اقتصادي: من يعتقد أنهم لا يقبلون بالأعمال الحرفية والصناعية واهم
شبان سعوديون يشكون ضعف الرواتب ويتساءلون : لماذا لا نتساوى مع الأجانب ؟
رولا المسحال – سبق - الرياض: دائماً كانت صفة الشباب المرفه هي رديف وملازم للشباب السعودي، فلا يكاد يمر مجلس لكبار السن وربما المسؤولون أيضاً إلا ويتهمون فيه بالكسل ورفض الفرص المتاحة له أو العمل بأجور متدنية، إما خوفاً من نظرة المجتمع وإما تكبراً، ولكن الواقع يحكي حقيقة أخرى فهناك شباب سعودي لا يملك آي فون ولا سيارة حديثة، ولا يعرف معنى أن يكون لديه بيت لا يطالبه صاحبه بإيجاره آخر كل شهر.
فالشباب السعوديون الذين التقت "سبق" عدداً منهم في إطار استطلاع صحفي قامت به كانت أقصى أمانيهم أن يجدوا ما يكفيهم وعائلاتهم، وألا تنتهي رواتبهم قبل بداية الشهر، رافضين كل الاتهامات التي كيلت لهم بأنهم مرفهون أو أنهم يرفضون العمل بأجور متدنية.
وتراوحت أجور العديد من الشباب الذين التقتهم "سبق" ما بين 1600 ريال، و3 آلاف ريال شهرياً، مشيرين إلى أن هذه الأجور لا تكاد تكفيهم لعشرة أيام من الشهر في ظل التزامات مادية واجتماعية عليهم الإيفاء بها.
بدل تعليم للأجنبي
ويقول عبدالله ناصر الشهري شاب يعمل مسؤول تحصيل في إحدى الشركات الخاصة: "الكثير من أجور الشباب السعوديين غير مرضية؛ فنحن نتكلم عن رواتب لا تتجاوز 1500 ريال للشاب، فلا يمكنه العيش بها أو سداد إيجار بيته".
وأضاف: "الكثير من الشباب لا يلتزمون بالعمل لأكثر من 3 أشهر في أي شركة خاصة؛ فمتى ما وجدوا فرصة أفضل أو راتباً أعلى حتى ولو بمبلغ ضئيل ذهبوا إليها، وذلك لتدني الأجور التي يحصلون عليها".
وأشار الشهري إلى وجود تفرقة بين العامل الأجنبي والسعودي في الرواتب، موضحاً "الموظف الأجنبي يأتي من بلده براتب أساسي يتجاوز الأربعة آلاف ريال، ويحصل على بدلات تفوق ما يحصل عليه السعودي".
ونوه إلى أنه من واقع تجربته في العمل في القطاع الخاص كان يرى أن الموظف الأجنبي يحصل على بدل مواصلات وبدل سكن وبدل تعليم لأبنائه، متسائلاً: "هل يوجد شاب سعودي ينال مثل هذه البدلات؟!".
وأوضح الشهري أنه من الطبيعي أن يبحث الشباب السعودي عن رواتب متوسطة أو مرتفعة في ظل ارتفاع الأسعار والإيجارات، قائلاً: "4 آلاف ريال كراتب لا تكفي الشاب، فإذا أراد أن يستأجر شقة سيكون إيجارها على أقل تقدير 16 ألف ريال سنوياً".
أما خليل الذي يعمل مراقباً خاصاً في برج المملكة فيؤكد أن قبوله للعمل بأجر متدنٍ كان بسبب حالة أهله المادية، مشيراً إلى أنه وصل إلى الرابعة والثلاثين من عمره دون أن يتزوج ولا يزال يقطن مع أهله.
وقال: "راتبي مع راتب أخي لا يكاد يكفينا لسداد إيجار البيت، على الرغم من أنه بيت شعبي في حي منفوحة"، منوهاً بأن تحديد حد أدنى للأجور يصل إلى أربعة آلاف قد يسهم في التخفيف من وطأة حاجتهم. وأضاف: "لا نعرف معنى الذهاب إلى مطاعم أو شراء وجبات من الخارج وراتبي وراتب وأخي موزعان ما بين مصاريف لمن هم أصغر سناً ومصروفات البيت العادية والفواتير".
لا إجازات ولا بدلات
أما الشاب عبيد والحاصل على شهادة الثانوية العامة فقال: "اضطررت للعمل بسبب حالة والدي المادية ومرضه، وأعمل في النقل الجامعي وأحصل على راتب 1800 ريال وأشعر بالظلم الشديد؛ فحتى الإجازات السنوية تخصم من رواتبنا".
وأضاف: "في إحدى المرات كسر جهاز اللاسلكي الخاص بالعمل وقامت الشركة بخصم سعره من راتبي دون أي وجه حق، فهل يعقل أن راتبي الذي لا يكاد يكفيني أنا وعائلتي للعيش يخصم منه أيضاً؟!".
في حين يرى سيف عبدالله العتيبي خريج معهد الإدارة، أن هناك ظلماً شديداً يقع على أي شاب سعودي يعمل في القطاع الخاص؛ فيجبر على القبول بأجر متدنٍ، كما أن الكثير من الشركات تعد بالزيادات لكنها لا تفي. وقال العتيبي: "أحصل على 3200 ريال مقابل العمل لأكثر من 8 ساعات يومياً، أطمح للعمل الحكومي ولكنه يبدو بالنسبة لي حلم بعيد المنال".
وأشار العتيبي إلى أنه يفكر بالارتباط والزواج ولكن المادة تقف عائقاً أمامه خاصة وهو ينظر إلى إيجارات العقارات وتكاليف الحياة.
فيما كانت لطلال قصة أخرى مع العمل الحرفي، قائلاً: "أجيد عدداً من الأعمال الحرفية وقررت أن أخوض التجربة كعامل حرفي، لكن المشكلة كانت في منافسة العمال من الجنسيات الأخرى؛ فكيف أنافس أنا من يقبل براتب لا يتجاوز الألف ريال".
وأضاف: "العامل الأجنبي يستطيع العيش بألف ريال، ويوفر منها وربما يبني بيتاً في بلده، لكن أنا لن تكفي هذه الألف ليومين ما بين مصاريف لعائلتي وإيجار لبيتي وفواتير لا تعد ترفاً ولكنها جزء من الحياة"، مطالباً الجهات المختصة ووزارة العمل بدعم دخول الشباب إلى العمل الحرفي والصناعي.
المستقبل للعمل الحرفي والصناعي
من جانبه أكد المحلل الاقتصادي فضل البوعنين لـ "سبق" أن تحديد حد أدنى للأجور في القطاعين الخاص والحكومي هو حق يجب المطالبة به، مشيراً إلى أن قطاعي التعليم الخاص والأمن الخاص تعطي موظفيها رواتب متدنية مقارنة بما تحققه من أرباح.
وأشار البوعنين إلى ضرورة وجود قوانين تحدد الحد الأدنى لأجر السعودي، مقترحاً أن يصل الحد الأدنى للأجور إلى 4 آلاف ريال للسعودي. وأوضح أن المبلغ قد يساعد الشاب على الحصول على أدنى متطلبات الحياة في ظل التضخم الذي تشهده المملكة، مشيراً إلى أن التضخم يتركز في الغذاء والسكن.
وأكد البوعنين أن من يظن أن الشباب السعودي لا يقبل بالوظائف الحرفية والصناعية واهم، مشيراً إلى ضرورة دعم قطاع التجزئة والأعمال الحرفية كي تستوعب أكبر عدد ممكن من الشباب والشابات العاطلين عن العمل. ونوه في الوقت ذاته إلى أن بعض المؤسسات تهضم حقوق موظفيها من حيث الإجازات والتأمينات.
يشار إلى أن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، كانت قد أكدت في وقت سابق أن نسبة البطالة بين السعوديين وصلت إلى 10.5 في المئة، بعدما ارتفع عدد العاطلين عن العمل من الجنسين إلى نحو 448 ألف فرد، 44.2 في المئة منهم من الحاصلين على الشهادة الجامعية "درجة البكالوريوس".
في الوقت الذي تشكل فيه العمالة الأجنبية أكثر من 27 % من إجمالي سكان المملكة.