " حكومة الشراكة" التي هي تكريس بشع وغير شرعي للطائفية والمحاصصة وحماية الفاسدين".
وأشار التجمع إلى أن الناس المحرومة تحاول الخروج من شرنقة تعاليم كل الذين تاجروا بالعراق سواء رجال الدين والعشائر او غيرهم ممن شرعنوا آلامهم وكل صيحة للخروج من هذا الألم تقابلها جحافل من قوات شغب وقمع لا تتناسب الا والدول الدكتاتورية المتخلفة.
وأضافوا "كفاكم معايير مزدوجة كنا شهودا عليها يوم أمس في بغداد على الأقل فحينما خرجت تظاهرة التأييد المزعومة للعيساوي (أمين بغداد المستقيل) وفرتم لها كل أجواء التظاهر من شحن إعلامي ومن مسؤولي مجلس محافظة بغداد الذين مشوا مع الجماهير وتحدثوا معهم ولم يتسلقوا العمارات والأبنية لكي يتحدثوا مع الناس ولم تصفوا هؤلاء بالنفعيين وقليل منهم مدافع عن لقمة عيش وبعضهم مدافع عن فرصة المال السهلة التي ستضيع بضياع الصفقات المشبوهة".
وطالب شباب نصب الحرية ممثل الأمم المتحدة اد ميلكرت بالتدخل لحماية المتظاهرين وفق لائحة حقوق الإنسان العالمية وتسجيل حالات الخرق الدستوري التي تمارسها حكومة المالكي بالحد من الحريات العامة بما في ذلك حرية التظاهر المكفولة دستوريا.. ودعوا لجنة حقوق الإنسان البرلمانية إلى أخذ دورها وحماية المتظاهرين والالتقاء بالمعتقلين وبيان سبب اعتقالهم والمطالبة بتعويضهم المعنوي والمادي.
كما ناشدوا "البرلمانيين المتعاطفين مع إرادة الشعب العراقي بإحراج رئيس الوزراء في حضوره يوم الخميس المقبل وإجباره على تقديم اعتذار رسمي إلى الشعب العراقي لتقطيعه الشوارع ومنعه الناس من ممارسة حقهم الدستوري وتحشيد قوات تابعة لمكتبه تسيء التصرف وتعتدي على الحريات العامة وتقديم المقصرين إلى محاكمة علنية "لأننا لم نعد نثق بالحكومة لذلك فنحن نحمل الأخوة البرلمانيين الذين ظهرت منهم مواقف جيدة خلال الأسابيع الماضية مسؤولية ممارسة دورهم في الحد من الخروقات الدستورية لمكتب القائد العام".
ودعا التجمع ضباط الجيش العراقي "وبما نكنه لهم من تقدير عال إلى ان لا يلوثوا سمعة جيشنا الوطني وعدم الانخراط في ممارسات قوات المالكي"... وناشدوا "الإخوة في الأجهزة الأمنية من غير الموافقين على تصرفات شرطة المالكي بموافاة مواقع المتظاهرين بمعلومات تفصيلية عن الأوامر الصادرة إليهم وبالوثائق إن توفرت لتقديم شكاوى بحق الذين يصدرون أوامر مخالفة للدستور لتقديمها في شكاوى تعمل مجموعة من المحامين الشرفاء على رفعها إلى مجموعة من المنظمات الدولية المختصة وبعد توثيقها في القضاء العراقي".
وشدد ناشطو التجمع على ضرورة قيام البرلمان بإعادة النظر في المحكمة الاتحادية وتشكيلتها بعد صدور قرارات مرتبكة ومتناقضة بخصوص الهيئات المستقلة التي أفقدتنا كامل الثقة بهذه المحكمة. وناشدوا "أهلنا وإخواننا الذين قلوبهم معنا أن يكسروا حاجز الخوف وينضموا إلى أصوات الشعب الحقيقي من اجل أن لا يختطف العراق من عصابة تكشفت أقنعتها وسارت في طريقها إلى ممارسات الرعب والإرهاب الذي عشناه طويلا أيام الدكتاتورية". وقالوا ان جمعة الحق هي جمعة الاستمرار وهي جمعة الهمة وجمعة التغيير وجمعة الاحتفال باستعادة الوطن ولو بعد حين..وجمعة الحق هي ساحات تحرير تحت سماء نصب الحرية وفي جميع مدن العراق.
وكانت الأجهزة الأمنية العراقية قد كررت أمس خلال تظاهرات "يوم الندم" اعتقال وملاحقة وضرب نشطاء فايسبوك وصحافيين لمشاركتهم في التظاهر. فقد لاحقت دورية من الجيش العراقي صحافيين اثنين وحاصرتهما في طريق فرعي وهما الشاعر والكاتب احمد عبد الحسين والسينمائي والصحافي علي السومري. وحشر الجنود عبد الحسين والسومري في عربة همر بعد أن عصبوا عيونهما واقفلوا أجهزة الهاتف النقال واتهموهما بالتحريض على التظاهرة.
ورغم إبلاغهما القوة العسكرية بأنهما صحافيان يعملان في جريدة الصباح لكن الجنود أصرّوا على الاحتجاز الذي دام قرابة الساعة لتنتهي باعتذار من قبل ضابط قال إن الاعتقال تم عن طريق الخطأ. وكان السومري وثلاثة صحافيين عراقيين وهم هادي المهدي وحسام السراي وعلي عبدالسادة اعتقلوا بعد تظاهرة 25 شباط الجمعة الماضي وتم ضربهم بشدة واقتيادهم إلى سجن في بغداد حيث دام احتجازهم قرابة عشر ساعات.
كما لاحقت قوة عسكرية أخرى ثلاثة من نشطاء تجمع شباب شباط على فايسبوك وهم معن سامر اسماعيل وعلي صيهود وعلي عبدالزهرة في شارع السعدون وتم اعتقالهم على خلفية المشاركة في تظاهرة يوم الندم في بغداد امس الاثنين. كما منعت القوات الأمنية البث المباشر للتظاهرات الاحتجاجية التي دعت إليها مجموعات شبابية وأطلقت عليها "يوم الندم" إحياءً للذكرى الأولى للانتخابات النيابية.
ودعت تلك المجموعات المتظاهرين إلى تلوين أصابعهم التي غطسوها في حبر الانتخابات قبل عام باللون الأحمر تعبيرا عن ندمهم. وحثت المشاركين على التظاهر السلمي وعدم الانقياد إلى صِدامٍ مع رجال الأمن والتمسك بشعارات التظاهرة لكن الإجراءات الأمنية المشددة التي شهدتها بغداد وجدها مراقبون مبالغاً فيها ما دامت التظاهرة سلمية ولم تؤثر أبداً في الحياة العامة في العاصمة العراقية.