الصحف المغربية تغير جلدها في رمضان.. وتعتمد على فكرة "المسلسلات"
تغير معظم الصحف المغربية مضامينها خلال شهر رمضان لكسب قراء يبحثون عن تزجية الوقت خلال فترة الصيام فيما يمكن أن يكون مفيدا أو يرفه عنهم، وذلك من خلال حلقات ومسلسلات يومية من كتب ومذكرات، فتتحول الصحف، سواء الحزبية أو المستقلة، إلى فسيفساء من المواضيع المتنوعة تبدأ بمذكرات السياسيين إلى السير الذاتية للفنانين، مرورا بعرض حكايات أشهر المجرمين والجواسيس.
وتعاني الصحف المغربية اليومية من ضعف نسبة القراءة، حيث لا يتجاوز معدل توزيع جميع الصحف اليومية والأسبوعية في المغرب 320 ألف نسخة في اليوم، وتراهن هذه الصحف على شهر رمضان لإنعاش مبيعاتها، وذلك من خلال مجهود إضافي على مستوى المضمون لاجتذاب القراء، وذلك بإغرائه لمتابعة حلقات يومية من كتب، أو حوارات مطولة، كما هو الحال مع حلقات المسلسلات التلفزيونية.
صحيفة «المساء» اليومية الأكثر انتشارا، اختارت لقرائها هذا العام حلقات من السيرة الذاتية للوزير محمد اليازغي، وهو من قادة الاتحاد الاشتراكي، إضافة إلى مذكرات وزيرة العدل الفرنسية السابقة ذات الأصول المغربية، رشيدة داتي، وهي حلقات اختارت لها عنوان «لغز اسمه رشيدة داتي»، مأخوذة من كتاب للصحافية الفرنسية جاكلين ريمي. إلى جانب فصول من كتاب لطارق رمضان يتناول حياة الرسول الكريم.
بينما تنشر صحيفة «الأحداث المغربية» حلقات من كتاب «بوتفليقة عرابوه وخدامه» للصحافي الجزائري محمد سيفاوي، الذي ينتقد فيه النظام السياسي والعسكري الأمني الجزائري بشكل لاذع. وفي مقابل ذلك تعرض يومية «الصباح» حلقات عن «مسلمي أميركا بعد هجمات 11 سبتمبر».
أما صحيفتا «الاتحاد الاشتراكي» و«العلم» الحزبيتان فاختارتا لـ«فسحة رمضان» كما تسمى، مواضيع تتعلق بالحياة السياسية المحلية، حيث شرعت الأولى في نشر حلقات تكشف تفاصيل جديدة عن المعتقل السري «تازمامارت» والمحاولتين الانقلابيتين التي تعرض لهما الملك الحسن الثاني، عامي 1971 و1972، يرويها معتقل سياسي سابق يدعى أحمد الوافي.
بينما صحيفة «العلم» أجرت سلسلة حوارات مع قادة سياسيين مغاربة يكشفون حقائق جديدة حول فشل تجربة التناوب الأولى (تشكيل أحزاب المعارضة للحكومة).
ولا تقتصر الصحف على نشر مذكرات السياسيين فحسب، فللفنانون والرياضيون المغاربة والعرب مساحة أيضا في «فسحة رمضان» يتقاسمونها مع حكايات أشهر المجرمين والجواسيس، التي تلقى إقبالا كبيرا ومتابعة واسعة من قبل القراء.
يشار إلى أن نسبة قراءة الصحف بالمغرب تعد من أدنى النسب في العالم العربي، فنسخة واحدة من صحيفة يتداولها أكثر من شخص، وهناك ظواهر طريفة تشير إلى ذلك، من بينها أنه إذا كنت تمر بالشارع وتحمل بيدك صحيفة فمن دون شك سيستوقفك أحد الأشخاص ليطلب منك إعطاءه نسختك إذا ما كنت قد انتهيت من قراءتها. كما يلاحظ أن عددا من الأشخاص يكتفون بقراءة عناوين الصحف التي يصادفونها في طريقهم إذا ما أثارت انتباههم، وهي معروضة للبيع في الأكشاك أو على الأرصفة، سواء في فترة الصباح أو المساء، حتى من دون لمسها، ثم يمضون في حال سبيلهم، ويبقى بائع الصحف في انتظار من يأتي لاقتنائها من دون أن يعبر عن أي تذمر من القراء الواقفين المتحلقين حوله، الذين يقرأون صحفه من دون دفع ثمنها. كما برزت ظاهرة أخرى، خصوصا بين موظفي الإدارات الحكومية، وهي أن يتم نسخ قصاصة من صحيفة ما إلكترونيا، ومن ثم توزيعها على زملاء العمل عبر البريد الإلكتروني، إذا كان الأمر يتعلق بخبر مثير يستحق المتابعة، من دون أن يكلف الموظفون أنفسهم عناء شراء النسخة الورقية الأصلية من الأكشاك.
وأفاد التقرير السنوي لـ«هيئة التحقق من الانتشار» (أو جي دي) بأن جميع الصحف اليومية المغربية انخفضت مبيعاتها. ويفسر مهتمون عزوف المغاربة عن قراءة الصحف إلى غياب مضامين جادة، وأخبار تتوفر فيها المصداقية وقريبة من اهتمامات القراء، بينما يرى آخرون أن عدم اهتمام المغاربة باقتناء الصحف يعود إلى ضعف القدرة الشرائية.
في حين خلص بحث أعده طلاب في أحد معاهد الصحافة في الدار البيضاء إلى أن سبب تدني مبيعات الصحف يعود إلى عدم ترسخ ثقافة قراءة الصحف وسط المتعلمين، والاعتماد على التلفزيون والإنترنت، ثم شيوع ثقافة تناقل الأخبار الشفوية وسط المغاربة.
نقلا عن الشرق الاوسط